أمستردام تعزز إجراءاتها الأمنية وتعتقل 62 شخصا بعد هجمات "معادية للسامية"

 اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة أن "الهجمات المعادية للسامية على مشجعين إسرائيليين لكرة القدم" في امستردام "مشينة"، لافتاً الى أنه حدث "يذكر بمراحل حالكة من التاريخ، حين كان اليهود مضطهدين".
وكتب بايدن على منصة إكس "علينا أن نناضل من دون كلل ضد معاداة السامية حيث تكون"، مضيفاً أنه كان على اتصال "بمسؤولين في إسرائيل وهولندا"، مشيداً برد فعل الأخيرة على ما جرى.

وهبطت أول طائرة في مطار بن غوريون اليوم الجمعة تقل إسرائيليين أجلوا من هولندا غداة صدامات على هامش مباراة لكرة القدم بين فريقي "أياكس أمستردام" و"مكابي تل أبيب"، أثارت ردود فعل دولية منددة.
وأصيب عدة أشخاص أمس الخميس في أعمال العنف التي وصفتها رئيسة بلدية أمستردام فيمكه خالسيما بأنها ذات طابع "معاد للسامية"، بينما أعلنت مدينة أمستردام حظر التظاهرات لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من اليوم.

رحلات إجلاء خاصة

وأوضحت شركة طيران العال الإسرائيلية أن هذه رحلة منتظمة جاء على متنها إسرائيليون أجلوا.
وقالت المتحدثة باسم الشركة شيرا كيسلغروس لوكالة الصحافة الفرنسية إنه إضافة إلى الرحلات الجوية المنتظمة، من المقرر القيام بأربع رحلات إجلاء خاصة اليوم، ورحلتين أخريين غداً السبت. وأضافت "باحتساب رحلات هذا الصباح فإن نحو 1850 إسرائيلياً سيعودون من أمستردام إلى تل أبيب".

تشديد الأمن في أمستردام

وقالت شرطة أمستردام اليوم الجمعة إنها تحتجز 62 أشخاص بعد تعرض مشجعي فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم لهجوم الليلة الماضية ممن وصفتهم رئيسة بلدية أمستردام فمكه هالسما "بفرق كر وفر معادية للسامية".

وأردفت هالسما تقول في مؤتمر صحافي "هذه لحظة قاتمة جداً على المدينة، وأنا أشعر بالخجل الشديد تجاهها". وذكرت أن "مجرمين معادين للسامية هاجموا زائرين لمدينتنا واعتدوا عليهم في عمليات كر وفر"، مضيفة أن الجناة تمكنوا من الإفلات من الشرطة التي كانت منتشرة بأعداد كبيرة.

وأعلنت رئيسة بلدية أمستردام تعزيز الإجراءات الأمنية في المدينة بعد الصدامات الليلية، مشيرة إلى فرض حظر موقت على الاحتجاجات. كما قالت إن البلدية قررت بدء تحقيق مستقل في ما حدث الليلة الماضية، مضيفة "ندرك أن أحداث الليلة الماضية تذكر بالمذابح".

وقالت هالسما إن مشجعي فريق "مكابي تل أبيب" تعرضوا "للهجوم والإساءة والرشق بالألعاب النارية" وإن "مثيري شغب على متن دراجات (سكوتر)" لاحقوا الإسرائيليين، مضيفة أن شرطة مكافحة الشغب تدخلت لحمايتهم ومرافقتهم إلى الفنادق. وأضافت أن خمسة أشخاص في الأقل تلقوا العلاج في المستشفى.

وعدت رئيسة بلدية أمستردام أن الصدامات التي وقعت شكلت "تفجراً لمعاداة السامية" لم تشهده البلاد "منذ مدة طويلة".

رئيسة بلدية أمستردام فمكه هالسما (رويترز)

5 عولجوا في المستشفيات

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تدخل شرطة مكافحة الشغب في اشتباكات ردد فيها بعض المهاجمين عبارات معادية لإسرائيل.

وقال قائد شرطة أمستردام "لا مؤشرات إلى احتجاز رهائن أو فقد أشخاص"، بينما نُقل خمسة أشخاص إلى المستشفى.

وقالت شرطة أمستردام على منصة "إكس"، "يتم تداول عديد من التقارير حول أحداث الليلة الماضية في أمستردام على وسائل التواصل الاجتماعي"، وأضافت "حتى الآن نعرف أنه تم نقل خمسة أشخاص إلى المستشفى وأوقف 62 شخصاً"، مشيرة إلى أنها "أطلقت تحقيقاً في عديد من حوادث العنف"، وأوضحت "الشرطة على علم بالتقارير التي تفيد باحتمال وجود رهائن وأشخاص مفقودين لكن ليس لديها حالياً أي تأكيد لذلك. هذا الأمر قيد التحقيق أيضاً".

الشرطة الهولندية تعتقل شخصاً في أمستردام (لقطة من فيديو انتشر على مواقع التواصل)

وبدوره، ندد رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف بـ"الاعتداء المروع المعادي للسامية" في أمستردام، بينما أكدت الشرطة الهولندية أن التوتر بدأ قبل 24 ساعة من موعد المباراة. وأفاد المتحدث الهولندي بيتر هولا بتسجيل "حوادث من الطرفين" ليل أول من أمس الأربعاء. وأضاف "قام مشجعو مكابي بإزالة علم من واجهة مبنى في روكين، ودمروا سيارة أجرة. وأُشعل علم فلسطيني في دام"، وهي إحدى مناطق العاصمة.

وأظهر مقطع فيديو مجموعة من الرجال يركضون قرب محطة أمستردام المركزية ويطاردون رجالاً آخرين ويعتدون عليهم بالضرب، بينما كانت صفارات الإنذار الخاصة بسيارات الشرطة تدوي.
وأظهر مقطع فيديو آخر مشجعي فريق مكابي وهم يشعلون ألعاباً نارية ويهتفون "النصر للجيش الإسرائيلي" ويرددون كلمة بذيئة بحق العرب.
وتحدث الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ مع الملك الهولندي فيليم ألكسندر الذي قال إنه "عبر عن الذعر والصدمة".
ونقل هرتسوغ عن الملك قوله إن "هولندا أخفقت في مساعدة الطائفة اليهودي خلال الحرب العالمية الثانية تحت الاحتلال والاضطهاد النازيين ومرة أخرى أمس".

ساعر يتوجه إلى هولندا

ويتوجه وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد جدعون ساعر إلى أمستردام لغرض "زيارة دبلوماسية عاجلة" بعد الاعتداء على مشجعي كرة قدم إسرائيليين ليل الخميس - الجمعة، بحسب ما أعلن مكتبه.

وأفادت الوزارة بأنه "في ضوء الأحداث الخطرة، يتوجه وزير الخارجية جدعون ساعر بعد قليل إلى هولندا في زيارة دبلوماسية عاجلة".

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه أمر بإرسال طائرتين إلى هولندا لإعادة مئات من مشجعي كرة القدم الإسرائيليين وذلك بعد "واقعة عنيفة للغاية" استهدفت مواطنين إسرائيليين في أعقاب المباراة بين فريقي "أياكس أمستردام" و"مكابي تل أبيب". ويوصف "أياكس أمستردام" عادة بأنه ناد يهودي.

وقال مكتب نتنياهو "هذه واقعة خطرة تمثل إشارة تحذير لأي دولة ترغب في التزام قيم الحرية".

وذكر بيان ثان لمكتب رئيس الوزراء أن وزارة الأمن الوطني حضت المواطنين الإسرائيليين في أمستردام، عقب الهجمات، على البقاء في غرفهم بالفنادق التي يقيمون فيها.

وقال وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير، في منشور على موقع "إكس"، "المشجعون الذين ذهبوا لمشاهدة مباراة كرة قدم واجهوا معاداة السامية، وتعرضوا للهجوم بقسوة لا يمكن تصورها لمجرد أنهم يهود وإسرائيليون".

وأظهر مقطع فيديو تحققت "رويترز" من صحته مجموعة من الرجال يركضون قرب محطة أمستردام المركزية، ويطاردون أشخاصاً آخرين ويعتدون عليهم بالضرب، بينما كانت صفارات الإنذار الخاصة بسيارات الشرطة تدوي.

مشجعو فريق "مكابي تل أبيب"​​​​​​​ في أمستردام (أ ن ب/أ ف ب)

إقلاع أولى الطائرات

وأعلنت هيئة الملاحة الجوية الإسرائيلية أن الطائرة الأولى المخصصة لإعادة المشجعين من هولندا أقلعت من مطار بن غوريون في تل أبيب.

ومن المتوقع أن تصل الطائرة، وهي الأولى من بين عدد من طائرات الإجلاء التي ستتبعها، إلى أمستردام بعد ظهر اليوم.

وطلبت وزيرة النقل الإسرائيلية ميري ريغيف من نظيرها الهولندي باري مادلينر ضمان "نقل الركاب بأمان من الفنادق إلى المطار".

كما طلبت بأن يبقى مطار سخيبول في أمستردام مفتوحاً ليلاً في نهاية هذا الأسبوع وأن تمنح طائرات الإخلاء الإسرائيلية "كل التصاريح اللازمة".

كما طلب وزير الخارجية الإسرائيلي من نظيره الهولندي كاسبار فيلدكامب في مكالمة هاتفية مساعدة الحكومة المواطنين الإسرائيليين على الوصول بأمان إلى المطار.

واليوم، قال الجيش الإسرائيلي إن جميع أفراده ممنوعون من السفر إلى هولندا حتى إشعار آخر.

ضرب ودهس

ودان نتنياهو "اعتداءً معادياً للسامية" في اتصال مع نظيره الهولندي ديك سخوف. وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء أن "نتنياهو قال إنه ينظر إلى الاعتداء المعادي للسامية على مواطنين إسرائيليين مع سبق الإصرار، بمنتهى الجدية، وطلب زيادة الأمن لكامل المجتمع اليهودي في هولندا".

وقال رئيس الوزراء الهولندي إنه شعر "بالفزع إزاء الهجمات المعادية للسامية على مواطنين إسرائيليين". وشدد على أن "هذا أمر غير مقبول على الإطلاق". وأضاف أنه أكد لنتنياهو في اتصال هاتفي على "أنه سيحدد هوية الجناة ومحاكمتهم".

وقال السياسي المناهض للمسلمين خيرت فيلدرز، زعيم أكبر حزب في الحكومة الهولندية "أشعر بالخزي لحدوث هذا في هولندا". وفي منشور على منصة "إكس"، اتهم "مسلمين مجرمين" بالوقوف وراء ما حدث وطالب بترحيلهم.

وذكرت السفارة الإسرائيلية لدى لاهاي أن حشوداً رددت شعارات معادية لإسرائيل، ونشرت السفارة مقاطع فيديو عن العنف على وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر "ركل مواطنين إسرائيليين وضربهم وحتى دهسهم"، وأضافت "عشية (ذكرى) ليلة الزجاج المكسور، عندما واجه اليهود في ألمانيا النازية هجمات وحشية، من المروع أن نشهد العنف المعادي للسامية في شوارع أوروبا مرة أخرى".

استذكار مذابح القرون السابقة

وقالت الشرطة إن متظاهرين يناصرون الفلسطينيين حاولوا بعد المباراة الوصول إلى ملعب يوهان كرويف على رغم أن سلطات المدينة منعتهم من الاحتجاج هناك.

وذكرت الشرطة أن المشجعين غادروا الملعب من دون وقوع حوادث بعد مباراة الدوري الأوروبي التي فاز بها "أياكس" 5-صفر، لكن الاشتباكات اندلعت خلال الليل في وسط المدينة.

وكان الرئيس إسحاق هرتسوغ من بين كبار السياسيين الإسرائيليين الذين قالوا إن أعمال العنف تعيد للذاكرة الهجوم الذي شنته "حماس" على إسرائيل العام الماضي، وكذلك الهجمات على اليهود الأوروبيين في مذابح القرون السابقة.

وكتب في رسالة على منصة "إكس"، "نتابع بذعر هذا الصباح الصور ومقاطع الفيديو المروعة التي كنا نأمل منذ السابع من أكتوبر ألا نراها مرة أخرى: مذبحة معادية للسامية تجري حالياً ضد مشجعي مكابي تل أبيب والمواطنين الإسرائيليين في قلب أمستردام".

يتظاهر مؤيدون للفلسطينيين في أمستردام قبل مباراة كرة القدم في الدوري الأوروبي بين "أياكس" و"مكابي تل أبيب" في 7 نوفمبر 2024 (أ ف ب)

تنديد دولي

ولقيت الصدامات تنديداً واسعاً من مسؤولين إسرائيليين ودوليين.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز إن الهجمات على مشجعي كرة القدم الإسرائيليين في أمستردام غير مقبولة. وكتب شولتز في منشور على "إكس"، "التقارير عن العنف ضد المشجعين الإسرائيليين في أمستردام لا تحتمل. لا يمكننا قبول هذا. يجب أن يشعر اليهود بالأمان في أوروبا".

وعبرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن صدمتها من المشاهد الواردة من أمستردام. وكتبت على "إكس"، "الصور الواردة من أمستردام مروعة ومخزية للغاية بالنسبة إلينا في أوروبا. اندلاع مثل هذا العنف ضد اليهود يتجاوز كل الحدود. لا يوجد ما يبرر ذلك". وأكدت أنه يجب أن يتمكن اليهود من الشعور بالأمان في أوروبا.

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الاشتباكات التي وقعت في أمستردام. وقال الناطق باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جيريمي لورانس في مؤتمر صحافي في جنيف "اطلعنا على هذه التقارير المثيرة للقلق"، مضيفاً "يجب ألا يتعرض أحد للتمييز أو العنف على أساس أصله القومي أو الديني أو العرقي أو أي أساس آخر".

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أعربت بدورها عن "استيائها" من "الهجمات الدنيئة التي استهدفت مواطنين إسرائيليين في أمستردام". وكتبت على "إكس" بعد التحدث مع رئيس الوزراء الهولندي "أدين بشدة هذه الأعمال غير المقبولة. لا مكان لمعاداة السامية في أوروبا. نحن مصممون على محاربة كل أشكال الكراهية".

وندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالهجمات قائلاً إن "العنف ضد مشجعي كرة القدم الإسرائيليين في أمستردام يذكرنا بأحلك أوقات التاريخ".

طعن ودهس

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن مئات الإسرائيليين الذين ذهبوا إلى هولندا لتشجيع فريق أحد أندية كرة القدم الإسرائيلية تعرضوا للدهس والطعن ومحاولات خطف.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن مشجعين لفريق "مكابي تل أبيب" الإسرائيلي، تعرضوا لهجمات عنيفة في مواقع عدة بأمستردام بعد المباراة التي انتهت بفوز "أياكس" ضمن الدوري الأوروبي بخماسية نظيفة.

أضافت الصحيفة أن الاعتداءات، التي قام بها أشخاص ملثمون، طاولت عدداً من الفنادق التي كان إسرائيليون يقيمون فيها. ونقلت عن وسائل إعلام هولندية قولها، إن قوات الشرطة ساعدت عشرات المشجعين الإسرائيليين الذين تعرضوا للاعتداء، واعتقلت عدداً من الأشخاص الذين استهدفوهم.

وزادت الحوادث المعادية للسامية في هولندا منذ أن شنت إسرائيل هجومها على غزة بعد هجوم لحركة "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأبلغت عديد من المنظمات والمدارس اليهودية عن تلقيها تهديدات ورسائل كراهية.