Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرأة تنتفض شعرا وغضبا في "مختارات قصيدة النثر النسائية"

"نساء يصعب حبهن" ترجمة عربية لأحدث التجارب الشعرية المكتوبة حديثاً بالإنجليزية

"بيتا بياتركس" بريشة دانتي غابرييل روسيتي (1864) (موسوعة الفن الكلاسيكي)

ملخص

في الكتاب الجديد "نساء يصعب حبهن.. مختارات من قصيدة النثر النسائية المعاصرة"، تترجم الشاعرة المصرية أسماء حسين نصوصاً نسوية مكتوبة حديثاً بالإنجليزية حول العالم. وتشكل تجارب هؤلاء الشاعرات الحضور الراهن لقصيدة النثر بين انزياحات الشعر ومشهدية السرد. وتتميز النصوص المختارة بالطزاجة الجمالية وتثير قضايا اجتماعية وإنسانية ملحة، وتدعو إلى الغضب والرفض والمقاومة والتمرد على الأوضاع البائسة.

تبدأ تجربة الكتابة لدى شاعرات كثيرات من "مكان الغضب المتصاعد والرغبة في تسجيل اعتراض أو تفسير ما، أو من انطباعاتهن السابقة عن قضايا الوطن وعن وجود المرأة في ما يعاصرنه من تفاصيل يومية". هذا ما تصل إليه الشاعرة والمترجمة المصرية أسماء حسين في الأنثولوجيا الشعرية التي ترجمتها وقدمت لها وصدرت حديثاً عن دار رواشن للنشر بعنوان "نساء يصعب حبهن.. مختارات من قصيدة النثر النسائية المعاصرة".

تضم المختارات عشرات النصوص الحديثة المترجمة عن الإنجليزية لشاعرات معاصرات لا يكتفين بالنشر الورقي، ولكنهن يعتمدن أيضاً وسائل الانتشار العصرية والوسائط الإعلامية والتكنولوجية المتنوعة لاجتذاب قراء/أصدقاء على نطاق أوسع، وتأكيد "حق نصوصهن في الهجرة" عبر الزمن والأمكنة.

وبقدر ما تتخذ المترجمة معيار الابتكار الجمالي والصدقية والتخلي عن المجازية والزخارف اللغوية كأساسات لانتقاء القصائد في هذه المختارات، بقدر ما تنحاز في اختياراتها إلى ثورية النصوص وتمردها من خلال الموضوعات والقضايا والأفكار التي تطرحها، إلى جانب ما تعكسه تلك النصوص من مفاهيم مختلفة في شأن إبداع المرأة وصورة المرأة الشاعرة.

الحرية التعبيرية والإنسانية

إن شاعرات هذه الأنثولوجيا كما توضح أسماء حسين يحولن الشعر تارة إلى نهج حياة خاص وتارة إلى وسيلة للتعافي، ويجعلنه أحياناً إعلاناً مشهراً في وجه العالم عن الرفض والغضب. كما أنهن "يحولن الحياة بكل تفاصيلها إلى قصائد تسمي اللحظات والمشاعر والتجارب بتسمياتها الحقيقية". ويأتي ذلك بعدما أدركت المرأة أخيراً، وبخاصة الشاعرة "كم لا ينبغي لها أن تكون مجرد زوجة أو حبيبة أو ملهمة للفنان، وصار عليها أن تكون هي الفنانة، وهي القاموس الذي يفسر ما بداخلها، وهي الخريطة إلى عالمها".

وهكذا، تتميز هذه الباقة من التجارب الشعرية النسوية المغايرة، من جهة أولى، بأنها "تمتلك روحاً تعلن نفسها من خلال النص، وتتخذ من القصيدة النثرية رابطاً فنياً بين مجاز الشعر ومشهدية السرد". ومن جهة ثانية فإنها تجارب مشحونة بالقلق والتوتر، إذ تعج بالقضايا العميقة الشائكة، وتعالج أزمات إنسانية خطرة وحالات مأسوية، خصوصاً تلك التي تتعلق بآثار الحروب والعنف والتهجير والخذلان والمرض والاكتئاب والغربة وفقدان بوصلة الانتماء للوطن، والتمييز العرقي والجندري ووضعية المرأة في علاقتها بالرجل وبالمجتمع، وما تتعرض له من انتهاكات وإهدار للحقوق.

ويضاف إلى ذلك ما تؤمن به النصوص من حرية تعبيرية وإنسانية وما تدعو إليه من مقاومة وغضب ورفض وانفلات إيجابي وتحرك نحو التغيير المأمول، وهدم السائد الموروث خصوصاً في ما يخص النظرة التقليدية للمرأة المنكسرة في مواجهة الرجل، وهي النظرة التي تسخر منها الشاعرة البريطانية الصومالية وارسان شاير (36 سنة) "تقول أمي، هناك غرف مغلقة داخل النساء كافة، مطبخ للشهوة، حجرة نوم للحزن، حمام للامبالاة. الرجال يأتون أحياناً بالمفاتيح وأحياناً بالمطارق!".

أدوار متعددة

وعلى طول الخط تتعدد داخل النصوص المنتقاة للشاعرات أدوار القصيدة بين الإدهاش والإمتاع والتأثير في المستوى الجمالي، وتمرير الرسائل النسوية والتحريضية والثورية والاجتماعية والإنسانية والقيمية على المستوى الوظيفي للشعر، وفق الرؤية التي تحكم الاختيارات. تقول الشاعرة الكندية الهندية روبي كور "السبب الوحيد لإدراكك أنك لا تزال على قيد الحياة يتسلل من الثقل الذي تحمله في صدرك".

وتتناول روبي كور (32 سنة) في إحدى قصائدها من خلال المفارقات المثيرة فكرة التطرف، وأنه لم يعد بالإمكان العيش على نحو متوازن وإبداء المشاعر والانفعالات المنطقية "لم أعرف يوماً ما تعنيه الحياة المتوازنة. ذلك أني حين أحزن لا أبكي بل أنهمر. وحين أفرح لا أبتسم بل أشع. وحين أغضب لا أصرخ بل أحترق. والشيء الجيد حول الشعور بالتطرف أنني حين أقع في الحب لا أحب فحسب، بل أمنح من أحب أجنحة".

وتستعرض الشاعرة فورتيسا لاتيفي (31 سنة) ملامح روحها الأميركية في سياق ساخر مشحون باللا جدوى والإحساس بروتينية الحياة، في ظل الانسلاخ من الجذور والتخلي عن القضايا المحورية الكبرى "أدخن سجائر رخيصة حتى تعلق رائحتها في شعري. أنزع الزوائد الجلدية عن أظافري حتى تسيل الدماء على أصابعي. أمضغ العلكة حتى تؤلمني أسناني. أهاتف أشخاصاً لا ينبغي أن أهاتفهم. ألغي حظر رقمك بعد ثلاثة كؤوس من المارجريتا، ثم أحظره مجدداً بعد الكأس الرابعة".

أجنحة إلكترونية

أما الشاعرة الإيرلندية الهندية نيكيتا جيل (37 سنة)، فهي واحدة من الشاعرات المحلقات بالأجنحة الإلكترونية، إذ تدأب على نشر قصائدها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاجتذاب آلاف القراء والأصدقاء، ولديها قرابة 800 ألف متابع على "إنستغرام"، وتعد من أنشط الأسماء الشعرية على المنصة.

ولا تخلو القصائد الإلكترونية المكثفة الرائجة التي تتضمنها أنثولوجيا قصيدة النثر النسائية من التوليفة ذاتها. فالمعالجة الجمالية المتفوقة تتوازى مع الموضوع الحيوي الآني أو القضية الساخنة. فالشاعرة نيكيتا جيل تطلق في إحدى قصائدها مثلاً سلسلة من اللقطات والمفارقات للإيحاء بأن الوطن في زمن الحرب يمكن انتزاعه من الضلوع، ليصير المواطن لاجئاً في أرضه "الوطن لغة نضجت في فمك. والآن لم يعد لها وجود في أي مكان، عدا قلبك ورأسك. الوطن حيث كان عليك تعليم أطفالك كيفية الركض من رجال يرتدون الحرب والدماء. الوطن صار أسطورة وقصة تروى عن نشأتك، سعيداً وآمناً، قبل أن يضرموا النار في عالمك بأكمله. الوطن كان ملجأك والآن بعدما - بقسوة - انتزعوه منك، يسمونك لاجئاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدورها، تحظى الشاعرة الكندية سابرينا بينايم (37 سنة) بأكثر من 275 ألف متابع لصفحتها على "فيسبوك" وأكثر من 64 ألف متابع لصفحتها على "إنستغرام". وتفلسف الشاعرة في قصائدها الاكتئاب والعزلة والفصام والكثير من الأمراض النفسية والأزمات الإنسانية الناجمة عن الحرب والعنف والممارسات الوحشية، من خلال صيغ مبتكرة وتخييلات جامحة "يا أمي، اكتئابي شبح متحول. في يوم ما قد يكون ضئيلاً، مثل فراشة في كف دب. في اليوم التالي، يصير هو الدب. في تلك الأيام، ألعب دور الميتة، حتى يتركني الدب وحدي. أدعو الأيام السيئة بالأيام المظلمة".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة