Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتوق السيدة الأولى إلى ترشح بايدن للبيت الأبيض مرة أخرى؟

د. جيل بايدن هي من الأشخاص القلائل في الدائرة المقربة من زوجها الذين يمكنهم إقناعه بالتنحي. ومع ذلك، فإن مناشدات "الديمقراطيين" لها كي تتدخل لم تلقَ آذاناً صاغية حتى الآن

جو بايدن - برفقة السيدة الأولى د. جيل بايدن (أ ب)

ملخص

ما الذي يدفع السيدة الأولى للولايات المتحدة ألا تلبي طلب "الديمقراطيين" بإقناع الرئيس بايدن بالتنحي؟ وهل فات الأوان فعلاً لذلك؟

إذا كان هناك ما هو أكثر إهانةً للرئيس الأميركي جو بايدن من الأداء الذي قدّمه خلال المناظرة الرئاسية المبكّرة على نحوٍ غير اعتيادي الأسبوع الماضي، فهو مدى إصراره وزوجته والمتحدّثون باسمه، على التقليل من أهمية ما حدث، وعلى الإصرار في اعتبار أنه لم يكن هناك في الأساس ما يستحق القلق في شأنه.

وفيما سارعت جيل بايدن المتحمّسة للغاية في اليوم التالي إلى قيادة مسيرةٍ حاشدة كان الهدف منها بوضوح التصدّي للانطباع السلبي الذي خلّفه زوجها في المناظرة، إلا أنه قامت بدلاً من ذلك بأعطاء انطباع مؤسف عن صورة الرئيس الذي يعتمد على زوجته الطموحة. ومنذ ذلك الحين، أشار فريق بايدن إلى عوامل مخفّفة مثل نزلة بردٍ شديدة ألمّت به، أو اضطرابٍ ناجمٍ عن الرحلات الجوّية الطويلة، أو مجرّد يوم سيّئ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يُشار إلى أن بايدن نفسه أقرّ بالقول: "لقد أخفقت". وتردّد أنه أخبر حكّام ولاياتٍ من "الديمقراطيّين" بأنه ينوي التوقّف عن جدولة أعماله عند الساعة الثامنة مساء، كي يتمكّن من الحصول على مزيدٍ من ساعات النوم. ربّما هو في حاجة إلى ذلك: ففي إحدى زلاته الأخيرة، قال على أثير إحدى الإذاعات الأميركية إنه (ونائبته كامالا هاريس) هما "أول امرأةٍ سوداء تعمل مع رئيس أسود".

ويمكنكم أيضاً توقّع تقديم المزيد من الاعتذارات والأسباب التخفيفية عندما يتم بثّ أول مقابلةٍ تلفزيونية له بعد المناظرة - التي سبق أن وصفت بأنها لحظة "نجاح أو فشل" - على قناة "أي بي سي" الأميركية ليل الجمعة.

لكن ردّ فعل زوجته على تلك المناظرة الأولى الكارثية، هي التي صدمت "ديمقراطيّين" يشعرون أساساً باليأس والإحباط. فهؤلاء لم يخفوا أملهم في أن تقوم الدكتورة جيل - باعتبارها الشخص الوحيد القادر على إقناعه، وإجراء محادثةٍ "صعبة لكن ضرورية"، لدفعه إلى التنحّي، وذلك من أجل مصلحته ومصلحة الحزب. إلا أنه إذا كان هناك من حديث، فيبدو أنه ذهب في الاتّجاه المعاكس، وقد ظهرت السيّدة الأميركية الأولى على أنها القوّة الدافعة وراءه.

جيل بايدن التي كان يُنظر إليها في السابق على أنها أستاذةٌ جامعية تميل أكثر إلى التواضع وعدم لفت الانتباه إلى نفسها، بدت معتادةً أكثر فأكثر على الظهور الإعلامي، وعلى أن تكون محطّ انتباه الناس. وقد رافقت هانتر بايدن ابن زوجها إلى محاكمته بتهمة انتهاك القوانين المتعلّقة بالأسلحة النارية، وظهرت في طقم أبيض على غلاف العدد الأخير من مجلة "فوغ". وربّما جرى التخطيط لجلسة التصوير عندما كان من المفترض أن تسير المناظرة على ما يرام - ومن المؤكّد أن شعار "سنقرّر مستقبلنا" We Will Decide our Future قد أصبح الآن فارغاً من معناه. إلا أن المظهر الفولاذي الذي تبنّته في صورة الغلاف تظهر شخصاً معتاداً على تولّي المسؤولية، أقلّه بالمقدار نفسه من التصميم الذي أبدته روزالين كارتر (زوجة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر)، وهي آخر زوجات الرؤساء في البيت الأبيض التي وُصفت بالرقّة والقوّة في آنٍ واحد وأطلق عليها لقب "الماغنوليا الفولاذية" Steel Magnolia.

بالنظر إلى الوراء، ربّما لم تكن هي الشخص المناسب لإقناع زوجها بالتنحي من السباق الرئاسي، أقلّه حتى الآن. فالمناظرة التلفزيونية - التي كانت من بنات أفكار فريق بايدن وليس فريق منافسه "الجمهوري" دونالد ترمب - لم تحقّق النصر الذي كان يؤمل في أن يتحقّق لتهدئة المخاوف في شأن سنّ بايدن وقدراته الذهنية.

وفيما بدا الرئيس الأميركي وكأنه يفهم الأسئلة الموجّهة إليه في الأغلب، وفيما قد يكون أولئك الذين يجادلون ضدّ مسألة خرفه ربّما على حق، إلا أن مجرّد عدم إصابة شخص ما بالخرف لا تؤهّله لتمضية 4 سنوات جديدة في قيادة أقوى دولةٍ في العالم. ويتعيّن على رئيس الولايات المتّحدة أن يتمتّع بصفاتٍ رئاسية، لجهة أن يكون يقظاً وحادّاً وأن يكون واضحاً في التعبير وحاضراً، وهذه الصفات تظهر بشكلٍ حاسم خلال المناظرات. يجب أن يكون في النتيجة مقنعاً بأنه قادرٌ على القيادة.

في المرحلة الأخيرة، كان هناك نقصٌ ملحوظ في إظهار هذه الجودة. وعلى رغم أن خطاب "حال الاتّحاد" State of the Union كان الأكثر إقناعاً الذي ألقاه جو بايدن في مارس (آذار) الماضي، وتنظيم بعض التجمّعات الحاشدة منذ إجراء المناظرة، فإن السؤال المركزي لا يزال قائماً وهو: هل تستطيع الولايات المتّحدة أن تتحمّل انتخاب شخص لـ 4 سنواتٍ أخرى يعاني أحياناً من هفواتٍ ملحوظة في الأداء أو السلوك، بحيث يبدو أنه غير مدركٍ لما يحيط به، وفي بعض الأحيان، يجد صعوبةً في كلامه، ويفقد سياق أفكاره، ويستسلم لاضطراب الرحلات الجوّية الطويلة في المناسبات الحرجة؟

ربّما سبق أن استنتج أغلب الأميركيّين أن الإجابة هي "لا". فوفقاً لاستطلاع أجرته أخيراً صحيفة "وول ستريت جورنال"، يعتقد نحو 80 في المئة من الناخبين الآن أن بايدن هو أكبر سنّاً من أن يسعى إلى ولايةٍ رئاسية ثانية. وهذا الشعور مفهوم، حتى لو كان البديل هو شخصٌ يتمتّع بسجلٍ أقلّ من العيوب بعدما أمضى 4 أعوام في البيت الأبيض، ويواجه سلسلةً من الإدانات الجنائية. وأظهر أول استطلاع للرأي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" بعد مناظرة الأسبوع الماضي، تحوّلاً بنحو 3 نقاط لمصلحة ترمب.

ثمة في الحقيقة حجّتان فقط للاستمرار في تأييد بايدن: أولهما أن الأوان قد فات لتغيير المرشّح، وثانيهما أنه لا يوجد بديل له. وعلى رغم أن الوقت قد فات بالفعل، فإن هذا هو على وجه التحديد السبب وراء ضرورة التفكير في اتّخاذ إجراءٍ الآن. كذلك فإن هناك في الواقع بديلاً لبايدن، يتمثّل في نائبة الرئيس كامالا هاريس. ومع تراجع شعبية الرئيس الأميركي الآن في الولايات المتأرجحة الحاسمة في النتيجة النهائية، فإن استطلاعات الرأي تظهر تقدّم هاريس على رئيسها.

مع ذلك، فإن السؤال البلاغي الذي يُطرح غالباً لإثارة الشكوك حول استعداد هاريس للرئاسة، يسلّط الضوء على قضية حاسمة: ماذا لو كانت رئيسةً للولايات المتّحدة خلال أزمة الصواريخ في كوبا؟ لكن مثلما تبدو الأمور في ظل الظروف الراهنة، يمكن أيضاً طرح السؤال نفسه في شأن أهلية جو بايدن.

أمام رفض جيل بايدن في ما يبدو الدعوات إلى إقناع زوجها بالتنحّي، ومع احتشاد حكّام ولاياتٍ من "الديمقراطيّين" الآن خلفه، فقد سقطت مهمّة المطالبة بمرشّح بديل، الملقاة على عاتق عددٍ قليلٍ من "الديمقراطيّين"، ووسائل إعلام بقيادة صحيفة "نيويورك تايمز". لكن في نهاية المطاف، من المرجّح أن تكون الكلمة الفصل للجهات المانحة للحزب، ولأرقام استطلاعات الرأي، التي ستحدّد مسار العمل.

إن غياب الخطة البديلة الواضحة لا يشكّل حجّةً مقنعة أيضاً. ويُظهر التاريخ أنه عندما تأتي اللحظة المناسبة، يأتي كذلك الشخص المناسب أكان رجلاً أم امرأة. وفي حين أن بعض المرشّحين المحتملين متردّدون أو يُنظر إليهم على أنهم غير قابلين للانتخاب، فقد تحوّل الاهتمام إلى ميشيل زوجة الرئيس الأسبق باراك أوباما. إلا أنه ليس هناك ما يشير إلى ما إذا كانت السيّدة الأولى السابقة مستعدةً لقيادة حملة "الديمقراطيّين" مرّةً أخرى أو العودة إلى البيت الأبيض، كذلك لا يوجد وضوح في شأن طريقة تسهيل ترشيحها. في الوقت الراهن، هناك واقعٌ يصبّ في مصلحتها ويتمثّل في بيانات أحد الاستطلاعات التي تشير إلى أنها "الديمقراطية" الوحيدة التي تتقدّم بشكلٍ كبير على دونالد ترمب، بفارق 11 نقطة.

من الجدير بالذكر أن الاختبار الدقيق لحملةٍ رئاسيةٍ طويلة يمكن اعتباره إعداداً مرغوباً فيه لا بل ضرورياً لتولّي هذا الدور. فالمرشّح الذي يبدو في غاية الكمال على الورق، أو حتى الشخص الذي يتمتّع بخبرة مباشرة في شؤون البيت الأبيض، قد لا يمتلك في الواقع الصفات اللازمة ليكون رئيساً ملائماً.

لكن بغضّ النظر عن الطريقة التي ستتم من خلالها تسوية القضية بشأن بايدن، فإن تغييراً واحداً قد يبدو بسيطاً لكن مهمّاً يمكن أن يتمخّض عنها في الأمد البعيد: وهو تعديل الدستور لتحديد حدٍّ أقصى لسنّ رئيس الولايات المتّحدة.

الواقع أن دستور الولايات المتحدة يُعدّ وثيقة لافتة من نواح عدّة. فقد نجح نوعاً ما في توجيه دفّة البلاد خلال فوضى انتخابات العام ألفين، عندما تبيّن أنه لا توجد وسيلة لإجراء إعادة فرزٍ دقيقة للأصوات في ولاية فلوريدا. يمكن كذلك انتقاد نظام الكلّية الانتخابية، الذي يسمح لمرشّح ما بالفوز بالرئاسة من دون تأمين التصويت الشعبي اللازم له، كذلك يمكن التشكيك في نطاق الحصانة الرئاسية وفق ما فسّرته "المحكمة العليا"  Supreme Court هذا الأسبوع. ولا شكّ في أن هذه المسألة الأخيرة ستبقي المحامين ذوي الأجور المرتفعة مشغولين لفترةٍ طويلة.

إن تعديل الدستور ليس بالأمر السهل: فلم يتم إجراء سوى 27 تعديلاً فقط على مدى أكثر من 200 عام. لكن نظراً إلى التصميم الواضح من جو بايدن على الترشّح لإعادة انتخابه وهو في سنّ الـ 82 سنة، والمخاوف المشروعة تماماً في شأن مدى أهليته للمنصب، قد يميل الكونغرس المقبل إلى محاولة تعديله. ففي نهاية المطاف، كان مشهد الرئيس الأميركي السابق فرانكلين روزفلت الضعيف خلال الأشهر الأخيرة من "الحرب العالمية الثانية" هو الذي أدّى إلى إضافة التعديل الـ 22 في عام 1951، الذي أنشأ حدّاً أقصى لولايتين للرؤساء في المستقبل.

قد يعتبر البعض أن تحديد سنّ قصوى للمرشّحين الرئاسيّين على أنه تقييد للحرية الشخصية، لكن هناك حجّةً بأن هذا الأمر أصبح الآن تدبيراً عقلانياً وضرورياً. فهناك على أيّ حال حدّ أدنى لسنّ انتخاب الرئيس وهو 35 سنة، فلماذا لا يوجد حدّ أقصى؟ إن فرض سنٍّ إلزامية للتقاعد لن يكون مجدياً، لأن التفويض الانتخابي من شأنه أن يلغيه. لكن الحدّ الأقصى للسنّ في تاريخ التنصيب - لنقل إنه 75 سنة؟ - قد تكون لديه فرصة أفضل ليتم تكريسه باعتباره التعديل الـ 28، خصوصاً أن الذكريات المحرجة المتعلّقة بالرئيس بايدن لا تزال ماثلةً في أذهان الناس.

إن الوضع الراهن لا يفيد أحداً. ومن المهين للغاية لبايدن نفسه ولعائلته أن تكون قدراته العقلية موضع تشكيك متكرّر بهذه الطريقة. وهي مسؤولية تقع على عاتق الحزب "الديمقراطي"، الذي قد يخسر الرئاسة بسبب هذه القضية وحدها، قبل فترة طويلة من الشروع بأي تصويت.

لكن قبل أي شيء، يُعد هذا أمراً سيّئاً بالنسبة إلى الولايات المتّحدة، التي لا يمكن إلا أن تتضرّر صورتها وسلطتها الدولية - ربّما تكون بالفعل أكثر إثارةً للجدل من أي وقتٍ مضى في الذاكرة الحديثة - في ظل حكم رئيسٍ عاجزٍ على نحو متزايد عن التحلّي بشخصية تتمتّع بصدقية داخل استديو تلفزيوني في بلاده، فما شأن الساحة الدولية.

لا يزال البعض يعلّقون آمالهم على السيّدة الأولى باعتبارها الشخص الوحيد الذي يمكنه إقناع زوجها بالتحلّي ببعض المنطق وإعادة النظر في موقفه. وعند هذه النقطة ستتحوّل ديناميكية السباق برمّتها على الفور. ومع ذلك، ما يثير خيبة الأمل، لا بل وحتى اليأس لدى عددٍ من "الديمقراطيّين"، هو أنه لا توجد دلائل تشير إلى إمكان حدوث ذلك حتى الآن.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء