Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استقبال حماد في مصر... دعم لحكومة الشرق الليبي أم حسابات اقتصادية؟

مسؤولون يؤكدون أن "القاهرة ستقود تحالفات إقليمية لعزل الدبيبة سياسياً"

 أسامة حماد يستقبل في بنغازي وزير خارجية الكونغو ووفداً من الاتحاد الأفريقي (الوكالة الليبية للأنباء- وال)

ملخص

الخطوة المصرية تجاه حكومة حماد جاءت لفك العزلة عن حكومة الشرق الليبي، مؤكداً أنها "ستفتح شهية بقية الدول للاعتراف بهذه الحكومة تدريجاً، بخاصة أن الدبيبة بدأ يفقد سيطرة في الغرب الليبي الذي شهد اشتباكات مسلحة في الأيام القليلة الماضية

اعتبر دبلوماسيون أن استقبال مصر رئيس الحكومة المكلّفة من مجلس النواب في فبراير (شباط) 2022 أسامة حمّاد، تبعه توجه دول أخرى نحو القطب الشرقي الليبي، إذ استقبل حمّاد عقب عودته من مصر الإثنين وزير خارجية الكونغو جان كلود جاكوسو ووفداً من الاتحاد الأفريقي لبحث "استئناف محادثات المصالحة الوطنية تمهيداً لعقد مؤتمر المصالحة في الفترة المقبلة".

حرب كلامية

وقد أثار استقبال مصر لحماد حفيظة حكومة "الوحدة الوطنية" برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وقد سارعت وزارة خارجيتها مساء الأحد لإصدار بيان وصفت فيه الخطوة المصرية بـ"الخروج عن وحدة الموقف الدولي الرافض لعودة البلاد إلى حالة الانقسام والحرب"، معتبرة أنها تتنافى "والدور المصري والعربي والإقليمي المنتظر في دعم وحدة ليبيا واستقرارها".

واحتجاجاً على الدعم الرسمي المصري لحكومة الشرق، طلبت حكومة "الوحدة الوطنية" من مسؤولين في الاستخبارات المصرية يعملون ضمن كادر السفارة المصرية في طرابلس، مغادرة الأراضي الليبية بشكل فوري، فيما تحدثت تسريبات إعلامية عن تسليم حكومة الدبيبة مذكرة احتجاج رسمية للسفير المصري بطرابلس.

واستنكر رئيس مجلس النواب الليبي الذي يتخذ من الشرق مقراً له، عقيلة صالح، طلب حكومة "الوحدة الوطنية" مغادرة استخباراتيين في السفارة المصرية بطرابلس، الأراضي الليبية، واعتبر عقيلة أن "ما صدر من تصرفات غير مسؤولة من الحكومة منتهية الولاية ضد جمهورية مصر لا تمثل الشعب الليبي لما تربطه من علاقات لن تعكر صفوها أي محاولات خلافات". ولم ترد الخارجية المصرية على اعتراض الدبيبة حتى اللحظة، وجاءت زيارة حماد إلى مصر والتي تعد أول زيارة رسمية دولية، مباشرة بعد إغلاق حقل الشرارة النفطي جنوب البلد وانتشار قوات حفتر الجناح العسكري لحكومته على طول الشريط الحدودي للجنوب الغربي مع الجزائر.

فك العزلة

وقال الباحث الاستراتيجي محمد أمطيريد إن الخطوة المصرية تجاه حكومة حماد جاءت لفك العزلة عن حكومة الشرق الليبي، مؤكداً أنها "ستفتح شهية بقية الدول للاعتراف بهذه الحكومة تدريجاً، بخاصة أن الدبيبة بدأ يفقد السيطرة في الغرب الليبي الذي شهد اشتباكات مسلحة في الأيام القليلة الماضية، إضافة إلى الانقسام السياسي داخل أروقة مجلس الدولة الاستشاري حيث نجد رئيسين للمجلس داخل المجلس نفسه (محمد تكالة وخالد المشري بسبب رفض تكالة قبول نتائج الانتخابات).

وأوضح أمطيريد  لـ"اندبندنت عربية" أن الدعم المصري لحماد جاء مدفوعاً بتفاهمات دولية تقودها الولايات المتحدة في ظل تقارب تركي - مصري حول الملف الليبي، إذ نلاحظ أن استقبال رئيس حكومة مصر لحكومة حماد جاء مباشرة بعد أسبوع من زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مصر والعريش والعلمين والقاهرة، واستقبال خارجية تركيا نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي رئيس صندوق الإعمار بلقاسم حفتر (نجل قائد القوات المسلحة خليفة حفتر)، معتبراً أن "استقبال مصر لحكومة حماد أول الانتصارات الدولية لحكومة الشرق نظراً للثقل المحوري لدولة مصر في المنطقة".

هدف اقتصادي

وأكد أن مصر تعاني من وضع اقتصادي صعب دفعها للتضحية بالدبيبة سياسياً مقابل حصولها على المزيد من عقود الإعمار لمصلحة الشركات المصرية العاملة بالمناطق المتضررة بالشرق الليبي جراء عاصفة "دانيال" التي ضربت ليبيا أواخر عام 2023.

وأكد الباحث الاستراتيجي أن التغيرات الحاصلة في طرابلس (اشتباكات أمنية وانقسامات سياسية داخل مجلس الدولة) ستزيد من تعميق فقدان الدبيبة للدعم الدولي من قبل العديد من الدول مستقبلاً، فالمجتمع الدولي يريد التوجه نحو حكومة جديدة وحكومة حماد تحظى بتوافقات، بخاصة أن صندوق الإعمار السيادي شريكها الاقتصادي، وهو من فتح الباب لعديد الدول للفوز بعقود إعادة الإعمار في الشرق الليبي والدول تبحث عن مصالحها، وهذا أمر منطقي يأتي من باب التغيير السياسي الذي تبحث فيه الدول عن تحقيق توسع خارجي، قائلاً إن حكومة حماد استشفت هذا الأمر وعملت على  استغلاله صحبة صندوق الإعمار الذي يترأسه نجل حفتر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعم مرحلي

وأوضح الكاتب السياسي المصري علاء فاروق أن استقبال حكومة حماد في مصر بشكل رسمي من الحكومة المصرية لا يصب في خانة الاعتراف الرسمي بها، بل هو مجرد دعم مرحلي هدفه اقتصادي بالأساس، يرنو إلى زيادة حصة الشركات المصرية المساهمة في إعادة إعمار ليبيا من أربعة مليارات دولار إلى الضعفين لمنافسة الشركات الصينية والتركية التي بدأت تستحوذ على مشروعات الإعمار في الشرق الليبي، بخاصة المدن التي دمرها إعصار "دانيال"، ونوه الكاتب المصري إلى أن مصر تتوجه نحو الشرق بحكم أن الغرب الليبي أصبح منطقة غير آمنة للاستثمار، ووجود الشركات المصرية هناك مهدد بسبب المجموعات المسلحة.

قرار دولي

وحول ما إذا كان قرار مصر مدعوماً دولياً أم لا، أكد المتحدث ذاته  أن القاهرة تلقت الضوء الأخضر من قبل قوى إقليمية، حيث لا يمكن لها أن تتخذ خطوة كهذه بصفة فردية، قائلاً إن القرار المصري جاء بدعم من تركيا باعتبارها دولة فاعلة في الشرق والغرب الليبي، مرجحاً أن تكون الخطوة أيضاً مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأميركية من أجل تحريك الانسداد السياسي والضغط على حكومة "الوحدة الوطنية" لمحاصرتها إقليمياً ودولياً من أجل الرضوخ  للقبول بحكومة جديدة، لأن حكومة الدبيبة تجاوزت مهلتها المحددة بإجراء انتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، من دون وضع أي رؤية سياسية، بالتالي بدأ المجتمع الدولي يتململ منها، لافتاً إلى أن الخطوة المصرية جاءت كخطوة دولية لفك الارتباط مع حكومة الدبيبة مقابل فتح الآفاق السياسية أمام حكومة حماد.

رد "غير مدروس"

وعن كيفية تعامل مصر مع قرار طرد الدبيبة لمسؤولين بالاستخبارات في السفارة المصرية بطرابلس، أكد فاروق أنه قرار مرفوض دبلوماسياً ووصفه بـ"الرد غير المدروس"، وقال إن الدبيبة بالغ في رد فعله، باعتبار أن حكومة حماد مكلفة من البرلمان وسبق لها والتقت بعدد من سفراء الدول الكبرى على غرار فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وغيرها، بل إن الرئيس السابق للبعثة الأممية في ليبيا عبد الله باتيلي سبق أن وصف حكومة حماد بالحكومة الليبية ولم يسجل أي احتجاج رسمي من قبل حكومة الدبيبة.

وتوقع أن تحصل حكومة حماد على دعم رسمي تركي مباشرة بعد الدعم المصري.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات