Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبين اليمنية في قلب انتقام "القاعدة" مجددا

سقوط 36 جندياً بين قتيل وجريح في هجوم انتحاري استهدف معسكراً للجيش

قوات يمنية تتمركز في إحدى النقاط الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية (أ ف ب)

ملخص

تتهم الحكومة الشرعية في اليمن الحوثيين بالتنسيق مع "القاعدة" لشن عمليات ضدها. وشهدت عدن ومحافظات عدة واقعة تحت سيطرة الحكومة أحداثاً أمنية تخللتها عمليات اغتيال طاولت قادة عسكريين وسياسيين وإعلاميين من قبل مجهولين.

ما بين فترة وأخرى يعاود تنظيم "القاعدة" عملياته الدامية في اليمن ليضيف للمشهد السياسي الملتهب صوراً أخرى للدماء كاشفاً عن الحال الأمنية الصعبة التي باتت تتهدد البلاد واستقرارها.

وأعلنت السلطات الأمنية في اليمن، الجمعة، أن 16 جندياً قتلوا وأصيب أكثر من 20 شخصاً في تفجير انتحاري استهدف منطقة عسكرية في محافظة أبين (جنوب البلاد) تبناه تنظيم "القاعدة" في "جزيرة العرب"، وفق ما أعلنت عنه القيادة العسكرية اليمنية في اختراق جديد يأتي امتداداً لعمليات مماثلة سابقة.

وقال محمد النقيب المتحدث باسم المنطقة العسكرية الرابعة إن "هجوماً إرهابياً استهدف بسيارة مفخخة يقودها انتحاري ثكنة لقواتنا في مديرية مودية بمحافظة أبين".

وذكرت مصادر محلية بمحافظة أبين أن هجوماً انتحارياً بسيارة مفخخة استهدف مقر تموين اللواء الثالث دعم وإسناد الموالي للمجلس الانتقالي الجنوبي في مديرية مودية بمحافظة أبين. في حين قال مركز "سايت" المتخصص في رصد ما تبثه وسائل الإعلام المتشددة ومقره الولايات المتحدة، عن التنظيم قوله إن مهاجماً من تنظيم "القاعدة" "فجر سيارة مفخخة في الموقع العسكري".

أبين مرة أخرى

ولم تكن حادثة الجمعة هي الأولى من نوعها في منطقة أبين المحاذية للعاصمة الموقتة عدن، بل سبقتها سلسلة هجمات مماثلة راح ضحيتها عشرات الجنود التابعين للحكومة الشرعية اليمنية أو القوات الموالية لها.

ودائماً ما كانت محافظة أبين هي "ساحة الانتقام" المفضلة للتنظيم الذي سبق وسيطر عليها في عام 2012، قبل أن يجبره الجيش اليمني حينها على الانسحاب منها تالياً في عملية أشرف عليها الرئيس السابق عبدربه منصور هادي.

ومنذ اندلاع الحرب بفعل الانقلاب الحوثي في عام 2014 كثف تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب من هجماته التي تستهدف التجمعات والمنشآت العسكرية في أبين وعدن وشبوة وحضرموت وغيرها.

 

وعقب تحرير تلك المناطق من سيطرة جماعة الحوثي في عام 2015 شنت القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتبنى خيار فصل جنوب اليمن عن شماله، حملات عسكرية ناجحة ضد عناصر "القاعدة" وتنظيم "داعش" في جنوب البلاد وتمكنت من تحجيم تحركاته بصورة كبيرة.

وبات المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أسس عام 2017، ضمن مكون الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً و"مجلس القيادة الرئاسي" التي تتخذ من عدن الساحلية عاصمة موقتة بدلاً من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

مناطق الشرعية كالعادة

عملية أبين تعيد إلى الأذهان الهجمات المماثلة التي شهدتها المحافظة ذاتها، إضافة إلى محافظتي حضرموت وشبوة المجاورتين على مدى الأعوام الماضية بصورة متقطعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب مراقبين فإن عملية استهداف الشرعية اليمنية في عمقها ما هو إلا استغلال واضح لاستمرار الصراع منذ 10 سنوات بين جماعة الحوثي والحكومة اليمنية، وما آلت إليه المنظومة الأمنية في البلاد خصوصاً والشرعية تعاني تباينات حادة داخل صفوفها، نظراً إلى تعدد الولاءات وحال الصراع الخفية التي أضعفت منظومتها العسكرية والأمنية.

ومع ذلك تأخذ هذه الحوادث بعداً سياسياً في تحليل المراقبين الذين يثيرون تساؤلات متكررة عن سر إصرار تنظيم "القاعدة" على شن عملياته الدامية في مناطق الشرعية فقط، بينما تخلو مناطق الحوثي منها خصوصاً والتنظيم في بعده الديني والطائفي يناهض الجماعات الحوثية المحسوبة على التيار الفكري الشيعي، الذي يدعي محاربته وسط تهم تتردد على ألسنة المناوئين للحوثي بأنه ينسق مع التنظيم المتطرف لشن عمليات في عمق القوات الحكومية.

ووفقاً لذلك، تتهم الحكومة الشرعية الحوثيين بالتنسيق مع "القاعدة" لشن عمليات ضدها. فمنذ جمعها القوى المناهضة للمشروع الحوثي كافة، شهدت عدن وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة أحداثاً أمنية تخللتها عمليات اغتيال طاولت قادة عسكريين وسياسيين وإعلاميين من قبل مجهولين، فيما تتهم الشرعية جماعة الحوثي بالوقوف خلفها والتخادم مع "القاعدة" بهدف خلق حال من الفوضى في المناطق المحررة خدمة لمشروعها الإيراني باليمن في مقابل نفي حوثي.

وتؤكد الشرعية اليمنية استخدام الحوثيين التنظيم المتطرف ضد مناهضي مشروعهم، مثل توفير ملاذ آمن لتحركاتهم في البيضاء وشبوة وأبين، وإطلاق عناصره من سجون الاستخبارات في صنعاء الذين احتجزوا فيه قبل سيطرتهم عليها بعد الاتفاق على تنفيذ عمليات تستهدف الشرعية.

وكان وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك تحدث منتصف مايو (أيار) الماضي عن وجود "تقارير عدة للحكومة اليمنية توضح مدى التعاون والتنسيق بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية مثل ’القاعدة‘ و’داعش‘ في عمليات الاغتيالات والاختطاف وغيرها من الأعمال الإرهابية".

وتساءل حينها، "لماذا تحدث جميع الأعمال الإرهابية في المناطق المحررة فقط، لا في المناطق الخاضعة للانقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني؟".

وتساءل الكاتب السياسي خالد سلمان "عندما تتعطل أحزمتها الناسفة ومفخخاتها في صنعاء وحيث أماكن سيطرة الحوثي، وفي مناطق الإخوان، حينها تعلم جيداً هذه ليست ’القاعدة‘، وإن ارتدت لباسها، ما يحدث هو صراع سياسي بلغة ورائحة البارود، يرمي بثقله وحمولته جنوباً".

التباين واختراق جديد

ويمكن تفسير هذا الاختراق الأمني الذي تكرر بالنظر إلى تعدد التشكيلات العسكرية وتقاسم مناطق النفوذ والسيطرة، في حين تأتمر كل جهة بغرفة عمليات مستقلة عن الأخرى مما أحدث ثغرات أمنية فادحة ينفذ منها التنظيم بين حين وآخر، كما هي الحال بعملية أمس.

وخلال اتصالات سابقة أجرتها "اندبندنت عربية" بالجهات العسكرية في تلك المناطق لمعرفة تفاصيل تلك الحوادث، كان كل فصيل ينفي وقوعها في نطاق اختصاصه ويحيلها إلى جهة أخرى من دون الوصول إلى الجهة المخولة بالتصريح، وهو ما يكشف تعدد قنوات المسؤولية وتباينها أحياناً في ظل عدم تمكن مجلس القيادة الرئاسي حتى الآن من فرض واقع يمكنه من حصر القوة في سيادة الدولة وأجهزتها المختصة.

تعدد الولاءات

ويقول مصدر محلي في محافظة أبين إن تعدد الولاءات العسكرية والأمنية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية أتاح لـ"التنظيمات الإرهابية" شن هذه الهجمات التي تكشف عن هفوات استخباراتية وأمنية مخلة تعانيها الأجهزة الحكومية.

وأكد أن هذه الحوادث تثير مخاوف أمنية لا يستبعد تكرار مثلها  إلى مستوى قد يهيئ لانهيار المنظومة الأمنية في مناطق الشرعية، خصوصاً والبلد يغرق بأكثر من 80 مليون قطعة سلاح مع انشغال قيادة الدولة بالصراع السياسي مع حال التباين التي تنشأ داخلها.

هذه الحال بحسب المصدر "أخرت جملة الإجراءات المتعلقة بتوحيد مؤسستي الجيش والأمن، خصوصاً أن في الشرعية من يعتبر أن هذه الضربات تستهدف في المقام الأول خلط الأوراق أمام مجلس القيادة الرئاسي، لمنع توجهه عسكرياً إلى مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي التي تحكم قبضتها الأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها نتيجة توحد جهازها الأمني وتخادمها مع تنظيم ’القاعدة‘ لتنفيذ أجندات مشتركة".

ولعل أشهر هجوم لـ"القاعدة" في اليمن كان ذلك الذي استهدف المدمرة الأميركية "يو أس أس كول" عام 2000 في ميناء عدن، وأدى إلى مقتل 17 من أفراد طاقمها وجرح 39، وأعلن التنظيم في ما بعد مسؤوليته عن الهجوم.

المزيد من تقارير