Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل شاركت الدفاعات الأردنية بإسقاط الصواريخ الإيرانية؟

أرسلت طهران أيضاً طائرات مسيّرة لا تملك بصمة رادارية ولا يمكن رصدها بالإضافة إلى قذائف فرط صوتية تستخدم للمرة الأولى

قضى الأردنيون ليلتهم على الشرفات وهم يراقبون ويلتقطون الصور للصواريخ الإيرانية في سماء بلادهم (التلفزيون الأردني)

ملخص

"تحاول طهران منذ أعوام التسلل عبر تهريب المخدرات والأسلحة وتجنيد العملاء، ومع إحباط كل هذه المحاولات من قبل الأردن، أتى دور محاولة إحراج الأردن سياسياً وعسكرياً عبر اختراق أجوائه في مواجهة لا علاقة له بها".

لم تفصح البيانات الرسمية عن الكثير من المعلومات ليل اختراق الصواريخ الإيرانية سماء الأردن في طريقها إلى إسرائيل، كما لم تجب بوضوح عن سبب سقوط أو ربما إسقاط بعض هذه الصواريخ على الأرض الأردنية وتسببها في جرح ثلاثة مواطنين وبعض الأضرار المادية الطفيفة.

الحادثة على خطورتها عسكرياً وسياسياً حظيت باهتمام شعبي بالغ تجلى بمشاعر متضاربة ما بين القلق والخوف وربما السخرية والفكاهة، حيث قضى الأردنيون ليلتهم على الشرفات وهم يراقبون ويلتقطون الصور للصواريخ الإيرانية في سماء بلادهم، بينما تجمع آخرون حول شظايا ما سقط منها متسائلين عن الجهة التي أسقطتها.

إلا أن كل تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، حول موقف الأردن الواضح والدائم بأنه لن يكون ساحة للصراع لأي طرف، وأن مسؤولية الحكومة الأولى حماية الأردن والأردنيين وعدم تداول الإشاعات أو الأخبار من مصادر مجهولة، لم تفلح في إشباع فضول الأردنيين.

تعامل احترافي

يقول الخبير العسكري نضال أبو زيد إن الأردن تعامل باحترافية مع حادثة اختراق الصواريخ الإيرانية لأجوائه، على رغم حال الفوضى التي شهدها الشارع الأردني ووسائل التواصل الاجتماعي، منتقداً عمليات التصوير المباشر لأماكن سقوط الصواريخ في الأردن، لأن أجهزة الاستشعار الخارجية برأيه ترصد هذه المقاطع ويمكن من خلالها بناء تقييم على مدى نجاح الضربة الإيرانية.

يؤكد أبو زيد أن وضوح وتوالي البيانات الرسمية التي شرحت ما يحدث للمواطن مهم في ظروف كهذه، موضحاً أن سبب سقوط بعضها على أهدافها عجز القبة الحديدة الإسرائيلية عن التصدي لكميات كبيرة من الصواريخ في آن. وأشار إلى أن إيران أرسلت أيضاً طائرات مسيّرة لا تملك بصمة رادارية ولا يمكن رصدها، إضافة إلى صواريخ فرط صوتية تستخدم للمرة الأولى.

بدوره، علق السفير الأردني السابق في طهران بسام العموش، قائلاً إن ثمة طموحات هيمنة إقليمية لإيران في المنطقة لا تستثني الأردن، باعتباره هدفاً استراتيجياً.

وأضاف أن طهران تحاول التسلل منذ أعوام عبر تهريب المخدرات والأسلحة وتجنيد العملاء، ومع إحباط كل هذه المحاولات من قبل الأردن، أتى دور محاولة إحراج الأردن سياسياً وعسكرياً عبر اختراق أجوائه في مواجهة لا علاقة له بها.

ويؤكد وزير الإعلام السابق أن الأردن أبلغ طهران وإسرائيل بأنه سيتعامل مع إسقاط أي أجسام طائرة في أجوائه، مضيفاً "الأردن ليس طرفاً وهناك تعمد لاستخدام أجواء الأردن وإيران تحاول منذ أعوام استفزازنا سياسياً"، مذكراً في الوقت ذاته بحادثة قصف الرئيس العراقي السابق صدام حسين لإسرائيل عام 1991 بصواريخ "سكود" وإبلاغ الأردن العراقيين في حينه برفض استغلال أجوائه.

الأردن يحمي أجواءه

ويوضح العقيد المتقاعد محمد مقابلة أن الصواريخ التي أطلقتها إيران تحتاج إلى مسافة طيران قصيرة وتم اكتشافها قبل بلوغ أهدافها من قبل إسرائيل والأميركيين في المنطقة.

ويضيف "رد فعل منظومات الدفاع الجوي تقاس بالثواني، ويتم رصد هذه الصواريخ بمجرد عمل محركاتها الحرارية حيث لكل صاروخ بصمة حرارية وعبر أجهزة استشعار، وهذه الصواريخ تدعى صواريخ أهداف منطقة وليست صواريخ أهداف نقطة، وأعتقد أن ربع ساعة وقت كبير وكاف لتتمكن منظومات الدفاع من تدميرها".

ويقول العقيد المقابلة "حتى نوضح اللبس فإن هذه الصواريخ لا يتم اكتشافها فوق الأردن وإنما من لحظة إطلاقها في إيران، وما يعتقده المواطنون من أنه جرى تدميرها فوق الأردن فيه مغالطة لأن معرفة وتحديد الموقع الحالي للصاروخ عسكرياً يكون في موقع المستقبل ونقطة التقاء الصاروخ المضاد أو الدفاع الجوي وبحسب سرعة طيران هذا الصاروخ".

يضيف المقابلة "إسرائيل لا تأخذ إذناً من أحد وتضرب وفق عقيدتها الدفاعية الجوية التي تقول بإسقاط كافة الأهداف خارج حدود إسرائيل، وبالتالي لا تلقي بالاً لسقوط الشظايا فوق أي دولة".

وبشأن الجدل الذي ثار حول مشاركة الأردن في إسقاط هذه الصواريخ واتهامه بحماية إسرائيل، يقول المقابلة "هذا كلام غير واقعي، الأردن يحمي أجواءه فقط والقواعد الأميركية في الأردن استخدمت من أجل إسقاط بعض هذه الصواريخ، أما نحن فلا نستطيع أن نوقف هذه الصواريخ ولا يمكننا اعتراضها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الوجود العسكري الأميركي في الأردن

وعلى رغم تناقل بعض وكالات الأنباء بيانات منسوبة لمديرية الأمن العام الأردنية، قالت فيها إن طائرات سلاح الجو الملكي وأنظمة الدفاع الجوي اعترضت العديد من الصواريخ والطائرات المسيرة التي دخلت المجال الجوي الأردني، تبدو نظرية إسقاط بعض الصواريخ الإيرانية في الأردن من قبل الأميركيين أقرب إلى المنطق بالنظر إلى وجود عدة قواعد عسكرية أميركية في البلاد، إذ بدأ الظهور الفعلي للقوات الأميركية على الأراضي الأردنية مع بداية الأزمة السورية عام 2011، وإثر المناورة العسكرية السنوية "الأسد المتأهب"، ومن ثم انضمام الأردن إلى التحالف الإقليمي والدولي، بقيادة الولايات المتحدة، ضد "داعش" والتنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا.

لاحقاً دار الحديث عن وجود أعداد من القواعد الأميركية داخل الأراضي الأردنية، من دون تأكيد رسمي من جانب المملكة، وقيل في حينه إنها لغايات التدريب وتبادل الخبرات، وتجسيد لتوقيع اتفاقية دفاع مشترك مع واشنطن عام 2021.

بموجب الاتفاقية يلتزم الأردن بتوفير أماكن حصرية للقوات الأميركية تشمل 15 موقعاً بصلاحيات وامتيازات واسعة في مختلف الأمور العملياتية والعسكرية.

بدأت ملامح الوجود العسكري الأميركي في الأردن تتضح أكثر مع إعلان واشنطن عن هجوم استهدف قاعدة "البرج 22" على الحدود مع سوريا قيل إن الجيش الأميركي يستخدمها لتقديم الدعم اللوجيستي بالمنطقة، وتحتوي على مئات الجنود الأميركيين إضافة لمروحيات هجومية وأخرى للنقل والتدريب ومركبات عسكرية مدرعة.

بينما أشارت تقارير صحافية سابقة إلى استخدام القوات الأميركية في الأردن عدة قواعد عسكرية أردنية كقاعدة موفق السلطي الجوية في منطقة الأزرق، لدعم العمليات الجوية في سوريا والعراق، ويُعتقد أنها مزودة بأنظمة دفاع جوي متقدمة.

وكان الأردن في عام 2022 وقع اتفاقية مع الولايات المتحدة لطلب شراء نحو 16 طائرة حربية وأنظمة تسليح ورادارات متطورة بقيمة ناهزت أربعة مليارات دولار.

ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية في حينه، تضمنت صفقة الأردن طلب شراء لـ 12 طائرة من طراز F-16 C Block 70، وأربع طائرات من طراز F-16 D Block 70، إضافة إلى محركات من طراز F100-GE-129D، وأجهزة IPDG المتخصصة بتحديث برمجيات الطائرات المقاتلة، إضافة إلى أجهزة حاسوب متخصصة بطائرات "أف-16"، وأنظمة تحديد المواقع الجغرافية.

ابتهاج أم سخرية؟

وما بين التقاط مواطنين صوراً تذكارية مع شظايا الصواريخ الإيرانية وقيام آخرين بتفحصها لبيعها خردة، كان المواطن الأردني أبو حمزة يشعل سيجارته من النيران المشتعلة في أحد الصواريخ التي سقطت في منطقته داخل العاصمة عمان، في مشهد جمع ما بين الابتهاج والسخرية في آن.

وتناقل ناشطون على منصات التواصل نكاتاً سياسية الطابع تقول إحداها إن 11 مليون أردني صعدوا على أسطح المنازل لمراقبة الصواريخ فيما نزل إلى الملاجئ 11 مليون إسرائيلي.

ويفسر مراقبون استخدام هذه السخرية لدى الأردنيين كآلية دفاع نفسي، حيث تعد وسيلة شائعة لدى الشعوب للتعبير عن مشاعر القلق أو الخوف بطريقة غير مباشرة. إذ يلجأ بعض الأفراد إلى تقليل تأثير الصدمة النفسية الناتجة من سقوط الصواريخ بالقرب منهم عبر تحويلها إلى مادة فكاهية، بينما يعتبر آخرون أن الوعي السياسي المرتفع لدى الأردنيين يعزز لديهم الشعور "بالعجز السياسي"، الذي يعبر عنه بالسخرية.

وسط هذا المشهد، كانت السلطات الرسمية تحاول إقناع الأردنيين بخطورة ما يحدث وتطالبهم بالبقاء في منازلهم والتعامل مع الواقعة التي تحدث للمرة الثانية في سماء الأردن بعد هجمات الطائرات الإيرانية المسيرة في أبريل (نيسان) الماضي.

فقد تجمع مواطنون بكثافة على رغم كل التحذيرات حول الشظايا التي قالت السلطات إنها سقطت في ست مدن تقريباً بينها عمان والزرقاء ومأدبا والبلقاء.

وبعيداً من الفوضى التي حفلت بها منصات التواصل الاجتماعي، وضعت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية التشكيلات والوحدات العسكرية كافة على أهبة الاستعداد للتصدّي لأي محاولات تهدد أمن واستقرار المملكة.

المزيد من متابعات