في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل سيتوجه الأميركيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة، في حدث يستقطب أنظار العالم بأسره، فالرجل الذي سيجلس على كرسي البيت الأبيض قادر على تغيير مجريات الأحداث على بعد آلاف الكيلومترات من الحدود الأميركية، ومن أوكرانيا إلى آسيا وأفريقيا وصولاً إلى حرب غزة الدموية، تنتظر الرئيس المقبل لأكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم، سلسلة قضايا تحمل كثيراً من الأخطار والدماء وترسم مصائر شعوب بأسرها.
ولا شك في أن الشعوب العربية تتابع انتخابات الولايات المتحدة عن كثب، فالنفوذ الأميركي في الشرق الأوسط كبير وقرارات واشنطن قد تكون حاسمة في قضايا المنطقة التي تجد نفسها اليوم على حافة الانزلاق إلى حرب إقليمية قطباها إسرائيل وخلفها أميركا من جهة، وإيران مدعومة من روسيا من جهة أخرى، في مواجهة ستكون كارثية إن وقعت وستحرق حممها العالم كله والدول العربية بالدرجة الأولى.
وفي ظل تصاعد التوتر في الشرق الأوسط مدفوعاً بحرب غزة المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والجبهة الموازية بين إسرائيل و"حزب الله"، يدخل ملف المنطقة صلب الحملات الانتخابية للمرشحين الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطية كامالا هاريس اللذين سيقاربان قضايا المنطقة من منظورين مختلفين نسبياً، وإن حافظا على ثوابت السياسة الخارجية الأميركية.
ومع احتدام السباق إلى البيت الأبيض نسأل: هل يستطيع الناخبون الأميركيون ذوو الأصول العربية التأثير في نتيجة الانتخابات؟ وكيف يتخذ هؤلاء قراراتهم الانتخابية؟
الأرقام تتكلم
لا توجد إحصاءات دقيقة أو رسمية لعدد الأميركيين العرب في الولايات المتحدة، لأنه لا خانة خاصة بهم ضمن التعداد السكاني الرسمي الذي تجريه السلطات الحكومية كل 10 أعوام، بل يُشملون في تصنيف "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، وهي منطقة تضم شعوب دول كثيرة خارج العالم العربي مثل إيران وإسرائيل.
غير أن التقديرات تشير إلى وجود 3.7 مليون أميركي من أصل عربي بدأوا يستوطنون الولايات المتحدة منذ عام 1880، وفق بيانات المعهد العربي الأميركي الذي يتخذ من واشنطن مقراً، غير أن الأرقام الحقيقية قد تكون أكثر من ذلك، ومعظم هؤلاء ولدوا في الولايات المتحدة و85 في المئة منهم يحملون جنسيتها.
ديمغرافياً ينتشر الأميركيون العرب في الولايات الـ 50 كلها، لكن 95 في المئة منهم يعيشون في المناطق الحضرية وأبرزها نيويورك وديترويت ولوس أنجليس وشيكاغو والعاصمة واشنطن ومينيابوليس.
ويشكل اللبنانيون أكبر الجاليات العربية في أميركا، ويُحصون بحسب تقديرات المعهد العربي الأميركي أكثر من 585 ألفاً، يليهم المصريون بنحو 325 ألفاً، والسوريون بـ 200 ألف، والفلسطينيون بـ 180 ألفاً، ثم العراقيون بقرابة 170 ألفاً.
أما على الصعيد الانتخابي فلا توجد أيضاً أرقام دقيقة لعدد الناخبين الأميركيين من أصول عربية ممن يحق لهم التصويت، لكن التقديرات تشير إلى أنهم يشكلون نحو واحد في المئة فقط من إجمال عدد الناخبين، فهل تستطيع نسبة ضئيلة كهذه أن تؤثر في نتيجة الانتخابات؟
التأثير في الولايات المتأرجحة
يشرح رئيس المعهد العربي - الأميركي جيمس زغبي لـ "اندبندنت عربية" أن أهمية أصوات الأميركيين العرب تبرز في الولايات المتأرجحة التي ستحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية، ولا سيما ميشيغان وبنسلفانيا وأوهايو، إذ إن النظام الانتخابي الأميركي لا يقوم على انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، وإنما يعتمد نظام المجمع الانتخابي الذي يقوم هو بانتخاب الرئيس ويتألف حالياً من 538 مندوباً يمثلون الولايات الـ 50 والعاصمة واشنطن، ويكون لكل ولاية عدد محدد من المندوبين في المجمع الانتخابي بحسب عدد سكانها، والمرشح الذي يفوز بغالبية أصوات الولاية يحصد أصوات جميع مندوبيها في المجمع الانتخابي.
من هنا يوضح زغبي أن أصوات العرب في ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك مثلاً لن يكون لها تأثير في النتيجة، لأنه على رغم أعدادهم الكبيرة فيها تعتبر هاتان الولايتان محسومتان لمصلحة الديمقراطيين بهوامش كبيرة، غير أن الأمر مختلف في الولايات المتأرجحة وعلى رأسها ميشيغان، ويقول زغبي "صحيح أن نسبة الأميركيين العرب في ميشيغان ضئيلة، لكن الانتخابات في هذه الولاية حُسمت أحياناً بفارق لم يتجاوز واحداً أو اثنين في المئة، وهنا يمكن لنسبة الناخبين العرب أن تتجاوز نسبة الفارق في نتيجة الولاية، إذ قد تبلغ نسبتهم خمسة في المئة، علماً أنهم يشكلون نحو ثلاثة في المئة من عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت، وهذه النسبة قد تشكل هامش النصر في الولاية، وبالتالي يمكن للناخبين العرب أن يؤثروا فعلاً وأن يشكلوا الفارق في نتيجة ميشيغان المتأرجحة".
في عام 2016 شكل فوز ترمب في ميشيغان بفارق لم يتجاوز 11 ألف صوت مفاجئة كبيرة في الولاية التي صوتت قبيل ذلك على مدى خمس دورات انتخابية متتالية لمصلحة الديمقراطيين، وفي عام 2020 عاد جو بايدن لينتزع ميشيغان من ترمب بفارق 150 ألف صوت فقط، علماً أن السكان العرب في هذه الولاية يعدون أكثر من 390 ألف صوت، ولا يحق لجميعهم بطبيعة الحال التصويت.
ولعل نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميشيغان أبرز دليل على الدور الذي قد يلعبه الناخبون العرب في الولاية، فبسبب السخط من أداء بايدن ودعمه إسرائيل في الحرب على غزة، قادت مجموعة من الناشطين حملة للتصويت بـ "غير ملتزم" بالاقتراع لمرشح الحزب الذي كان حتى ذلك الوقت الرئيس الحالي، واستطاعت الحملة جمع أصوات ما لا يقل عن 100 ألف شخص في إنذار واضح بتراجع تأييد الديمقراطيين في الولاية، ويقول زغبي إن هذه الحملة "عملت بجهد للحصول على نحو 11 أو 12 في المئة من الأصوات في الانتخابات التمهيدية في ولاية حسمت النتيجة فيها سابقاً بفارق واحد أو اثنين في المئة، وهذا أمر كبير"، موضحاً أن هذه النتيجة "لم تنتج من أصوات الأميركيين العرب فقط، بل شملت أصوات الناخبين الشباب وطلاب الجامعات الذين شاركوا بأعداد كبيرة في التصويت".
اهتمامات الأميركيين العرب
إذاً فعلى رغم أعدادهم الصغيرة نسبة إلى عدد السكان والناخبين في الولايات المتحدة، يبدو أن العرب يلعبون دوراً مهماً في الولايات المتأرجحة، وهنا كان لا بد من أن نسأل: وفق أي أسس يختار هؤلاء المرشح الذي سيصوتون له؟ هل تأتي قضايا دولهم الأم في صدارة اهتماماتهم أم تتصدر أولوياتهم الشؤون الأميركية الداخلية؟
يقول مدير المركز اللبناني للمعلومات في واشنطن الدكتور جوزيف جبيلي إنه "لا يوجد شيء في أميركا اسمه جاليات عربية بمعنى جاليات موحدة"، ويوضح أن خيار الناخبين العرب ينطلق من أمرين، "أولاً قناعات ومبادئ وقيم وأفكار يعتنقها الأفراد، مثل الأفكار المحافظة في ما يتعلق بالمثليين أو الحريات أو الضرائب أو غيرها، وهذه قناعات شخصية تجعلهم يتوجهون نحو الجمهوريين أو الديمقراطيين، وهو عامل لا ينبغي الاستخفاف به، أما العامل الثاني فهو تعلق الأفراد بوطنهم الأم ومدى تأثير ذلك في قراراتهم".
وهنا يقول جبيلي إنه "لا يوجد شيء اسمه قضية عربية بشكل عام، فبعضهم يهتمون بالقضية الفلسطينية وأكثرهم فلسطينيون، لكن العراقيين مثلاً يهتمون بالعراق والمصريين بمصر واللبنانيون بلبنان، لذا لا يجوز الكلام عن جالية عربية بشكل عام في أميركا".
من جهته يوضح الزغبي ألا وجود لبلوكات انتخابية في الولايات المتحدة تصب أصواتها لمرشح محدد بتوجيه من مرجعية ما، لا لدى العرب ولا حتى في أوساط اليهود، مؤكداً أن "الأميركيين العرب يتشاركون مجموعة معينة من الاهتمامات التي تقودهم في اتجاه معين، ولا يوجد من ينظمهم ويسيّرهم في اتجاه واحد، لكن هل تستطيع مخاطبتهم وتحريكهم عبر قضايا تجعلهم يميلون في اتجاه محدد؟ نعم تستطيع وقد رأينا ذلك سابقاً".
الأستاذة المساعدة في جامعة ميشيغان - ديربورن والباحثة في القضايا الأميركية - العربية آمني شريدي تؤكد من جهتها أن "الأميركيين العرب ليسوا مجموعة متجانسة، فكثير من الأميركيين العرب يعتنقون آراء ليبرالية في ما يتعلق بقضايا مثل الإجهاض والرعاية الاجتماعية، في حين يعتنق آخرون آراء محافظة يشعرون أنها أكثر انسجاماً مع قيمهم، ومع ذلك فإن الغالبية العظمى من الأميركيين العرب والمسلمين الأميركيين العرب يعتبرون العلاقات الدولية ووضع العالم العربي بمثابة عوامل أساس يراعونها عند اختيار مرشحهم".
وعلى هذا الصعيد تشير شريدي إلى أن "دعم الولايات المتحدة للهجمات الإسرائيلية على غزة أدى إلى ابتعاد كثير من الناخبين الأميركيين العرب من الحزب الديمقراطي، إذ سيصوت كثير منهم لمرشحين من أحزاب ثالثة أو سيمتنعون من التصويت تماماً".
تراجع الديمقراطيون فمن تقدم؟
وهذا ما يؤكده استطلاع الرأي الأخير الذي أجراه المعهد العربي - الأميركي في مايو (أيار) الماضي وشمل 900 شخص من أصول عربية في أربع ولايات رئيسة خلال انتخابات 2024، وهي فلوريدا وميشيغان وبنسيلفانيا وفيرجينيا، وهي ولايات تضم عدداً كبيراً من العرب ونتائج الانتخابات فيها متقاربة، وأظهر الاستطلاع أن تأييد الأميركيين العرب لبايدن تراجع من 60 في المئة عام 2020 إلى نحو 20 في المئة الآن، فيما حافظ ترمب على تأييد ثلث الأميركيين العرب كما كان حاله عام 2020.
وأظهرت الأرقام أن قرابة 50 في المئة من العرب غير أكيدين لمن سيصوتون، فيما 40 في المئة منهم غير متحمسين للتصويت إطلاقاً، وغياب الحماسة يصيب الدميقراطيين بخاصة، مع نسبة بلغت 50 في المئة، بينما انخفضت إلى نحو 11 في المئة في أوساط الجمهوريين.
وبحسب الاستطلاع فإن حرب غزة هي السبب الرئيس في امتعاض الأميركيين العرب من بايدن، إذ قال 57 في المئة إنها ستكون أساساً في خيارهم خلال نوفمبر المقبل.
وخلصت الدراسة إلى أنه "عند مقارنة النتائج المتوقعة من هذا الاستطلاع في نوفمبر 2024 مع تصويت الأميركيين العرب عام 2020، فإننا نرى خسارة محتملة كبيرة للرئيس بايدن تبلغ 177 ألف صوت في هذه الولايات الأربع الرئيسة، مع 91 ألفاً منها في ميشيغان وحدها".
غير أن هذا الاستطلاع أجري قبيل انسحاب بايدن من المنافسة واختيار هاريس لمتابعة السباق الرئاسي، مما أعطى زخماً جديداً للحزب الديمقراطي. وفي هذا السياق يقول زغبي "أعتقد أنه إذا أعدنا الاستطلاع الآن ستكون الأرقام مغايرة وستكون أفضل للديمقراطيين، وأعتقد أن كثيرين شعروا بأن بايدن كان المشكلة والآن بعد انسحابه ستكون هناك عقلية مختلفة".
ويرى رئيس المعهد العربي - الأميركي أن "هاريس قادرة على استعادة ثقة الأميركيين العرب أو بعضهم، وأعتقد أن الغالبية ستعود لانتماءاتها الأصلية لأنه حتى عندما انخفضت أرقام الحزب الديمقراطي فما حصل هو ارتفاع أرقام المستقلين أو الذين ليسوا أكيدين لمن سيصوتون"، وليس أرقام الجمهوريين.
حرب غزة والاستياء من بايدن
وعلى هذا الصعيد تشير شريدي إلى أن "الأدلة تشير إلى أن كثيراً من الناخبين الأميركيين العرب يميلون نحو مرشحي الحزب الثالث"، ومنهم مرشحة حزب الخضر جيل ستاين التي "أظهر استطلاع رأي حديث أجرته اللجنة الأميركية - العربية لمكافحة التمييز أنها تتصدر عندما يتعلق الأمر بكيفية عزم الأميركيين العرب التصويت".
ويفسر زغبي من جهته ارتفاع تأييد المرشحين المستقلين في أوساط الأميركيين العرب أو عدد الذين لا يريدون المشاركة في الانتخابات باستياء الديمقراطيين من بايدن، ويقول إن "هؤلاء لن يصوتوا للجمهوريين، لذا قرروا إما ألا يصوتوا إطلاقاً أو اختاروا مرشحاً ثالثاً".
ويوضح أنه في هذه المجموعة من الناخبين يمكن لهاريس أن تعيد رفع أرقامها، مشيراً إلى أنه "في استطلاع مايو سألنا إذا قرر بايدن أن يفعل كذا فهل ستصبح أكثر أو أقل قابلية للتصويت له؟ وعدد الذين كانوا أكثر قابلية للتصويت له ارتفع إلى أكثر من 60 في المئة، مما يعني أنهم مستعدون لتغيير موقفهم إذا تغيرت السياسة، وإذا نظرنا إلى التقاطعات هنا فإن النسبة الأكبر من أولئك الذين قالوا إنهم مستعدون لتغيير موقفهم جاءت من أولئك الذين قالوا إنهم لن يصوتوا على الإطلاق".
ويشير زغبي إلى أن "تصريحات هاريس حتى الآن، ولا سيما عقب اجتماعها برئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توحي بأنها قد تغيّر التوجه، فقد قالت أموراً لم يقلها بايدن إطلاقاً في شأن الفلسطينيين وحقهم في تقرير مصيرهم ومعاناتهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل تقول شريدي إنه "في حين يبدو أن دعم الحزب الديمقراطي قد زاد بعد تنحي الرئيس بايدن، لكن كثيراً من الناخبين الأميركيين العرب لا تزال لديهم تحفظات في شأن نائبة الرئيس هاريس"، موضحة أن "دورها الحالي في إدارة بايدن وتصريحاتها الداعمة لإسرائيل، فضلاً عن قراراتها كمدعية عامة سابقة، جعل كثيراً من الناخبين يشعرون بأن التصويت لها يثير المخاوف نفسها التي أثارها التصويت لبايدن، لذا لم يحسم كثير من الناخبين الأميركيين العرب خيارهم أو لا يزالون غير ملتزمين".
وتشير شريدي إلى أن "كسب ثقة الناخبين مجدداً لن يكون بالأمر السهل، إذ يصر كثيرون على رغبتهم في رؤية أفعال من قبل الإدارة الديمقراطية الحالية بدلاً من الوعود في شأن ما سيحصل في المستقبل بعد تصويتهم".
وبينما تظهر الأرقام تراجع تأييد الناخبين العرب للديمقراطيين، تقول شريدي إنهم "يفضلون هاريس على ترمب بشكل عام، لكن أياً من المرشحين لا يحظى بدعم العرب، ويشعر الأميركيون العرب أن هاريس تحاول جذبهم لتأمين الأصوات، لكن تصريحاتها في شأن غزة وإسرائيل تتناقض مع بعضها بعضاً وتحتاج إلى أفعال تدعمها كي تعتبر صادقة، فترمب من جهته أدلى بتصريحات معادية للمسلمين والعرب والفلسطينيين علناً، ولذا يحظى المرشحون المستقلون والأصوات غير المحسومة بتفوق قوي عندما يتعلق الأمر بدعم الأميركيين العرب وجذبهم".
ويبقى السبب الرئيس وراء هذا الامتعاض الكبير من الديمقراطيين لدى العرب حرب غزة، ويقول زغبي "أمارس هذا العمل منذ نحو 50 عاماً تقريباً ولا أعتقد أنني سبق أن رأيت قضية في الشرق الأوسط أو قضية خارجية تستحوذ على اهتمام الناس بالقدر الذي استحوذته الحرب في غزة، ولا حتى حرب العراق، ولا أعني اهتمام العرب فقط، بل الشباب ولا سيما السود والآسيويين واليهود التقدميين، إنها إبادة يرونها تحصل في الواقع وقد صدمتهم".
مساعي استمالة العرب
وفي ضوء المنافسة المحتدمة والتأثير الذي قد يشكله الأميركيون العرب في الولايات الحاسمة، يعمل المرشحون على استقطاب الناخبين العرب كل على طريقته، فترمب مثلاً يستعين برجل الأعمال ذي الأصول اللبنانية مسعد بولس، وهو والد مايكل بولس زوج ابنة ترمب الصغرى تيفاني، إذ يقود هذا الرجل جهوداً لحشد الدعم للمرشح الجمهوري في أوساط العرب.
هاريس من جهتها كثفت الاتصالات بالجاليات العربية منذ دخولها السباق الرئاسي، وقال زغبي إن "حملتها بدأت التواصل معنا أكثر مما فعلته إدارة بايدن على مدى ثلاث أعوام ونصف العام، وقد اتصلوا بنا وتحدثوا معنا حول ما يمكن أن يقوموا به، وإذا كان من الممكن أن يعقدوا اجتماعات مع المجموعات العربية".
أما في ما يتعلق بقرار بايدن تأجيل الترحيل القسري للبنانيين 18 شهراً بسبب الوضع في لبنان والمواجهات بين إسرائيل و"حزب الله" في الجنوب، فيستبعد كل من زغبي وجبيلي ارتباط الأمر بالانتخابات أو السعي إلى استمالة أصوات اللبنانيين.
وفي هذا السياق يقول جبيلي إن "القرار يطاول نحو 11500 لبناني موجودين في الولايات المتحدة، انتهت أو ستنتهي مدة تأشيراتهم، إن كان للسياحة أو العمل أو الدراسة، وبالتالي بات بإمكانهم بفعل قرار بايدن البقاء في البلاد 18 شهراً إضافياً يحق لهم العمل خلالها، لكن لا علاقة لذلك بالتجنيس أو الإقامة الدائمة".
ويوضح أن هذا الإجراء الذي قليلاً ما يمنح ويتخذه الرئيس الأميركي، يقارن بـ "حال الحماية الموقتة التي يمنحها وزير الأمن القومي لأشخاص موجودين في الولايات المتحدة ويواجهون خطراً محدداً إذا عادوا لبلادهم، بسبب الصراعات فيها أو الحروب أو الكوارث، وبالتالي يكونون محميين بوجودهم داخل الولايات المتحدة وغير مجبرين على العودة لبلادهم"، مشيراً إلى أن هذه الحماية ممنوحة الآن لمواطني عدد من الدول مثل أفغانستان والسودان والصومال وإثيوبيا.
ويعتقد جبيلي أن بايدن تجاوز وزير الأمن القومي الذي رفض سابقاً منح اللبنانيين حال الحماية الموقتة، واتخذ من جانبه قرار تأجيل الترحيل القسري لأنه يتفهم للوضع اللبناني ويتابعه عبر موفده الخاص إلى لبنان آموس هوكشتاين.
وفي خلاصة القول يبقى تأثير الناخبين الأميركيين العرب في الانتخابات الرئاسية الأميركية متواضعاً، لكنه قد يكون مؤثراً في الولايات المتأرجحة، أما تطورات الشرق الأوسط فتنعكس جداً على قرارات الناخبين العرب وحتى المسلمين عموماً في الولايات المتحدة الذين سيختارون مرشحهم تبعاً للمواقف التي يتخذها كل من ترمب وهاريس إزاء المنطقة، علماً أنه بات جلياً أن دعمهما المطلق لإسرائيل سيخسرهم أصواتاً عربية.