Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأفغان العائدون من باكستان: مهجرون وغرباء في بلادهم

يواجه الذين تم ترحليهم من إسلام آباد ظروفاً معيشية صعبة في

عائلة أفغانية تسير سيراً على الأقدام على حدود طورخام للعودة إلى بلادها في 2 نوفمبر 2023 (فاروق نعيم - أ ف ب)

ملخص

يقدر عدد الأفغان المقيمين في باكستان 3 ملايين، وفقاً لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما يمثل فقط عُشر الأفغان الذين عاشوا هنا كلاجئين

أكثر من 700 ألف لاجئ أفغاني عادوا إلى بلادهم منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بعدما قررت باكستان ترحيل اللاجئين الأفغان غير الشرعيين المقيمين في مختلف أنحاء باكستان ليواجهوا تحديات أمنية واقتصادية جديدة في بلادهم التي لم يعرفوا عنها إلا ما نقل لهم عبر شاشات التلفزيون.

ويقدر عدد الأفغان المقيمين في باكستان 3 ملايين، وفقاً لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما يمثل فقط عُشر الأفغان الذين عاشوا هنا كلاجئين إذ فرّ ملايين الأفغان شرقاً بحثاً عن الأمان خلال المراحل المختلفة للحرب في أفغانستان في الثمانينيات والتسعينيات، وقد عاد معظم المواطنين الأفغان منذ ذلك الحين، إذ بدأت العودة الطوعية إلى أفغانستان في أواخر الثمانينيات، لكن موجة هجرة جديدة أتت بعد انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي الأفغانية وسيطرة حركة "طالبان" على كابول مرة أخرى. ووفقاً للمسؤولين، دخل 600 ألف أفغاني إلى باكستان في 17 شهراً من أغسطس (آب) 2021 إلى الـ31 من يناير (كانون الثاني) 2023 إبان عودة "طالبان" للحكم.

 

وقررت الحكومة الباكستانية، أخيراً، بعد تحمل العبء الإضافي، ترحيل جميع الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية بمن في ذلك اللاجئون الأفغان في الثالث من أكتوبر 2023، وقد تم ترحيل بعض المواطنين الأفغان قسراً بينما اضطر آخرون إلى مغادرة باكستان خوفاً من الاعتقال والترحيل، وكان بعضهم في العقد الثالث من عمره ويطأ قدمه على الأراضي الأفغانية، للمرة الأولى، في حياته.

وعمل مركز الأبحاث "شبكة المحللين الأفغانية" الألمانية على معرفة أوضاعهم من خلال التحدث إلى عائلات بعض الأفغان الذين عادوا إلى ديارهم من باكستان.

ظروف العودة الصعبة

وكشف المركز عن التحديات التي رافقت اللاجئين والأسباب التي أجبرتهم على ترك بيوتهم في باكستان.

غول محمد من مقاطعة بلخ الأفغانية كان أحد الأفغان العائدين من باكستان إلى أفغانستان، خلال العام الماضي، إذ كان وحيداً في عائلته التي تقيم في باكستان منذ 37 عاماً، الذي لا يمتلك أوراقاً رسمية.

هاشم خان الآخر أكمل أربعة عقود في باكستان وكان يحمل الإقامة الباكستانية، لكنه والد ثمانية أبناء وقرر أن يعود إلى بلاده خوفاً من أن يتم ترحيله قسراً، وبلغ خوف الترحيل القسري لدرجة أن هاشم باع ممتلكاته بنصف قيمتها. وقال هاشم "كانت لدي بقرة تبلغ قيمتها 400 ألف روبية باكستانية (حوالى 1440 دولاراً أميركياً)، ولكن في ظل هذه الفوضى اضطررت أن أبيعها بـ 200 ألف روبية".

وكان حشمت خان، وهو أب لخمسة أطفال، يعيش في باكستان مدة 42 عاماً قبل أن يعود إلى وطنه الشتاء الماضي طوعاً، في المقابل، عاد خداداد الذي كان يعيش في باكستان منذ 38 عاماً كلاجئ غير شرعي بعدما ألقت الشرطة الباكستانية القبض على أحد أبنائه.

وتبدأ مرحلة جديدة من التحديات بعد وصول اللاجئين إلى أفغانستان إذ يشكل الحصول على السكن والإقامة مشكلة رئيسة بالنسبة إلى العائدين الأفغان. ووفقاً لاستطلاع أجرته منظمة "إنقاذ الطفولة"، فإن ثلث العائدين الأفغان فقط لديهم مكان للعيش فيه. وتقدم أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين صورة أكثر بؤساً إذ تقول إنه لم يتمكن سوى 17 في المئة من العائدين من الحصول على سقف يأوون تحته. وكان معظم العائدين قد فقدوا ممتلكاتهم بسبب الإهمال ومرور الزمن إذ دمّر بعضها في الحروب أو ذهب في أيدي الأقارب الذين استولوا عليها.

ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اختار معظم العائدين عدم البقاء في مناطقهم الأصلية بسبب عدم وجود فرص عمل أو لأنه لم يكن لديهم ما يكفي من المال لبناء المنزل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"ليس عندي بيت أعيش فيه، لقد أعطاني أحد أقاربي قطعة أرض في ضواحي المدينة لا يوجد فيها سوى جدار حيث نصبت خيمة ونحن نعيش في تلك الخيمة". هكذا وصف محمد إسحاق من مقاطعة لغمان حاله وهو يعيش تحت السماء المفتوحة مع زوجته وأطفاله الأربعة.

إسحاق ليس الوحيد الذي يواجه هذه الظروف إذ تعيش حوالى واحدة من كل ست أسر عائدة من باكستان في الخيم وفقاً للمسح الذي أجرته منظمة "إنقاذ الطفولة". واستأجر غول محمد من بلخ منزلاً لكنه قال إنه بالكاد يستطيع دفع الإيجار وإطعام أطفاله الستة، كما يأمل هاشم خان الذي لا يمتلك أرضاً ولا منزلاً أن حكومة "طالبان" ستوفر سكناً له وللعائدين من أمثاله.

تحدي الحصول على العمل

ويواجه العائدون من باكستان إلى أفغانستان مشكلتين رئيستين، نقص فرص العمل والمساعدات المحدودة. وأجرت منظمة "إنقاذ الطفولة" استطلاعاً حول فرص العمل في أفغانستان للعائدين من باكستان ليقول ما يقارب نصف المستجوبين (47 في المئة) إنه لا يوجد عمل لهم في أفغانستان، كما أن 81 في المئة يرون أنهم لا يمتلكون المهارات اللازمة لإعالة أنفسهم وأسرهم.

وقال هاشم خان إنه تمكن من فتح كشك في أفغانستان لكن دخله لا يلبي حاجات أسرته "لقد استأجرت محلاً صغيراً، وأنا أبيع التوابل لأن لدي خبرة في هذا العمل في باكستان. لكنني لا أستطيع كسب ما يكفي من المال لإعالة عائلتي. ونضطر إلى الاعتماد على المساعدات التي تقدمها المفوضية لشراء الطعام".

حشمت خان من المحظوظين الذين تمكّنوا من العثور على الوظيفة في مكان إقامتهم الجديدة، لكنه أيضاً يشتكي من قلة الأجور التي لا تكفي لإعالة أسرته بصورة جيدة. ويقول خداداد من قندوز الذي يعيش الآن في كابول، إن ثلاثة من أفراد أسرته كانوا يبحثون عن العمل لكن لم ينجح أي منهم، لذا لم يكن أمامه خيار سوى اقتراض المال من أقاربه في باكستان.

ويضطر حوالى 40 في المئة من العائدين الذين شملهم استطلاع منظمة "إنقاذ الطفولة" إلى طلب الطعام أو الاعتماد على الأصدقاء والأقارب للحصول عليه. لقد أجبرت البطالة والكساد الاقتصادي في أفغانستان الناس، وبخاصة الشباب، على الهجرة إلى إيران وباكستان واتخاذ أي طريق خطر من أجل الوصول إلى تركيا أو أوروبا.

وفي ما يتعلق بالدعم والمساعدات التي تقدمها مفوضية الأمم المتحدة فإن المهاجرين الشرعيين الذين يحملون بطاقة POR ويختارون العودة طوعاً، يحصلون على حزمة مساعدات ومبلغ مقداره 375 دولاراً أميركياً للشخص الواحد.

وفي المقابل، فإن اللاجئين غير الشرعيين وحاملي بطاقات ACC لا يتلقون أية مساعدة من المفوضية، بل يحصلون بدلاً من ذلك على مساعدات محدودة وحزم من المواد الغذائية والسلع الأخرى من المنظمة الدولية للهجرة.

وأفادت منظمة "اتحاد الحدود"، في الـ23 من سبتمبر (أيلول) الماضي أن حوالى 85 في المئة من العائدين الأفغان البالغ عددهم 553 ألفاً تلقوا مساعدة مالية. ولا شك أن معظم الأفغان العائدين من باكستان يواجهون حالة عدم يقين ووضعاً غير مرغوب فيه بالنسبة إلى تلقي المساعدات، لذا ليس من المستغرب أن يحاول بعض العائدين مثل حشمت خان كسب لقمة العيش من خلال الانخراط في أنشطة غير قانونية مثل تهريب المركبات. ومع ذلك، لا يزال معظمهم على أمل الحصول على نوع من المساعدة أو دعم مالي من مختلف الجهات المحلية والعالمية.

وقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أخيراً، عن قلقه في شأن "التحديات في بناء القدرات لتمكين الإدماج المستدام للعائدين". وقال "من المهم توفير الأموال الكافية لتلبية النداء الإنساني، المساعدات الإنسانية القادمة إلى أفغانستان آخذة في التناقص بينما تظل الحاجات على حالها".

الحرمان من التعليم

ووفقاً لدراسة استقصائية أجرتها منظمة "إنقاذ الطفولة"، فإن أكثر من ثلثي أطفال الأسر العائدة من باكستان كانوا يذهبون إلى المدرسة عندما كانوا يعيشون هناك، لكن لم يعد حوالى 65 في المئة من هؤلاء الأطفال يذهبون إلى المدرسة بعد قدومهم إلى أفغانستان، وقالت الغالبية (85 في المئة) لمنظمة "إنقاذ الطفولة" إنهم لا يملكون الوثائق اللازمة لتسجيل أطفالهم وإلحاقهم بالمدارس الأفغانية. لكن البعض يشك في هذا الادعاء ويرى أن السبب ليس نقص الوثائق بل نقص المدارس المتوفرة لديهم. ويقول حشمت خان "إن أحد أبنائي كان يذهب إلى المدرسة في باكستان، ولم يصل أي من البقية إلى سنّ المدرسة. لا توجد مدرسة في القرية حيث أعيش الآن في أفغانستان، وحتى لو كانت هناك مدرسة أو مدرسة ثانوية للبنات في منطقة بعيدة، فإن بناتي الأكبر سناً لا يستطعن الالتحاق بها لأنه لا يسمح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة فوق الصف السادس في أفغانستان".

ويواجه غول محمد مشكلة مماثلة إذ يقول إنه اختار الاستقرار في مدينة مزار الشريف حتى يتمكّن من إرسال أطفاله إلى المدرسة، ولكن حتى في هذه المدينة تُمنع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة.

 

نقلا عن "اندبندنت أوردو"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير