Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرضى الكلى في السودان على حافة الموت

تفتقر المراكز الصحية إلى المولدات الكهربائية في ظل انقطاع التيار لمدة 10 ساعات يومياً، فضلاً عن تعطل ماكينات الغسل بسبب استخدامها في ورديات عدة

أغلقت غالبية الشركات المتخصصة في صيانة الأجهزة الطبية في السودان (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

يقول متلقو العلاج في مدينة كسلا شرق الخرطوم إن "غالبية المراكز في المدن الآمنة خفضت مدة الغسل لساعتين فقط بدلاً من أربع ساعات، كما كان يحدث في السابق، إضافة إلى تقليص عدد الجلسات من مرتين إلى مرة واحدة في الأسبوع، مما يؤدي إلى تدهور صحة المرضى".

تتزايد معاناة مرضى الفشل الكلوي في السودان وتتفاقم يوماً تلو الآخر، مع توقف ماكينات الغسل وانقطاع العلاج ونفاد المدخرات المالية، مما اضطر كثراً إلى إرسال نداءات استغاثة بعد أن اقتربوا من حافة الموت أكثر من مرة.

وأسهم اتساع رقعة الحرب وتمددها في توقف مراكز الغسل وعمليات الصيانة الدورية في مدن عدة بخاصة الولايات الآمنة التي لم تطاولها المعارك والاشتباكات المسلحة، فضلاً عن توافد أعداد كبيرة من النازحين لتلقي العلاج وإجراء الفحوص الطبية.

نداء عاجل

وإزاء هذا الوضع، أطلقت شبكة أطباء السودان نداءً عاجلاً إلى السلطات الصحية ومنظمة الصحة العالمية والمنظمات الإقليمية والمحلية العاملة في المجال، للإسهام في توفير معينات مرضى الكلى وإعادة صيانة الماكينات لتقليل الضغط على المراكز بسبب ارتفاع موجات النزوح نحو الولايات الآمنة، وخروج عدد من المؤسسات الطبية عن الخدمة.

وأشارت الشبكة إلى "تفاقم معاناة مرضى الفشل الكلوي بمراكز الغسل وعجزهم عن دفع كلف العلاج وتوقف عدد من ماكينات الغسل".

ولفتت شبكة أطباء السودان إلى "توقف المراكز في الأقاليم التي تسيطر عليها قوات ‘الدعم السريع‘، إلى جانب عدم الصيانة الدورية للماكينات".

جهود صحية  

وبحسب وزارة الصحة السودانية، هناك أكثر من 8 آلاف مصاب بالفشل الكلوي، وقد أجرى 4500 مريض عمليات زرع الكلى.

وفي هذا الصدد، قال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم إن "المرضى يعانون ظروفاً صعبة في ظل النزوح المستمر، ونسعى إلى تذليل الصعاب وتوفير الحاجات الملحة".

وأضاف أن "تدشين عمليات زراعة الكلى بمركز البحر الأحمر في مدينة بورتسودان يسهم في توطين العلاج داخل البلاد، والمحافظة على بقاء الكوادر الطبية التي تعمل في المجال".

وأوضح وزير الصحة السوداني أن "تركيب 100 عملية فيستولا للغسل الدموي المجانية يدعم العمل بمركز أمراض وجراحة الكلى، ومن ثم لن يتم إرجاع أي مريض يحتاج إلى تركيب الفيستولا".

من جانبها أشارت مديرة مركز البحر الأحمر لغسل الكلى داليا الطاهر إلى أن "المركز يضم 50 مريضاً، ويمكن استيعاب 100 مريض لجلسات الغسل الأسبوعية"، لافتة إلى أن "عدد المسجلين لتركيب الفيستولا بلغ 74 مريضاً، وهناك 26 لم يبدأوا غسل الكلى بعد".

خدمة محدودة

ويقول مجاهد الزين الذي يتلقى العلاج في مدينة كسلا شرق الخرطوم إن "المركز يكتظ بعدد كبير من المرضى الذين لا يحصلون على جلسات غسل كافية نتيجة ارتفاع عدد الحالات المصابة، التي توزع على عدد الأجهزة المحدودة في ظل شح وانعدام المستلزمات الطبية الضرورية".

ونوه بأن "غالبية المراكز في المدن الآمنة خفضت مدة الغسل لساعتين فقط بدلاً من أربع ساعات، كما كان يحدث في السابق، إضافة إلى تقليص عدد الجلسات من مرتين إلى مرة واحدة في الأسبوع، مما يؤدي إلى نقص البوتاسيوم ومن ثم تدهور صحة المرضى".

ونبه الزين إلى أن "تأخر توفير مستلزمات الغسل يعقد وضع المريض ويعرضه للخطر، بخاصة أن حياة الآلاف تحت رحمة وجود هذه المستلزمات التي تعجز وزارة الصحة عن توفيرها، وكذلك الأدوية نفدت تماماً، وحتى المتوافرة في الصيدليات، على قلتها، ارتفعت أسعارها بصورة خيالية نتيجة انهيار الجنيه السوداني في مقابل العملات الأجنبية، والمواطن لا يستطيع تحمل كل هذه المصاريف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأطفال في خطر

تعيش أسر أطفال مرضى الفشل الكلوي حالاً من اليأس والقلق والإحباط على وضع أبنائهم الصحي في ظل عدم وجود قسم متخصص للأطفال المصابين، على رغم تزايد أعدادهم خصوصاً بعد توقف خدمات المراكز في الخرطوم.

التوم عبدالمنعم الذي نزح إلى مدينة بورتسودان لمواصلة علاج ابنه، أشار إلى أنه "لم تتم مراعاة وضع اليافعين الاستثنائي وضرورة تخصيص مراكز لتقديم المساعدة الصحية، مما أسهم في تدهور حال كثير من الأطفال".

وأفاد بأن "تقليص عدد جلسات الغسل بسبب ازدحام المراكز تسبب بمضاعفات للمرضى نتيجة ارتفاع نسبة السموم في الجسم، لينتج من ذلك ضعف بعضلات القلب أدى إلى وفاة البعض منهم".

وتابع المتحدث "هناك أزمات أخرى، منها الأعطال المستمرة التي تصيب الأجهزة الطبية المخصصة لغسل الدم، وجزء منها خرج من الخدمة لعدم توافر قطع الغيار اللازمة لإصلاحها بسبب تداعيات الحرب الحالية".

ماكينات مستهلكة

وعلى الصعيد نفسه، قال اختصاصي جراحة الكلى والمسالك البولية مؤمن الحسين، إن "عدداً كبيراً من ماكينات الغسل في المراكز المحدودة توقف عن العمل، وكذلك تجاوز نحو 50 في المئة منها العمر الافتراضي، في وقت فاق عدد المرضى الذين يحتاجون إلى الخدمة الـ20 ألف مريض".

وأضاف أن "العاصمة الإدارية في مدينة بورتسودان تشهد أكبر تجمع للنازحين، في حين توجد في مركز غسل الكلي 27 ماكينة جميعها بجودة متوسطة، وتعمل على أربع ورديات يومياً، مما تسبب في ضغط كبير على هذه الأجهزة، مما أدى إلى تقليل كفاءة أداء هذه الماكينات في الجلسات".

وأوضح الحسين أن "المركز يفتقر إلى المولدات الكهربائية في ظل انقطاع التيار لمدة 10 ساعات يومياً، فضلاً عن تعطل ماكينات الغسل بسبب استخدامها في ورديات عدة لاستيعاب حاجات المرضى، وهو ما يؤدي إلى توقف البعض منها، وسط ظروف معقدة، لا سيما بعد إغلاق غالبية الشركات المتخصصة في صيانة الأجهزة الطبية".

وأفاد الاختصاصي في جراحة الكلى بأن "عملية الغسل هي المنقذ الوحيد للمرضى الذين يعانون الفشل الكلوي، إذ تتم في المستشفيات ووفق آلية معقدة تحتاج إلى أجهزة متطورة تقوم بعملية فلترة الدم وتخليصه من المواد الضارة نتيجة تراجع عمل الكلى، وهنا يبقى المريض بحدود ثلاث ساعات في الجلسة الواحدة".

تأثير بالغ

إلى ذلك، قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن إمكانية حصول الناس على خدمات الرعاية الطبية المنقذة للحياة في جميع أنحاء السودان تأثرت بصورة كبيرة بسبب نقص وعرقلة واسعة النطاق للخدمات ونهب الإمدادات الطبية، وانعدام الأمن وشن هجمات على المرضى والعاملين في القطاع الطبي، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية للرعاية الصحية.

واتهمت المنظمة الأطراف المتحاربة، القوات المسلحة السودانية و"الدعم السريع"، بـ"التجاهل الصارخ للحياة البشرية والقانون الدولي".

ودعت "أطباء بلا حدود" الطرفين المتحاربين إلى وقف الهجمات على المناطق السكنية والسماح بالمرور الآمن وحماية البنية التحتية من الدمار والنهب، وحثتهما على وقف ما قالت إنها أشكال مستهدفة من العنف والانتهاكات.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير