Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تقود "سهام الشمال" إلى اندلاع "حرب لبنان الثالثة"؟

العملية العسكرية التي أطلقتها إسرائيل تستهدف مواقع "حزب الله" وسط تكهنات بأنها تمهيد لعملية واسعة تشمل اجتياحاً برياً

غارات إسرائيلية تستهدف مدينة بعلبك في وادي البقاع (أ ف ب)

ملخص

تشير التطورات بين "حزب الله" وإسرائيل إلى تصعيد عسكري مفتوح على سيناريوهات مختلفة، إذ تكثفت الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان، مما يثير تساؤلات حول نوايا إسرائيل باجتياح بري وتزايد التكهنات حول توسع الحرب لتصبح "حرب لبنان الثالثة" في حين تؤكد إسرائيل أن عملياتها دفاعية وتستهدف مواقع أسلحة "حزب الله".

تشير التطورات الميدانية بين "حزب الله" وإسرائيل إلى أن المواجهة بين الطرفين باتت مفتوحة على السيناريوهات كافة، وتطرح الغارات المكثفة على جنوب لبنان تساؤلات في شأن ما إذا كانت تمهد لاعتماد إسرائيل سياسة "الأرض المحروقة" في إطار تحضيرات محتملة لشن عملية اجتياح بري على البلدات الحدودية اللبنانية.

 

وقبل ساعات من بدء تل أبيب تصعيداً هو الأعنف على مناطق واسعة في لبنان منذ نحو 20 سنة قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، "إذا فشل العالم في سحب 'حزب الله' إلى ما وراء نهر الليطاني، فإن إسرائيل ستفعل ذلك"، في تهديد رسمي عقب اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر.

وفي وقت أطلق فيه الجيش الإسرائيلي تسمية "سهام الشمال" على العملية العسكرية التي يشنها سلاح الجو لم تغلق "النافذة" الدبلوماسية، إذ وضع مسؤولون إسرائيليون معادلة "انسحاب 'حزب الله' إلى ما وراء نهر الليطاني لإعادة نازحي الشمال إلى مساكنهم بأمان، والبالغ عددهم نحو 60 ألف مستوطن"، كشرط للتراجع عن العملية العسكرية.

واستبقت إسرائيل الغضب والإدانات العربية والعالمية لضرباتها المتتالية على لبنان، والتي أسفرت عن مقتل المئات وجرح الآلاف، عرضت صوراً لصواريخ قالت إن "حزب الله" يخبئها في منازل المدنيين في لبنان مما يبرر للجيش الإسرائيلي ضرب هذه الأماكن، وتأكيداً على أن الحزب يستخدم المدنيين دروعاً بشرية.

 

 

حرب لبنان الثالثة

وسبق للجيش الإسرائيلي أن أعلن أنه تم تحويل "غزة" إلى ميدان ثانوي في مقابل تقديم أولوية الجبهة اللبنانية، مما فتح النقاش حول إمكانية توسع الحرب ودخول إسرائيل في "حرب لبنان الثالثة"، بعد مرور 19 عاماً على حربها الثانية في يوليو (تموز) عام 2006، حيث خلفت أكثر من 1300 قتيل لبناني، ودماراً هائلاً بالبنية التحتية، ودامت 33 يوماً وانتهت بالقرار 1701 الذي أوقف العمليات العسكرية.

وأوضح المتخصص في المجال العسكري والاستراتيجي العميد الركن خالد حمادة أن إسرائيل حققت في حرب عام 2006 مكسباً سياسياً مهماً تمثل بالقرار 1701، إذ أدخلت 12 ألف جندي أجنبي إلى الحدود مع لبنان، ومنذ ذلك الوقت لم ينفذ "حزب الله" أي عملية عابرة للحدود باتجاه إسرائيل، مما جعله متفرغاً للداخل اللبناني للعب أدوار سياسية وأمنية وعسكرية، كما بات منصرفاً للحروب التي تخوضها إيران في الدول العربية من سوريا إلى العراق واليمن.

وفي سياق هجمات الجيش الإسرائيلي المستمرة على المناطق المأهولة بالسكان قال إن "'حزب الله' يخزن أسلحته، ويعلن بعض المسؤولين الإسرائيليين أن حرب لبنان الثالثة قد بدأت، وذلك في أعقاب الضربات الجوية الكبيرة التي يشنها الجيش ضد الحزب في العمق اللبناني".

رفض "الحل"

كل ذلك يأتي وسط عجز في الجهود الدبلوماسية المتعددة الأطراف التي استنفدت نهائياً، خصوصاً أن رسائل دولية كانت تصل إلى لبنان عبر الأميركيين وغيرهم تفيد بأن أبواب الدبلوماسية قد أغلقت، وأن تل أبيب مصممة على الدخول في حرب.

وفي رأي مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن ديفيد شينكر، فإن "حزب الله" رفض فرصاً عدة لحل النزاع بصورة دبلوماسية، وأصر على ربط مصير لبنان بالتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإبرام صفقة الرهائن، في حين وافقت إسرائيل على الوساطة التي نقلها الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى المسؤولين اللبنانيين. ولفت إلى أن إسرائيل انتظرت 11 شهراً، "من الحرب المضبوطة والضربة مقابل الضربة، قبل أن تبدأ بالتصعيد وشن الهجوم الواسع"، وأشار إلى أن إسرائيل لم تعد تقبل باستمرار هجمات "حزب الله" وعدم عودة سكان المناطق الشمالية إلى منازلهم.

الغزو البري

في هذا الوقت، أعلن وزير الخارجية الفرنسي الجديد جان-نويل بارو أن بلاده طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع لبحث الوضع في لبنان، وكشفت مصادر دبلوماسية غربية أن فرنسا تعمل مع شركائها الإقليميين، ولا سيما مجموعة الدول السبع الكبرى لخفض التصعيد، مشيرة إلى أن فرنسا تكثف اتصالاتها لإعادة إحياء خطتها لخفض التصعيد والتي ترتكز في المرحلة الأولى من إسرائيل التراجع عن توسيع الهجمات في لبنان، ومن "حزب الله" عدم الربط بين مجريات الأمور بين غزة ولبنان.

وتشير أوساط دبلوماسية أميركية الى أن توسيع الحرب هو سياق دفاعي تقوم به إسرائيل وليس هجومياً، مؤكدة أن أميركا فعلت الكثير لضبط الصراع ومنع التصعيد، وأنها لا تزال تقدم المبادرات لاحتواء النزاع، وأن الفرصة لا تزال قائمة للعودة إلى الحلول الدبلوماسية، كاشفة عن أن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً كبيرة على الحكومة الإسرائيلية لمنع الغزو البري للأراضي اللبنانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عمليات سيبرانية وأمنية

وفي السياق أيضاً، رأى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد الركن المتقاعد هشام جابر أن "تكثيف الغارات الجوية قد يشكل تمهيداً لحرب واسعة النطاق"، مستبعداً الهجوم البري على لبنان في الوقت الحالي، وموضحاً أن الجيش الإسرائيلي لا يزال قادراً على تحقيق بعض أهدافه من خلال القصف الجوي والعمليات الأمنية، أي الاغتيالات، مما يجعله يتردد في تنفيذ توغل بري، نظراً إلى الأخطار الكبيرة التي قد تترتب على ذلك. وتوقع أن يحدث "تصعيد في القصف الجوي وتكثيف للعمليات السيبرانية والأمنية، أي الاغتيالات، وكذلك الحرب النفسية"، وإذا لم تنجح هذه الوسائل في تحقيق الأهداف الإسرائيلية، فقد يلجأ الجيش الإسرائيلي إلى "شن حرب واسعة"، مضيفاً أن "حزب الله" يتجنب حتى الآن أن يكون الطرف الذي يبادر إلى تلك الحرب، وقال إن الوضع الحالي في لبنان على حافة الهاوية.

أين إيران؟

بدوره لفت النائب في البرلمان اللبناني غسان سكاف إلى أن المشكلة الحقيقية في المواجهة العسكرية بين "حزب الله" وإسرائيل تكمن بالموقف الإيراني الملتبس وغير المفهوم تجاه ما يتعرض له الحزب من ضربات موجعة، "لا سيما أنه (حزب الله) الذراع الإيرانية الأبرز والأكثر تسلحاً في المنطقة، بعد صمتها تجاه ما وعدت به من رد موجع على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' إسماعيل هنية"، وفي رأيه، "القدرات التقنية الإسرائيلية حولت حرب الإسناد إلى حرب غير تقليدية، مرتكزة على مواجهات استخباراتية تكنولوجية بالتوازي مع اغتيالات لقادة الحزب".

تحولات ومفاجآت

في المقابل، رفض المحلل السياسي المقرب من "حزب الله" حسن الدر فرضية تخلي إيران عن "حزب الله"، معتبراً أنها تقدم كل الدعم السياسي واللوجيستي "في ظل تواطؤ دول العالم من أميركا وأوروبا ومعظم الدول الغربية مع إسرائيل في مواجهة إيران ومحور المقاومة". وعن قدرة "حزب الله" على الاستمرار والصمود في المعركة، قال الدر "إننا في اليوم الأول للمعركة، والأيام المقبلة ستحمل كثيراً من المفاجآت التي ستربك إسرائيل، وتغير في مسار الأمور الميدانية"، معتبراً أن "أي جيش في العالم يتلقى الصدمات المتتالية التي تلقاها الحزب خلال أيام قليلة لكان قد تفكك، إلا أن 'حزب الله' استطاع استيعابها والتعامل معها".

العمق اللبناني

من ناحية أخرى، أثار استهداف الطيران الإسرائيلي مواقع في عمق محافظة جبل لبنان، ولا سيما في قضائي كسروان وجبيل وبعض القمم الجبلية، تساؤلات حول إمكانية وجود بنى تحتية أو تحركات لـ"حزب الله" في مناطق ذات طابع "مسيحي" وبعيدة من الحدود الإسرائيلية، ومدى الأهمية الاستراتيجية للوجود في تلك المناطق.

وفي رأي مراجع سياسية من تلك المناطق فإن وجود مواقع للحزب ضمنها غير مبرر لناحية المواجهة مع إسرائيل، إنما يمكن فهمه بأنه في سياق محاولة "حزب الله" الوجود في جميع المناطق اللبنانية، في حين يبرر الحزب في أكثر من مناسبة بأن هدفه من الوجود في العمق اللبناني منع أي اختراق إسرائيلي.

المزيد من متابعات