Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حروب "حزب الله"... تهديد داخلي ووكالة خارجية

خاض مواجهات بدلاً من قوى إقليمية وأقحم لبنان في مغامرات عسكرية من دون حساب للعواقب على الشعب

أعادت حادثة الطيونة في 14 أكتوبر 2021 مشاهد الحرب الأهلية اللبنانية (أ ف ب)

ملخص

ينشغل اللبنانيون في مناقشة موقف الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله من حرب غزة، وكيف له أن يحدد مصير بلد بأكمله وشعبه، وذلك لا يصح في أي دولة سوية تعتمد النظام الديمقراطي.

منذ إعلان الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله عن حرب المساندة أو المشاغلة التي أطلقها من الجنوب اللبناني، على خلفية اندلاع حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، انشغل الداخل اللبناني في مناقشة ذلك الموقف، وكيف لـ"رئيس حزب" لا يمثل كل اللبنانيين أن يحدد مصير بلد بأكمله وشعبه، مما لا يصح في أي دولة سوية تعتمد النظام الديمقراطي ومن دون العودة بأي شكل إلى الدولة والحكومة اللبنانية في قرار الحرب والسلم.

يأخذ كثيرون على نصرالله أنه لم يكلف نفسه حتى عناء مشاورة أو إعلام بقية أطياف المجتمع اللبناني بقرار خوض الحرب،  ناهيك عن الدولة اللبنانية التي تظهر دائماً وكأنها "المخدوعة" وآخر من يعلم، وما دام أن قرارات مصيرية تتعلق بالحرب والسلم يجب أن تكون بيد الدولة، وليس حزباً سياسياً أو زعيماً، فكيف لنصرالله أن يتحدث باسم لبنان أو يتخذ مواقف قد تدخل البلاد في حرب أكبر، لا قدرة لها على تحمل تبعاتها.

وفي حين يرى بعضهم أنه يتجاهل التعددية اللبنانية ويفرض رؤية واحدة على الجميع، يرى المؤيدون لـ"حزب الله" أنه قام ويقوم بدور رئيس في الدفاع عن لبنان ضد الاعتداءات الإسرائيلية وأنه نجح في تحقيق توازن قوى يردع إسرائيل عن شن مزيد من الحروب، لكن غالبية المعارضين يعتبرون أن الحزب إياه أدخل البلد في مغامرات عسكرية من دون حساب للعواقب على لبنان وشعبه، ومنذ أن تدخل في الحرب السورية وغيرها من الصراعات في الإقليم، ساهم في تدمير البنية التحتية وزيادة معاناة اللبنانيين، وأن تدخلاته لا تعدو كونها أكثر من مغامرات سياسية وعسكرية تصب في مصلحة المحور الإيراني، وليس المصلحة اللبنانية.

حرب تموز وعملية "الوعد الصادق" 

يقول نصرالله في أحد خطاباته خلال حرب يوليو (تموز) 2006 "نحن مغامرون، لكننا مغامرون من عام 1982 ولم نجلب لبلدنا سوى النصر والتحرير، هذه هي مغامرتنا"، وهنا المغامرة التي تكلم عنها حينها هي عملية "الوعد الصادق"، التي شنت معها إسرائيل حرباً ضد لبنان على إثر عملية أسر جنديين من جيشها في الـ12 من يوليو 2006 في الجنوب، واستهدفت خلالها تل أبيب ما أسمته "بنك الأهداف" وعددها 420 هدفاً في ذلك الوقت، وغالبيتها كانت مدنية ذات صلة بالبنى التحتية اللبنانية.

 

 

وتكبد لبنان خلال هذه الحرب التي استمرت 34 يوماً خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، عدا عن نزوح أكثر من نصف مليون لبناني هرباً من ويلات القصف الإسرائيلي، وقتل 1200 لبناني ووصل عدد الجرحى إلى 4400. وبلغت الخسائر المادية بحسب التقارير نحو 2071 مليون دولار توزعت بين بنى تحتية ومؤسسات تجارية وصناعية ومنشآت عسكرية ومبانٍ، عدا عن الجسور التي دمر منها 78 جسراً. أما في إسرائيل التي قصفها الحزب بخمسة آلاف صاروخ، فسجل عدد القتلى فيها 104 عسكريين و40 مدنياً.

لكن نصرالله وخلال تلك الحرب أطل في إحدى المقابلات التلفزيونة وقال "قيادة الحزب لم تتوقع ولو واحداً في المئة أن تؤدي العملية إلى حرب بهذه السعة وبهذا الحجم لأنه وبتاريخ الحروب هذا لم يحصل، لو علمنا أن عملية الأسر ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعاً".

وتبعاً لذلك يرى كثير من اللبنانيين أن حصر مصير البلاد في يد شخصية واحدة غير مخولة بالأساس أو منوط بها القيام بهذا الدور، بغض النظر عن مدى تأثيرها السياسي، يمثل تعدياً على سيادة الدولة ومؤسساتها وعلى إرادة الشعب بكل طوائفه بصورة عامة، ويعتبرون أن هذه الحروب تخدم مصالح أجنبية وتسهم في تدمير نسيج المجتمع وزعزعة استقراره.

"اللبناني إرهابي"

وترى وجهة نظر معارضة لحروب الحزب أن تدخله في نزاعات خارج حدود لبنان، مثل الحرب في سوريا والعراق واليمن، شكل انتهاكاً لسيادة الدولة اللبنانية وأن اتخاذه قرارات مصيرية من دون استشارة أو موافقة الحكومة أو الشعب، كان له تأثير سيئ وخطير، وأدخل لبنان في عزلة عربية ودولية إلى حد ما، وبات اللبنانيون في بعض مطارات العالم يعاملون وكأنهم إرهابيون، كما أن تدخلاته في حروب الغير لم تكُن لمصلحة اللبنانيين في شيء بل أثبتت ولاءه لإيران أكثر من ولائه للبنان.

علانية، يقول سياسيون في لبنان، نواب ووزراء ورؤساء أحزاب، إن "الحزب ينفذ أجندة إيرانية إقليمية، مما يجعله أداة لخدمة مصالح دولة أجنبية على حساب المصلحة الوطنية"، ويعتبرون أن تدخله في سوريا والعراق أسهم في تأجيج الصراعات والتوترات الطائفية في المنطقة، وعزز لدى فئة كبيرة من معارضي سياسات الحزب المخاوف، وأن السياسات زادت من حدة الانقسامات داخل المجتمع اللبناني وعرضت البلد لخطر الفوضى، عدا عن أن تورط "حزب الله" في حروب المنطقة أدى إلى تأثيرات سلبية في الاقتصاد اللبناني وفي العلاقات الدولية للبنان وجلب للبنان عزلة دولية، فكثرت العقوبات وتراجع الاستثمارات، كما يعتبرون أمنياً أن مغامرات الحزب لم تحمي لبنان بل رفعت من منسوب أخطار التدخلات الأجنبية في لبنان وعمقت من الأزمات الداخلية.

هل دور "حزب الله" ضرورة استراتيجية؟ 

لكن في المقابل تنظر فئة كبيرة من مؤيدي "حزب الله" إلى حروبه في المنطقة على أنها "جزء لا يتجزأ من دوره المقاوم والمدافع عن الشيعة والمظلومين" وأن الحزب "يقوم بدور في حماية الطائفة"، وأنها ضرورة استراتيجية للحفاظ على قوة الحزب وحماية مصالحه".

 

ويفند مصدر سياسي قريب من "الحزب" دوره في تلك الحروب من منظور ديني وسياسي وأمني، قائلاً إن "تدخلاته العسكرية في سوريا والعراق وغيرها تُعدّ امتداداً لنهج المقاومة ضد إسرائيل، كما أن هذه الحروب تهدف إلى حماية محور المقاومة والحفاظ على قدرات الحزب"، من هنا يشدد المصدر عينه على أن هذه الحروب "ضرورية لاستمرار وجود الحزب ولضمان أمن لبنان، وجاءت حينها في إطار الدفاع عن المقدسات التي كانت تحت تهديد تنظيمات مثل ’داعش‘".

"دور الحزب يأتي كجزء من تحالف إقليمي أكبر تقوده إيران، في إطار الصراع ضد الهيمنة الأميركية والإسرائيلية في المنطقة"، يضيف المصدر المقرب من الحزب، معتبراً أن خوض هذه الحروب "هي تضحية واجبة للدفاع عن العقيدة والمجتمع والقيم والمبادئ".

بين البوسنة وسوريا 

شارك "الحزب" في حروب كثيرة، بدءاً بحرب البوسنة، حيث أرسل مقاتليه لمساعدة القوات الإيرانية في تدريب المسلمين هناك، وكان من بينهم علي فياض، الملقب بـ"علاء البوسنة" وهو من نخبة القادة في "الحزب" الذي قتل في ما بعد في الحرب السورية في فبراير (شباط) 2016، ومن ثم شارك "حزب الله" في الحرب العراقية إبان الغزو الأميركي عام 2003، فدرب الميليشيات الشيعية التي كان لها بدور في الحرب السورية أيضاً بعد ذلك، إذ قاتلت إلى جانب "الحزب" و"الحرس الثوري" الإيراني، وكان التدخل الأكبر في الحرب السورية الذي جاء بعدما التقى نصرالله، المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في طهران في أواخر عام 2011 لاتخاذ قرار التدخل.

ويشير نائب قائد "الحرس الثوري" العميد حسين همداني الذي قتل قرب حلب في أكتوبر 2015 في مذكراته إلى أنه خلال ربيع عام 2012، طلب منه خامنئي التشاور مع نصرالله الذي كان مسؤولاً عن سياسة "المحور المقاوم" في سوريا، وفي مايو (أيار) 2013 أعلن أن الحزب أرسل نحو 1700 مقاتل لدعم قوات النظام السوري في منطقة القصير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معادلة الردع سقطت ونصرالله يتجنب قصف المدنيين الإسرائيليين

ومنذ بداية حرب غزة وبعد إعلان نصرالله عن أن ساحة الجنوب هي جبهة إسناد، كان الرهان السائد على أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو سترتدع وتتراجع، ومع تقدم المعارك، بدلاً من أن يرتدع الجيش الإسرائيلي انتقل من غزة إلى رفح، ومن ثم أعلن نقل قواته إلى الجبهة الشمالية أي الحدود مع لبنان.

ويرى بعض المراقبين أنه صحيح أن الحزب أقدم على ضربات في الداخل الإسرائيلي، لكن وتيرته في القتال لم تكُن متكافئة مع الضربات والاغتيالات الإسرئيلية في الداخل اللبناني، ولم يصِب إسرائيل بمقتل وأن مفهوم الردع الذي يتغنى به "حزب الله" في كل مرة تتناول به الفئات اللبنانية المختلفة الحديث عن السلاح، سقط  بعد حجم الدمار وأعداد القتلى الذين قضوا نتيجة تدخل الحزب في حرب غزة.

ويشير بعض المتابعين إلى أن الحزب لم يستطِع لا تخويف إسرائيل ولا ردعها، على رغم كل التصريحات التصعيدية والتهديد ونشر فيديوهات الهدهد الثلاثة و"عماد4"، وقبل ذلك مناورة "سنعبر" أي العبور إلى الداخل الإسرائيلي، بعدما استهدفت إسرائيل قلب الضاحية وقتلت الرجل الثاني في الحزب فؤاد شكر، وقبله القيادي "الحمساوي" صالح العاروري، وعدداً كبيراً من القادة الميدانيين.

اليد التي ستمتد إلى الحزب أو سلاحه "ستقطع"

وكان "حزب الله"  أشار وفي أكثر من مناسبة إلى أن اليد التي ستمتد للحزب أو سلاحه "ستقطع"، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 ومن بعد تشكيكه بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أنشئت من أجل التحقيق في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في فبراير 2005، تساءل نصرالله "هل هذه المحكمة وهذا التحقيق يوصلان إلى الحقيقة؟"، وأعلن أنه "يخطىء من يتصور أن المقاومة يمكن أن تقبل أو تسلم بأي اتهام لأي من عناصرها قيادييها أياً تكُن التهويلات والتهديدات والضغوط"، مؤكداً أن "اليد التي ستمتد إلى أي واحد منهم ستقطع".

بعد هذا الكلام بأكثر من 10 سنوات وتحديداً عام 2021 بعد قرار تنحية القاضي طارق بيطار عن التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، خرج نصرالله بخطاب تحذيري للداخل معلناً أن لدى حزبه 100 ألف مقاتل مدربين ومجهزين في لبنان، وخاطب حينها رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، وقال "لا تخطئوا الحساب، اقعدوا عاقلين وتأدبوا".

فلماذا قال هذا الكلام؟ 

حادثة الطيونة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021، يتذكرها اللبنانيون جيداً، فهي أعادت مشاهد الحرب الأهلية بكل تفاصيلها، باعتبار أن هذه المنطقة كانت "خطوط تماس"، وهي كما بات يُعرف تقع بين منطقتين متجاورتين، الشياح وهي حاضنة للثنائي الشيعي، "حركة أمل" و"حزب الله"، وعين الرمانة وهي حاضنة لحزب "القوات اللبنانية".

وحصلت حينها ما يشبه اشتباكات وإطلاق نار بين أبناء منطقة عين الرمانة ومحتجين من الحزب كانوا أمام القصر العدل القريب وتوجهوا إلى عين الرمانة، فكادت هذه الحادثة حينها أن تدخل البلد في حرب أهلية جديدة ونتج منها ظهور أبعاد كانت تعتمل داخل النفوس قبل أن تتفجر بصورة متاريس ورصاص، ومنها أن البلد سهل الانقياد إلى حرب وأن مبدأ التقسيم على أساس الطائفة سهل أيضاً، إضافة إلى تغييب كامل للدولة، حكومةً وقيادات، مما أثبت هشاشة الأمن مع ما يُعرف بالسلم الأهلي والعيش المشترك.

واعتبر "حزب الله" أن إطلالة نصرالله وكلامه عن العناصر الـ100 ألف، في إطار "ردع مَن تسوّل له نفسه جر البلد إلى حرب أهلية"، وهو بذلك يقع في "مغالطة" وتناقض، إذ كيف يكون ذلك وعدد مسلحي الحزب يفوق عديد الجيش اللبناني، وأمينه العام وقف وهدد بأنه "إذا لم تحصل محاسبة، فلكل حادث حديث"، كما "منّن" نصرالله "المسيحيين بأنه لن ينجر إلى الرد، ليس ضعفاً بل كرم أخلاق منه، وأكثر من ذلك قال "ما عم نربّح حدا جميل، لكن يجب أن ننقل الواقع والحقائق"، وأضاف أنه "بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، منعنا دخول أي مسلح من حركة ’أمل‘ و’حزب الله‘ إلى مناطق المسيحيين".

وكانت "اندبندنت عربية" حاورت المسؤول الإعلامي في "حزب الله" محمد عفيف حينها الذي قال إن "الرقم 100 ألف صحيح، عندما يقول الأمين العام إننا نمتلك هذه العناصر، فذلك صحيح. مصداقية الحزب في هذا الموضوع لا غبار عليها"، وبالنسبة إلى من اعتبر أن هذا الكلام يشكل تهديداً مبطناً، رأى عفيف أن "باستطاعة أي طرف في الداخل أو الخارج أن يفهم الموضوع كما يرغب، لكن الحزب لا يستخدم هذا الموضوع في الحرب النفسية".

وأضاف عفيف أن "الهدف من الإشارة إلى هذا الموضوع كان الرد على تقرير إعلامي تحدث عن أن القوات اللبنانية تمتلك 15 ألف عنصر وتتحضر ضمن مشروع ما، بغض النظر عن الأسباب، ربما يضر بالسلم الأهلي، فجاء الكلام في إطار الرد".

عند هذه النقطة يتوقف متابعون ليتساءلوا أين الـ100 ألف مقاتل اليوم؟، ولمَ لم يدحروا "العدو الصهيوني" وإذا كان الحزب يمتلك أسلحة وصواريخ دقيقة فلماذا لم يستعملها على الجبهة منذ الثامن من أكتوبر؟، وإذا لم تستخدم اليوم فمتى يحين الوقت؟.

"يوم مجيد"

وتمتلئ ذاكرة اللبنانيين بأحداث أليمة قام بها الحزب، ولم تكُن حادثة الطيونة الأولى من نوعها ضمن إطار التهديد بالذهاب إلى حرب أهلية، ففي السابع من مايو 2008، استيقظت بيروت على جماعات مسلحة وملثمة وترتدي قمصاناً سوداء (ما عرف لاحقاً بـ"حادثة القمصان السود")، وقام مهاجمون ينتمون إلى "حزب الله" وحركة "أمل" و"الحزب السوري القومي الاجتماعي" وبعض الفصائل المسلحة التي تنضوي تحت مظلة الثامن من مارس (آذار) بعمليات خطف وقتل، ومارسوا التهديد والوعيد والتعنيف على سكان بيروت الغربية وبعض مناطق الجبل، وأقفل "الحزب" كذلك مطار رفيق الحريري الدولي عبر نشر مسلحيه على طريق المطار وقطع الطريق المؤدية إليه بالأطر المشتعلة، واستولت مجموعات مسلحة على كل مراكز "تيار المستقبل" (أي التيار الذي يتبع رئيس الوزراء السابق سعد الحريري) في العاصمة بيروت وقامت بإحراقها.

تلك الأحداث أعادت رسم خطوط تماس جديدة وفيها قتل نحو 71 شخصاً، ذلك أن المهاجمين لم يميزوا بين أنصار الأحزاب الموالية للسلطة آنذاك (تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وغيرها)، وخلفت كرهاً وعداوة وضغينة بين أبناء الوطن الواحد، وما زال الناس يستذكرونها لأن "الحزب" لا يجد مانعاً من التلويح والتهديد بـ"القمصان السود" عند أي اعتراض على قراراته، ومن تلك المرات في يناير (كانون الثاني) 2011، حين أُسقطت حكومة سعد الحريري بينما كان في اجتماع مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، فحاول بعض الفرقاء ومنهم النائب السابق وليد جنبلاط إعادة الحريري إلى منصبه، إلا أن "حزب الله" أرسل عناصر مسلحة إلى كل أنحاء العاصمة بيروت وإلى المناطق الدرزية النائية.

وكان التهديد المبطن الذي تنقله "القمصان السود" واضحاً، وكان لانتشارها دور في تعديل قرار جنبلاط وتسميته النائب نجيب ميقاتي حينها رئيساً للحكومة، وأيضاً عندما تسللت مجموعة من أنصاره مرتدية قمصاناً سوداء إلى موقع الاعتصام في وسط بيروت خلال أكتوبر 2019، مستفزة المعتصمين حينها بالهتافات المؤيدة لنصرالله، والذي كان أعلن نهار الثامن من مايو 2008 وبعد أحداث اليوم السابع من ذلك الشهر، أنه "قد امتدت اليد الإسرائيلية إلى سلاح المقاومة في حرب تموز وقطعناها، وفي الداخل جرت محاولات لم تصل إلى حد الجدية والفعل والبدء بحرب، ولكن بعد القرارات المظلمة للحكومة السوداء نحن نعتبر أن هناك حرباً بدأت ومن واجبنا أن ندافع عن سلاحنا وعن مقاومتنا وعن شرعية هذه الأحكام، "وقد أعذر من أنذر". ليعود ويعلن في الذكرى الأولى لذلك النهار "المشؤوم" في تاريخ اللبنانيين "يوماً مجيداً من أيام المقاومة في لبنان".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات