Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أخطاء قاتلة" صاحبت تعامل الحكومة البريطانية مع الجائحة

البارونة هاليت رئيسة التحقيق الرسمي في ملف التعامل مع "كوفيد 19" دعت إلى إجراء "إصلاح جذري" لخطط التعامل مع الجائحة في المملكة المتحدة

متظاهرون يقفون خارج "دورلاند هاوس" في وقت كان فيه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون يدلي بشهادته أمام تحقيق "كوفيد" خلال ديسمبر 2023 (أ ب)

ملخص

رصدت لجنة تحقيق بريطانية وجود "أخطاء استراتيجية قاتلة" في التخطيط الحكومي لمواجهة حالات الجائحة، مما أدى إلى وفيات كان يمكن تجنبها ومتاعب اقتصادية خلال جائحة كوفيد 19، ودعت إلى إصلاح جذري لنظام الطوارئ

خلص تحقيق رسمي أجري في المملكة المتحدة إلى أن الوفيات الجماعية والصعوبات الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال جائحة كوفيد 19 نتجت من "أخطاء قاتلة" في التخطيط من قبل الحكومة والمسؤولين المدنيين والعلماء الذين استعدوا لـ"جائحة مختلفة".

التقرير الأول عن "التحقيق في ’كوفيد 19‘ في المملكة المتحدة" UK Covid-19 Inquiry - الذي قادته البارونة هيذر هاليت والذي نشر الخميس الماضي - تناول "استعدادات المملكة المتحدة وقدرتها على الصمود".

وأفاد التقرير المؤلف من 217 صفحة بأن الحكومة وقطاع الخدمة المدنية "خذلا" الناس بسبب "عيوب كبيرة" في الاستعداد لمواجهة الجائحة، مضيفاً أن عدد الوفيات وحجم الأضرار الاقتصادية ربما كانا أقل خطورة لو كانت المملكة المتحدة مستعدة بصورة أفضل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانتقد التقرير مسؤولين بريطانيين على وضعهم خططاً لمواجهة الجائحة ركزت على الإنفلونزا فحسب، بدلاً من الأخذ في الاعتبار مسببات الأمراض الأخرى مثل فيروسات "كورونا".

وافترضت الحكومة البريطانية في الخطط التي وضعتها قبل تفشي جائحة "كوفيد 19" أن عدداً كبيراً من الوفيات قد يحدث، معتبرة أن هذا الأمر "حتمي" أثناء أية جائحة. وبدلاً من أن تركز تلك الخطط على منع انتشار العدوى هدفت إلى "إدارة الخسائر والوفيات التي قد تنجم عن العدوى".

ورأى التحقيق أنه نتيجة لهذه الإخفاقات لم يكن لدى المملكة المتحدة نظام كاف للاختبار والتتبع عندما تفشى فيروس كوفيد 19"، وكانت قادرة فقط على تطبيق سياسات إغلاق "لم يتم اختبارها".

وبحلول نهاية عام 2023 سجل أكثر من 235 ألف حالة وفاة في المملكة المتحدة بسبب "كوفيد 19".

واستناداً إلى تقرير لجنة التحقيق كان هناك "نقص فادح في التركيز" على اتخاذ التدابير اللازمة وتعزيز البنية التحتية للتعامل مع مرض سريع الانتشار، على رغم "التوقعات" التي كانت تشير إلى تفشي فيروس "كورونا" ليتحول إلى جائحة.

وكتبت البارونة هاليت في مقدمة التقرير أن "المسألة ليست ’إذا‘ ما ستضرب جائحة أخرى البلاد، بل ’متى‘".

وتابعت "الأدلة تشير بصورة كبيرة إلى احتمال تفشي جائحة أخرى - ربما تكون أكثر قابلية للانتشار وأشد فتكاً - في المستقبل القريب إلى المتوسط. وما لم يتم استخلاص العبر وإجراء تغييرات جذرية، فإن الجهود والكلفة المستثمرة ستذهب سدى عند تفشي جائحة جديدة".

وأكملت "يجب أن يكون هناك إصلاح جذري، لأنه لا يمكن السماح مرة أخرى لمرض بأن يتسبب في هذا العدد الكبير من الوفيات وكثير من المعاناة".

وحذرت من وجود أخطاء جسيمة ترتكبها الدولة وعيوب كبيرة في أنظمة الطوارئ المدنية في المملكة المتحدة، مؤكدة أنه "لا يمكن السماح بتكرار ما حصل مرة أخرى".

وخلص التحقيق إلى الاستنتاجات الآتية:

- لو كانت المملكة المتحدة أكثر استعداداً ومرونة لمواجهة الجائحة "لربما كان من الممكن تجنب بعض الخسائر البشرية والكلف المالية".

- جرى تنبيه الحكومة البريطانية عام 2016 إلى أن قدرة المملكة المتحدة على الاستجابة لجائحة شديدة لم تكن كافية، لكنها فشلت في استخلاص الدروس قبل ظهور "كوفيد 19".

- لم تكن المملكة المتحدة مستعدة لتنفيذ اختبارات جماعية وتتبع حالات المخالطة بالنسبة إلى المصابين بالعدوى، مما يعني أنها اضطرت إلى بناء هذه الأنظمة من الصفر.

- ربما يكون "التفكير الجماعي" أثر في اللجان العلمية التي قدمت المشورة للحكومة، مما أدى إلى تقييد نطاق الآراء المطروحة، كذلك على الوزراء الذين لم يدققوا بصورة كافية في النصائح التي تلقوها.

- كانت المؤسسات والهيكليات المسؤولة عن التخطيط لحالات الطوارئ في مختلف الدوائر الحكومية أشبه بـ"متاهة" من حيث التعقيد. وقد فشل التخطيط لحالات الطوارئ عموماً في مراعاة طرق الاعتناء بالأفراد الضعفاء.

ولاحظ التقرير أن من بين العيوب الخمسة الرئيسة في النهج الذي اتبعته المملكة المتحدة مع الجائحة، كان التركيز على التعامل مع تأثير المرض المثير للجائحة بدلاً من منع انتشاره. بالتالي، كان من المفترض أن يكون مستوى معين من المرض والوفاة "حتمياً ولا مفر منه" من دون النظر في طرق التخفيف من المرض أو الحد منه.

ويشار إلى أن الحكومة البريطانية أجرت عام 2016 عملية تخطيط لحالات الطوارئ سميت "تمرين سيغنوس" Exercise Cygnus، والتي خلصت إلى أن قدرة المملكة المتحدة "غير كافية في الوقت الراهن للتعامل مع المتطلبات القصوى لجائحة شديدة، يكون لها تأثير في الصعيد الوطني في جميع القطاعات". وذكر التقرير أنه لم يتم استخلاص العبر من تلك العملية.

وستتناول التقارير اللاحقة من التحقيق قدرة مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" (إن إتش إس) NHS ومرونتها في التعامل مع مفاعيل الجائحة، لكن التقرير الذي نشر أول من أمس لمح إلى أن قدرة نظام الرعاية الصحية على الاستجابة للجائحة كانت مقيدة بتمويل هذا القطاع.

البروفيسور فيليب بانفيلد رئيس "الجمعية الطبية البريطانية" British Medical Association [وهي نقابة للأطباء في بريطانيا تقوم بتمثيلهم والدفاع عن قضاياهم] عزا هذه المشكلة إلى سياسة التقشف المالي المستمرة منذ عقد، والتي أدت إلى خسارة أرواح وفقدان وظائف وإلحاق الضرر بالاقتصاد، بدلاً من أن "تسهم في خفض الكلف وزيادة كفاءة استخدام الموارد".

واعتبر البروفيسور بانفيلد أن "أوجه القصور الكارثية انطوت على إخفاقات كلفت مئات الآلاف من الأرواح البشرية"، ورأى أن التقرير الأول الدامغ عن التحقيق في شأن "كوفيد" أكد أن "الدولة خذلت شعبها".

ومن ناحية أخرى، لم يعثر التحقيق على أي دليل يثبت أن تقدماً أحرز في الخطط الجديدة للتعامل مع الجائحة التي وضعت في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2023، والتي استهدفت إعداد المملكة المتحدة لمواجهة تفشي أمراض في المستقبل.

ودعت البارونة هاليت في توصياتها إلى تطوير استراتيجية جديدة لمواجهة الجوائح واختبارها كل ثلاثة أعوام في الأقل، إلى جانب إجراء تمرين الاستجابة للأزمات على مستوى المملكة المتحدة.

وطالبت بضرورة إجراء مساءلة للحكومة وللقادة السياسيين بصورة مستمرة عن "أنظمة التأهب والقدرة على الصمود" في البلاد.

ورأت أنه ينبغي الاستعانة بخبراء آخرين من خارج دوائر وايتهول والحكومة لتوفير منظور مستقل يشكك في الآراء السائدة، ويواجه "المشكلة المعروفة والمتمثلة في التفكير الجماعي والاحتراز منها".

متحدث باسم منظمة "أسر ضحايا ’كوفيد 19‘ من أجل العدالة في المملكة المتحدة" Covid-19 Bereaved Families for Justice UK رأى أن البارونة هاليت لم تذهب بعيداً بما فيه الكفاية "في تحديد الطريقة التي تمكننا من مواجهة حال عدم المساواة وقدرة الخدمات العامة، والعمل على معالجتها وتحسينها، بدلاً من مجرد فهم آثار هذه الإخفاقات".

ومن جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر "إن المسؤولية الأولى المترتبة على الحكومة تتمثل في الحفاظ على سلامة الناس. وأؤكد من موقعي رئيساً للوزراء التزامي الشخصي إزاء كل أسرة فقدت أحباءها، وتأثرت بصورة جذرية نتيجة ذلك، وضمان أن تستخلص هذه الحكومة الدروس من التحقيق".

وأضاف ستارمر أن "هذا يعني ضمان استعداد المملكة المتحدة لمواجهة جوائح مستقبلية، إضافة إلى مجموعة واسعة من الأخطار المحتملة التي تهدد بلادنا. وتشكل هذه أولوية قصوى بالنسبة إلينا، وبالنسبة إلى ما يتوقعه الجميع من حكومة تخدم شعبها".

وخلص رئيس الوزراء البريطاني إلى القول "أود أن أشكر البارونة هاليت وفريقها على عملهما الشامل في هذا التقرير. وستدرس الحكومة بعناية جميع النتائج والتوصيات الواردة فيه، في سياق مقاربة الحكومة الشامل لنهج الصمود".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير