Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأولمبياد... تاريخ صاغته القصص الميثولوجية

يعود أول دليل مكتوب عن الألعاب الرسمية إلى عام 776 قبل الميلاد وحظرت عام 393  لأسباب دينية وأحيت من جديد عام 1896

من افتتاح أولمبياد باريس 2024 (أ ف ب)

ملخص

كان للألعاب الأولمبية قوة لا تضاهى في العصور القديمة، إذ كانت وحدها قادرة على فرض الهدنة بين الدول المتحاربة طوال مدة المسابقات.

قدمت الألعاب الأولمبية منذ نشأتها الأولى تاريخاً غنياً زاخراً بالأحداث الملهمة، ليس على المستوى الرياضي وفعالياته وحسب، بل بوصفه عرفاً عالمياً يربط الرياضة والثقافة والفنون.

وكان للألعاب الأولمبية قوة لا تضاهى في العصور القديمة، إذ كانت وحدها قادرة على فرض الهدنة بين الدول المتحاربة طوال مدة المسابقات، ونظمت عدداً من الأنشطة الفنية مثل الموسيقى والغناء والشعر والمسرح في حدث منفصل عن الألعاب التي أقيمت في أولمبيا، وربطت الثقافة بالرياضة منذ بداية الألعاب.

ومن المفارقة أن تكون فرنسا، البلد التي أعادت إحياء هذا الحدث العالمي مرة أخرى نتيجة لمؤتمر ضمته أروقة جامعة السوربون العريقة بعد انقطاع طويل، هي نفسها التي أشعلت ثورة من الغضب حول الربط الثقافي الذي قدم في افتتاح أولمبياد باريس هذا العام، والرموز الميثولوجية التي عج بها الحدث، وأشعلت حرباً من حروب القرن الـ 21 الثقافية.

تاريخ يمتد لآلاف الأعوام

يعود أول دليل مكتوب عن الألعاب الرسمية إلى عام 776 قبل الميلاد، عندما بدأ الإغريق في قياس الوقت في الألعاب الأولمبية والمدة بين كل نسخة من نسخها، إلا أنه لم توضع قائمة متسقة إلا في عهد هيبياس، في حين وثقت الألعاب الأولى منذ ما يقارب 3000 عام في اليونان القديمة، ومن القرن الثامن قبل الميلاد إلى القرن الرابع الميلادي، أقيمت الألعاب في حرم زيوس في قرية أولمبيا.

 

 

وكانت الألعاب الأولمبية القديمة، مثل جميع الألعاب اليونانية تقريباً، جزءاً لا يتجزأ من مهرجان ديني حافل وليست حدثاً رياضياً وحسب، إذ كانت تتم التضحية بالثيران للإله زيوس أثناء الألعاب، وفي منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، شيّد معبد يضم تمثالاً ضخماً للإله مصنوعاً من الخشب والعاج والذهب، وأقيمت الألعاب الأولمبية الأولى كل أربعة أعوام تكريماً لزيوس.

فقد وسم أصل هذه الألعاب بطابع ميثولوجي، إذ أسست الألعاب الهيلينية ذات الأحداث الأربعة الأبرز تكريماً للآلهة، اثنان منها هما الأولمبية وألعاب نيميا أقيمتا تكريماً لزيوس، بينما كرمت الألعاب البيثية أبولو، وجاءت الألعاب البرزخية تكريماً لبوسيدون. وإضافة إلى المهرجانات الهيلينية، أقيمت في أثينا مسابقات رياضية كبرى تُعرف باسم الألعاب الباناثينية، باعتبارها جزءاً من مهرجان الباناثينيا العظيم، وهو مهرجان كبير أقيم تكريماً للآلهة أثينا.

والواضح أنه كان من المهم بالنسبة إلى اليونانيين القدماء أن يؤسسوا الألعاب الأولمبية على الأساطير وينسبوا أصولها إلى الآلهة، إذ تنبثق من هذه الأساطير اعتقادات إغريقية بجذور الألعاب الدينية وبارتباط المنافسة الرياضية بعبادة الآلهة، وقدرة الألعاب على جلب السلام والوئام والعودة إلى أصول الحياة اليونانية.

علاقتها بالميثولوجيا الإغريقية

طرحت قصص عدة عن أصل هذه الألعاب، إذ قدم المؤرخ اليوناني بوسانياس قصة عن هرقل وأربعة من إخوته الذين تسابقوا معاً في أولمبيا للترفيه عن زيوس المولود حديثاً، في حين تحدثت أسطورة أخرى عن نبوءة قدمها أحد العرافين لـ "أوينوماوس" ملك بيزا، تقضي بموته صريعاً على يد الزوج المستقبلي لابنته هيبوداميا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن هنا أصدر الملك مرسوماً اشترط فيه على من يتقدم للزواج من ابنته أن يصعدا معاً في عربة ويبتعدان عنه، وسيتبعه أونوماوس في عربته التي كانت الأسرع على الإطلاق، ليطارده وفي حال لحق بهما سيطعن الخاطب بالرمح، وإن تمكن من الفرار بها تصبح زوجته.

لكن ابنة الملك وقعت في حب بيلوبس الذي أقنع سائق عربة الملك باستبدال دبابيس المحور البرونزية بأخرى شمعية، وما حدث أن الشمع ذاب أثناء السباق وسقط الملك وقتل، وفاز بيلوبس بالأميرة والمملكة، ليصبح ملكاً وبطلاً محلياً أعطى اسمه لاحقاً لجزيرة بيلوبونيز وضم أولمبيا إلى مملكته.

 

 

ومن ثم نظم سباقات العربات شكراً للآلهة وألعاباً جنائزية تكريماً للملك أونوماوس، وتطهراً من قتله، وأصبح سباق الجنازة هذا مصدر إلهام بدايات الألعاب الأولمبية.

بينما أطلق اسم الماراثون على سباق العدو الأولمبي لمسافة طويلة، نسبة إلى البلدة اليونانية ماراثون التي كانت جزءاً من سلسلة الحروب الإغريقية الفارسية، وشكلت معركة ماراثون التي جرت قرب البلدة بين الجيش الفارسي الجرار والجيش الإغريقي قليل العدد، بداية هزائم الفرس على الأرض اليونانية، إذ نجح الجيش الإغريقي، على رغم قلة عدد الجنود، في إيقاف تقدم الجيش الفارسي وتحقيق انتصار كبير.

ومع لحظات الانتصار الأولى أرسل أحد الجنود الإغريق إلى أثينا ليزف إلى سكانها خبر الانتصار، وتقول الأسطورة أن الجندي استمر بالجري من أرض المعركة حتى وصوله إلى العاصمة، مردداً طوال الطريق عبارة" نحن المنتصرون"، ولكن ما إن وصل إلى أثينا وأخبر أهلها بالانتصار حتى خر صريعاً بسبب التعب والإرهاق.

وبدءاً من دورة الألعاب الأولمبية الأولى التي أقيمت في أثينا عام 1896، اعتمد سباق الماراثون تخليداً لذكرى هذه الواقعة والانتصار الكبير الذي حملته إلى أثينا.

في العصر الحديث

بدءاً من عام 393، حظر الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول الألعاب الأولمبية لأسباب دينية، مدعياً ​​أنها تشجع على الوثنية، التي نبذتها الإمبراطورية المسيحية.

 

 

فتوقفت إقامة الألعاب حتى نهاية القرن التاسع عشر، لتبدأ جهات عدة بطرح مبادرات لإعادة تأسيس حدث رياضي دولي إلا أنها منيت بالفشل بسبب ضعف التنسيق الرياضي العالمي، حتى استطاع البارون بيير دي كوبرتان، الذي يعد أبا الألعاب الأولمبية الحديثة ومصمم رموزها، تنظيم المؤتمر الأولمبي الأول، الذي عقد في المدرج الكبير بجامعة السوربون عام 1894، وحضره 2000 شخص، بينهم مندوبون من فرنسا وبلجيكا وبريطانيا العظمى واليونان وإيرلندا وإيطاليا وروسيا وإسبانيا والسويد والولايات المتحدة، ومع انتهاء المؤتمر ولدت الألعاب الأولمبية مجدداً وأنشئت اللجنة الأولمبية الدولية.

وفي تقريرها اقترحت اللجنة، التي كان كوبرتان أحد مؤسسيها ورئيسها الثاني، أن تعقد الألعاب الأولمبية كل أربعة أعوام وحددت برنامجها وتاريخ ومكان أول وثاني دورة ألعاب أولمبية حديثة صيفية لعامي 1896 و1900 .

العودة وأحداث بارزة

أقيمت أول دورة ألعاب أولمبية في العصر الحديث عام 1896 في أثينا، بلد الألعاب الأصلية في العصور القديمة، في حين استضافت باريس الألعاب الثانية عام 1900، وشهدت هذا العام مشاركة النساء للمرة الأولى، لتنافسن في رياضات مثل التنس والإبحار وسباقات الفروسية والجولف.

بينما شهدت دورة عام 1904 في الولايات المتحدة توزيع الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية للمرة الأولى، ومشاركة أول رياضي من ذوي الاحتياجات الخاصة وهو جورج آيزر الذي خاص المنافسة بقدم خشبية وحظي بست ميداليات في الجمباز ثلاث منها ذهبية.

وفي عام 1912، استضافت ستوكهولم الألعاب الأولمبية، وكانت الدورة الأولى التي ضمت متنافسين من جميع القارات الخمس ممثلة بالحلقات الأولمبية، في حين ظهرت فيها النساء للمرة الأولى في أحداث السباحة.

ومن عام 1912 إلى عام 1948، كانت المسابقات الفنية جزءاً من الألعاب الأولمبية الحديثة، بمبادرة من بيير دي كوبرتان، ومنحت الميداليات للأعمال الفنية المتعلقة بالرياضة التي تندرج ضمن خمس فئات، العمارة والأدب والموسيقى والرسم والنحت.

عادت الألعاب عام 1920، بعد إلغائها عام 1916 بسبب الحرب العالمية الأولى، وكشف في هذه الدورة التي أقيمت في أنتويرب البلجيكية، عن العلم الأولمبي والقسم الذي كتبه بيير دي كوبرتان.

وفي دورة فرنسا عام 1924 سلط الضوء على الشعار الأولمبي "أسرع، أعلى، أقوى" (citius, altius, forties)، الذي استخدمه بيير دي كوبرتان منذ عام 1896 واستوحاه من الكاهن هنري ديدون باعتباره شعاراً رسمياً للجنة الأولمبية الدولية، وفي هذه الدورة بنيت القرية الأولمبية، التي أصبحت عرفاً معتاداً منذ ذلك الحين.

وشهد العالم للمرة الأولى امرأة تحمل علم وفد أولمبي عام 1932، بينما قدمت الشعلة الأولمبية للمرة الأولى في دورة ألعاب برلين عام 1936، وكانت المرة الأولى التي يبث فيها حفل الافتتاح على الهواء مباشرة ومثل تطوراً مذهلاً في ذلك الوقت، ثم ألغيت الألعاب الأولمبية الـ12 والـ13 بسبب استمرار الحرب العالمية الثانية عام 1948، وبعد ذلك بـ20 عاماً، بثت الألعاب الأولمبية مباشرة وبالألوان للمرة الأولى على شاشات التلفزيون في الدورة الشتوية في غرونوبل 1968.

ووصولاً إلى عام 2003، حدث الميثاق الأولمبي وأضيف مفهوم الإرث إلى الوثيقة التي تحدد القواعد التي تحكم الحركة الأولمبية، وبدأ النظر إلى الألعاب باعتبارها أكثر من مجرد حدث رياضي دوري، بل وسيلة لتحقيق التنمية الحضرية وإحداث تأثير إيجابي في المجتمع الذي تقام فيه، ثم عدل الميثاق مرة أخرى عام 2014 لمعارضة التمييز في ما يتعلق ببلد أو شخص على أساس العرق أو الدين أو السياسة أو الجنس أو غير ذلك.

أولمبياد باريس 2024

واليوم في العام الذي تستضيف فيه فرنسا دورة الألعاب الـ33، والمتزامنة مع مرور قرن على آخر استضافة التي كانت الثانية في تاريخها، تحظى باريس بمكانة خاصة في تاريخ الألعاب الأولمبية الحديث، ففي عام 1900، استضافت الألعاب الأولمبية الأولى خارج اليونان والثانية في التاريخ الحديث، ثم استضافت المدينة الألعاب للمرة الثانية عام 1924.

وفي حين تعرض حفل الافتتاح لانتقادات كبيرة تركزت بصورة خاصة على مشهد وصف بأنه يمثل العشاء الأخير للسيد المسيح وحواريه الـ 12، أكد  المدير الفني لحفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية توما جولي أن العرض لم يكن مستوحى من العشاء الأخير.

واعتقد جولي أن المشهد كان واضحاً جداً، وهو يمثل وصول ديونيسوس إلى المائدة وهو إله الاحتفال والخمر وأب سيكوانا آلهة النهر، وأكد أن الفكرة كانت تكمن في إقامة احتفال وثني كبير مرتبط بآلهة أوليمبوس.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات