Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تركت إيران "حزب الله" وحيدا في مواجهة إسرائيل؟

مراقبون يؤكدون أن طهران لا تريد التورط في الحرب وآخرون يراهنون على استمرار دعمها حسن نصرالله

مبنى سكني استهدفته غارة إسرائيلية في منطقة الغبيري بالضاحية الجنوبية لبيروت مما أدى إلى مقتل أحد قادة "حزب الله" (أ ف ب)

ملخص

تتخوف دول عدة في المنطقة والعالم من أن توسع رقعة المواجهات مع إسرائيل، بالتالي الدخول في حرب ومواجهات إقليمية، قد تمتد لتطاول أراضي إيران بوصفها الراعي الإقليمي لـ"حزب الله" وغيره من الفصائل المسلحة.

حزمت إسرائيل قرارها بالدخول في "حرب لبنان الثالثة" بعد إعلانها عن عملية "سهام الشمال"، واتخذ مسار التصعيد الإسرائيلي تجاه الداخل اللبناني منعطفات خطرة جداً، بعدما سقطت كل الخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك بين طرفي القتال "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.

إسرائيل التي شرعت في عمليات عسكرية مدمرة في مناطق عدة من لبنان، قيل إنه لم يحدث بشراستها منذ عام 1948، تعكس بصورة واضحة الاستراتيجية العسكرية التي تعتمدها إسرائيل منذ بدء حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وهي استراتيجية غير معلنة، ولكنها تبدو واضحة عبر زرع أحزمة نار على حدودها الجنوبية مع غزة، والشمالية مع لبنان، واعتمادها سياسة الأرض المحروقة.

وتتخوف دول عدة في المنطقة والعالم من أن توسع رقعة المواجهات، بالتالي الدخول في حرب ومواجهات إقليمية، قد تمتد لتطاول أراضي إيران بوصفها الراعي الإقليمي لـ"حزب الله" وغيره من الفصائل المسلحة.

وفي ظل التصعيد الخطر التي شهدته الحدود اللبنانية مع إسرائيل، تقفز إلى الواجهة صورة غزة والدمار التي لحق بها، عدا عن الخسائر البشرية الهائلة.

في هذا الشأن قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة ألقاها خلال افتتاح جلسات الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأميركية إن شعوب العالم ولبنان وإسرائيل لا يمكنها تحمل أن يتحول لبنان إلى "غزة جديدة".

وعلى أرض المعركة، تفاخر قادة إسرائيل بما يعتبرونه "نجاحاً" بعد الاستهدافات التي لحقت بـ"حزب الله" من "واقعة البيجر" إلى تفجير أجهزة اللاسلكي، ومن بعدها سلسلة الاغتيالات التي طاولت قادة في "قوة الرضوان" وعلى رأسهم إبراهيم عقيل، وتوالت السبحة لتصل إلى القائد الميداني إبراهيم قبيسي الذي قضى بغارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية أمس الثلاثاء ونعاه الحزب صباح اليوم الأربعاء.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أثنى على الغارات الجوية التي قام بها جيشه في الداخل اللبناني، وقال "كانت عملية اليوم متقنة، كان هذا أسوأ أسبوع يمر على ’حزب الله‘ منذ تأسيسه، والنتائج تتحدث عن نفسها"، وتابع أن الغارات الجوية دمرت آلاف الصواريخ التي كان من الممكن أن تقتل مواطنين إسرائيليين.

ووفقاً لوزارة الصحة اللبنانية، فإن حصيلة ضحايا الهجمات الإسرائيلية على لبنان حتى لحظة كتابة هذا التقرير وصلت إلى 558 قتيلاً و1835 جريحاً خلال العملية العسكرية، ويعادل هذا الرقم نصف عدد القتلى في لبنان خلال أكثر من شهر من الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" في يوليو (تموز) 2006.

ووفقاً لتصريحات قادة إسرائيل، يبدو أن الحرب تأخذ منحى "تصفية حسابات" مع "حزب الله" وأن تكثيف الهجوم الشرس سيجبر الحزب على التنازل، ويجبر الأمين العام للحزب حسن نصرالله على التراجع أو فصل جبهة الجنوب عما يحصل في غزة، وإلا سيدفع ثمناً باهظاً على صعيد الخسائر في الأرواح والممتلكات، مما قد يبدل في مزاج تلك البيئة التي ستبدأ بالسؤال عن الكلفة الباهظة للحرب التي وفقاً لمصدر الحزب "أنها في أولها"، مما يعني أن أبواب الخسائر ستشرع على مصراعيها.

 

 

وأكدت مصادر "حزب الله" أنه لا يزال "يمتلك كثيراً من الأوراق والأسلحة التي لم يستخدمها حتى الآن، وهو يضع برنامجاً واضحاً لآلية استخدامها واختيار التوقيت المناسب لذلك لأنه وفق تقديراته فإن الحرب ستكون طويلة".

ودبلوماسياً أجرى مسؤولون أميركيون سلسلة اتصالات مع نظرائهم الإسرائيليين في شأن التطورات الأخيرة على جبهة لبنان، وقال البيت الأبيض إنه ما زال هناك مجال للعمل الدبلوماسي، في حين صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يفضل تجنب حرب شاملة، لكنه يتمسك بإبعاد "حزب الله" من الحدود.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن "هناك طرقاً أفضل لإعادة الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال، بدلاً من الحرب وفتح جبهة ثانية ضد ’حزب الله‘"، مردفاً أنه "لا نذرف الدموع على إبراهيم عقيل الذي تلطخت يداه بالدماء الأميركية، ولكننا لا نريد التصعيد"، في إشارة إلى اغتيال قائد "قوة الرضوان" في "حزب الله"، وأضاف "لا نزال نعتقد بأن هناك وقتاً ومجالاً للعمل الدبلوماسي لحل الصراع وإعادة الإسرائيليين إلى منازلهم".

وفي السياق عينه ورداً على سؤال حول إمكان التوغل البري في لبنان، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن "الجيش سيفعل كل ما يلزم لإعادة الأمن إلى شمال إسرائيل".

بزشكيان يتخوف أن يلاقي لبنان مصير غزة

ويبدو غياب إيران في ظل هذا المشهد الملبد بالغيوم السوداء فوق رأس "حزب الله" "فاقعاً"، وبعد سلسلة خسائر مني بها الحزب وضربات اعترف بها نصرالله الذي قال خلال خطابه الأخير إنه "لا شك في أننا تعرضنا لضربة كبيرة أمنياً وإنسانياً وغير مسبوقة في تاريخ لبنان"، من خلال تعمد تفجير أربعة آلاف جهاز "بيجر" موزعة على عناصر حزبه، وأضاف أن تفجيرات أجهزة الاتصال تسببت بمقتل العشرات وسقوط عدد كبير من الإصابات، مشيراً إلى أن حجم الإصابات في العيون كبير وأن هذا ما سبب ضغطاً كبيراً في المستشفيات.

وبعد التصريح اللافت للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي قال فيه إنه لا ضير في "التراجع التكتيكي" أمام "العدو" والتراجع قد يكون في الميدانين العسكري أو السياسي، وأيضاً ما أعلنه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده مستعدة لإجراء محادثات حول ملفها النووي في نيويورك، جاءت تصريحات الرئيس مسعود بزشكيان من الأمم المتحدة في نيويورك التي أشار فيها وخلال مقابلة مع شبكة "سي أن أن" أنه "يجب ألا نسمح بأن يصبح لبنان غزة أخرى على يدَي إسرائيل"، وأضاف أنه "لا يمكن أن يواجه ’حزب الله‘ بمفرده دولة تدافع عنها وتدعمها وتزودها بالإمدادات دول غربية ودول أوروبية والولايات المتحدة"، مؤكداً أن "’حزب الله‘ وحده لا يستطيع أن يقف في وجه دولة مسلحة تسليحاً جيداً جداً، ولديها القدرة على الوصول إلى أنظمة أسلحة تتفوق بكثير على أي شيء آخر".

وطالب بزشكيان الدول الإسلامية بالتدخل "من أجل صياغة رد فعل على ما يحدث، وقبل حدوث أي شيء أكثر خطورة".

وأثارت تصريحات بزشكيان جدلاً واستهجاناً على الساحتين السياسيتين اللبنانية والدولية، علماً أن كثيرين ينتقدون تأخر طهران في عملية الرد على اغتيال القائد "الحمساوي" إسماعيل هنية الذي قتل على أراضيها، ويتهمونها بتسويف وتمييع الرد "لأنها لن تقوم به"، علماً أن نصرالله كان وصف عملية الاغتيال في الداخل الإيراني بأن "إسرائيل مسّت شرف إيران".

وتعتقد فئة كبيرة من المراقبين والمحللين ووفقاً للمؤشرات بأن هناك ما يشبه الانكفاء الإيراني والتراجع، خوفاً من أن تصيب أراضيها "سهام" إسرائيل، وقد نرى في المرحلة المقبلة عملية "تراجع تكيتيكي" في مواقفها السابقة، وربما التخلي عن سردياتها ولفترة طويلة من الزمن عكفت على توعد إسرائيل وتهديدها بإزالتها عن الخريطة الدولية.

هل تتخلى إيران عن فصيلها الأقوى "حزب الله"؟

في السياق كان موقع "أكسيوس" نقل عن مسؤولين إسرائيليين وغربيين قولهم إن "حزب الله" طلب من إيران مهاجمة إسرائيل وأن الأخيرة أبلغته بأن الوقت ليس مناسباً لشن هجوم على إسرائيل.

وكثيراً ما ردد نصرالله سردية وعلى مدى أعوام بأنه في حال ارتكبت إسرائيل "حماقة"، فهو لن يكون وحده في الحرب، بل ستكون إلى جانبه سوريا وإيران وتنظيمات شيعية تتبع طهران في اليمن والعراق وغزة والضفة الغربية وجميع "الأحرار" في العالم، من هنا يتأتى سؤال أين كل هذه القوى من الضربات والاستهدافات التي تطاول بنية "حزب الله" في لبنان وسوريا والعراق؟ ولمَ لم يتدخل حتى الآن أي منها؟.

يثير طرح الموضوع كثيراً من الأسئلة المحورية حول استراتيجية "محور الممانعة" ومواقف الأطراف المختلفة داخله، بخاصة في ما يتعلق بدور "حزب الله" والعلاقات مع إيران في ظل مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

يقول نائب رئيس التحرير في صحيفة "النهار" الكاتب والمحلل نبيل بومنصف في حديث إلى ""اندبندنت عربية" "لستُ من الذين يتحدثون عن الانكفاء الإيراني باتجاه ’حزب الله‘، أو الموجة التي تتحدث في لبنان عن بيع إيران للحزب، أو رفع الغطاء عنه، أو ما يشبه هذا من تعابير، ولكن أبررها تماماً نظراً إلى حال الانفراد التي يواجهها الحزب في هجمات إسرائيل المتعاقبة عليه والآن على لبنان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع بومنصف أنه "على رغم هذا لست مقتنعاً بأن إيران انكفأت أو أبعدت نفسها من المواجهة لأنه من الأساس قام نفوذ إيران في الدول التي تحظى ضمنها بنفوذ في المنطقة على أن توظف الأذرع الذاتية في تلك المناطق والدول، ولا تتورط هي أساساً في الصراع، وهذه فلسفة نفوذ إيران في المنطقة، والذين يدفعون الكلفة الآن هم أبناء هذه الدول سواء في فلسطين أو لبنان أو العراق أو سوريا أو اليمن، هذه فلسفة النفوذ الإيراني من الأساس ومنذ نشأة الثورة الإيرانية في إيران، فأية حرب خاضتها إيران ضد إسرائيل حتى نتحدث عن انكفاء أو ابتعاد إيراني من مواجهة إسرائيل اليوم".

أذرع إيران في المنطقة تتولى الحرب

ويرى بومنصف أن "هذه هي الفلسفة الطبيعية لإيران منذ أنشأت أذرعها في المنطقة، والفارق الوحيد الآن أن المواجهة عنيفة جداً وقاسية للغاية، وظن اللبنانيون أو بعضهم أن طهران ستتهافت لفتح حرب مع إسرائيل، وهذا أمر مخالف للقراءة العميقة وواقع النفوذ الإيراني في المنطقة، وعله يكون درساً قاسياً لجميع من اعتقد بأن دولة ما، يرتبط بها بهذا الشكل ستهرع إلى إنقاذه، ليس هذا الأمر جديداً على اللبنانيين لكنه الأقسى إطلاقاً الآن في ما يواجهه ’حزب الله‘ تجاه النفوذ الإيراني في حربه مع إسرائيل".

في المقابل يرى مناصرو الحزب أنه اتخذ خطوة هجومية جريئة بضرب العمق الإسرائيلي بمفرده، مما يعكس قدرته العسكرية واللوجستية على شن هجمات متطورة تستهدف مدناً رئيسة داخل إسرائيل، وقد تكون هذه الضربات جزءاً من معركة أكبر تدور في المنطقة، إلا أن التحرك الفردي لـ"حزب الله" في هذا الإطار يثير التساؤلات حول مدى دعم الحلفاء التقليديين له مثل إيران وسوريا والجماعات الفلسطينية.

"إيران صادقة بعدائها لإسرائيل"

ويوضح الكاتب والمحلل السياسي حسن الدر في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن "الإعلام عمل على اجتزاء التصريح الطويل للرئيس الإيراني الذي كان كله دعماً للبنان، وهاجم إسرائيل والولايات المتحدة، وسياق كلامه يدل على تمسك إيران بلبنان والمقاومة وبمبادئها، وعندما قال إن ’حزب الله لا يستطيع وحده‘ كان تمهيداً للقول إن كل الدول الإسلامية معنية بالدفاع عن لبنان".

ويتابع الدر أنه "إذا أخذنا التصريح كاملاً، يتضح أن الرئيس الإيراني يصرح بالموقف الطبيعي لدولة مثل إيران صادقة بعدائها لإسرائيل ودعمها للمقاومة"، مضيفاً أنه بالنسبة إلى مسألة الملف النووي والتفاوض والعلاقة مع أميركا، "كان الرئيس السابق أحمدي نجاد صرح بالكلام نفسه، وهو الذي يعتبر أكثر المتشددين خلال ولايته، أي إنه دائماً ما يصرح الإيرانيون ’بأن الولايات المتحدة هي من بادرت إلى معاداتنا، ونحن لسنا أعداء الشعب الأميركي‘، بالتالي فإن هذه الإدارة الأميركية هي من نصبت العداء للشعب الإيراني، وأراد بزشكيان القول من خلال تصريحه إنه من حق الشعب الإيراني أن يعيش في استقرار وازدهار".

 

 

ويعتبر الدر أن "هذا الكلام الصادر عن رئيس دولة محاصرة وتُلقى عليها كل هذه التهم، ماذا كان من المتوقع أن يصرح به داخل أروقة الأمم المتحدة؟ أنه ليس مع التفاوض؟ أو أنهم ضد الانفتاح؟"، مؤكداً "أن المقاومة في لبنان تأسست قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران".

"حزب الله" مخلب إيران في لبنان والشرق الاوسط

عند هذه النقطة، تطرح الضربات الإسرائيلية العنيفة وغير المسبوقة التي تستهدف مواقع "حزب الله" وبنيته التحتية، ملحقة أضراراً جسيمة في جسد التنظيم، أسئلة محورية، إذ إن الحزب في هذه المرحلة بمواجهة جبهتين داخلية بعد الخروقات الأمنية التي أصابته وخارجية ضد إسرائيل بطبيعة الحال، مما قد يؤثر في التوازن العسكري على الجبهة الجنوبية، وقد تُفتح جبهة أخرى من الأزمات الداخلية على الساحة اللبنانية، كل هذا تزامن مع تصريحات الرئيس الإيراني من نيويورك حول السلام، مما يفتح النقاش حول دور إيران في هذه المرحلة، وهل هذا التصريح يعبر عن استراتيجية جديدة، تسعى طهران من خلالها إلى تهدئة الأمور مع الغرب، أو تجنب مواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل؟، وهل يتزامن هذا مع توجيه ضربة لـ"حزب الله" عبر عدم تقديم الدعم الكامل له في معركته؟. والسؤال هنا، لماذا يتحرك "حزب الله" بمفرده؟ وهل هناك استراتيجية تعتمد على التضحية بموقعه مقابل مكاسب سياسية أكبر للمحور؟.

ويقول مدير "المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات" حسان القطب لـ"اندبندنت عربية" إن "إيران اختارت حماية استقرار النظام على أولوية بقاء المشروع، مما سيؤدي إلى تعرض ’حزب الله‘ لضربة عسكرية غير مسبوقة، وإلى اهتزاز ثقة مؤيديه بدوره، وبرعاية وحماية إيران له على رغم التضحيات الجسيمة التي قدمها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وفي مختلف الساحات التي تخدم مصالح إيران واستراتيجيتها".

ويتابع أنه "خلال عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أعلنت إدارته أنها لا تريد تغيير النظام في طهران، ولكنها تريد تصويب سلوكه، أي أن تبتعد إيران من نشر أفكارها الدينية وأن تتخلى عن مشروع التوسع الإقليمي وأن تنكفئ إلى الداخل الإيراني، ورفضت إيران حينها هذه المقولة، واعتبرت أنها احتلت أربع عواصم عربية، وأعلن أحد قادة الحرس الثوري أن إيران عادت ووصلت إلى شواطئ البحر المتوسط من جديد، في استعادة للحضور الإمبراطوري الفارسي خلال عهد الأكاسرة والإمبراطورية الفارسية، كما أعلن أحد رجال الدين الإيرانيين أن حدود إيران الغربية ليست مع مدينة البصرة العراقية، بل في بلدة الناقورة اللبنانية".

ويتابع الباحث حسان القطب أن "هذا المنطق يفيد بأن لإيران طموحات توسعية أعلن عنها نصرالله في أحد خطاباته عندما وصف إيران بأنها دولة إقليمية ’عظمى‘ وأن على العالم الغربي والولايات المتحدة القبول بدورها الإقليمي، مما يعني أن كلام نصرالله يؤكد أن ’حزب الله‘ في لبنان هو اللاعب الأساسي في المشروع الإيراني في المنطقة، وهو مخلب إيران في لبنان والشرق الأوسط".

ويقول المحلل السياسي حسن الدر، "ليس بالضرورة أن تتدخل إيران عسكرياً وتفتح جبهة وحرباً مفتوحة، كي تدعم الحزب"، ويردف أنه "بالحسابات السياسية وبغض النظر عن الأخلاقيات والمبدئية، أين تكمن مصلحة إيران في التخلي عن الحزب؟. هذه الفكرة غير واردة على الإطلاق، ولن تتخلى عن الحزب لا اليوم ولا في المستقبل، وستقدم الدعم للحزب كما دائماً، بالسلاح وبالإمداد وبكل ما تستطيع أن تقدمه".

ويؤكد الدر أنه "إذا اضطر الأمر إلى التدخل العسكري، فلن تتوانى لأنه وفي حساب المصالح هناك أمن استراتيجي لإيران، حيث إن المحور متماسك ومترابط، وأطلقوا عليه اسم وحدة الساحات، أي إذا ضعفت ساحة أساسية وكبيرة، فهذا سيضعف إيران في المقابل".

 

 

ويلفت الدر إلى ما نقلته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليوم عن أن "الجيش الإسرائيلي يتابع بقلق وصول نحو 40 ألف مقاتل من سوريا والعراق واليمن إلى الجولان، وينتظرون دعوة الأمين العام لـ’حزب الله‘ حسن نصرالله إلى القتال"، ويعلق "أليس هذا دعماً من المحور؟"، ويتابع أن "الحرب لا تزال في بدايتها، وإسرائيل خلال حرب 2006 قامت بمثل هذه الهجمات وأكثر، هذه سياسة الجيوش الكبيرة تقوم بضربات قاسية لإضعاف الخصم، وما تعرض له الحزب خلال الأسابيع الماضية، لو تعرض له جيش كبير ومنظم لكان انهار، من الـ’بيجر‘ إلى اللاسلكي واغتيال قادة النخبة والحزام الأمني والغارات العنيفة".

وأشار إلى أنه من المؤكد أن إسرائيل أقوى وسلاحها متطور جداً وقنابلها تفجر وتدمر أكثر، ومن المؤكد أنه ليست لديها أخلاق وتقتل المدنيين، لكن "العبرة ليست بمن يضرب أكثر، بل بمن يصمد ويتحمل أكثر". 

فيما يقول الباحث القطب إنه "مطلع حرب ’طوفان الأقصى‘ في السابع من أكتوبر 2023، تخوفت الولايات المتحدة من أن تقوم إسرائيل بفتح جبهة ثانية مع لبنان بعد غزة، مما يجعلها في مواجهة على جبهات عدة، كما أن الولايات المتحدة كانت تتخوف من أن تنضم إيران إلى الحرب لمساندة ’حزب الله‘، ولكن ظهر أن هناك تغييراً في الموقف الإيراني الاستراتيجي، مع تسلّم القيادة الإيرانية الجديدة، والثلاثي الجديد (بزشكيان وظريف وعراقجي)، ولا يمكن أن يكون إلا بموافقة خامنئي مرشد الجمهورية، وتمثل هذا الموقف بداية من إعلان ظريف أن هناك تململاً إيرانياً شعبياً من دعم القضية الفلسطينية على حساب مصالح الشعب الإيراني، كما أن مواقف بزشكيان التي تطالب بفتح مفاوضات إيرانية – أميركية مباشرة، لرفع العقوبات واستدراج استثمارات أجنبية بنحو 100 مليار دولار للنهوض بالاقتصاد الإيراني المتعثر، فضلاً عن إعلانه أن إيران لا تريد التوسع ونشر ثورتها الدينية في العالم العربي والإسلامي، وامتناعه عن إرسال أسلحة إلى روسيا، كل هذا يدل على أن إيران، تشعر بعمق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها، بالتالي عليها الالتفات إلى الداخل لاستيعاب القلق الداخلي الذي ربما يتحول إلى ثورة شعبية".

وأضاف القطب أن "الدفاع عن الأدوات في المنطقة وأهمها ’حزب الله‘ قد يؤدي إلى خسارة إيران للحرب، بالتالي خسارة النظام وانهياره، إلى جانب هزيمة المشروع"، مؤكداً أن "إيران تعتبر أن الإمكانات التي وفرتها لـ’حزب الله‘ من سلاح ومال وتدريب ورعاية كافية لصموده، بالتالي خروجه من أية معركة قوية وعنيفة بأقل خسائر ممكنة من دون أن تتورط هي نفسها في الحرب".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير