Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صناعة الحديد في مواجهة خسائر صعبة

توقعات بضعف عالمي في الطلب بفعل تباطؤ سوق العقارات الصينية وتراجع البناء في الاقتصادات المتقدمة

انخفضت أسعار خام الحديد بأكثر من الثلث منذ بداية عام 2024 وفق تقديرات أولية (أ ف ب)

ملخص

سجلت خاماته أدنى مستوى في عامين قرب 80 دولاراً للطن وسط احتمالات بمزيد من الخسائر للمعدنين

ترسم خامات الحديد اليوم واقعاً جديداً لصناعة الصلب في المستقبل المنظور، إذ يبعث سعرها المتدني في الآونة الأخيرة على إحباط المعدنين في وقت تراجعت أسعار العقود الفورية للربع الثالث من عام 2024 إلى أدنى مستوياتها في عامين على خلفية ضعف الطلب العالمي على الصلب، وانخفاض إنتاج الصلب في الصين.

التوقعات التي تبنتها رابطة الصلب العالمية، مطلع الأسبوع الجاري، في عامي 2024 و2025 من انخفاض للطلب العالمي على الصلب هذا العام بنسبة 0.9 في المئة إلى 1751 مليار طن، مقابل ارتفاع طفيف في العام المقبل بنحو 1.2 في المئة وصولاً إلى 1772 مليار طن، أصابت الصناعة على طول سلاسل إنتاجها بحال من الإحباط، في عام صعب شهد رياحاً غير مواتية لإنعاش المبيعات.

عام ثقيل على صناعة الصلب

في مذكرة حديثة، يشير العضو المنتدب لاتحاد الصلب الألماني رئيس لجنة اقتصادات الصلب العالمية، مارتن ثورينجر، إلى العام الحالي، بوصفه عاماً ثقيلاً على قطاع التصنيع العالمي الذي يعاني رياحاً معاكسة بفعل انخفاض القدرة الشرائية للأسر، والتشديد النقدي العدواني من البنوك المركزية، وتصاعد حال عدم اليقين الجيوسياسي، مع ضعف بناء العقارات، وظروف التمويل الضيقة والكلفة المرتفعة، مما يقود مباشرة صوب تباطؤ الطلب على الصلب.

ما زال من المتوقع أن يشهد الطلب انخفاضاً ملحوظاً في الصين ومعظم الاقتصادات المتقدمة الكبرى في عام 2024، وعلى النقيض من ذلك، من المتوقع أن تحافظ الهند على زخمها القوي، على رغم التقديرات المتفائلة التي تتبناها أوساط تنفيذية في قطاع الصلب، بقدرة الصناعة على اجتياز هذه المرحلة صوب حال من النمو المعتدل في عام 2025.

تباطؤ سوق العقارات الصينية

وتلفت تقديرات رابطة الصلب العالمية إلى استمرار التباطؤ في قطاع العقارات الصيني، المحرك الرئيس للطلب على الصلب في البلاد، بنسبة ثلاثة في المئة في عام 2024 وواحد في المئة في عام 2025، في حين من المتوقع أن يشهد العالم المتقدم انخفاضاً بنسبة اثنين في المئة في الطلب على الصلب في عام 2024، إذ تواجه الاقتصادات الرئيسة المستخدمة للصلب مثل الولايات المتحدة واليابان وكوريا وألمانيا انخفاضات كبيرة، ومع ذلك، هناك تفاؤل في شأن عام 2025، مع نمو متوقع بنسبة 1.9 في المئة في الطلب على الصلب في العالم المتقدم.

وأدت الكلفة المرتفعة وعدم اليقين الاقتصادي وظروف التمويل الأكثر صرامة إلى خلق موقف الانتظار والترقب لدى كثير من الأسر ذات الدخلين المتوسط والمنخفض، مما أدى إلى تأخير قرارات الإنفاق، في وقت عانت طوال السنوات الثلاث الماضية التضخم وتآكل القوة الشرائية، ومن ثم إضعاف الطلب على الصلب.

خسارة خامات الحديد

انخفضت أسعار خام الحديد بأكثر من الثلث منذ بداية عام 2024، وتعكس هذه الانخفاضات ضعف الطلب على الصلب في الصين في سياق النمو القوي في الإمدادات، إذ استمر الانخفاض خلال الربع الماضي لينخفض سعر خام الحديد القياسي الفوري (الأساس 62 في المئة خام الحديد CFR تشينغداو) بأكثر من 10 في المئة في منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى أقل من 90 دولاراً للطن، قبل أن تستقر الأسعار في أواخر أغسطس ليصل المتوسط ​​إلى نحو 95 دولاراً للربع، وصولاً إلى تسجيل أسعار شحنات خام الحديد التي تحوي 62 في المئة من الحديد نحو 94 دولاراً في بداية أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

في تقرير فصلي لمجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية "أي أن زد"، أشار إلى أن سوق خامات الحديد تمر بظروف غير مستقرة في الأشهر الأخيرة مع احتمال انخفاض السعر الفوري إلى 80 دولاراً للطن في أسوأ السيناريوهات، محذراً من أن مواصلة انخفاض الطلب 10 في المئة من شأنه أن يهبط بالأسعار نحو 60 دولاراً للطن.

وبحسب التقرير ربع السنوي لسبتمبر (أيلول) الماضي، فإن الضعف المستمر في قطاع العقارات في الصين وسط مخاوف أوسع نطاقاً في شأن النمو الاقتصادي العالمي أدى إلى اختبار الأسعار لمستويات الدعم الرئيسة، مشيراً إلى أن "أساسات السوق تضعف"، وسط توقعات بارتفاع العرض في النصف الثاني من العام من المصدرين الرئيسين.

معروض أكبر وطلب أقل

ووفق تقرير وزارة الصناعة والعلوم والموارد الأسترالية، يتوقع لأكبر منتجين لخام الحديد في العالم - أستراليا والبرازيل – أن يواصلا نمو أحجام صادراتهما بصورة جماعية بنسبة 3.1 في المئة سنوياً حتى عام 2026، في وقت شهد الربع الثاني من العام ارتفاع شحنات خام الحديد الإجمالية في البرازيل بنسبة 1.6 في المئة على أساس سنوي، وسط تقديرات بتسجيل ستة في المئة نمواً في الصادرات البرازيلية حتى عام 2026.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن المتوقع أيضاً أن يسهم العرض الجديد من المنتجين الناشئين في أفريقيا في نمو التجارة العالمية لخام الحديد، بما في ذلك من منجم سيماندو في غينيا الذي يستهدف أول إنتاج له في عام 2025، مع توقعات بارتفاع معروض خام الحديد بفضل الإمدادات الإضافية من كندا والهند.

بصيص أمل

لكن ثمة أصواتاً متفائلة على رغم الصورة القاتمة التي يرسمها واقع صناعة الصلب العالمية، إذ يشير تقرير رابطة منتجي الصلب الأخير إلى أسباب تدعو إلى التفاؤل الحذر في شأن التعافي المحتمل في قطاع التصنيع العالمي في عام 2025، إذ إن مرونة الاقتصاد العالمي، وتخفيف شروط التمويل، والطلب المكبوت، والزيادات في الدخل الحقيقي التي تشهدها الاقتصادات الكبرى مثل منطقة اليورو واليابان، من شأنها أن تدعم التعافي في الاستهلاك والاستثمارات الخاصة، ومن ثم التعافي في نشاط التصنيع العالمي في عام 2025.

ويلفت التقرير إلى أن نشاط بناء المساكن ظل ضعيفاً في معظم الأسواق الرئيسة طوال عام 2024، واستمر في التأثير في الطلب على الصلب، وخصوصاً في المناطق الرئيسة مثل الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا، بعد فترة من النمو القوي الذي غذته أسعار الفائدة المنخفضة تاريخياً، قبل أن ترفع البنوك المركزية كلفة الاقتراض بصورة كبيرة لمكافحة التضخم المرتفع خلال العامين الأخيرين، ليستمر التباطؤ حتى عام 2024.

ومن المتوقع أن يبدأ التعافي الملموس في البناء السكني (في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكوريا) من عام 2025 فصاعداً مع تخفيف شروط التمويل المتوقعة، وفق التقرير الصادر مطلع الأسبوع الجاري.

في مجمل الأمر، تبدو الصناعة اليوم أمام تحديات لم تخلقها أو تشارك بها، فاستعادة القدرة الشرائية ومعدلات الإنفاق الواسعة، ومن ثم معاودة ارتفاع الطلب على الصلب، وتحريك مبيعاته صعوداً وإنعاش تجارته ونشاطه، يبدأ من انحسار المخاوف لدى القطاع الأوسع من المستهلكين، واتجاه البنوك المركزية نحو التيسير النقدي وخفض أسعار الفائدة وكلفة الإقراض، وهو ما من شأنه أن يمنح صناعة الصلب وتعدينه زخماً واسعاً حال توافر تلك العوامل.

اقرأ المزيد