ملخص
أقر الكنيست حظراً على وكالة "الأونروا" بغالبية 92 صوتاً مقابل 10 أصوات، على أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ بعد 90 يوماً من إقراره.
تؤدي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي حظر الكنيست الإسرائيلي نشاطها، دوراً "لا بديل له" برأي البعض في الاستجابة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة، فيما يعدها البعض الآخر شريكة في الإرهاب.
تقدم "الأونروا" منذ أكثر من سبعة عقود مساعدة حيوية للاجئين الفلسطينيين سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية المحتلة أو في لبنان وسوريا والأردن.
"معادية لإسرائيل"
وأكد المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أن الوكالة التي يترأسها منذ عام 2020 هي "شريان حياة" لملايين الأشخاص. لكن السلطات الإسرائيلية تعد "الأونروا" وكالة متحيزة ومعادية لإسرائيل وتتهم عدداً من موظفيها بالضلوع في الهجوم الذي نفذته حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وشكل شرارة لانطلاق الحرب في غزة.
لذلك أقر الكنيست الحظر أمس الإثنين، بغالبية 92 صوتاً مقابل 10 أصوات، على أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ بعد 90 يوماً من إقراره.
تاريخ طويل
أسست "وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط" في ديسمبر (كانون الأول) 1949 بموجب قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عقب حرب 1948، أول حرب عربية - إسرائيلية اندلعت بعد إعلان قيام دولة إسرائيل في مايو (أيار) من ذلك العام.
قبل تأسيس "الأونروا" كان "برنامج الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين" الذي أنشئ في 1948 يؤدي مهام إغاثية للاجئين الفلسطينيين، وتولت الوكالة الوليدة المهام التي كانت موكلة لهذا البرنامج، كما كلفت الاستجابة بطريقة أكثر فاعلية للحاجات الاقتصادية والاجتماعية لمجمل اللاجئين الفلسطينيين.
منذ بدء النزاع العربي- الإسرائيلي وحتى إقرار الهدنة في يناير (كانون الثاني) 1949، اضطر أكثر من 760 ألف فلسطيني للفرار من منازلهم أمام تقدم القوات اليهودية أو تم تهجيرهم وطردهم من منازلهم بالقوة، ولجأ معظمهم إلى دول مجاورة.
ومذاك أصبحت "الأونروا"، في غياب أي جهة أخرى ذات صلاحية، الهيئة الوحيدة الضامنة للوضع الدولي للاجئين الفلسطينيين.
هناك قرابة 6 ملايين فلسطيني مسجلون لدى "الأونروا" ويمكنهم الاستفادة من خدماتها التي تشمل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والبنى التحتية للمخيمات والتمويلات الصغيرة والمساعدات الطارئة، بما في ذلك خلال الفترات التي تشهد نزاعاً مسلحاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهناك ما مجموعه 58 مخيماً للاجئين تعترف بها الوكالة الأممية، بينها 19 في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل عسكرياً منذ 50 عاماً.
ويدرس أكثر من 540 ألف طفل في مدارس "الأونروا" التي تدير كذلك 141 مرفقاً للرعاية الصحية الأولية وتستقبل قرابة 7 ملايين مريض كل عام وتقدم المساعدات الغذائية والنقدية لنحو 1.8 مليون شخص.
كان الوضع الإنساني حرجاً في قطاع غزة الذي تحكمه حركة "حماس" منذ عام 2007، قبل بدء الحرب بين إسرائيل والحركة الفلسطينية.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة الصادرة في أغسطس الماضي، فإن 63 في المئة من سكان القطاع يعانون انعدام الأمن الغذائي ويعتمدون على المساعدات الدولية. ويعيش أكثر من 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر.
ويضم القطاع الصغير الواقع بين إسرائيل والبحر المتوسط ومصر، ثمانية مخيمات ونحو 1.7 مليون نازح، أي الغالبية الساحقة من السكان، وفقاً للأمم المتحدة. ويبلغ إجمالي عدد سكان غزة نحو 2.4 مليون نسمة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، أصبح الوضع الإنساني في غزة كارثياً بسبب الضربات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع والقتال البري.
لا بديل
وتسببت الحرب المستمرة بمقتل ما لا يقل عن 43 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة التي تعدها الأمم المتحدة ذات صدقية، كما أن ثلثي البنى التحتية في غزة والتي غالباً ما تكون مأوى موقتاً للنازحين، تعرضت للضرر أو الدمار وفقاً للأمم المتحدة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، "وسط كل هذه الاضطرابات، أصبحت الأونروا (وكالة) لا بديل لها ولا غنى عنها".
ومن بين موظفي الوكالة البالغ عددهم 30 ألفاً، يعمل 13 ألف شخص في قطاع غزة، موزعين على أكثر من 300 منشأة موجودة على مساحة 365 كيلومتراً مربعاً، وفقاً لموقع المنظمة على الإنترنت.
وتكبدت "الأونروا" خسائر فادحة مع مقتل 223 من موظفيها في الأقل وتضرر أو تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.
كثيراً ما كانت "الأونروا" في مرمى انتقادات إسرائيل وداعميها الذين يتهمون مدارس الوكالة بتدريس الكراهية لإسرائيل. ومنذ هجوم "حماس" ازدادت تلك الاتهامات.
وتتهم الوكالة بالعمل كغطاء للحركة، واتهمت حكومة بنيامين نتنياهو عشرات من موظفيها بالتورط بصورة مباشرة في هجوم السابع من أكتوبر الذي تسبب بمقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، بحسب إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل رهائن ماتوا أو قتلوا في الأسر في غزة.
ومن أصل 251 شخصاً خطفوا خلال الهجوم، لا يزال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وسلط عدد من التحقيقات في هذا الشأن الضوء على "مشكلات تتعلق بحياد" "الأونروا" وقد توصلت إلى أن تسعة موظفين "ربما كانوا متورطين" في الهجوم.
كذلك، تتهم إسرائيل الوكالة بتوظيف المئات من أعضاء "حماس"، من بينهم أفراد في ذراعها المسلحة "كتائب عز الدين القسام".
وكل ذلك دفع عدداً من الدول المانحة إلى تعليق تمويلها في منتصف الحرب قبل أن تستأنفه أخيراً غالبيتها، لكن ليس الولايات المتحدة، مما يترك "الأونروا" في وضع مالي هش للغاية.
وأشار لازاريني إلى أن الوكالة ستكون قادرة على جمع 80 مليون دولار التي تنقصها بحلول نهاية عام 2024، بفضل مساهمات غير مسبوقة من العامة. لكن المستقبل يبقى غامضاً.