عقد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الإثنين محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على هامش انعقاد الحوار الاستراتيجي في الرياض بين دول الخليج وروسيا الاتحادية.
وقالت وزارة الخارجية السعودية إن الاجتماع شهد استعراض العلاقات الخليجية - الروسية وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، إضافة إلى "مناقشة مستجدات الأزمة الروسية - الأوكرانية، والجهود الدولية الرامية لحل الأزمة سياسياً، ودعم الجهود كافة التي تحقق الأمن والسلم الدوليين".
كما تطرق إلى تكثيف التنسيق المشترك في عدد من القضايا الإقليمية والدولية والعمل المتعدد الأطراف، إضافة إلى بحث تعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة الدولية.
وقال لافروف إنه ناقش مع ولي العهد السعودي الاتفاقات الثنائية الموقعة بين البلدين، ومسألة تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية إن الوزير لافروف التقى خلال زيارته الرسمية إلى السعودية بولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وناقش الجانبان مجموعة من القضايا، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتعاون في مجال الطاقة، وأبديا ارتياحهما للتعاون الجاري في إطار تحالف أوبك+.
وذكرت الوزارة أنه "تم التأكيد على أن القرارات التي اتُخذت أخيراً تشير إلى الاستقرار والاستقلال المتزايد لهذه الآلية التنسيقية الفريدة بين البلدان المصدرة للنفط، وكفاءتها وأهميتها في الحفاظ على توازن العرض والطلب في سوق الطاقة العالمية".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب أخيراً عن شكره ولي العهد السعودي لقاء جهوده الدبلوماسية التي أسهمت في تبادل السجناء بين موسكو وكييف، وهي جهود أوضحت الرياض في مناسبات عدة أنها لا تقتصر على ملف الأسرى وحده، ولكن تستهدف أيضاً بذل مساع أكبر لإيجاد صيغة مرضية بين الطرفين تنهي الصراع برمته، وهو المؤثر في تداعياته على قضايا عالمية عدة، طاولت آثارها السلبية المنطقة العربية والعالم.
لكن المسؤول الروسي ركز في خطابه أمام الخليجيين على الملف الأكبر الشاغل للشرق الأوسط، وهو حرب غزة، على نحو جمع فيه بين التضامن مع العرب والفلسطينيين، وانتقاد صريح ومبطن للغرب، حليف المنظومة الخليجية، من دون أن ينسى أوكرانيا التي أعاد حربها إلى الغرب الذي قال إنه "دائماً ما وقفت دوله ضد روسيا، وحاولت التدخل في شؤونها الداخلية، إلا أن المجتمع الروسي حين يرى ذلك يزداد تكاتفاً، لا سيما حينما تحاول الولايات المتحدة والغرب محاربتنا بأيدي أوكرانيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى أن "الشرق الأوسط أصبح على شفا حرب إقليمية كبرى، وروسيا تعمل مع جميع الأطراف للحيلولة دون ذلك، وعدم قدرة المجتمع الدولي على وقف القتال في قطاع غزة ووقف القتل الجماعي للسكان أدى إلى تدهور حاد في الوضع السياسي والعسكري بجميع أنحاء المنطقة: من حدود لبنان وإسرائيل إلى البحر الأحمر".
واعتبر لافروف أن المواجهة وصلت إلى مستوى خطر جديد بين إسرائيل ولبنان، وأن "من مسؤوليتنا المشتركة منع حدوث حرب إقليمية كبرى"، وهو ما قال إن جهود روسيا قائمة مع الأطراف كافة في سبيل تحقيقه، لكنه على رغم ذلك أقر بأن المجتمع الدولي "فشل في وقف العدوان والقتل الجماعي في غزة"، مع أنه بحسب تقديره "غير مسبوق، ولم تشهده أي من الحروب العربية - الإسرائيلية".
أما في الشأن الأوكراني فكان الجانب الخليجي أكثر صراحة، إذ كشف في حضور رئيس الدبلوماسية الروسية عن دعمه لجهود الوساطة التي قامت بها دول المجلس في ما يخص الوضع في أوكرانيا، داعياً إلى "وقف إطلاق النار، وحل هذه الأزمة سياسياً، وتغليب لغة الحوار، وتسوية النزاع القائم بينهما من خلال المفاوضات، بهدف الوصول إلى حل سياسي مستدام للأزمة، والتخفيف من آثارها وتداعياتها".
جاء انعقاد الحوار الخليجي الاستراتيجي مع روسياً متزامناً مع آخرين مماثلين له مع الهند والبرازيل، وهي الدول الرئيسة المشكلة لتحالف "بريكس"، إضافة إلى جنوب أفريقيا والصين، التي تقررت زيارة رئيس مجلس وزرائها السعودية غداً، لعقد الدورة الرابعة من اجتماع اللجنة المشتركة الصينية - السعودية رفيعة المستوى.
#الرياض | سمو وزير الخارجية الأمير #فيصل_بن_فرحان @FaisalbinFarhan يشارك في الاجتماع الوزاري المشترك للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجمهورية الهند. pic.twitter.com/hWRIjkro6u
— وزارة الخارجية (@KSAMOFA) September 9, 2024
لكن أياً من الجانبين الخليجي وفي "بريكس" لم يكشف عما إذا كان بين الاجتماعات متعددة الأطراف التي تشهدها الرياض بين اليوم والغد أي تنسيق مشترك.
وتترأس الحكومة الروسية الدورة الحالية من منظومة "بريكس"، وهي التي شهدت توجيه دعوة بالانضمام إلى دول عدة في المنطقة للانضمام، هي مصر والسعودية والإمارات وإيران، فيما لا تزال الرياض الدولة الوحيدة التي لم تحسم موقفها من التجمع المناوئ للغرب حتى الآن، سواء بقبول الدعوة أم رفضها. إلا أن لافروف أكد أن بلاده قامت بتوجيه الدعوة لولي العهد السعودي قمة "بريكس" أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، "واتخذت كافة الاستعدادات لذلك".
وكانت العلاقات الروسية - السعودية وكذلك الخليجية، شهدت دفعة كبيرة إثر انضمام موسكو إلى تحالف "أوبك+" الذي تقوده الرياض، للتنسيق بين غالبية مصدري الطاقة في العالم، لتأمين امداداتها الحيوية، وسط الاضطرابات الدولية المتفاقمة.
وهو التحالف الذي جددت روسيا أخيراً التزامها بخفض إنتاج النفط إلى المستوى المطلوب، وذلك بعد أن أكدت وزارة الطاقة الروسية أن إنتاجها النفطي تجاوز الحصص التي حددها تحالف "أوبك بلس" الذي يضم الدول الرئيسة المنتجة للنفط فيما يشبه الإقرار بالذنب، قبل أن تعود لتعهد الوفاء بالتزاماتها في إطار التحالف.