Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الفاشر" تشتعل أرضا وجوا ومفاوضات جنيف تتباعد

مسؤول سوداني يؤكد انتهاء مشاورات جدة دون اتفاق ومعارك بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة بما فيها الطيران

وقعت اشتباكات عنيفة مباشرة بين الطرفين في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة الفاشر (أ ف ب)

ملخص

يرى بعض المراقبين أنه مع اقتراب جولة مفاوضات جنيف يسعى كل طرف إلى تعزيز موقفه العسكري على الأرض، ومن الواضح أن قوات "الدعم السريع" كانت تخطط وما زالت لإسقاط مدينة الفاشر واصطحابها ضمن أوراق ضغطها قبل بدء المفاوضات المنتظرة.

قال رئيس وفد حكومة السودان محمد بشير أبو نمو في بيان اليوم الأحد إن الاجتماعات التشاورية مع الولايات المتحدة في مدينة جدة السعودية انتهت من دون التوصل إلى اتفاق على مشاركة وفد حكومي سوداني في محادثات مقررة في جنيف يوم الـ14 من أغسطس (آب) الجاري.

وتوجه وفد من الحكومة السودانية أول من أمس الجمعة إلى جدة للتشاور مع الولايات المتحدة في شأن دعوتها إلى المحادثات لإنهاء الحرب المستمرة منذ 15 شهراً بين القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع".

وفي الوقت الذي تتكثف فيه التحركات الدولية والإقليمية إلى جانب القوى السياسية المدنية المنادية بإنهاء الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" من أجل إنجاح مفاوضات جنيف في الـ14 من أغسطس (آب) الحالي، شهدت الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور والإقليم أمس السبت معارك شرسة وصفت بالأعنف منذ اندلاع القتال بالمدينة قبل خمسة أشهر.

وأوضحت مصادر محلية أن الاشتباكات العنيفة اندلعت منذ الخامسة فجراً، شمال شرقي المدينة، استخدم فيها الطرفان جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة بما فيها سلاح الطيران.

أشارت المصادر إلى تدخل الطيران الحربي للجيش بشن سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مواقع قوات "الدعم السريع" جنوب شرقي مدينة الفاشر، كما وقعت اشتباكات عنيفة مباشرة بين الطرفين الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة.

طبقاً للمصادر نفسها، شنت قوات "الدعم السريع" هجوماً مدفعياً مكثفاً على محيط للفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش، وعدد من أحياء وسط وجنوب وغرب المدينة، كما قصفت كذلك عدداً من المواقع بمعسكر أبوشوك للنازحين شمال المدينة.

صراع التقدم

من جانبه، أعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبدالله "أن قوات الجيش سحقت أمس السبت هجوماً كبيراً من قبل ميليشيات آل دقلو الإرهابية على مدينة الفاشر وكبدتها خسائر كبيرة".

في المقابل، ‏قال مستشار قائد قوات "الدعم السريع" عمران عبدالله إنه استناداً إلى مصادر ميدانية فإن قواتهم أحرزت تقدماً كبيراً في العمليات العسكرية وإن الفاشر على وشك التحرير الكامل وإن الساعات القادمة حبلى بالمفاجآت، وفقاً لتعبيره.

بدوره، قال حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، في منشور على صفحته بمنصة "فيسبوك"، "الفاشر تقهر (جزاري) المدنيين، والهزائم تتلاحق على ميليشيات ’الدعم السريع‘، قتلة الأطفال والنساء، ‏يجب أن نفرق بين الحرب والانتهاكات".

كما ذكر بيان للقوات المشتركة أنها دحرت قوات "الدعم السريع" وكبدتها خسائر بشرية ومادية فادحة وطاردتها خارج المدينة، بعد معارك عنيفة جنوب وشمال شرقي المدينة. وقالت إنها "تتقدم بثبات في دحر العدو من ميليشيات الجنجويد، إذ تمكنت من تكبيده خسائر فادحة".

حراك متسارع

في الأثناء تتسارع التحركات الدولية والإقليمية الرامية إلى إنجاح مفاوضات جنيف لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب بالسودان المتوقع انطلاقها الأربعاء المقبل الـ14 من أغسطس الجاري التي دعت إليها الولايات المتحدة الأميركية.

في هذا الوقت تنعقد بمدينة جدة السعودية اجتماعات ومشاورات بين وفد من الحكومة السودانية برئاسة وزير المعادن محمد بشير عبدالله أبو نمو، لاستجلاء بعض النقاط والإيضاحات في شأن طبيعة وأجندة دعوة الولايات المتحدة لها للمشاركة بمفاوضات جنيف.

تزامناً مع مشاورات جدة انطلقت أمس السبت جولة ثانية من الاجتماعات التشاورية التي ينظمها الاتحاد الأفريقي ومنظمة (إيغاد) بالعاصمة الإثيوبية ‎أديس أبابا، تضم قوى سياسية سودانية رئيسة على رأسها تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، والحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال، وحركة جيش تحرير السودان، وحزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل)، والحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، وحزب المؤتمر الشعبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتهدف المشاورات للوصول إلى حوار سياسي سوداني يسهم في إنهاء الحرب وبناء سلام مستدام، عبر مخاطبة القضايا الرئيسة وأسباب الحروب، لمناقشة مسار العملية السياسية لحل الأزمة وترتيبات قضايا الحكم والفترة الانتقالية ما بعد وقف الحرب.

وتعد الفاشر المركز الإنساني الأساس الذي يسيطر عليه الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه، وتمثل خسارتها خطراً على توفير الإمدادات الإغاثية والغذائية لسكان الإقليم المقدر عددهم بنحو 5 ملايين نسمة، فضلاً عن أن سقوطها يشكل ضربة كبيرة للجيش والحكومة كونها حلقة وصل بين مدن شمال السودان وإقليم دارفور.

تصعيد وتعزيز

يرى المراقب العسكري إسماعيل يوسف أنه مع اقتراب جولة مفاوضات جنيف يسعى كل طرف إلى تعزيز موقفه العسكري على الأرض، ومن الواضح أن قوات "الدعم السريع" كانت تخطط وما زالت لإسقاط مدينة الفاشر واصطحابها ضمن أوراق ضغطها قبل بدء المفاوضات المنتظرة.

وقال يوسف إن هجوم قوات "الدعم السريع" العنيف على الفاشر الذي حشدت قوات ضخمة واستهدفت عمق المدينة من أربعة محاور، يؤكد إصرارها العنيد على بسط كامل سيطرتها على إقليم دارفور، متوقعاً أن يستمر تصعيدها لهجماتها على العديد من مواقع الجيش والمواقع المدنية خلال الفترة القليلة المقبلة مع اقتراب موعد المفاوضات.

يعتقد أن التحركات والضغوط الدولية والإقليمية والمحلية لإنهاء الحرب من شأنها أن تسهم في إنجاح مفاوضات جنيف التي يترقبها الشعب السوداني بكل لهفة لوضع حد لمعاناته المتطاولة في النزوح والتشرد والموت والجوع الذي يحاصره من كل جانب.

تدهور إنساني

ومع اقتراب القتال على الفاشر من دخول شهره الخامس ترزح المدينة تحت دوامة من العنف والرعب والمواجهات الدامية والقصف العشوائي الذي أودى بحياة أكثر من 200 من المدنيين، بحسب الحكومة السودانية، وفرار أكثر من 145 ألفاً من السكان من منازلهم إلى القرى والبلدات المجاورة في ظروف قاسية وخطرة، وفق الأمم المتحدة.

وتصف الأمم المتحدة الأوضاع الإنسانية بالفاشر بأنها كارثية، قبل أن تعلن حدوث المجاعة بمعسكر (زمزم) جنوب المدينة التي تضم نحو نصف مليون نازح.

تجاهل التحذيرات

وعلى رغم التحذيرات والنداءات الدولية المتكررة لـ"الدعم السريع" برفع حصاره عن مدينة الفاشر وعدم اجتياحها لأسباب إنسانية، فإنها تبدي إصراراً كبيراً على سيطرتها عليها في وجود مئات الآلاف من السكان العالقين وسط المعارك بلا إمدادات.

وفي منتصف يونيو (حزيران) الماضي، أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً يطالب قوات "الدعم السريع" بإنهاء حصارها على المدينة، لتجنيب مئات آلاف المدنيين الخطر.

ومنذ الأشهر الأولى لاندلاع الحرب منتصف أبريل (نيسان) العام الماضي، تمكنت قوات "الدعم السريع" من إسقاط الحاميات العسكرية للجيش في أربع من عواصم ولايات دارفور الخمس هي نيالا (جنوب دارفور)، والجنينة (غرب دارفور)، والضعين (شرق دارفور)، وزالنجي (وسط دارفور) وبسطت سيطرتها عليها، وتسعى حثيثاً إلى السيطرة على الفاشر لاستكمال نفوذها في كامل إقليم دارفور.

وانفجر القتال بالفاشر عندما أعلنت مجموعة من الحركات المسلحة بدارفور تخليها عن وضعية الحياد في الحرب وانضمامها للقتال ضمن صفوف الجيش بكل محاور القتال بالبلاد، بعد وصفها "قوات الدعم السريع" بأنها ميليشيات متمردة تمارس القتل الجماعي والعرقي ضد المدنيين وتنتهك كل حرماتهم.

وقبل نحو ستة أشهر أعلنت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا مسار دارفور، إنهاء حالة الحياد والقتال مع الجيش ضد "الدعم السريع" في كل الجبهات، احتجاجاً على "انتهاكات قوات الدعم وممارساتها ضد الوطن والمواطن والجرائم ضد الإنسانية"، مشددة على تمسكها بوحدة السودان ورفضها "الأجندة الجارية لتفكيك السودان".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات