Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل انتهت معركة إنصاف المرأة البريطانية قانونيا؟

سلسلة تشريعات صدرت منذ عام 1960 عززت مكانة النساء لكنها لم تحمهم بصورة كاملة

الحكومة البريطانية تدرس إجراءات جديدة لحماية المرأة بعد تصاعد العنف ضد النساء (غيتي) 

ملخص

 شهدت المملكة المتحدة منذ ستينيات القرن الماضي سلسلة من القوانين لحماية المرأة ومساواتها مع الرجل عززت مكانتها إلى حد كبير، لكن الحكومة الجديدة والمنظمات المتخصصة تقول إن هذه التشريعات تعاني نقاط ضعف لا بد من معالجتها.

بدأت المعارك القانونية لإنصاف المرأة في المملكة المتحدة منذ 70 عاماً في الأقل، وعلى رغم الإنجازات الكبيرة التي سجلت في هذا الميدان إلا أن متخصصين يقولون إن هناك تناقضات كبيرة تجب معالجتها كي تحصل النساء على المساواة الكاملة والحماية اللازمة للعيش بهدوء إلى جانب الرجال في المجتمع البريطاني.

وتقول الإحصاءات الرسمية الحديثة إن مليوني امرأة في بريطانيا يتعرضن لعنف الرجال كل عام، وجرائم مثل المطاردة والتحرش والاعتداء الجنسي والعنف المنزلي تقع على واحدة من كل 12 امرأة في إنجلترا وويلز، مع تزايد الجرائم المسجلة ضد النساء بـ 37 في المئة خلال الأعوام الخمسة الماضية مع تصاعد عدد المجرمين.

ووصفت الشرطة العنف ضد المرأة بالوباء مطالبة بإعلان حال طوارئ وطنية للوقوف في وجهه، فتعهدت وزيرة الداخلية الجديدة إيفيت كوبر باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد كراهية النساء والعنف، وقالت إن الحكومة ستتبع ذات الصرامة التي تعاملت فيها مع أحداث الشغب الأخيرة للقضاء على الجرائم بحق النساء.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ستقدم كوبر للبرلمان والحكومة تقريراً حول أفضل السبل التي يمكن تبنيها لمعالجة التطرف المتزايد داخل المملكة المتحدة، وبخاصة الموجه ضد المرأة، وجوهر خطة وزارة الداخلية يكمن في التعامل مع كراهية النساء بطريقة مماثلة لما تتبعه في مواجهة اليمين المتطرف والتشدد الإسلامي.

الصحافية المتخصصة في شؤون الأسرة جورجيا جيلهولي تقول إن الحكومات المتعاقبة فشلت في توفير الحماية للمرأة، وما زاد الطين بلة هو انتقال أفكار رجعية حول النساء إلى بريطانيا عبر المهاجرين، وتمددها في التجمعات "فقيرة الاندماج" حتى وجدت جهات إنفاذ القانون في الدولة أزمة في احتواء الحالات والأشخاص.

وتستدعي جيلهولي "عصابات الاعتداء على القاصرات" للتدليل على كراهية رجال من أصول مهاجرة للنساء، كما تستشهد بما حدث في مدينتي مانشستر وليدز قبل ثلاثة أشهر تقريباً لتوضيح مشكلة الشرطة في التعامل مع أبناء المجتمعات المحلية في بعض الحالات، والحل برأيها هو "سد الفجوات في عملية اندماج المهاجرين".

وتعاني بريطانيا مشكلة الاعتداء على القاصرات منذ عقود، وبحسب وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان فإن غالبية هذه الجرائم يرتكبها رجال من أصول باكستانية، وما حدث في ليدز هو اعتداء أهالي منطقة ذات أكثرية من المهاجرين الغجر على عناصر شرطة كانوا رفقة موظفين يعتزمون أخذ أطفال من عائلة تصاعد العنف بين الوالدين فيها، أما في مانشستر فقد تعرض عناصر شرطة للضرب من قبل شابين ينحدران من أصول باكستانية، افتعلا شجاراً في مطار المدينة استدعى تدخل قوات الأمن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حقوق منقوصة

وبعيداً من العنف نشرت قبل أشهر فقط شبكة "جي أند بي" للمحامين تقريراً حول واقع المرأة في المملكة المتحدة، ويقول إن جهوداً كبيرة وإجراءات جماعية رسمية وشعبية لا بد من اتخاذها للتصدي للعقبات التي تواجه البريطانيات، والوصول إلى مجتمع يشرقن فيه ويحققن إمكاناتهن، كما يعيش الرجال بكل ثقة وإقبال على الحياة.

وتقول الشبكة إن البريطانيات يعانين حتى الآن حقوقاً منقوصة في بعض المجالات، مثل فجوة الرواتب بينهم وبين الرجال على رغم سن قانون المساواة في الأجور عام 1970، إذ لا تزال المرأة تحصل في المتوسط على دخل أقل في العمل والوظيفة ذاتها مقارنة بالرجل، كما تعاني تمثيلاً أضعف منه في الأدوار والمهمات الإدارية.

وتوصلت أبحاث أجراها معهد الإدارة (CMI) إلى أن النساء يشكلن 48 في المئة من القوى العاملة داخل المملكة المتحدة، وعلى رغم ذلك يشغلن 41 في المئة فقط من الأدوار الإدارية، وهذا الرقم يتراجع إلى 38 في المئة وسط المناصب القيادية التجارية العليا، ليس في قطاع بعينه وإنما في جميع مجالات العمل بما في ذلك السياسة والأوساط الأكاديمية.

وتلفت تقارير متخصصة إلى أن المرأة البريطانية تجد حتى اليوم صعوبة في تحقيق توازن مستدام بين العمل والحياة الأسرية، أي التوفيق بين واجبات رعاية الأطفال والأقارب المسنين والمسؤوليات المنزلية وبين طموحاتها المهنية، وصحيح أن الحكومات المتعاقبة قدمت للأم العاملة ساعات من رعاية الأطفال المجانية أسبوعياً، لكن الدعم لم يصل حتى الآن لمستوى كاف يمكّن النساء من المنافسة في سوق العمل.

ويشير تقرير لمجلس العموم أيضاً إلى الفارق في تمثيل المرأة من أقليات عرقية أو ثقافية داخل مؤسسات العمل ومجالات الحياة المختلفة، مقارنة بنظيراتها من النساء البريطانيات، وهو ما وثق على مدى عقدين قبل أن تلتفت الحكومة إليه عام 2018 وتبدأ مواجهته في القطاعات كافة، بخطوات توصف بالبطيئة.

 

عمل متراكم

تبدو نقاط الضعف في القوانين البريطانية المعنية بدعم وحماية المرأة متواضعة مقارنة بدول كثيرة حول العالم، ولكن المملكة المتحدة تسابق المجتمعات المتقدمة في معايير حياة أبنائها، كما أنها وصلت إلى هذه المرحلة بعد عمل تراكمي طويل في إصدار التشريعات المنصفة للمرأة، ومساندتها في العمل والبيت والمجتمع.

وقبل أكثر من 70 عاماً كان للمرأة في المملكة المتحدة القليل من الحقوق في مجالات الحياة، وحتى العمل كان يشترط على النساء التخلي عن وظائفهن عندما يتزوجن حتى يتفرغن لإدارة المنزل، ومع ظهور حركة تحرير المرأة مطلع ستينيات القرن الماضي بدأت موجة إصلاحات قانونية لمصلحة الجنس اللطيف ولم تتوقف حتى الآن.

وكانت أولى انتصارات الحركة النسوية إقرار قانون الإجهاض عام 1967، إذ منح المرأة الحق في هذا الفعل الذي كان منذ عام 1861 جريمة يعاقب كل من يسهم فيها، وبعدها جاء قانون المساواة في الأجور عام 1970 الذي تخللته تجاوزات حتى اليوم، لكنه يعد أساساً تشريعياً لكل ادعاء يصل إلى المحاكم لتفصل في القضايا ذات الشأن.

وفي عام 1973 صدر قانون زواج جديد مثّل ثورة على المفاهيم التقليدية التي عممها تشريع عام 1857، ومن بينها حق الزوج بتطليق زوجته بتهمة الزنا من دون إثبات، ثم جاء قانون إلغاء التمييز على أساس الجنس عام 1975 الذي منع اضطهاد المرأة بسبب جنسها، أو على أساس حالتها الاجتماعية كسيدة متزوجة وأم لأطفال.

وصدر في العام ذاته أيضاً قانون لمنع التمييز ضد النساء الحوامل، وفي عام 1998 جاء قانون حقوق الإنسان الذي وضع المرأة على قدم المساواة مع الرجل في جميع التفاصيل، وبعدها في عام 2003 أصبح التحرش بالنساء جريمة يعاقب عليها القانون، ومع الوقت أصبح هذا يشمل كل تعرض للمرأة بالفعل واللفظ أو الإيحاءات.

ووضع برلمان عام 2004 حداً للعنف بحق النساء والفتيات عبر تشريع يجرم التعدي عليهن، ثم صدر قانون المساواة في الحقوق والواجبات عام 2010، وبعدها في عام 2021 بدأت الدولة تلاحق وتجرّم كل من يعتدي على المرأة داخل المنزل الذي تعيش فيه، سواء كان أخاً أو أباً أو زوجاً أو قريباً، ومهما كانت الأسباب.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير