Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما سبب استهداف إيلون ماسك للملياردير الروسي مؤسس "تيليغرام"؟

يرفض بافل دوروف بشدة فرض الرقابة على منصة المراسلة التي أنشأها، حتى لو استخدمها مثيرو الشغب من اليمين المتطرف أو حتى الإرهابيون

شريك تأسيس منصة "تيليغرام" ورئيسها التنفيذي بافل دوروف يتحدث خلال مؤتمر "تيك كرانش ديسرابت" TechCrunch Disrupt  في سان فرانسيسكو، 2015 (غيتي)

ملخص

قد يكون النجاح المتسارع لتطبيق "تيليغرام" هو ما يدفع إيلون ماسك الذي يتابعه 193 مليون شخص على "إكس"، إلى الترويج شخصياً، بكثير من الفاعلية، لمنصته الخاصة.

هل يشعر إيلون ماسك بالتهديد؟. في الآونة الأخيرة، كانت هناك تكهنات كثيرة حول الدوافع الشخصية وراء تصرفات الملياردير والمبتكر التكنولوجي. لماذا يدعم شخص ذكي للغاية حثالة اليمين المتطرف وزعيمهم تومي روبنسون؟. في أفضل الأحوال، قد يكون هذا الأمر مثيراً للاستقطاب ومن شأنه أن يؤدي إلى تنفير كثير من عملائه، بما في ذلك ربما عملاء سيارات "تيسلا" التي يملكها.

ويتبادر إلى الأذهان سؤال محوري عن السبب الذي دفعه فجأة إلى معارضة حكومة السير كير ستارمر، خصوصاً أن نهج حزب المحافظين في التعامل مع الأزمات لم يكُن ليختلف بصورة جوهرية عن نهج حزب العمال لو كان في السلطة. ومع ذلك، شهدنا انقلاباً من ماسك على ستارمر، متجلياً في انتقادات وجهها له شخصياً في بعض الأحيان، مما أثار موجة من التساؤلات حول دوافع ماسك وسلوكه.

وربما يتمثل أحد الاحتمالات في أنه يدافع عن حرية التعبير. وبصفته مالك منصة "إكس"، فهو يعبر عن قلقه من أية قيود محتملة قد يفرضها ستارمر من خلال مشروع "قانون سلامة الإنترنت" البريطاني Online Safety Bill.

ومما لا شك فيه أنه (أي ماسك) يتحدى ما يراه تهديداً لحرية التعبير التي تفرضها التدابير ضد وسائل التواصل الاجتماعي.

بيد أن هذا التحليل يكتسب مزيداً من الوضوح إذا أخذنا في الحسبان المنافسة المتصاعدة التي يواجهها تطبيق "إكس" من منصة يصعب على السلطات التأثير فيها. وبالفعل، قد يكون النجاح المتسارع لتطبيق "تيليغرام" هو ما يدفع إيلون ماسك الذي يتابعه 193 مليون شخص على "إكس"، إلى الترويج شخصياً، بكثير من الفاعلية، لمنصته الخاصة.

وعلى ضوء منشورات ماسك وإعادة قبول روبنسون على منصة "إكس"، قد يتبادر إلى الذهن أن هذه الشبكة الاجتماعية هي الخيار المفضل لدى منظمي الاضطرابات المعادية للمهاجرين. بيد أن هذا التصور لا يعكس الواقع بدقة، إذ إن الشبكة التي تتسم بهذه الصفة فعلياً هي تطبيق "تيليغرام" المشفر الذي يضم نحو 550 مليون مستخدم.

ولا شك في أن "تيليغرام" يتفوق على "إكس" في مزاعم حرية التعبير. فصحيح أن هذا التطبيق صُمم أساساً كشبكة تواصل اجتماعي، إلا أنه بُني على أسس تعزيز حرية التعبير، وأُطلق كأداة مقاومة للرقابة المتزايدة في بلد منشأ مؤسسيه، روسيا.

ومنذ ذلك الحين، شهدت المنصة تحولاً ملحوظاً، فأصبحت غرفة دردشة غير خاضعة للرقابة، وأصبحت شائعة خصوصاً بين عشاق العملات المشفرة... وفي 2017، أطلقت منصة "تيليغرام" تطبيق blockchain الخاص بها اسمه "تون" TON. وتزامن مع هذا الإطلاق بيع غير خاضع للرقابة لعملات رقمية بلغت قيمتها 1.7 مليار دولار، مما أثار اهتمام السلطات التنظيمية والمالية وأدى إلى استيائها، حتى إن "هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية" أصدرت عام 2019، أمراً لـ "تيليغرام" بضرورة إعادة الأموال، وفرضت عليها غرامة قدرها 21 مليون دولار.

في سياق متصل، أثار استخدام مثيري الشغب للمنصة في الآونة الأخيرة استنكاراً واسعاً. فبعد حظر روبنسون (واسمه الحقيقي ستيفن ياكسلي-لينون) من منصة "إكس"، انتقل إلى تطبيق "تيليغرام" كبديل. ولعل شعبيته المتزايدة هناك هي السبب وراء إعادة ماسك النظر في قرار الحظر الذي اتخذه في حقه.

 

وللتذكير، تجسد منصة "تيليغرام" ثمرة تعاون بين الأخوين المليارديرين بافل ونيكولاي دوروف عام 2013. وكان بافل أسس في 2006 شبكة اجتماعية روسية بديلة لـ"فيسبوك" تُدعى "فكونتاكتي" VKontakte. ومع تزايد حجم شبكة "فكونتاكتي" ونمو عدد مستخدميها، قرر هذا الأخير مواجهة محاولات الرئيس فلاديمير بوتين لقمع المعارضة على الإنترنت.

وبعد عملية تطهير نفذها بوتين نتيجة ذلك، فقد بافل سيطرته على شبكة "فكونتاكتي"، ثم هرب من البلاد وأطلق تطبيق "تيليغرام" من مقر آمن في برلين. واليوم، تعتبر جزر فيرجن البريطانية المقر الرسمي للشركة، لكن العمليات اليومية تُدار من دبي، حيث حصل بافل على الجنسية الإماراتية. ووفق تقديرات "فوربس"، تتجاوز ثروته الصافية اليوم 15 مليار دولار.

وفي جوهرها، بدأت المنصة كتطبيق للمراسلة الفورية، على غرار "فيسبوك مسنجر" و"واتساب". ومع ذلك، تحولت اليوم إلى شبكة تواصل اجتماعي متكاملة تحوي مجموعات مستخدمين خاصة بها. ومن أبرز سماتها الحجم الكبير لهذه المجموعات، إذ يمكن للمستخدمين الانضمام إلى مجموعات قد يصل عدد أعضائها إلى 200000 شخص، وإطلاق منشورات "بث حي" broadcasts يمكن للآخرين متابعتها والتعليق عليها.

ويعتبر المستخدمون أن أبرز ميزات تطبيق "تيليغرام" تكمن في بقائه بعيداً من الرقابة وكونه خفياً - إلا عن مستخدميه. وإلى جانب قنوات التطبيق، بإمكان المستخدمين أيضاً الاستفادة من خدمة مراسلة أسرع وأكثر شمولاً من تلك التي يوفرها تطبيق "واتساب".

ويشار إلى أنه خلال أعمال الشغب، أصبحت مجموعات ظل مشبوهة، مثل "يونيتي نيوز نتوورك" Unity News Network و"باتريوتيك ألترناتيف" Patriotic Alternative و"ساوثبورت ويكاب" Southport Wake Up، منابر محورية للنقاش وقنوات رئيسة لنشر المعلومات بين المؤمنين بنظريات المؤامرة. وفي هذا السياق، تقوم جمعية الدعم (الأمل بدلاً من الكراهية) "هوب نوت هايت" Hope Not Hate بمراقبة هذه المجموعات. وأوضح مدير الجمعية، جو مولهول، أن "أي مستخدم قد ينشر تصريحات مثل: ‘نوتينغهام تنتفض وسنكون حاضرين عند الثالثة من بعد ظهر يوم السبت’، من دون أن تكون لدينا أدنى فكرة عن مصدر هذه التصريحات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالنظر إلى الطابع السري والخاص لتطبيق "تيليغرام"، تبرز صعوبة في ممارسة أي صورة من صور الرقابة عليه. فالحال أن مجموعة دردشة واحدة ربما تضم نحو 100000 مستخدم، ومن الممكن أن يتضمن المحتوى الموجود فيها ما قد يُعتبر عدائياً، لكنه لا يمكن لأي كان الاطلاع عليه من الخارج لأن المجموعة مغلقة وخاصة وليست متاحة للعموم.

وحتى في هذه الحالة، يُستبعد أن يتجاوب دوروف مع أية شكوى. فعلى سبيل المثال، كان تنظيم "الدولة الإسلامية" يستخدم "تيليغرام"، لكن دوروف لم يحرك ساكناً لمنع ذلك، متشبثاً بإيمانه بأن "حقنا في الخصوصية يعتبر أهم من خوفنا من حصول أي مكروه، كارتكاب عمل إرهابي".

وخلافاً لتطبيق المراسلة "سيغنال" Signal، لا يوفر تطبيق "تيليغرام" تشفيراً كاملاً وافتراضياً من طرف إلى طرف، مما يجعله عرضة لمراقبة السلطات. ومع ذلك، يتيح للمستخدمين الاستفادة من ميزة "الدردشة السرية" التي توفر مستوى عالياً من الأمان والخصوصية.

في الختام، لا شك في أن مواجهة تطبيق "تيليغرام" وإغلاق مجموعاته ستكون مهمة شاقة. فقد صُمم "تيليغرام" ليكون أداة لتعزيز حرية التعبير، ومنصة بديلة تتميز بطابعها غير الشفاف. ومن ثم، فإن صاحب التطبيق لا يبدي أي اهتمام بالتقيد بالمواقف السياسية لأرباح ماسك، ويضع حرية التعبير فوق أي اعتبار آخر. وحتى لو لم يكن التطبيق مصمماً لتنسيق أعمال الشغب والانتهاكات، فإن السرد التاريخي للأحداث يظل خالياً من التفاصيل التي توضح لنا حقيقة ما يحدث.

© The Independent

المزيد من تقارير