ملخص
يرى مراقبون أنه على رغم الاتفاق السابق بين رئيس الوزراء العراقي والإدارة الأميركية بعدم استهداف القواعد التي تضم أميركيين بالعراق، إلا أن استهداف الفصائل المسلحة لقاعدة عين الأسد يعتبر جزءاً من الضغوط التي تمارسها الفصائل ضد الإدارة بسبب ما يحصل في غزة.
يبدو أن الهدنة التي أعلنتها الفصائل المسلحة العراقية التي عملت على استهداف القواعد الأميركية في العراق انتهت، إثر استهداف طائرتين مسيرتين تابعتين للفصائل العراقية قاعدة "عين الأسد" حيث تتمركز قوات أميركية. وعلى رغم إسقاط إحدى الطائرتين، بينما لم تخلف الأخرى أضراراً في القاعدة، فإن هاتين الطائرتين وجهتا رسائل عدة للإدارة الأميركية المشغولة حالياً بانتخابات الرئاسة.
ولعل استمرار المعارك في غزة وعدم إيجاد حلول للتصعيد الإسرائيلي، وجمود المفاوضات العراقية -الأميركية الخاصة بالانسحاب الأميركي، وعدم استئنافها منذ أشهر، ملفات تحاول الفصائل العراقية تحريكها.
ووفق وكالة "رويترز" التي نقلت عن مصدرين عسكريين عراقيين أن "طائرتين مسيرتين ملغومتين استهدفتا الثلاثاء الماضي قاعدة عين الأسد الجوية التي تستضيف قوات أميركية ودولية غرب العراق".
وهذا أول هجوم على القوات الأميركية في العراق منذ أوائل فبراير (شباط) الماضي، عندما أوقفت فصائل متحالفة مع إيران هجماتها على القوات الأميركية، وأضافت "رويترز" أن مسؤولاً عسكرياً عراقياً قال إن "أنظمة الدفاع الجوي أسقطت طائرة مسيرة بالقرب من محيط القاعدة".
إنهاء التحالف العسكري
وجاء الهجوم قبل أقل من أسبوع من زيارة متوقعة لوفد عسكري عراقي رفيع المستوى إلى واشنطن لمواصلة المحادثات في شأن إنهاء التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في البلاد، وكانت واشنطن وبغداد بدأتا في يناير (كانون الثاني) محادثات لإعادة تقييم انسحاب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق، الذي تشكل عام 2014 للمساعدة في قتال "داعش" بعدما اجتاح التنظيم المتشدد أجزاء كبيرة من البلاد.
ويبعث استهداف الفصائل المسلحة تساؤلات حول إمكان أن يستمر استهداف القواعد العسكرية كجزء من الضغوط على القوات الأميركية، وبحسب متابعين للشأنين الأمني والسياسي في العراق فإن قرار استئناف العمليات من عدمه يعتمد على القرار الموحد للفصائل الموالية لإيران.
مزيد من الضغوط
في السياق اعتبر مدير مركز "الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية" معتز محي عبدالحميد أن "الفصائل المسلحة العراقية تحاول ممارسة مزيد من الضغوط على الولايات المتحدة عبر استهداف قواعدها بالعراق"، وأضاف عبدالحميد "كان هناك اتفاق سابق بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والإدارة الأميركية بعدم استهداف القواعد التي تضم أميركيين بالعراق، إلا أن استهداف الفصائل المسلحة لقاعدة عين الأسد يعتبر جزءاً من الضغوط التي تمارسها الفصائل ضد الإدارة بسبب ما يحصل في غزة".
رسائل متعددة
وتابع عبدالحميد أن "الإدارة الأميركية لم تكن جادة حتى الآن في وقف الحرب في غزة، وحالياً هي مشغولة بانتخابات الرئاسة، ولهذا وجهت الفصائل رسالة لواشنطن بضرورة وضع حد للحرب، لاسيما أن لأميركا دوراً كبيراً في موضوع الهدنة ووقف إطلاق النار في غزة".
وبين أن الرسالة الثانية التي بعثتها الفصائل المسلحة إلى إدارة الرئيس جو بايدن، مفادها تحريك الجمود في المحادثات بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية بخصوص الوجود العسكري الأميركي بالعراق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورقة "داعش"
من ناحية أخرى لفت عبدالحميد إلى أن "الولايات المتحدة أعطت إشارات إلى بقائها بالعراق من خلال بيان أصدرته وأشارت فيه إلى أنها باقية للقضاء على ’داعش‘، وهذا يعني أن ورقة ’داعش‘ باتت ورقة للأميركيين تستخدمها ضد الحكومة العراقية لاستمرار وجودها بالعراق".
وخلص عبدالحميد إلى القول إن "ضربة الفصائل المسلحة العراقية هي ضربة تحذيرية للولايات المتحدة لاستئناف المحادثات، لاسيما مع وصول السفيرة الأميركية الجديدة إلى العراق".
وأكد عبدالحميد أنه "إذا لم توقف الحرب في غزة لن تهدأ الأمور، إذ إن المقاومة موجودة ضمن الحرب المستعرة التي لم تتوقف، والولايات المتحدة يجب أن يكون لها رأي في اتفاق الهدنة في غزة".
الاستهداف لن ينتهي
من جهة أخرى قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية عصام الفيلي إن "الفصائل المسلحة وجهت عدداً من الرسائل باستهداف قاعدة عين الأسد"، لافتاً إلى أن "استهداف القواعد الأميركية لن ينتهي".
وأضاف الفيلي أن "هذه الفصائل تريد إرسال أكثر من رسالة منها أنها تعمل وفق استراتيجية خاصة بمعزل عن الحكومة العراقية، خصوصاً أن الاستهداف كان بعد يوم واحد من تصريح المستشار السياسي فادي الشمري أن هناك تفاهمات مع الفصائل في موضوع انسحاب الولايات المتحدة من العراق، بمعنى أن هذه الفصائل تريد أن توجه رسائل مفادها بأن موضوع استهداف الولايات المتحدة قائم ولن ينتهي". وأضاف "طالما أن الأوضاع في غزة ما زالت ساخنة وتتجه نحو لبنان سيبقى استهداف القواعد الأميركية"، موضحاً أن "الاستهداف له علاقة بالانتخابات الأميركية وصعود نجم ترمب واختيار نائب رئيس متشدد، والرسالة تعني: نحن سائرون ولن نتراجع".
المجلس الأمني للفصائل
"وتعتمد زيادة وتيرة استهداف القواعد الأميركية على طبيعة المجلس الأمني للفصائل بالعراق بالتعاون مع إيران والحوثيين و’حزب الله‘ في لبنان، لأن هذه الهجمات لا يمكن أن تتم من دون علم المجلس الخاص"، بحسب الفيلي.