ملخص
إن كان مادورو يبدي تصلّباً في خطابه المعادي للولايات المتحدة، إلا أنه في الواقع يفاوض في الكواليس، بحسب خبراء سياسيين
نجح رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو الذي فاز الأحد بولاية ثالثة من ستة أعوام في انتخابات رفضت المعارضة نتائجها، في الاحتفاظ بالسلطة في البلد النفطي منذ أن سمّاه هوغو تشافيز خلفاً له عام 2012 قبل وفاته، فارضاً حكمه بيد من حديد.
"رجل من الشعب"
وغالباً ما يذكّر مادورو، سائق الحافلات السابق البالغ 61 سنة، بأصوله المتواضعة، طارحاً نفسه رجلاً من الشعب يتميز بالبساطة والواقعية.
وهو يستفيض في الكلام عن البيسبول وعن أمسياته أمام التلفزيون مع زوجته سيليا فلوريس، "المقاتلة الأولى"، وهي مدعية عامة سابقاً دائمة الحضور على الساحة السياسية في فنزويلا.
حين اختاره تشافيز (1999-2013) في 2012 وريثاً له قبل عام من وفاته، أشاد بـ"أحد القادة الشباب الذين يتمتعون بأفضل القدرات" لتولي قيادة البلد.
وأساء عدد تقييم مادورو الذي عرف كيف يفرض نفسه بوجه خصومه في الحزب الاشتراكي الموحد الذي يترأسه، ويناور حيال التظاهرات الضخمة التي قمعها بعنف والتي أعقبت فوزه في انتخابات موضع جدل قاطعتها المعارضة عام 2018.
وهو يستخدم الأجهزة الأمنية والقضائية الموالية له لسجن المعارضين والناشطين.
"ديك المصارعة"
كذلك نجح في البقاء في الحكم على رغم أزمة اقتصادية غير مسبوقة والعقوبات الدولية لا سيما الأميركية المفروضة على البلاد، وأزمة جائحة كوفيد، وفضائح فساد تقدر بمليارات الدولارات.
وهو يندد بانتظام بمؤامرات ضده، سواء حقيقية أو وهمية.
خصصت له أجهزة الدعاية رسوماً متحركة تجسده في شخصية "سوبر-شارب"، في إشارة إلى شاربه الكثيف، وهو بطل خارق "لا يُقهر يدافع عن فنزويلا بوجه وحوش وأشرار" هم الولايات المتحدة و"معارضون-مخرّبون".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخاض مادورو الحملة الانتخابية الأخيرة تحت تسمية "غالّو بينتو" (ديك المصارعة)، مشدداً على قوته الجسدية بالمقارنة مع خصمه إدموندو غونزاليس أوروتيا البالغ 74 سنة.
يفتقر مادورو إلى كاريزما تشافيز وقدراته الخطابية، لكنه يقضي ساعات على التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي عملاً بسياسة تواصل مُحكمة يمزج فيها بين الكلام السياسي والمزاح المبتذل أحياناً والسرد الشخصي.
وهذه الصورة الودودة التي خلقها لنفسه تتعارض مع أسلوب حكمه الذي يعتمد إلى حد بعيد على الجيش والجهاز الأمني. وتتهمه المعارضة بأنه "ديكتاتور".
دولرة الاقتصاد
ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، لم يتردد مادورو على رغم خطابه الاشتراكي، في الاقتطاع من النفقات الاجتماعية على أنواعها، كما ألغى الرسوم الجمركية على الاستيراد للسماح بإعادة تموين البلاد التي تفتقر إلى شتّى السلع، وسمح بدولرة الاقتصاد سعياً إلى احتواء التضخم المفرط.
إن كان مادورو يبدي تصلّباً في خطابه المعادي للولايات المتحدة، إلا أنه في الواقع يفاوض في الكواليس، بحسب خبراء سياسيين، وهكذا تمكن من رفع عقوبات أميركية عن فنزويلا بين نوفمبر (تشرين الثاني) وأبريل (نيسان) الماضيين، بموازاة إعلان القضاء عدم أهلية زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو للترشح للانتخابات.
كما حصل على إطلاق سراح قريبين لسيليا فلوريس بعد إدانتهما في الولايات المتحدة بتهمة تهريب المخدرات، والإفراج عن أليكس صعب، أحد الوسطاء الرئيسين للسلطة الفنزويلية الذي كان مسجوناً في الولايات المتحدة بتهمة تبييض أموال.
وإن كان يؤكد انتماءه الماركسي، فهو أيد تطويب الكنيسة الكاثوليكية خوسيه غريغوريو الملقب بـ"طبيب الفقراء" عام 2021.
وتقرب من الكنائس الإنجيلية المسيحية في تحول اعتبره بعض مناورة باتجاه خزان انتخابي، فيما رأى فيه بعض آخر تعبيراً عن إيمان صادق.
وهو يقول "أنا طفل سيدنا يسوع المسيح، ولا أعرف لماذا يحميني. لم يتمكن (الأعداء) من الوصول إلي لأن المسيح إلى جانبنا".
ويعرّف مادورو عن نفسه باختصار بأنه "بوليفاري وماركسي ومسيحي".