ملخص
في العام الماضي كشف تحقيق أجراه موقع "سيمافور" أيضاً عن تفاصيل حول كيف استخدمت طهران "معهد البحوث النووية" وهو شبكة من الخبراء الأميركيين والأوروبيين في الشرق الأوسط، من أجل تعزيز مواقف إيران في شأن برنامجها النووي وقضايا الأمن القومي الأخرى وذلك بدءاً من عام 2014.
بعد أيام من تسريب وثائق أميركية تتعلق بالرد الإسرائيلي ضد إيران، عادت إلى الواجهة الشكوك والمخاوف المتزايدة حول ما إذا كان اللوبي الإيراني في واشنطن الذي تمثله مجموعة من الباحثين والأكاديميين الأميركيين قد تمكن من التغلغل إلى داخل أجهزة الاستخبارات في ظل شبهات تحوم حول ضلوع مسؤولة بارزة في وزارة الدفاع الأميركية من أصل إيراني في تسريب الوثائق، التي تأتي بعد أشهر قليلة من وقف روبرت مالي مبعوث الرئيس الأميركي لإيران عن العمل والتحقيق معه من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، فما طبيعة هذه المخاوف، وما المعلومات التي تستند إليها، وإلى أي مدى يمكن أن تشكل خطراً على الولايات المتحدة؟
أسباب القلق
منذ الكشف قبل نحو أسبوع عن تسريب وثيقتين سريتين للغاية من أجهزة استخبارات أميركية حول خطط الجيش الإسرائيلي لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران رداً على هجماتها بالصواريخ الباليستية على إسرائيل أول الشهر الجاري، ثار قلق واسع في مجتمع الاستخبارات الأميركي عما إذا كان الخرق ناجماً عن اختراق أو تسريب داخلي.
وعلى رغم أن هذا الخرق الذي نشر للمرة الأولى على حساب مرتبط بإيران على تطبيق "تيليغرام"، يحقق فيه حالياً مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) بمساعدة "البنتاغون" ووكالات الاستخبارات الأخرى، فإن التقريرين المسربين اللذين ينتميان إلى وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية التابعة للبنتاغون، ووكالة الأمن القومي، كشفا عن خطط إسرائيل المحتملة للهجوم على إيران، بما في ذلك أنواع الطائرات والذخائر والصواريخ الباليستية التي تطلق من الجو والصواريخ جو-أرض، وعمليات تدريب للتزود بالوقود جواً بعدد كبير من الطائرات، وهو مما أدى إلى إحراج المسؤولين في الإدارة الأميركية، وإثارة تساؤلات حول نقاط الضعف التي مكنت شخصاً ما أو أكثر من تسريب هاتين الوثيقتين في هذا التوقيت الحساس.
أصابع الاتهام
وفي حين سارعت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية حينذاك إلى اتهام الإدارة الأميركية بتسريب الوثيقتين للضغط على حكومة نتنياهو بهدف تأخير موعد الضربة لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية من ثم يجنب الديمقراطيين التأثر سلباً جراء اشتعال الأوضاع في الشرق الأوسط، وجهت وسائل إعلام يمينية في الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى أريان طباطبائي، وهي أكاديمية أميركية من أصل إيراني، تشغل حالياً منصب رئيسة موظفي مساعد وزير الدفاع للعمليات الخاصة، وهي أيضاً ضابطة في استخبارات البحرية الأميركية.
وبينما نفت وزارة الدفاع الأميركية أن تكون طباطبائي موضع اهتمام في التحقيقات الجارية الآن حول التسريبات، فإن الشبهات التي تحوم حولها تعود إلى عام 2023، حينما تعرضت للتدقيق عندما كتب بعض أعضاء الكونغرس إلى وزير الدفاع لويد أوستن، مطالبين بإقالتها من منصبها بسبب مخاوف في شأن التواصل المزعوم مع الحرس الثوري الإسلامي الإيراني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع ذلك لا تزال طباطبائي تحتفظ حتى الآن بتصريحها الأمني من فئة سري للغاية في وزارة الدفاع الأميركية، وهو ما أكدته مراسلة قناة "فوكس نيوز" في "البنتاغون" جينيفر جريفين التي قالت إنها تحدثت إلى طباطبائي، وأوضحت لها أنها لم تتلق اتصالاً من المحققين ولا تزال تحتفظ بتصريحها الأمني.
شكوك حول طباطبائي
وفيما لم يعرف بعد مصدر تسريب المعلومات الاستخباراتية الأميركية حول خطط إسرائيل لضرب إيران، واصلت بعض المواقع والصحف اليمينية المحافظة التشكيك في من تعتبرهم على صلة بالنظام الإيراني، إذ أوضح موقع "ناشيونال ريفيو" أنه لا ينبغي لأي فرد كان على اتصال مكثف بمسؤولي الاستخبارات والدبلوماسيين الإيرانيين، وربما أذعن لتوجيهاتهم من قبل، أن يوضع في وظيفة حساسة في المقام الأول. وأشارت إلى أن إدارة بايدن تجاهلت هذه القاعدة البسيطة إلى حد ما.
واعتبر الموقع أن قرار تعيين أريان طباطبائي في وزارتي الخارجية ثم الدفاع وهي الأكاديمية الحاصلة على درجة الدكتوراه من كينغز كوليدج بلندن، وعملت سابقاً باحثة في مؤسسة راند ودرست في جامعة جورج تاون، كان قراراً سيئاً، لأنها كانت جزءاً من "مبادرة خبراء إيران" وهو برنامج يعتقد أن وزارة الخارجية الإيرانية تستخدمه لتنمية العلاقات مع الأكاديميين الأجانب الذين يمكنهم المساعدة في عدم استعداء النظام الإيراني في الغرب.
ومنذ العام الماضي، أثارت أنباء انتماء طباطبائي إلى مبادرة خبراء إيران تساؤلات متعددة في الكونغرس، إذ طرح الجمهوريون مخاوفهم في شأن قدرة طباطبائي على الحصول على تصريح أمني سري للغاية، بينما دافع "البنتاغون" ووزارة الخارجية، عنها بصوت عال، قائلين إنه لا يوجد شيء في خلفيتها من شأنه أن يمنعها من الوصول إلى معلومات سرية.
وفي سبتمبر (أيلول) 2023 قال متحدث باسم "البنتاغون" لصحيفة "واشنطن فري بيكون" اليمينية، إن الدكتورة طباطبائي خضعت لفحص دقيق وسليم كشرط لتوظيفها في وزارة الدفاع، وأن "البنتاغون" فخور بخدمتها، وبعد شهر واحد، أكد "البنتاغون" للمشرعين أن طباطبائي ستحتفظ بتصريحها الأمني السري للغاية.
جدل حول روبرت مالي
كما اعتبر موقع "ناشيونال ريفيو" أن المثال الأكثر وضوحاً على تعامل الإدارة الأميركية المشكوك فيه مع ملف إيران هو استمرار توظيف مبعوث الرئيس بايدن إلى إيران روبرت مالي من قبل وزارة الخارجية وسط تحقيق في تعامله مع معلومات سرية واحتمال مشاركته للمعلومات مع النظام الإيراني، وأنه على رغم إيقافه عن العمل منذ ذلك الحين، اختارت إدارة بايدن الاحتفاظ به من الناحية الفنية، رغبة في تجنب التداعيات السياسية التي قد تأتي مع إنهاء خدمته.
كان مالي منتظماً بصورة عميقة في جهود إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي حد من عمل إيران النووي في مقابل تخفيف العقوبات، فضلاً عن مساهماته في المفاوضات لإطلاق سراح المواطنين الأميركيين المسجونين في طهران، وأشرف كذلك على التواصل بين الحكومة الأميركية والمنفيين والمعارضين الإيرانيين وجهود تعزيز الحركات الديمقراطية داخل إيران.
لكن في أبريل (نيسان) الماضي، سحب مكتب الأمن الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية تصريحه الأمني، وتم إجباره على الحصول على إجازة غير مدفوعة الأجر بعد شهرين، وبدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقاً معه حول ما إذا كان قد أساء التعامل مع معلومات سرية قال موقع "سيمافور" الإخباري اليميني المحافظ إنها نتجت من ظهور أدلة على أنه قام بتنزيل وثائق حساسة وسرية وربما شاركها مع أفراد خارج الحكومة الأميركية لتعزيز جهوده الدبلوماسية.
شبهات واسعة
ونقل الموقع عن أشخاص مطلعين على التحقيق في الكونغرس أن المشرعين علموا أن روبرت مالي نقل نحو 12 وثيقة إلى أجهزته الشخصية بتصنيفات تراوح ما بين سرية وحساسة، لكن غير سرية.
ومن بين هذه الوثائق كما يعتقدون، ملاحظات مفصلة عن لقاءات روب مالي مع المسؤولين الإيرانيين في الأشهر التي سبقت إيقافه عن العمل، وربما تكون هناك أيضاً وثائق تتعلق بكيفية استجابة الحكومة الأميركية للاحتجاجات السياسية واسعة النطاق التي اندلعت في إيران خلال خريف عام 2022 بعد وفاة امرأة كردية شابة، وهي مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة بسبب انتهاكها قانوناً إيرانياً يلزم النساء بارتداء الحجاب.
وفي العام الماضي، كشف تحقيق أجراه موقع "سيمافور" أيضاً عن تفاصيل حول كيف استخدمت طهران "معهد البحوث النووية" وهو شبكة من الخبراء الأميركيين والأوروبيين في الشرق الأوسط، من أجل تعزيز مواقف إيران في شأن برنامجها النووي وقضايا الأمن القومي الأخرى وذلك بدءاً من عام 2014، وأن عدداً من الأشخاص المرتبطين بمعهد البحوث النووية عملوا أو تعاونوا مع روبرت مالي في قضايا إيران قبل وبعد توليه منصب المبعوث الخاص للرئيس بايدن عام 2021.
لكن تقريراً أصدره مكتب المفتش العام لوزارة الخارجية الأميركية قبل أسابيع أدى إلى تعميق الغموض حول مالي إذ لم يحكم التقرير الذي أرسل إلى الكونغرس، على ما أدى إلى تعليق التصريح الأمني لروبرت مالي أو يتعمق في تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي. وأشار بدلاً من ذلك إلى أن محققي المفتش العام لم يجدوا أي دليل على أن مالي شارك في مسائل سرية بعد تعليق تصريحه الأمني، لكنه وجد دليلاً على أن مالي كان يتواصل بانتظام مع مسؤولي البيت الأبيض وكان على اطلاع بالمكالمات الهاتفية الآمنة والاجتماعات مع مجموعة واسعة من الوكالات، بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية، ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية، ووزارات الدفاع والعدل والخزانة وهو ما اعتبرت أنه كان خطأ إجرائياً من وزارة الخارجية.
قضية سياسية
غير أن التحقيقات مع مالي كانت تبدو قضية سياسية مع دخول الولايات المتحدة المراحل النهائية من الحملة الرئاسية لعام 2024 خلال الصيف الماضي، إذ أوضح عدد من قادة الجمهوريين في الكونغرس أنهم لن يتراجعوا في مساعيهم لمعرفة الأسباب وراء تعليق التصريح الأمني لمالي وما إذا كانت أفعاله تعرض الأمن القومي الأميركي للخطر.
ورأى بعض زعماء الجمهوريين أوجه تشابه بين وضع مالي تجاه إيران واتصالات حملة ترمب بالحكومة الروسية قبل انتخابات 2016 إذ هاجم الديمقراطيون ترمب بلا هوادة في شأن هذه القضية ونجحوا في تحفيز إطلاق تحقيق خاص في الأمر برئاسة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق روبرت مولر، الذي أعاق بصورة كبيرة أجندة إدارة ترمب أثناء وجوده في منصبه على رغم أن المستشار الخاص خلص في النهاية إلى عدم وجود دليل على التواطؤ بين حملة ترمب وموسكو.
وهدد الجمهوريون بأنهم قد يستخدمون مالي وإيران لقلب السيناريو بصورة أساسية وإلحاق الضرر السياسي ببايدن الذي كان لا يزال المرشح المفترض للديمقراطيين للانتخابات الرئاسية، لكن ظلت هناك اختلافات واضحة، ففي حين ركز تحقيق روسيا على أفراد من عائلة الرئيس السابق ترمب المباشرة ورئيس حملته السابق، كان مالي بعيداً نسبياً من البيت الأبيض في عهد بايدن، كما اتهمت روسيا بمحاولة التأثير في الانتخابات الرئاسية الأميركية، في حين ظلت تصرفات مالي ودوافعه غير واضحة، وقد تظل على هذا النحو لفترة من الوقت إن لم يكن إلى أجل غير مسمى.
لوبي إيران في أميركا
وعلى رغم أن ما نشرته المواقع الإعلامية اليمينية حول روبرت مالي لا يقدم دليلاً دامغاً على وجود نوع من حلقات التجسس الإيرانية كما لاحظ الكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز" بريت ستيفنز، فإن هذا لا ينفي أن وزارة الخارجية الإيرانية عملت لأعوام على تنمية شبكة من الأكاديميين والباحثين المؤثرين في الخارج تسمى "مبادرة خبراء إيران" كوسيلة لتعزيز المصالح الإيرانية في الغرب، وليس من المستغرب أن تعمل حكومة أجنبية على تعزيز العلاقات مع الخبراء للتأثير في تحليلاتهم.
ويشير تقرير لمؤسسة "هوفر" في واشنطن وهو مركز بحثي يتبع جزئياً جامعة ستانفورد ومحافظ تقليدياً إلى أن هناك شبكة فضفاضة في مراكز الأبحاث والأوساط الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة، وظيفتها الأساسية تعزيز وجهات نظر ومصالح النظام الإيراني في الغرب مما يجعلها تقترب من وصف "لوبي إيران في أميركا" الذي يبدو على هيئة دوائر متحدة المركز على حد وصف كافح شهروز الذي كتب التقرير وهو محام وناشط في مجال حقوق الإنسان وخبير بارز في معهد ماكدونالد لورييه في مدينة أوتاوا الكندية.
ويعتقد شهروز أن هذه الدوائر تتلقى أجراً من النظام الإيراني مقابل عملها وترتبط بطرق خفية ببقية لوبي إيران وأن هناك دوائر أكبر تتمثل في الأشخاص والمنظمات الذين يعتقدون صراحة أن دورهم هو تحويل السياسة الغربية نحو التطبيع مع إيران بطريقة تتطلب أقصى قدر من التنازلات من الغرب وأقل قدر من التنازلات من النظام الإيراني.
مجلس نياك
وعلى سبيل المثال، خلال انتفاضة المرأة والحياة والحرية في إيران العام الماضي، ندد منتقدو النظام في الولايات المتحدة بالمجلس الوطني الإيراني الأميركي (نياك) لتعاونه المزعوم مع طهران، وهو المجلس الذي قد أنشئ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، من قبل وزير خارجية النظام الإيراني السابق جواد ظريف بحسب هوشانغ أمير أحمدي الأكاديمي في جامعة روتجرز.
وسواء كان ظريف متورطاً أم لا، فمن الواضح من الوثائق التي صيغت في وقت تأسيس المجلس الوطني الإيراني الأميركي أنه كان من المفترض أن يكون بمثابة جماعة ضغط لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران وفتح الفرص للتجارة، وأنه سيكون موجهاً بصورة أساسية نحو الأعمال، أي الشركات التي تسعى إلى التخلص من العقوبات، لكنه سيركز استراتيجياً على قضايا أخرى حتى يخلق اللوبي وجهاً إنسانياً، بينما لم يرد في خطته لتطبيع العلاقات أي إشارة إلى سجل إيران في مجال حقوق الإنسان، أو تمويلها للإرهاب، أو نظام الفصل بين الجنسين.
وعلى رغم هذا التاريخ، تمتع المجلس الوطني الأميركي للضغط من أجل إيران بنفوذ هائل في السياسة الأميركية خلال إدارة أوباما عندما ألقى كبار موظفي البيت الأبيض مثل بن رودس خطابات رئيسة في مجلس الأمن القومي الأميركي في طريق صياغة الاتفاق النووي.
تأييد النظام الإيراني
ويشير شهروز إلى أن الدائرة الخارجية للوبي الإيراني هي عبارة عن انتماء فضفاض للكتاب ومراكز الفكر والأكاديميين المؤثرين على سياسة إيران، الذين لا يعملون كجزء من منظمة ضغط، لكن عملهم يعزز باستمرار ويبرر المطالب التي تطالب بها منظمات مثل المجلس الوطني الأميركي للضغط من أجل إيران، ويشمل ذلك المعلقين المنتظمين في وسائل الإعلام وكذلك المؤسسات التابعة للجامعات الكبرى، وكلها جزء من شبكة واسعة النطاق من المؤثرين المؤيدين لطهران.
ويقدم هؤلاء رواية تؤيد النظام الإيراني باستمرار، تتضمن وجهات نظر مفادها أن الحرس الثوري الذي أدرجته الولايات المتحدة منظمة إرهابية، ليس بالضبط ذلك الوحش الذي نتصوره، وأن حقوق الإنسان قضية أكبر بالنسبة إلى الغربيين مقارنة بمعظم الإيرانيين داخل إيران، وأن الغرب يجب أن يدخل في صفقات ضيقة مع إيران لا تتطلب من النظام الإيراني إنهاء آثاره المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وهذا كله بهدف تحويل السياسة الأميركية نحو استرضاء الجمهورية الإيرانية ونسيان أن شعار طهران منذ عام 1979 كان باستمرار "الموت لأميركا".
3 وظائف
وتخدم هذه الدوائر المتحدة المركز إحدى ثلاث وظائف رئيسة، الأولى هي تصوير النظام الإيراني في ضوء إيجابي (أو في الأقل التقليل من سلوكه الأكثر فظاعة) مع تعظيم الاهتمام السلبي بخصوم النظام، أما الوظيفة الثانية التي انتهجتها جماعات الضغط الإيرانية فهي حقن نقاط الحديث المفضلة للنظام الإيراني في الخطاب العام في الولايات المتحدة وتضييق نافذة المناقشات السياسية في شأن إيران بحيث ينظر إلى المطالبات بتغييرات جوهرية في إيران على أنها مواقف جذرية وغير قابلة للدفاع عنها.
وتتمثل الوظيفة الثالثة في اغتيال شخصية المعارضين الذين يعتقد النظام الإيراني أنهم يشكلون تهديداً، إذ تمضي جماعات الضغط الإيرانية وقتاً طويلاً في مهاجمة هؤلاء الناشطين الذين يستهدفهم النظام الإيراني، فليس هناك منشق بمنأى عن اللوم، وانتقاده أمر مشروع في النظام الديمقراطي، لكن التركيز الحصري على تقويض المنشقين مع الفشل في انتقاد النظام يشير إلى تحيز صارخ.
ولهذا، يبدو أن السياسة الغربية تجاه إيران غالباً ما تتعرض للتلاعب من قبل النظام الإيراني عبر هذا اللوبي الذي يروج لوجهات نظر النظام، ويقوض معارضيه، وعلى رغم أن هؤلاء الأشخاص قد لا يكونون من جماعات الضغط بالمعنى التقليدي، لكن الضغط هو الوظيفة التي يؤدونها، بحسب شهروز.