Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يعني منح واشنطن المعونة الأميركية كاملة لمصر؟

محللون أرجعوا القرار إلى أدوار تلعبها القاهرة إقليمياً وتجاوبها مع ملاحظات المعتقلين السياسيين

لقاء سابق جمع الرئيسين الأميركي جو بايدن والمصري عبد الفتاح السيسي (رويترز)

ملخص

يؤكد الموقع الرسمي للمعونة الأميركية أن الولايات المتحدة قدمت 30 مليار دولار إلى مصر استثمارات في مجالات تنموية منذ عام 1978.

للمرة الأولى منذ سنوات قررت الإدارة الأميركية صرف المعونة العسكرية لمصر كاملة دون استقطاعات متعلقة بسجل القاهرة في حقوق الإنسان، مستندة إلى "مصلحة الأمن القومي الأميركي"، وفق تعبير الخارجية الأميركية. وأرجع محللون تحدثوا لـ"اندبندنت عربية" القرار إلى إدراك واشنطن أهمية أدوار مصر في الشرق الأوسط، بخاصة في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة التي قاربت على عامها الأول.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أبلغ الكونغرس بأنه سيعلق شرط التصديق على مبلغ 225 مليون دولار، المرتبط بسجل سجل مصر في حقوق الإنسان، وذلك من إجمال 1.3 مليار دولار قيمة المعونة السنوية التي تصرف منذ توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، والتي اعتبرتها واشنطن استثماراً في الحفاظ على استقرار المنطقة.

تعزيز السلام الإقليمي

المتحدث باسم وزارة الخارجية قال لوكالة "رويترز" إن القرار "مهم لتعزيز السلام الإقليمي ومساهمات مصر المحددة والمستمرة في أولويات الأمن القومي للولايات المتحدة، بخاصة لإتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وإعادة الرهائن إلى ديارهم، وزيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، والمساعدة في تحقيق نهاية دائمة للصراع بين إسرائيل و(حماس)".

وتلعب مصر بالشراكة مع قطر والولايات المتحدة دور الوساطة في المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس"، الرامية إلى إبرام صفقة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة، كما تعد مصر المنفذ شبه الوحيد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى أهالي القطاع.

دور لا غنى عنه

يشير الباحث في الشأن الأميركي عاطف سعداوي إلى أن العلاقة بين القاهرة وواشنطن استراتيجية، فلا يمكن لأي طرف الاستغناء عن الآخر، فدور مصر في الصراع العربي - الإسرائيلي لا يمكن استبداله لاعتبارات كثيرة، فضلاً عن ملفات مشتعلة أخرى بحكم الجوار الإقليمي أو التأثير السياسي، مثل ملفي السودان وليبيا، فلا يمكن استبدال الدور المصري أو الاستغناء عنه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال سعداوي إن الإدارة الأميركية ترى أن قرار صرف المعونة بالكامل لمصر مهم لتعزيز السلام الإقليمي في ظل مفاوضات جارية تتعلق بوقف النار في غزة وتبادل الرهائن ومنهم أميركيون، فضلاً عن دور القاهرة في حل القضية الفلسطينية.

وعن تفاصيل المعونة البالغ قيمتها 1.3 مليار دولار أوضح سعداوي أنها تتضمن جزءاً ثابتاً قيمته 980 مليون دولار لا تخضع للمراجعة، و95 مليون دولار متعلقة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، و225 مليوناً الباقية متعلقة بتلبية مصر لحقوق الإنسان وفق التقييم الأميركي.

تعليق متكرر

وحافظت الولايات المتحدة على مدار أكثر من أربعة عقود على قيمة المساعدات العسكرية لمصر، فيما تناقصت المعونة الاقتصادية لتصل إلى 250 مليون دولار عام 2010 بعدما كانت 815 مليوناً في 1998. وبحسب الموقع الرسمي للمعونة الأميركية قدمت الولايات المتحدة 30 مليار دولار استثمارات في مجالات تنموية منذ عام 1978.

وتأثرت قيمة المعونة العسكرية في السنوات الأخيرة بقرارات تتعلق بحقوق الإنسان، إذ علقت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما المعونة العسكرية عام 2013 للمرة الأولى منذ إقرارها، لكن ألغي القرار بعد أشهر، وتكرر استقطاع جزء من المعونة العسكرية عام 2017. ومنذ تولي إدارة جو بايدن لم تصرف المعونة العسكرية كاملة، إذ جرى استقطاع 130 مليون دولار عام 2022، وفي عام 2023 تم حجب 85 مليون دولار وتحويلها لمساعدات لدول أخرى.

محاولة استرضاء

أما مساعد وزير الخارجية المصري السابق لشؤون الأميركتين السفير رخا أحمد فاعتبر أن موافقة وزارة الخارجية الأميركية على منح مصر المعونة كاملة دون اقتطاع محاولة لاسترضاء القاهرة، خصوصاً في شأن ملف أزمة محور فيلادلفي مع إسرائيل في ظل دعم الولايات المتحدة المطلق لتل أبيب. وقال إن واشنطن "وهي شريكة في الحرب على غزة" تحاول استعادة دورها وأصدقائها في العالم العربي، وخصوصاً مصر، لافتاً إلى أن السفارة الأميركية لدى القاهرة لمست حجم الغضب المصري من قرارات البيت الأبيض، بالتالي تحاول واشنطن الموازنة بين حليفتيها القاهرة وتل أبيب.

ويرى رخا أن القرار محاولة أميركية لإصلاح سياستها تجاه المنطقة ككل، لافتاً إلى أنه غير كافٍ، "فحجم الضرر أكبر" في ما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط وقبول إسرائيل كدولة في المنطقة، ولا يمكن تعويضه على المدى المتوسط. وأضاف أن الإجراءات الإسرائيلية الحالية مدمرة لعملية السلام في الشرق الأوسط وفي فلسطين تحديداً، ولولا "الانضباط الاستراتيجي لمصر كان الموضوع ساء جداً"، مشدداً على أن دور القاهرة سيستمر في كل الأحوال لأن القضية الفلسطينية مرتبطة بالأمن القومي المصري.

علاقات استراتيجية

وأرجعت المتخصصة في مجال العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة نهى بكر الموافقة على صرف المعونة كاملة إلى أهمية مصر والعلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن ودورها الحالي في أمن المنطقة وملف غزة. وقالت إنه منذ عهد أوباما بدأت سلسلة من الاقتطاع الجزئي للمساعدات، مروراً بعهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وصولاً إلى بايدن. واستبعدت محاولة الإدارة الأميركية استرضاء مصر بعد انحياز واشنطن لإسرائيل في حرب غزة، مؤكدة أن الأمر "مسألة مصالح"، فواشنطن تعي أهمية دور القاهرة في مفاوضات غزة، وأنها الأقدر على التعامل مع الجانب الفلسطيني، وتحتاج إليها كوسيط موثوق فيه.

ورأت أن صرف المعونة متعلق بدور مصر في أمن المنطقة ككل، واستدامته في مكافحة الإرهاب، وجهودها في حل القضايا العالقة في ليبيا والسودان والصومال. وأوضحت أن واشنطن لم تتجاهل "ملف حقوق الإنسان"، لكنها أعفت القاهرة من ارتباط صرف المعونة بذلك الملف.

تحسن حقوقي

بالعودة إلى الباحث في الشأن الأميركي عاطف سعداوي فإنه يرى أن الإدارة الأميركية لديها مبرر في صرف المعونة، وهو إجراء مصر تعديلات على قانون الحبس الاحتياطي وبدء تنفيذ توصيات الحوار الوطني، فضلاً عن الإفراج عن عدد كبير من السجناء السياسيين.

وفي أغسطس (آب) الماضي وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي باتخاذ الإجراءات القانونية نحو إصدار قرار بعفو رئاسي عن 600 محكوم عليهم في جرائم مختلفة. وكان عضو لجنة العفو الرئاسي محمد عبدالعزيز قال عام 2023 إن اللجنة أسهمت في الإفراج عن 1400 من المحكوم عليهم.

 

 

وتنفي مصر وجود سجناء سياسيين، إذ سبق وأكد السيسي في مقابلة مع قناة أميركية عام 2019 أنه لا يوجد معتقلون سياسيون في السجون المصرية.

ونقلت "رويترز" عن المتحدث باسم الخارجية الأميركية في شأن أسباب صرف المعونة العسكرية بالكامل قوله إن مصر بذلت هذا العام جهوداً كافية في شأن السجناء السياسيين لتفرج واشنطن عن مساعدات قدرها 95 مليون دولار مرتبطة بالتقدم في هذه القضية. وأضاف أن واشنطن تواصل "حواراً صارماً مع الحكومة المصرية عن أهمية تعزيز حقوق الإنسان على نحو ملموس، وهو ما يعد حاسماً في استدامة أقوى شراكة ممكنة بين واشنطن والقاهرة".

وتعد مصر ثاني أكبر متلقٍّ للمساعدات العسكرية الأميركية، وقال ترمب عام 2019 إن الولايات المتحدة قدمت لمصر مساعدات عسكرية بأكثر من 40 مليار دولار، ومساعدات اقتصادية بأكثر من 30 مليار دولار منذ التوقيع على معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية عام 1979.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير