ملخص
ارتفاع نسبة جرائم المخدرات يرتبط بارتفاع حالات العنف وجرائم القتل داخل الأسرة.
شهد الأردن زيادة ملحوظة في جرائم القتل المتعلقة بالمخدرات في السنوات الأخيرة، بخاصة تلك التي رافقتها وفق مراقبين وحشية بالغة في طريقة ارتكابها والتي كان معظم ضحاياها من الأقارب.
ففي العام الماضي وحده سجلت 23 ألف قضية مخدرات تورط فيها أكثر من 35 ألف شخص ما بين تعاطٍ وترويج وتجارة. الأمر الذي أدى إلى ارتكاب المتعاطين حالات عنف شديدة أدت إلى القتل والتشويه الجسدي.
وخلال العقد الماضي، شهد الأردن نحو 151 ألف جريمة مخدرات، بمعدل جريمة كل 28 دقيقة، واكتشفت السلطات الأردنية أكبر مصنع لتصنيع المخدرات كان يعمل بالخفاء لمدة 8 سنوات.
جرائم تحت تأثير المخدرات
أحدث الجرائم الناجمة عن المخدرات وآخرها ارتكبها شاب سوري مقيم في الأردن قتل ثلاثة من إخوته ذبحاً، قبل أن يقوم بالانتحار بإلقاء نفسه من فوق جسر عبدون في العاصمة عمّان. وتشير تفاصيل الحادثة إلى طلب الجاني الذي يتعاطى المخدرات من ذويه المال إلا أنهم رفضوا طلبه فأقدم على قتل عدد من أفراد عائلته وهم نيام.
وأعادت هذه الجريمة المروعة إلى الأذهان جريمة أخرى ارتكبها شاب أردني بحق والدته قبل ست سنوات حيث أقدم على قطع رأسها وفصله عن جسدها تحت تأثير أشد أنواع المخدرات فتكاً بمتعاطيه والذي يطلق عليه محلياً اسم "الجوكر".
كما أقدم أب أربعيني على قتل ابنته العشرينية بطريقة وحشية في محافظة المفرق شمال البلاد، نتيجة تعاطيه للمخدرات وتأثيرها السلبي على حالته النفسية والعقلية.
أسباب زيادة الجرائم
يبرّر مختصون زيادة معدل الجرائم في الأردن بعدة أسباب من بينها الوضع الاقتصادي والفقر والبطالة والضغوط النفسية والاجتماعية، لكن تعاطي المخدرات قفز أخيراً إلى صدارة الأسباب المؤدية للجرائم، بخاصة الأسرية منها وفقاً لمؤسسة "تضامن" التي ترى أن ارتفاع جرائم المخدرات يرتبط بزيادة حالات العنف الأسري.
تقول مؤسسة "تضامن" إن من يتعاطين المخدرات يعانين من العنف أضعاف ما يعانيه الرجال المتعاطين فضلاً عن النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية، مما ينعكس سلباً عليهن وعلى أسرهن ومجتمعاتهن.
وتعتقد "تضامن" بأن ارتفاع جرائم المخدرات يرتبط بارتفاع حالات العنف الأسري، وتعتبر المخدرات سبباً من أسباب حالات العنف الأسري وبعض الأحيان تصل إلى جرائم القتل الأسرية داخل الأسرة.
وتؤكد المؤسسة أن حالات القتل الأسرية كانت جزءاً من سلسلة حلقات العنف التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمخدرات، مشيرة إلى ارتفاع حالات العنف الأسري عام 2023 بنسبة 38 في المئة بحسب تقرير الفريق الوطني للحماية من العنف الصادر من المجلس الوطني لشؤون الأسرة.
وعلى رغم انخفاض عدد جرائم القتل الأسرية للنصف الأول من عام 2024 فإنها أكثر عنفاً وإيذاءً من جرائم 2023، وفقاً لتقرير الفريق الوطني للحماية من العنف الأسري.
تضخيم أم واقع
تربط أستاذة علم الجريمة خولة حسن زيادة جرائم القتل بزيادة جرائم المخدرات، لكنها في الوقت ذاته تعتقد أن الجرائم المرتكبة من قبل أجانب وليس الأردنيين هي من رفعت نسب الجرائم عموماً.
وتشير إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت بتضخيم الأخبار المتعلقة بالجرائم، مضيفة أنه يتوقع أن تحدث جريمة بعد تعاطي المخدرات، لافتة إلى أن هناك عوامل داخلية للشخص تحفزه على ارتكابها متمثلة بالعوامل النفسية والضغوط العامة إلى جانب عوامل خارجية، التي ينطوي تحتها عدم تحقيق الشخص لأهدافه والعوامل الاقتصادية والاجتماعية.
لكن تقريراً لمنظمة الصحة العالمية صدر عام 1992 أوضح أن الأسر التي يوجد فيها مدمن، حدث فيها العنف بنسبة 97 في المئة، وأن تعاطي المخدرات يرتبط بالعنف حيث يؤدي إلى جعل المدمن يرتكب انحرافات سلوكية.
إلا أن مدير إدارة البحث الجنائي حيدر الشبول، يرى أن جرائم القتل في الأردن لا تعد ظاهرة وأسبابها آنية، ويعتقد أن 88 في المئة من قضايا القتل في المملكة لها ثلاثة أسباب هي المشاجرات أو الأسباب الشخصية أو الأسباب العائلية.
الجوكر القاتل
ومخدر "الجوكر" المسؤول الأساس عن ارتكاب متعاطيه جرائم قتل مروعة وبشعة بحق ضحاياهم، وهو مخدر صناعي دخل الأردن عام 2011. ووفقاً لرئيس قسم التوعية والتثقيف في إدارة مكافحة المخدرات الرائد أنس الطنطاوي فإن مادة الجوكر تعتبر من المخدرات تنتج منها مضاعفات شديدة تصل إلى حد الهلوسات ما يدفع مدمنها للقيام بأي شيء، بعد أن يفقد التركيز وينفصل عن الواقع.
ويقول خبراء إن مخدر "الجوكر" قد يقود إلى هلوسات بشعة بسبب تركيبته التي تحتوي مبيدات حشرية وكيماويات صناعية وزراعية.
أصناف أخرى
إلى جانب "الجوكر" يبرز مخدر "الشبوة" الذي يدخل متعاطيه مرحلة الإدمان من أول جرعة بسبب احتوائه على مواد منشطة للجهاز العصبي ومصنوعة من مادة "الميثامفيتامين" وفق مختصين، وهو ما يفسر إصابة من يتعاطونه بهلوسة شديدة تجعلهم يتخيلون أموراً غير موجودة على أرض الواقع، ويبقى تأثيره لمدة طويلة تكون كفيلة بارتكابهم جرائم فضلاً عن الآثار الجانبية الأخرى القاتلة التي تؤدي لاحقاً للموت.
كما أن إدمان "الشبوة" صعب وعلاجه ليس بالأمر السهل وفق عاملين في إدارة مكافحة المخدرات نتيجة لأعراضه الانسحابية الخطرة.
وضبطت السلطات الأردنية العام الماضي نحو 15 كيلوغراماً من مخدر "الجوكر" و70 كيلوغراماً من مخدر "الشبوة".