Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تجني عملية عسكرية جديدة في باكستان ثمارها في مكافحة الإرهاب؟

بات الإعلان عنها ضرورة أمنية في إسلام آباد لكن نجاحها مرتبط بعوامل سياسية ودبلوماسية عدة

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ ف ب)

ملخص

يعتبر بعض أن استخدام القوة ضد التهديد الإرهابي المعقد والمتعدد الأوجه الذي يواجه باكستان ضروري لكنه ليس كافياً للقضاء عليه، كما أن الإجراءات اللازمة لتحويل القوة العسكرية إلى مكاسب سياسية دائمة غير متوفرة في باكستان.

أعلنت باكستان خلال اجتماع للجنة العليا لتطبيق الخطة الوطنية عن بدء عملية "عزم استحكام" في إطار جهودها لمكافحة الإرهاب وصد الأخطار الأمنية التي تواجه البلاد منذ أشهر.
وقررت اللجنة العليا أن القوات الأمنية ستكثف العمليات الاستخباراتية في جميع أنحاء البلاد، إضافة إلى الجهود الدبلوماسية مع الدول الصديقة في المنطقة بغرض الضغط على حكومة طالبان في كابول لضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات إرهابية ضد دول أخرى.
وتشمل هذه العملية إلى جانب استخدام القوة العسكرية، الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والقضائية والقانونية لتتوافق جهود جميع مؤسسات الدولة في مواجهة الخطر الإرهابي، ولتكون هذه العملية معبرة عن نهج جميع فئات المجتمع الباكستاني ورأيها.
وفي الوقت ذاته أوضحت الحكومة أن عملية "عزم استحكام" لن تكون عملية عسكرية واسعة النطاق ولن يضطر سكان المناطق القبلية إلى النزوح من مناطقهم على إثرها، بل ستكون استمراراً للعمليات المبنية على معلومات استخباراتية.


أهداف العملية وارتباطها بالصين

وتهدف عملية "عزم استحكام" إلى الاستفادة من النتائج الإيجابية التي حققتها سابقتها "عملية رد الفساد" في التعامل مع التهديد الإرهابي، إضافة إلى التركيز على إدارة المعابر الحدودية مع أفغانستان وإيران ومنع النشاطات غير القانونية والتهريب والاقتصاد الموازي حول تلك الحدود، وستعمل الحكومة في إطار هذه العملية على فرض سياسة التأشيرات على المعابر الحدودية وشمل الاقتصاد غير الرسمي في الإطار القانوني وبناء سياسة متكاملة لتحسين أمن الحدود والحد من الهجمات الإرهابية عبر الحدود من قبل حركة طالبان الباكستانية.

وجاءت هذه العملية في وقت تواجه فيه باكستان أخطاراً أمنية متزايدة إذ شهدت زيادة في أنشطة المسلحين وما يترتب عليها من خسائر بشرية ومادية منذ تشكيل حكومة طالبان في أفغانستان.
وبخلاف الأعوام الماضية يستهدف المسلحون المقرات العسكرية والقوات الأمنية أكثر من الأماكن العامة إذ فقد أكثر من 500 فرد من قوات الأمن الباكستانية أرواحهم في الهجمات الإرهابية خلال العام الماضي بينما قُتل 250 آخرون في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي بينهم 70 في أبريل (نيسان) الماضي فقط.
وأوضح وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف أنه "إذا لم توقف وتيرة هذه العمليات فإنها قد تنتشر إلى مقاطعات أخرى إلى جانب خيبر بختونخوا وبلوشستان.

وبخلاف الماضي، لا يحتل المتطرفون أية منطقة جغرافية في الوقت الحالي لكنهم ينفذون عمليات مكثفة خلال الليل".
في الجانب الآخر يربط بعض المحللين إعلان العملية الجديدة بالتحفظات الشديدة التي أبدتها الصين على الوضع الأمني في باكستان وسط جهود حكومية لإعادة إحياء مشروع الممر الاقتصادي الصيني إلا أن الحكومة نفت أن تكون العملية بدأت بطلب من الصين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التحديات الداخلية والخارجية

وأعلنت باكستان إطلاق عملية "عزم استحكام" في وقت تشهد فيه الدولة انقساماً سياسياً، وتعاني الحكومة فجوة بين سياسات الدولة وتطلعات الشعب كما تفتقر مؤسسات الدولة إلى الدعم الشعبي الذي يعد أمراً بالغ الأهمية لتحقيق النتائج المرجوة.
إضافة إلى ذلك تتساءل أحزاب المعارضة عن جدوى عملية مكافحة الإرهاب السابقة ولديها ثلاثة مخاوف رئيسة في شأن العملية، أولاً تعاني السياسة الباكستانية الانقسام الداخلي وتفتقر إلى الإجماع الشعبي، وهو أمر بالغ الأهمية لنجاح أية عملية لمكافحة الإرهاب، ثانياً تشكل الموارد ضرورة أساسية للعمليات العسكرية إلا أن الاقتصاد الباكستاني في حال تدهور، إذ تعتمد الدولة على حزم الإنقاذ التي يقدمها صندوق النقد الدولي مما يعني أنها لا تمتلك الموارد المالية اللازمة لمحاربة الإرهاب، ثالثاً يكمن التهديد الأكبر للأمن الداخلي في باكستان من الإرهابيين المتمركزين خارج البلاد إذ يقبع الانفصاليون البلوش داخل ملاذاتهم في إيران بينما تشن حركة طالبان الباكستانية عملياتها من أفغانستان، لذا فحتى لو نجحت عملية "عزم استحكام" في تفكيك الشبكات الإرهابية داخل البلاد فإنها لا تضمن تحقيق الاستقرار على المدى البعيد.

خلاصة الأمر أن استخدام القوة ضد التهديد الإرهابي المعقد ومتعدد الأوجه الذي يواجه باكستان ضروري لكنه ليس كافياً للقضاء عليه، كما أن الإجراءات اللازمة لتحويل القوة العسكرية إلى مكاسب سياسية دائمة غير متوفرة في باكستان، وعلى هذا فإن مشكلات الإرهاب في باكستان لا تقتصر على الشبكات المسلحة المتمركزة في إيران وأفغانستان، بل إن المنظمات المتطرفة داخل النظام لها قدراتها الخاصة فهي تستغل نقاط ضعف النظام لتحقيق مصالحها الأيديولوجية والإستراتيجية.
إضافة إلى ذلك سيكون من الصعب السيطرة على المجموعات الإرهابية من خلال الاعتماد على إجراءات مثل عملية "عزم استحكام" فقط، بل يرتبط القضاء عليها بفتح المجال أمام القوى الديمقراطية والسماح للأحزاب السياسية بممارسة أنشطتها دون تضييق من قبل الدولة.

وعلى الصعيد الدبلوماسي فإن فرص باكستان في الحصول على الدعم المالي والاستخباراتي من قبل دول المنطقة ضئيلة جداً فضلاً عن التعاون العسكري، إذ تنظر دول مثل الصين وروسيا إلى أفغانستان باعتبارها فرصة لتوسيع الاستثمارات الخارجية، بخلاف باكستان التي تواجه أخطاراً أمنية من الأراضي الأفغانية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير