بعد أربع سنوات من فضيحة "ديزل غيت"، انطلقت اليوم الاثنين في ألمانيا المحاكمة الأولى الكبرى لشركة "فولكسفاغن"، في قضية رفعها ضدّها مئات آلاف المستهلكين المطالبين بتعويضات عن سياراتهم الديزل المغشوشة.
وبعيد الساعة الثامنة بتوقيت غرينتش، بدأت الجلسة الأولى لهذه القضية في محكمة برونسفيك بعد نقل مكان انعقادها إلى قصر مؤتمرات، على أن تنظّم الجلسة الثانية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
شكوى تجمع 450 ألف شخص
وفي هذه الشكوى الجماعية الأولى من نوعها في ألمانيا، سجّل أكثر من 450 ألف شخص أسماءهم وفق إجراء اعتمد في خضم فضيحة "ديزل غيت" العائدة إلى عام 2015، حين أقرّت "فولكسفاغن" بأنها جهّزت 11 مليون سيارة ببرمجيات تنطوي على غش. وبرزت جمعية "في زد بي في" للمستهلكين كمُطالب وحيد بالتعويضات، واتهمت الشركة بالإضرار عمداً من خلال تركيز برمجية في السيارة من دون علمهم، تظهرها أقل تلويثاً ممّا هي عليه في الواقع.
وتُعدّ هذه الفضيحة المتشعّبة، القضية الأهم حتى الآن في ألمانيا، في وقت تحاول "فولكسفاغن" طي الصفحة من خلال المراهنة على السيارة الكهربائية. وسيكون على القضاة حسم خمسين نقطة في الدعوة، التي يتمثّل الأمر الرئيس فيها بتحديد ما إذا كانت الشركة "تسبّبت في أضرار" وتصرّفت "بشكل مناف للمعايير الأخلاقية".
وقال محامي جمعية المستهلكين رالف سوير "نحن واثقون من حظوظ نجاحنا، لأن فولكسفاغن ارتكبت فعل الغش".
"لا أضرار... لا أساس للشكوى"
في المقابل، تعتبر الشركة أنه "لم تحدث أضرار وبالتالي، فإن الشكوى لا أساس لها". وقالت مستشارة الشركة مارتينا دو ليند فان فينغاردن "حتى اليوم، ما زالت مئات آلاف السيارات قيد الاستخدام" على الطرقات.
وحتى إن صدر حكم ضدّ الشركة، فإنه لن يؤدي بشكل مباشر إلى التعويض وسيكون على كل مستهلك مسجّل حينها أن يثبت حقوقه بشكل فردي. ومن المتوقع أن تستمر هذه الدعوى الجماعية حتى عام 2023 بسبب استئناف متوقّع أمام المحكمة الاتحادية، حسب "فولكسفاغن". كما يمكن أن تستمرّ الشكاوى الفردية لاحقاً لأكثر من سنة.
ولاختصار الإجراءات، قالت جمعية المستهلكين إنها "منفتحة" على تسوية ودية، لكن "في هذه الحالة، سيكون على فولكسفاغن أن تدفع مبالغ كبيرة"، في وقت استبعدت الشركة عقد مثل هذا الاتفاق، نظراً إلى عدم تجانس الوضعيات، إذ إنّ قسماً من الملفات سيكون مكرّراً أو يتعلّق بمستهلكين يقيمون في الخارج أو بآخرين اقتنوا سياراتهم بعد انكشاف الفضيحة.
61 ألف شكوى فردية
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالتوازي مع الدعوى الجماعية، قُدّمت 61 ألف شكوى فردية في ألمانيا، سُوّيَ جزء منها عبر اتفاقات خارج نطاق القضاء.
وكلّفت فضيحة "ديزل غيت" شركة "فولكسفاغن"، منذ عام 2015، أكثر من 30 مليار يورو من النفقات القضائية والغرامات والتعويضات، دُفع معظمها في الولايات المتحدة. أمّا في ألمانيا، فدفعت الشركة حتى الآن ثلاث غرامات فقط بإجمالي 2,3 مليار يورو، لكنّها ما زالت تحت تهديد سلسلة من القضايا المدنية والجزائية.
وفي هذا السياق، طلب مستثمرون في قضية رُفعت قبل عام تعويضات عن التراجع الكبير لسهم الشركة في البورصة إثر انكشاف الفضيحة.
إحالة مسؤولي الشركة إلى القضاء
وأُحيل الأسبوع الماضي كل من الرئيس الحالي للشركة هيربرت ديس ورئيس مجلس مراقبة المجموعة هانس ديتر بوتش على قضاة بسبب تلاعب بأسعار البورصة. كما سيمثل أمام القضاء الرئيس السابق للشركة مارتن وينتركن، الذي استقال سنة 2015 بتهمتي الفضيحة والتلاعب بأسعار البورصة، إضافةً إلى الاحتيال.
وعلى الرغم من كل شيء، يقول مسؤول " فولكسفاغن" رالف براندستاتر إن فضيحة الديزل "باتت من ماضي المجموعة"، مؤكّداً أن الشركة "تغيّرت كثيراً" وهي الآن تعوّل على ماركتها الجديدة الكهربائية، التي استثمرت فيها 30 مليار يورو "لاستعادة احترام المجتمع".
وفضلاً عن الجانب القضائي، سرّعت فضيحة "ديزل غيت" انهيار الديزل، ومن الممكن حظر سيارات الديزل في العديد من مدن ألمانيا بسبب مستوى تلويثها للهواء بالآزوت.