Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجرب يغزو أجساد الأسرى الفلسطينيين

مصلحة السجون الإسرائيلية "تتعمد نقل المصابين بأمراض معدية من قسم إلى قسم"

أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية (مصلحة السجون الإسرائيلية)

ملخص

أوضح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس أن مصلحة السجون الإسرائيلية "تتعمد نقل المصابين بأمراض معدية من قسم إلى قسم، الأمر الذي أسهم في تصاعد أعداد الإصابات".

تسببت ظروف سجن أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية بتفشي الأمراض الجلدية وأبرزها الجرب "سكايبوس" في أكثر من 50 منهم، وفق هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين.

"إجراءات غير مسبوقة"

ويأتي انتشار الجرب في السجون بسبب اكتظاظها بالأسرى، وحرمانهم من كميات المياه الكافية، وأدوات التنظيف الشخصية، وقلة التهوية، وانعدام التعرّض لأشعة الشمس. فهذه السجون لم تعد "مخيمات صيفية لرفاهية الأسرى"، بحسب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الذي يتولى المسؤولية عنها.

 

ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) تمنع إسرائيل ذوي الأسرى الفلسطينيين من زيارة أبنائهم في السجون، وتقلّص بشكل كبير كميات الطعام، وتمنعهم من شراء حاجاتهم الشخصية من مقاصف السجون، في "إجراءات غير مسبوقة".

تضاعف عدد الأسرى

وترافق ذلك مع تضاعف عدد الأسرى من نحو خمسة آلاف قبل السابع من أكتوبر، ليتجاوز حالياً أكثر من 10 آلاف، هذا عدا أسرى قطاع غزة الذين يحتجزهم الجيش الإسرائيلي في معسكرات اعتقال خاصة.

وحتى بعد مرور شهرين على خروجه من سجن النقب الصحراوي الإسرائيلي، لا يزال معاذ عمارنة يعاني من أعراض مرض الجرب الجلدي على إثر إصابته به منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي، بسبب عدم توافر شروط النظافة. وكان معاذ مسجوناً في سجن "مجدو" منذ اعتقاله في أكتوبر الماضي، قبل نقله إلى سجن النقب.

وفي غرفة كان يوجد فيها تسعة أسرى فلسطينيين في سجن "النقب"، سُجن معاذ ليصبح عاشرهم في ظل الاكتظاظ الشديد، وانعدم أدوات التنظيف، وقلة المياه. ووفق عمارنة فإن الأسرى التسعة كانوا مصابين بمرضى الجدري، قبل أن ينتقل إليه منهم عبر العدوى.

ساعة واحدة يومياً

وأشار عمارنة إلى أن المياه تصل غرفة السجن بمعدل ساعة واحدة يومياً، بحيث يكون نصيب كل أسير نحو سبع دقائق، في ظل انعدام أدوات التنظيف ومنع الأسرى من تغيير ملابسهم. وأوضح عمارنة أن "الأسرى يضطرون بسبب ذلك إلى ارتداء الملابس مبللة قبل جفافها، بسبب مصادرة مصلحة السجون الإسرائيلية ملابسهم، والاكتفاء بغيار واحد يرتدونه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتُقدّر هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية بأن 50 في المئة من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مصابون بمرض الجرب، حيث يتجاوز عدد الأسرى الحاليين الـ 10 آلاف أسير.

وقال رئيس الهيئة قدورة فارس إن حرمان الأسرى من المياه وأدوات التنظيف، والتهوية والتعرّض لأشعة الشمس كلها عوامل تُسهم في انتشار مرض الجرب بين الأسرى، ووفق فارس "فإن ظروف سجن الأسرى الفلسطينيين، واكتظاظهم في السجون الإسرائيلية، تؤدي إلى تفشي انتشار المرض بشكل غير مسبوق".

معاناة

وبحسب عمارنة فإن تعامل مصلحة السجون الإسرائيلية "يختلف من سجن إلى آخر، حيث بدأت السلطات الإسرائيلية بعزل أي مصاب بالجرب في سجن مجدو"، مشيراً إلى أن ذلك يختلف عن الوضع في سجن النقب حيث "تتجاهل المصلحة معاناة الأسرى". وروى عمارنة معاناته ومعاناة الأسرى التسعة معه في الغرفة نفسها حيث كانوا "لا يستطيعون النوم في الليل من شدة الحكة في أجسادهم"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر تسبّب لي بمعاناة نفسية لا تطاق".

وعن الأعراض التي يعاني منها مرضى الجرب، أشار عمارنة إلى أنها تختلف من شخص إلى آخر، "فهناك من تنتشر البثور في جسده، وهناك من تصدر الروائح الكريهة من جلده، أو تظهر على جلد بعضهم التقرّحات". ومع أن عمارنة أشار إلى أن السلطات الإسرائيلية بدأت بتقديم العلاج للأسرى المصابين، إلا أنه شدد على أن الظروف التي أدت إلى انتشار المرض "بقيّت كما هي، ولم تتغير".

وأوضح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس أن مصلحة السجون الإسرائيلية "تتعمد نقل المصابين بأمراض معدية من قسم إلى قسم، الأمر الذي أسهم في تصاعد أعداد الإصابات"، وبحسب فارس فإن إدارة السجون "حوّلت المرض إلى أداة تعذيب وتنكيل عبر التعمد بارتكاب جرائم طبية بحقهم، بحرمانهم من العلاج، وعدم اتخاذها أياً من الإجراءات اللازمة لمنع تفشي المرض".

وفي إجراء متأخر، فرضت مصلحة السجون الإسرائيلية حجراً صحياً على الأسرى في سجني "ريمون" و"نفحة" بسبب انتشار مرض الجرب بين صفوف الأسرى بشكل كبير.

لكن فارس شدد على أن هذا التصرف "غير كافٍ لوقف انتشار المرض، فإذا كانت إسرائيل جادة في محاربة المرض، كان عليها توفير الكميات الكافية من المياه، وأدوات التنظيف، والسماح بتعرضهم لأشعة الشمس والتهوية، وتغيير ملابسهم".

واحتاج الأسير معاذ عمارنة إلى حكم قضائي للحصول على حقه في علاج قدمه من التهاب أصابها، إذ انتشرت الالتهابات في جسده، ووصلت إلى حوضه بسبب تأخر العلاج، إذ إنه يعاني من مرض السكري. وأشار عمارنة إلى أن محاميه راجع إدارة السجون الإسرائيلية للمطالبة بتنفيذ حكم المحكمة الإسرائيلية، إذ تم أخذه إلى عيادة لعلاجه بعد ذلك بخمسة أيام. وفور خروجه من السجن، دخل معاذ المستشفى ومكث فيه ثلاثة أيام حصل فيها على العلاج اللازم، إلا أنه يعاني حتى الآن "من آثار الحكَة في جسده والحساسية".

ومع أن طبيب الأمراض الجلدية صلاح صافي أشار إلى أن مرض الجرب يصاب به الأسرى الفلسطينيون منذ سنوات طويلة، إلا أنه شدد على أن عدد تلك الإصابات تضاعف بشكل كبير خلال الأشهر الماضية بسبب ظروف السجون غير الصحية. وبحسب صافي فإن الجرب ينتشر في المناطق الضيقة المكتظة، وبسبب قلة المياه، وأدوات النظافة الشخصية، مشيراً إلى أنه ينتقل بين الأسرى بالاتصال المباشر وغير المباشر، مثل اللمس، واستخدام الأدوات نفسها الموجودة في غرف السجن. وأوضح صافي أن أعراض الجرب تتمثّل "بالحكة التي تزداد خلال الليل، والالتهابات البكتيرية التي من الممكن أن تنشأ من المرض في حالة استفحاله". وأكد أنه عالج حالات عديدة مصابة بالجرب لأسرى فلسطينيين محررين على إثر خروجهم من السجن، مشيراً إلى أن بعضهم يتوجه للطبيب فوراً من السجن وبعضهم الآخر بعد أيام عدة، وأوضح أن أعراض المرض على هؤلاء الأسرى المحررين "شديدة بسبب استفحالها في أجسادهم، لذلك فإنها تحتاج إلى وقت طويل للعلاج"، وتابع صافي أن الأسرى المرضى يتعرضون "للإهمال الطبي من مصلحة السجون الإسرائيلية، ولا يأخذون الدواء المناسب، أو الكافي للعلاج".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير