Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل كان مديرو مناظرة ترمب - هاريس منحازين ضد الرئيس السابق؟

التحقق من صحة الوقائع ومحاسبة المرشحين هما الحد الأدنى لضمان إفادة الناخبين

ملخص

رأى قسم من المراقبين أن إدارة المناظرة كانت الأفضل، لأن أسئلة مديري المناظرة كانت حادة، وكان بحثهم دقيقاً ونهجهم هادئاً، وتمكنوا من التدقيق في المعلومات والتصريحات فور صدورها من دون أن يظهروا وكأنهم حزبيون في شكل مفرط.

أثار أداء مديري مناظرة ترمب – هاريس من شبكة "ايه بي سي نيوز" جدلاً واسعاً حول ما ينبغي أن يقوم به ممثلو المحطات التليفزيونية في مثل هذه المناظرات، فمن ناحية اعتبر المنتقدون أن نهج مديري المناظرة كان عدوانياً ومنحازاً ضد الرئيس السابق في مقابل معاملتهم اللينة لنائبة الرئيس الحالي، ومن الناحية الأخرى امتدح آخرون إدارة المناظرة باعتبارها متوازنة وكانت الأفضل منذ فترة طويلة، لأن التحقق من صحة الوقائع والمتابعة ومحاسبة المرشحين على تصريحاتهم تعد الحد الأدنى لضمان أن تكون مفيدة للجمهور، فما حقيقة الخلاف؟ وما الدور المطلوب عملياً من مديري المناظرات؟ وهل يشكل انحيازهم آراء الناخبين؟

انتقادات مريرة

بعد 40 دقيقة فقط من انتهاء مناظرة أول من أمس الثلاثاء، وهي أول مناظرة رئاسية بين المرشح الجمهوري دونالد ترمب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، شن الجمهوريون انتقادات لاذعة ومريرة لمديري المناظرة من شبكة "ايه بي سي نيوز" ديفيد ميور ولينسي ديفيس، بسبب ما وصفوه بانحيازهما السافر ضد ترمب من خلال تركيزهما على التدقيق في حقيقة التصريحات التي يدلي بها الرئيس السابق حول مواضيع مختلفة من الجريمة والإجهاض إلى تعليقاته السابقة حول انتخابات 2020، من دون القيام بالشيء نفسه مع هاريس، مما دفع ترمب إلى الدعوة إلى إغلاق الشبكة الإخبارية التي تمتلكها شركة "ديزني" وسحب ترخيصها.
وامتدت الانتقادات على نطاق واسع بين الجمهوريين والمحافظين من السيناتور توم كوتون الذي اعتبر أن المناظرة كانت ثلاثة ضد واحد، إلى جانب مضيف الراديو المحافظ باك سيكستون، الذي وصف تدقيق الحقائق الذي يقوم به مذيعا "ايه بي سي" بأنه "خدعة وأمر شائن، لأنه يتم بشكل غير صحيح وبطريقة منحازة بشكل واضح، لدرجة أن تحمل ترمب لهذا الكمين هو بمثابة فوز بالمناظرة". كما أشارت مقدمة برنامج "أوت كيك" تومي لاهرين إلى أنه عندما لا يجيب ترمب عن السؤال بشكل مباشر تعيد "ايه بي سي" طرح السؤال، لكن حينما لا تجيب كامالا بشكل مباشر عن سؤال يتركونها من دون متابعة.

إعلام متحيز

لكن انتقادات الرئيس السابق لقناة "ايه بي سي نيوز" هي جزء من رواية أوسع نطاقاً، بدأت منذ فترة طويلة باتهامه وسائل الإعلام الرئيسة بأنها متحيزة ضده، وقارن ترمب بين تجربته في مناظرة "ايه بي سي نيوز" ومناظرة سابقة مع بايدن على قناة "سي أن أن"، قائلاً إن الأخيرة كانت "أكثر شرفاً".
وفي الفترة التي سبقت يوم الثلاثاء الـ10 من سبتمبر (أيلول) الجاري، هاجم ترمب قناة "ايه بي سي نيوز" ووصفها بأنها "الأسوأ" و"الأكثر شراسة"، ورفع دعوى قضائية تزعم أن أحد مذيعي الشبكة وهو جورج ستيفانوبولوس، أضر بسمعته، ومع ذلك قبل ترمب وحملته القواعد الأساسية التي وضعتها "ايه بي سي نيوز" للمناظرة، وكانوا راضين عن اختيار مديري المناظرة بمن فيهم ديفيد ميور الذي اختاره ترمب لإجراء أول مقابلة تلفزيونية رئيسة له بعد توليه منصبه كرئيس في عام 2017.
ويتسق ذلك مع ما أشارت إليه المضيفة المشاركة في برنامج "فوكس أند فريندز" أنسلي إيرهارت حول تقرير صادر عن "مركز أبحاث وسائل الإعلام"، وهي منظمة محافظة اتهمت منافذ إعلامية مثل "ايه بي سي نيوز" بتفضيل المرشحين الديمقراطيين بشكل غير عادل، وزعم التقرير، الذي أبرزته منافذ إعلامية يمينية مثل "بريتبارت" و"دايلي واير"، أن برنامج "وورلد نيوز تونايت" الذي يقدمه ديفيد ميور كان منحازاً لصالح هاريس.
وبث برنامج "فوكس أند فريندز" فيديو لمقتطفات من تصريحات أدلت بها هاريس عن ترمب أثناء المناظرة، وصفتها إيرهاردت بأنها أكاذيب، إذ شملت تعليقات لها حول خطط ترمب لمشروع 2025 ودعمه المحتمل لحظر الإجهاض على مستوى الولايات المتحدة، إضافة إلى تصريحاتها حول تعليقات ترمب المثيرة للجدل في أعقاب مسيرة "تفوق البيض" في مدينة تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، ومع ذلك لم يتدخل مديرا المناظرة، وبدلاً من ذلك، اضطر ترمب إلى الدفاع عن نفسه، مؤكداً أن تصريحاته في شأن تشارلوتسفيل أخرجت من سياقها، وأن تعليقه حول "حمام الدم" الذي أشارت إليه هاريس كان يتعلق بالاقتصاد، وليس دعوة إلى العنف.

إدارة غير حزبية

غير أن آخرين اعتبروا أن إدارة المناظرة كانت الأفضل، لأن أسئلة مديري المناظرة كانت حادة، وكان بحثهم دقيقاً ونهجهم هادئاً، وتمكنوا من التدقيق في المعلومات والتصريحات فور صدورها من دون أن يظهروا وكأنهم حزبيون في شكل مفرط بحسب ما يقول الكاتب والمؤلف "جاستين بيترز" الذي اعترف بأن التدقيق في الحقائق ربما يبدو وكأنه توبيخ، وقد يبدو أحياناً أن الشخص الذي يتم التحقق من صدق معلوماته يواجه عصابة من المنسقين الذين يديرون المناظرة.
لكن ديفيس وميور لم يدحضا كل كذبة قالها ترمب، ولم يسمحا لأنفسهما بالظهور منزعجين من ادعاءات ترمب غير الدقيقة، وقدموا بدلاً من ذلك تفنيدهم بنبرة محايدة وواقعية، وعلى سبيل المثال أعلن ترمب خلال تبادل الحوار حول الإجهاض، أن بعض الولايات ستسمح بقتل الأطفال بعد ولادتهم، وانتظرت المذيعة ديفيس ترمب حتى أنهى رده ثم قالت "لا توجد ولاية في هذا البلد يكون من القانوني فيها قتل طفل بعد ولادته"، ثم طالبت هاريس بالرد على ترمب.

وفي وقت لاحق عندما قال ترمب إن المهاجرين غير المسجلين في مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو يأكلون القطط والكلاب الأليفة في تكرار لادعاء يميني اجتاح الإنترنت هذا الأسبوع، رد ديفيد ميور بهدوء قائلاً إن شبكة "ايه بي سي نيوز" تواصلت مع مدير المدينة هناك، وأخبرهم أنه لم تكن هناك تقارير موثوقة عن مزاعم محددة حول تعرض الحيوانات الأليفة للأذى أو الإصابة أو الإساءة من أفراد داخل مجتمع المهاجرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


محاسبة شبه متوازنة

ورأت الناقدة التليفزيونية بمجلة "تايم" الأميركية جودي بيرمان أن "مديري المناظرة لم يكتفيا بفضح افتراءات ترمب، بل ضغطا على المرشحين، اللذين واجها تعليقاتهم السابقة في شأن قضايا ربما كانوا يفضلون التهرب منها، إذ كان على هاريس توضيح حفنة من التصريحات المتضاربة أو الغامضة التي أدلت بها على مر السنين، حول قضايا مثيرة للانقسام مثل التكسير الهيدروليكي والحرب في غزة، وعندما تهرب ترمب من سؤال عما إذا كان يشعر بالندم على سلوكه في شأن اقتحام الكابيتول في السادس من يناير(كانون الثاني) 2021، سأله ميور مرة أخرى".
وعلى رغم أن التوازن لم يكن مثالياً، إلا أن ديفيس وميور اللذين كانا يتمتعان بالقدرة على إسكات ميكروفونات المرشحين عندما لا يحين دورهما في الكلام، سمحا لترامب وهاريس بالحديث المتبادل المفرط. ووفقاً لجودي بيرمان، فإن التحقق من صحة الوقائع والمتابعة ومحاسبة المرشحين على تصريحاتهم السابقة تعد الحد الأدنى الذي يجب على المؤسسات الإخبارية التي تستضيف المناظرات الرئاسية المتلفزة القيام به، لضمان أن تكون مثل هذه المناظرات مفيدة للجمهور الأميركي وليس مجرد مادة ترفيهية خفيفة، لأن هذه المحاسبة تفصل التغطية الإخبارية الدقيقة عن الدعاية المجانية، وأي شيء أقل من ذلك سيكون سوء ممارسة صحافية.

تقييم الأكاذيب

وتستنكر الباحثة في كلية الدراسات العالمية والحضرية والاجتماعية في جامعة ملبورن الملكية إيما شورتس، مطالبة المحللين والخبراء بتقييم أو وزن الصدق والأكاذيب خلال المناظرات على اعتبار أن ذلك أمر غير عادي، إذ كيف يمكن مقارنة الأكاذيب مثل الادعاء بأن الناس يأكلون الحيوانات الأليفة، في وقت تغفل فيه تفاصيل قضايا السياسة في شكل منتظم، معتبرة أن "الإغفال الأكبر هو الذي يبتلي السياسة الأميركية"، إذ كيف يمكن لأي من المرشحين التغلب على نظام انتخابي معطل لن يسمح لرئيس من دون غالبية في مجلس الشيوخ بإجراء أي إصلاحات جوهرية، وهذا سؤال لا أحد لديه إجابة عليه حتى الآن على رغم أنه بالغ الأهمية لاستقرار وازدهار الديمقراطية.

في المقابل يرى أستاذ الإعلام والاتصالات في جامعة ديكين ماثيو ريكيتسون أن "ترمب يعاني حساسية مفرطة تجاه الحقائق، وفي كثير من الأحيان ينجو من المساءلة بفضل التكرار المحض لها، لكن في مناظرة الثلاثاء صحح على الهواء من هاريس والمضيفَين ديفيد ميور ولينسي ديفيس، في شأن عدد من القضايا، بما في ذلك الإجهاض، وخسارته في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، والإشاعة الغريبة التي كررها حول أكل المهاجرين للكلاب والقطط، وفي المقابل بدا أن هاريس تهربت من سؤال حول ما إذا كانت غيرت موقفها في شأن سياسة التكسير الهيدروليكي منذ عام 2019".

هل يحدث التحقق أثراً؟

يشير مدير الأبحاث في مركز الدراسات الأميركية جاريد موندشين إلى أن هذا القدر من التدقيق بالحقائق في وسائل الإعلام لم يكن سائداً في الماضي، ولكن لا يزال هناك جدال حول ما إذا كانت عمليات التحقق تحدث تأثيراً ملموساً.
وليس من الواضح ما إذا كان عدد من عمليات التدقيق والتمحيص في الحقائق التي تلي المناظرات السياسية ستخلف تأثيراً كبيراً في تصورات المرشحين، وعلى سبيل المثال في عام 2016 اعتقد أنصار هيلاري كلينتون أنه من الحقائق التي لا يمكن إنكارها، أنها فازت في مناظراتها ضد ترمب، لأنها بدت أكثر تقليدية في الرئاسة وأكثر تركيزاً على السياسة، كما اعتقد أنصار ترمب أنه من الحقائق التي لا يمكن إنكارها أنه فاز لأنه سخر من أجندتها السياسية المنفصلة عن الواقع.
وربما تكون إحدى الحقائق بالنسبة إلى أنصار ترمب بعد مناظرة الثلاثاء أن مديري المناظرة حققوا في صحة تصريحاته وبياناته أكثر من بيانات هاريس، وربما تكون إحدى الحقائق بالنسبة إلى أنصار هاريس أنها بدت واثقة ومسيطرة في بيئة غير مكتوبة، ولكن لا يزال من غير الواضح ما الحقائق التي قد تكون واضحة للناخبين القلائل الذين لم يحسموا لمن سيصوتون في الانتخابات.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات