ملخص
لدى حكومة العمال البريطانية طموحات كبيرة لكن البناءين يحذرون من أنهم سيحتاجون إلى توظيف آلاف العمال الإضافيين
أعلنت نائبة رئيس الوزراء البريطاني أنجيلا راينر عن خطة طموحة لإعادة بريطانيا إلى البناء مرة أخرى من خلال تسهيل قوانين التخطيط وفتح الحزام الأخضر. وفاجأت حكومة العمال القطاع بتعهدها ببناء 370 ألف منزل سنوياً، مقارنة بالهدف السابق البالغ 300 ألف منزل في ظل الحكومة السابقة، الذي لم يتحقق أبداً.
هذه الخطوة لاقت ترحيباً من شركات بناء المنازل التي طالما ضغطت على الوزراء لتمزيق قوانين التخطيط، وقال الرئيس التنفيذي لشركة "بارات" ديفيد توماس لصحيفة "التايمز"، "أشعر حقاً أن الحكومة تحاول التعامل مع أزمة بناء المنازل".
لكن البعض يشك في قدرة حزب العمال على جمع الموارد اللازمة لتحقيق أهدافه، إذ كان بناء المنازل في حالة ركود، وخفضت الشركات إنتاجها مع ارتفاع أسعار الفائدة الذي جعل شراء المنازل أكثر كلفة، كما أثر ارتفاع التضخم على كلفة مواد البناء.
وقال مؤسس شركة البناء "ريد رو"، ستيف مورغان، إن اثنين من أكبر مصنعي الطوب في البلاد قد أغلقوا بعض أفرانهم، مضيفاً "لا يمكنك ببساطة الذهاب إلى تسكو وشراء الطوب. الأمر يستغرق وقتاً... لا يمكنك تشغيله كالصنبور".
كانت ذروة بناء المنازل في بريطانيا في الستينيات، إذ شيدت آنذاك نحو 400 ألف منزل سنوياً، ومنذ ذلك الحين، خصوصاً منذ الثمانينيات، تراجعت الأرقام، وفي العام الماضي، شيد 189 ألف منزل فحسب، وهو العدد نفسه تقريباً قبل 20 عاماً حينما كان عدد السكان أقل بـ10 ملايين.
أهداف طموحة
وبموجب خطة راينر سيعيد حزب العمال تقديم أهداف إلزامية لبناء المنازل من الأعلى إلى الأسفل للسلطات المحلية التي ألغيت من قبل حزب المحافظين في عام 2022، وسط معارضة من نواب الصفوف الخلفية، في حين ستضطر بعض السلطات المحلية - في يوركشاير، على سبيل المثال إلى مضاعفة أعداد بناء المنازل ثلاث مرات لتحقيق هذه الأهداف.
وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة البناء "تايلور ويمبي" جيني دالي، "370 ألف منزل سنوياً هو بالتأكيد هدف طموح". وعند سؤالها هل تعتقدين أن حزب العمال سيحقق ذلك؟ كانت دبلوماسية في ردها وقالت، "سيتطلب ذلك جهداً متضافراً".
ويتوقع أن يجبر حزب العمال السلطات المحلية التي لا تبذل جهداً كافياً على البناء في ما يسمى "الحزام الرمادي" وهي المناطق المفتوحة المحيطة بالمدن الكبرى التي تعد غير مفيدة كمواقع محمية.
نقص في العمالة وشيخوخة القوى العاملة
وقبل الانتخابات مباشرة، قدر مجلس تدريب صناعة البناء (CITB) في بريطانيا، أن هناك حاجة إلى 251 ألف عامل إضافي فقط لمواكبة حاجات البناء في بريطانيا بحلول عام 2028، وهو ما يعادل تقريباً عدد سكان مدينة ديربي.
ووفقاً للمجلس، فإن القطاع يعاني نحو 55 ألف وظيفة شاغرة، مع أكبر حاجة للعمال، والكهربائيين، والنجارين. وهو ما أكده دالتون قائلاً، "لقد أصبح بالتأكيد من الصعب توظيف الناس أخيراً... يمكن أن يستغرق الأمر ثلاثة أسابيع للحصول على كهربائي جيد".
وبحلول عام 2021، فقد قطاع البناء في بريطانيا نحو ثلث عماله من الاتحاد الأوروبي، وفقاً لمكتب الإحصاءات الوطنية. وأجبرت الحكومة على التحرك بوضع بعض الوظائف على قائمة الوظائف الشاغرة التي تسمح للشركات بالتوظيف من الخارج.
وحالياً، يمكن لعمال البناء والإنشاء دخول بريطانيا بتأشيرة العمال المهرة إذا كان راتبهم يتجاوز 30 ألف جنيه استرليني (38.4 ألف دولار)، ومع ذلك، قال الرئيس التنفيذي لمجلس تدريب صناعة البناء (CITB) تيم بالكون، إن الهجرة لن توفر الأعداد اللازمة لتحقيق أهداف حزب العمال، علاوة على أن برامج تدريب المهنيين في البناء لا تسد الفجوة أيضاً. وبدأ نحو 24 ألف شاب في برنامج تدريبي العام الماضي، بانخفاض بنسبة خمسة في المئة مقارنة بالعام السابق، وأقل من نصف العدد الذي يرى مجلس تدريب صناعة البناء أنه ضروري للقطاع لمواكبة الطلب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتستغرق البرامج التدريبية ما يصل إلى ثلاث سنوات، وهو الجزء الأكبر من دورة برلمانية، قبل أن يتمكن حزب العمال من الحصول على جيشه من عمال البناء. وقال بالكون، "إدخال شخص ما في برنامج تدريبي في كلية تعليم إضافي بطيء جداً. وليس كافياً من حيث الإنتاجية".
واقترح تدريب المرشحين بطريقة أكثر استهدافاً، بتزويدهم بمهارات محددة، والسماح لهم بالعمل في الموقع في وقت مبكر. وتقدم برامج التدريب المهني تعلماً عملياً، لكن في بعض الأحيان بعد أشهر عدة من الدراسة الأكاديمية.
وقال بالكون، إنه لوقف هجرة 200 ألف شخص من القطاع كل عام، يجب على قطاع البناء أن يوفر عملاً أكثر أماناً بعقود أطول، وأوصى المجلس بضرورة إعادة تدريب العمال باستمرار أثناء العمل حتى يتمكنوا من التنقل في الاقتصاد لسد الفجوات في الأيدي العاملة.
تبدو المهمة المقبلة ضخمة، وفقاً للرئيس التنفيذي للشركة ديفيد توماس، الذي قال، "أظهرت الصناعة تاريخياً أنه للوصول إلى 250 ألف منزل سنوياً، يمكن لسلسلة التوريد التعامل مع توفر تلك العمالة، ولكن لا شك أن الانتقال إلى 300 ألف ثم 350 ألفاً هو مجال جديد. وسيتطلب الأمر وقتاً".
وتوقع أنه في أول عامين من حكومة العمال، من المحتمل بناء ما بين 180 و200 ألف منزل، قبل حدوث زيادة في النصف الثاني من البرلمان.