Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيون فروا من لبنان بذعر عام 2006... فهل يتكرر المشهد اليوم؟

حث كير ستارمر البريطانيين على المغادرة "فوراً" مع تكثيف إسرائيل حملة القصف التي تشنها ضد "حزب الله". وشهدت كاتبة المقال على عمليات الإجلاء التي حدثت منذ 18 عاماً في بيروت وتعد أن على الحكومة الأخذ بعين الاعتبار المخطط الذي نجح في السابق

"نزلنا على رصيف الميناء إلى جانب الأشخاص الذين أجلوا ثم أخرجنا نحن الثلاثة، ونقل المصابون بجروح خطرة ليأخذوا أماكننا على متن السفينة" (غيتي)

ملخص

مع قرع طبول الحرب في لبنان، يتوجب على بريطانيا أن تستفيد من الدروس المستخلصة من حرب لبنان عام 2006 وتتبنى المخطط نفسه الذي انتهجته وأثبت نجاحه حينها لضمان سلامة مواطنيها

تجمع المصابون والأشخاص الضعفاء على الرصيف منحنين من شدة الإصابة والخوف ينتظرون بصبر إنقاذهم.

وراقب الأهالي والأطفال وكبار السن بقلق جسر المشاة وهو ينخفض ببطء من السفينة البحرية البريطانية الضخمة إلى رصيف الميناء، بينما تشبثت أيديهم ببضع مقتنيات ثمينة فيما كانوا يرتجفون بين الحين والآخر من أصوات القصف المستمر. وبطابور منظم هادئ يلفه اليأس صعد الحشد الذي يبلغ عدده 500 شخص بسرعة على متن السفينة ممسكين بجوازات سفرهم البريطانية.

ذلك كان المشهد في بيروت خلال نهاية يوليو (تموز) 2006 بعد مرور أكثر من أسبوع من القصف العنيف من الجانب الإسرائيلي.

ومع وجود ما يصل إلى 20 ألف مواطن بريطاني في لبنان، وضعت المملكة المتحدة على عجل خطة لإجلائهم وقامت بتحويل قواتها البحرية من البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط إلى الشواطئ اللبنانية.

وكان من المقرر أن تكون هذه أكبر عملية إجلاء للمواطنين البريطانيين منذ عملية "دنكيرك" في الحرب العالمية الثانية. وأطلق على العملية اسم "عملية هايبراو" Operation Highbrow إذ تجمعت خمس سفن حربية بريطانية لإنقاذ أولئك الذين أرادوا الفرار. وفي نهاية المطاف قرر 4500 شخص المغادرة.

في الـ21 من يوليو، بدأت عملية الإغاثة بقيادة السفينة الحربية "أتش أم أس بولوارك" HMS Bulwark، وهي سفينة هجومية برمائية يبلغ وزنها 18400 طن وكلفت بنقل الفارين إلى بر الأمان.

كنت أنا من بين ثلاثة صحافيين بريطانيين، مذيع تلفزيوني ومراسل ومصور، حلقت بهم مروحية "شينوك" Chinook من قاعدة أكروتيري في جنوب غربي قبرص لتغطية العملية.

تضمنت رحلتنا في الصباح الباكر توقفاً قصيراً للتزود بالوقود على متن حاملة الطائرات "أتش أم أس إلوستريوس" أثناء شق طريقها عبر البحر الأبيض المتوسط. وعند الهبوط على الرصيف بجوار النازحين أخلي المكان بسرعة وأخذ مكاننا على الفور المصابون بجروح بالغة، والذين كانوا على متن السفينة. وانضممنا إلى المئات الذين كانوا ينتظرون الإجلاء.

كانت القواعد واضحة، إن كنت تحمل جواز سفر بريطانياً فأنت مخول للحصول على مقعد وإذا لم يكن لديك، فلا يوجد استثناء. وكان على أولئك الذين تم قبولهم في الرصيف أن يتركوا خلفهم معظم ممتلكاتهم، غير متأكدين من موعد عودتهم أو ما إذا كانوا سيعودون. وكان على عديد من أولئك الذين كانوا على متن السفينة الحربية أن يتركوا خلفهم أمهات وآباء وأفراداً آخرين من عائلاتهم.

على عكس المشاهد الفوضوية لعملية "بيتينغ" Operation Pitting - التي كانت أوسع وأكبر برنامج لإجلاء الرعايا البريطانيين من أفغانستان خلال أغسطس (آب) 2021 عندما وقعت كابول تحت سيطرة "طالبان" - كانت هذه العملية منظمة وهادئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيما كان الناس يتنقلون عبر المدرج تمكنت من رؤية سحب الدخان المتصاعدة وسماع أصوات القتال في البعيد. وما إن صعد الأشخاص على متن السفينة، حتى كُدس الذين أجلوا في كل مقصورة ومطبخ وممر، حيث قام الأهالي بإعداد أسرة موقتة لأطفالهم، بينما كان يُنقل كبار السن بصورة غير مريحة على الكراسي البلاستيكية.

الأهم أنهم أصبحوا بأمان وشعروا بالارتياح لخروجهم من دائرة الخطر. ولكن ابتساماتهم الهادئة تخفي تحتها معاناة عميقة بسبب اضطرارهم إلى التخلي عن حياتهم وترك كل شيء خلفهم ما عدا بعض الملابس التي يرتدونها.

قدمت البحرية الطعام والمشروبات الساخنة والبطانيات للرحلة الليلية إلى ليماسول. وفور وصولهم إلى هناك اصطُحب الأشخاص المنهكون إلى مراكز استقبال لبدء الفصل الجديد من حياتهم. ومن بين أولئك الذين نقلوا مباشرة إلى قبرص سافر ما يزيد قليلاً على 1000 شخص إلى المملكة المتحدة.

استكملت عملية الإجلاء في غضون أيام قليلة ووصفت بالناجحة وبالإنجاز الذي جمع بين التخطيط والتنفيذ.

ومع قرع طبول الحرب عالياً عام 2024 يتعين على الحكومة الجديدة أن تأخذ بعين الاعتبار المخطط الذي نجح في السابق والسير على خطاه.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات