ملخص
هناك وعود اقتصادية بتحقيق نسبة نمو تزيد على 4.2 في المئة وناتج محلي إجمالي يصل إلى 400 مليار دولار في عام 2027، وبلوغ قيمة الصادرات غير المحروقات 7 مليارات دولار، واحتياطات العملة الأجنبية 70 مليار دولار، وجلب أكثر من 100 مستثمر أجنبي.
تتواصل الحملة الانتخابية لرئاسيات السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل في الجزائر، وتستمر العروض التي يقدمها المرشحون الثلاثة عبدالمجيد تبون ويوسف أوشيش وعبدالعالي حساني، لاستقطاب الناخبين للتصويت على برامجهم، وعلى رغم اختلاف الشعارات فإن الإجماع حول عدد من الملفات سيطر على المشهد الانتخابي، وأهمها السكن والبطالة والأجور والقدرة الشرائية، ثم تقوية الاقتصاد والحفاظ على سيادة القرار خارجياً.
وضع ما بعد 2019
وتعتبر الأعوام التي تلت حراك 2019 أفضل من ناحية الاستقرار والإنجازات والأرقام الاقتصادية والاجتماعية المقدمة سواء داخلياً أو من منظمات دولية، مقارنة بالوضع خلال العهدتين الأخيرتين من حكم الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، نتيجة نظام ترك البلاد في حالة خراب، وأفرغ خزائن الدولة، وأوصل الاقتصاد إلى الاحتضار ودائرة واسعة من الفساد، ودبلوماسية مشلولة على رغم الجهود المبذولة والنتائج الإيجابية المحققة خلال العهدتين الأولى والثانية، بحسب سياسيين.
ولكن يتساءل الشارع في الجزائر حول مدى قدرة رئيس ما بعد السابع من سبتمبر المقبل على تلبية متطلبات الشعب والبلاد في ظل ما أنجز وما ينتظر، إذ هناك وعود اقتصادية بتحقيق نسبة نمو تزيد على 4.2 في المئة وناتج محلي إجمالي يصل إلى 400 مليار دولار في عام 2027، وبلوغ قيمة الصادرات غير المحروقات 7 مليارات دولار، واحتياطات العملة الأجنبية 70 مليار دولار، وجلب أكثر من 100 مستثمر أجنبي.
أما اجتماعياً فيعتبر رفع القدرة الشرائية أحد أهم التحديات التي تواجه الرئيس المقبل، في ظل ارتفاع الأسعار بصورة "جنونية" في بعض الأحيان وتراجع قيمة العملة المحلية "الدينار"، إضافة إلى استمرار أزمات السكن والمياه والشغل، وغيرها من المشكلات التي انخفضت حدتها إلا أنها تشغل بال المواطنين.
القدرة الشرائية والشغل والمياه
وفي السياق، قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية سلامة الصادق فرابي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "من بين التحديات الداخلية التي ستواجه الرئيس المنتخب ملفات تحسين القدرة الشرائية والشغل والسكن وتوافر مياه الشرب، هناك جهود كبيرة سمحت بتقليص حدة الأزمات لكن تبقى غير كافية أو بحاجة إلى مزيد من الصرامة في التنفيذ والمتابعة".
وفي ما يخص التحديات الخارجية، يواصل فرابي "إن الوضع الأمني بدول جوار الجزائر بخاصة ليبيا ومالي، يبقى من أبرز ما يقلق الرئيس المقبل، كذلك محاولة بعض القوات والدول خلق أزمات أمنية على الحدود، مما يزيد من مستويات التهديدات الإرهابية".
من جانبه، يقول القيادي في حزب "اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية" الحبيب لعليلي، في حديث مقتضب لـ"اندبندنت عربية"، إن التحديات الداخلية ترتكز حول وقف التضخم وتراجع القدرة الشرائية، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي، ورقمنة الإدارة، كما ينبغي تسليط الضوء على موضوع الهجرة غير الشرعية التي تزايدت هذا العام بصورة كبيرة، و"السبب بكل تأكيد ليس اقتصادياً".
وفي المجال الخارجي، شدد لعليلي على أن هناك محيطاً إقليمياً متفجراً في الجنوب بسبب الانقلابات العسكرية، فضلاً عن التوتر على الحدود الشرقية والغربية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ميثاق شرف؟
إلى ذلك، يرى الحقوقي حاج حنافي في تصريح خاص، أن "الشعب من خلال مسيرة الحراك قرر تخليص الجزائر، وسطَّر في الحقيقة ميثاق شرف لكل رئيس مستقبلي، لذا فإن التحدي الداخلي الأول حسب رأيي هو صون ميثاق الشرف، ويقع على عاتق الرئيس المقبل التمسك بالعقد الاجتماعي الذي يقول إن الثروة الوطنية غير قابلة للتصرف إلا في إطار برنامج حكومي بعد موافقة من الهيئات الدستورية، وتحقيق العدل والمساواة في التنمية عبر ربوع الوطن كافة، وإن تثمين الإنجازات والمحافظة عليها هي مسؤولية السلطة أولاً والشعب ثانياً"، مضيفاً أن التحدي الداخلي الثاني ذو طابع اجتماعي عبر مواصلة المكاسب المحققة من منح البطالة والزيادات المقررة في معاشات المتقاعدين الأجراء وغير الأجراء، والتقاعد النسبي المنتظر تطبيقه قريباً وغيرها، إضافة إلى تنفيذ سياسة استثمارية فعلية ومتنوعة الجوانب لخلق الثروة ومناصب الشغل تقليصاً لنسبة البطالة، ورفع القدرة الشرائية للمواطن البسيط وتحسين قيمة الدينار.
وتابع حنافي "وفي ما يتعلق بالتحديات الدولية، تبقى الالتزامات الكلاسيكية للدولة الجزائرية كمنبر للمضي في التحالفات التي تمت في النطاق الإقليمي مع ليبيا وتونس، مع إمكانية توسيعها إلى موريتانيا والنيجر ومالي، كلها حتميات تفرضها الأوضاع الإقليمية والدولية".
تركة الوزير الأول السابق
أما الناشط السياسي سمير مزار فيعتقد أن إيجاد حل للتركة الثقيلة التي تركها الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، من خلال طبع عملة من دون قيمة، والتي نجني ثمارها من خلال ارتفاع الأسعار المستمر، واختلال الدخل الفردي للمواطن وتعويم العملة المحلية، أول التحديات التي تنتظر الرئيس القادم، مشيراً إلى أن النشاط السياسي والجمعوي يجب أن يعود إلى طبيعته، كما الإعلام، وأضاف أن التخلص من المركزية والبيروقراطية أمر ضروري.
ويواصل مزار "إن هناك كثيراً من التحديات الداخلية والخارجية لا يمكن حصرها وتحتاج إلى حكمة وبعد نظر، والجميع مدعو للمشاركة بقرار سياسي موحد". وختم "الجزائر ترفع حملاً ثقيلاً خارجياً من القضية الصحراوية إلى الفلسطينية ومشكلات الساحل وأزمة ليبيا".