ملخص
تلقت هيئة الانتخابات في تونس 17 ملف ترشح للانتخابات الرئاسية المقررة خلال السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وعبر عدد من المرشحين عن صعوبات كبرى في الحصول على بطاقة السوابق العدلية لاستكمال ملفاتهم، بينما أكدت وزارة الداخلية أن كل من تقدم بطلب الحصول على بطاقة السوابق العدلية تم تمكينه منها، باستثناء من تعلقت بهم قضايا جزائية.
أكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أن العدد النهائي لملفات الترشح للانتخابات الرئاسية خلال الفترة الممتدة من الـ29 من يوليو (تموز) إلى الـ6 من أغسطس (آب) الجاري بلغ 17 ملفاً.
وسيتولى مجلس الهيئة النظر في هذه الملفات على أن يتم الإعلان عن القائمة الأولية للمقبولين يوم الأحد المقبل، لتفتح إثر ذلك فترة الطعون أمام القضاء الإداري.
ويعكس عدد ملفات الترشح الصعوبات التي واجهها عدد من المرشحين لاستكمال ملفاتهم على غرار التزكيات وبطاقة السجل العدلي، أو ما يعرف بـ"البطاقة عدد 3" التي أثارت جدلاً واسعاً في الساحة السياسية في تونس بعد أن تعذر على عدد من المرشحين سحبها من مراكز الأمن، وهو ما اعتبر نوعاً من التضييق على المنافسين الجديين في هذه الانتخابات.
وتمنح السلطات الأمنية التونسية "البطاقة عدد 3" بناء على طلب المواطن وتستغرق مدة استخراجها ثمانية أيام وفق الترتيبات الإدارية المعمول بها، وتتضمن هذه البطاقة إن كانت للشخص سوابق عدلية (جنائية) أو أنه خال من السوابق.
وتعذر على عدد من مرشحي الانتخابات الرئاسية الحصول على هذه البطاقة ضمن المهل المحددة مما دفعهم إلى تقديم ملفاتهم منقوصة إلى هيئة الانتخابات، وأثار جدلاً حول إمكانية توظيف هذه الوثيقة لغايات سياسية، من بينها التضييق على المرشحين المنافسين للرئيس الحالي قيس سعيد.
ويعود شرط الحصول على بطاقة السوابق العدلية إلى عام 2014 من أجل حرمان أصحاب السوابق من تقلد المناصب العليا في الدولة، كالبرلمان والمجالس الجهوية والبلدية.
سد المنافذ أمام ذوي الشبهة
ويؤكد الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أنه "في الأعوام الماضية تمكن عدد من ذوي السوابق العدلية من التسلل إلى البرلمان، وأسهموا في ترذيل العمل السياسي وتفشي الفساد لارتباطهم بلوبيات نافذة، لذلك تم وضع شرط النقاوة من السوابق العدلية للترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية، لتنقية المناصب السياسية العليا في الدولة من ذوي الشبهات، وكي لا يتمكن كل من هب ودب أن يتقدم إلى الانتخابات".
وإزاء الجدل الحاصل في تونس بخصوص الصعوبات التي واجهها مرشحون في الحصول على هذه الوثيقة، يقول حمدي إنه "كان على هيئة الانتخابات ووزارة الداخلية أن يسهلا مهمة جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية، لأن ’البطاقة عدد 3‘ هي حق من حقوق كل مواطن تونسي"، داعياً إلى تجاوز هذا الإشكال من خلال إحكام التنسيق بين مؤسسات الدولة المتدخلة في العملية الانتخابية، وتمكين جميع طالبي هذه الوثيقة من حقهم الطبيعي من أجل مناخ انتخابي نزيه وشفاف، تتساوى فيه حظوظ جميع المرشحين في الوصول إلى الوثائق الإدارية"، مضيفاً أن "من مصلحة تونس أن تجري الانتخابات في مناخ سليم"، ورافضاً "التعطيلات التي يواجهها بعض المرشحين والتي تحرج السلطة القائمة".
ويشير أمين عام حزب التيار الشعبي إلى أن "عدداً من المرشحين قدموا ملفات منقوصة من الضمان المالي إلى هيئة الانتخابات، إلا أنهم تعللوا بأن وزارة الداخلية لم تمنحهم البطاقة عدد 3 بينما بقي عدد من تلك البطاقات في المراكز ولم يتسلمها طالبوها، وهو توظيف سياسي لإرباك العملية الانتخابية". ويضيف زهير حمدي أن "هيئة الانتخابات مدعوة إلى تجاوز هذا الإشكال بالتنسيق مع وزارة الداخلية لتمكين المرشحين من وثائقهم وتلافي خلق توترات مجانية"، معتبراً أن "البلاد في حاجة إلى إقبال شعبي كبير على هذه الانتخابات لأن رئيس الجمهورية هو المنصب الأعلى في الدولة ويحتاج إلى مشروعية شعبية".
وفي المقابل، تقول المعارضة إن اشتراط هيئة الانتخابات على المرشحين إرفاق "البطاقة عدد 3" في ملف ترشحهم كان أقل صعوبة في انتخابات عامي 2014 أو 2019، معتبرين أن "هذا الإجراء أصبح هدفه إسقاط أكبر عدد ممكن من الترشيحات، ليكون الرئيس قيس سعيد أمام طريق مفتوح لولاية ثانية".
إفراغ الانتخابات من محتواها
من ناحية أخرى، يقول المتخصص في مجال القانون والناشط المدني أحمد صواب إن "القوانين التونسية تنص على أن المواطن مطالب بالتوجه إلى أقرب مركز أمن من مقر سكنه للحصول على ’البطاقة عدد 3‘، ولا يطلب منه الذهاب إلى وزارة العدل للتثبت في وضعيته الجزائية".
ويعد صواب أن "هيئة الانتخابات ووزارة العدل ووزارة الداخلية تخرق القانون بفرض إجراءات جديدة على طالبي ’البطاقة عدد 3‘ كتحديث سجلاتهم العدلية، والبحث في مصير القضايا السابقة".
ويرى الناشط المدني أن "الولاية العامة لهيئة الانتخابات على المسار الانتخابي من بدايته إلى نهايته تعني بالضرورة تيسير شروط الترشح وليس تعقيدها وعرقلة المرشحين"، داعياً إلى "إلغاء هذا الشرط للترشح للانتخابات". ويضيف أحمد صواب أنه كان على "هيئة الانتخابات أن تلتزم بدستور 2022، وتعتمد فقط الأحكام النهائية والباتة والقاضية بالحرمان من الحقوق السياسية والمدنية"، واصفاً ما يحصل اليوم بـ"ضرب الحقوق والحريات وإفراغ العملية الانتخابية من محتواها، وهي التي تفترض التنافس والمساواة بين كل المرشحين". وعبر صواب عن أمله في أن "تسقط المحكمة الإدارية مجدداً هذا الشرط في جلستها العامة المقررة أواخر الشهر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المحكمة الإدارية أوقفت العمل بـ"البطاقة عدد 3"
وكانت المحكمة الإدارية قضت خلال الـ9 من سبتمبر (أيلول) 2014 بوقف تنفيذ قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلق بضبط قواعد إجراءات الترشح للرئاسة والذي اشترط توفير بطاقة السوابق العدلية، إلا أن هذا الحكم لم يطبق واستمرت هيئة الانتخابات بتركيبتها الجديدة في اشتراط بطاقة السوابق العدلية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية.
الداخلية تنفي
وبينما عبر عدد من المرشحين عن جملة من الصعوبات في مسار تكوين ملفات ترشحهم للانتخابات الرئاسية على غرار جمع التزكيات وبطاقة السوابق العدلية، أكدت وزارة الداخلية التونسية في بيان أن "كل من تقدم بطلب الحصول على بطاقة السوابق العدلية تم تمكينه منها، باستثناء من تعلقت بهم قضايا جزائية أو كان محل ملاحقة من العدالة، والذين تمت دعوتهم إلى الاتصال بمختلف الوحدات الأمنية وتمكينهم من أعداد وتواريخ هذه القضايا قصد الإفادة بمآلاتها ونتائجها، وذلك لتحيين سجلاتهم العدلية المعتمدة أساساً في استخراج بطاقة السوابق العدلية والتي لا يمكن من دونها إسداء هذه الخدمة، علماً أن المعطيات الخاصة بهذه القضايا تعد من قبيل المعطيات الشخصية والتي لا يمكن نشرها للعموم ولا يتم الإطلاع عليها إلا من قبل الشخص المعني".
وفي الأثناء، نفى رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر وجود تضييقات في شأن منح بطاقة السوابق العدلية للراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية، نافياً وجود تضييقات تستهدف بعض الراغبين في الترشح.