Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حساسية الطعام... حرمان الجسد مما تشتهيه النفس

ترتبط الأجسام المضادة بخلايا مناعية معينة وعند تنشيطها تطلق مادة كيماوية تسمى "الهيستامين"

النظام الصحي يؤثر بشكل كبير على الحساسية والطفح الجلدي (رويترز)

ملخص

إن أفضل طريقة للتأكد من أن رد الفعل السيئ تجاه الطعام "الحساسية" هي عبر الحصول على تشخيص من قبل طبيب متخصص، وبمجرد أن تعرف أنها حساسية يمكنك حينها وضع خطة لعلاجها.

كثر لا يعرفون أن حساسية الطعام يمكن أن تشكل تهديداً كبيراً لحياة الإنسان، وتؤدي في بعض الحالات إلى التقيؤ وظهور صعوبة التنفس وانخفاض ضغط الدم، كما يمكن أن تظهر هذه الحساسية بسرعة وتتطلب عناية طبية طارئة لعلاجها.

ووفقاً للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، يعاني حوالى ثمانية في المئة من الأطفال ردود فعل سلبية تجاه أنواع معينة من الطعام مقارنة بحوالى 6.2 في المئة من البالغين، لذا يبحث خبراء الصحة عن طرق للتحايل على هذه الحساسيات، أو في بعض الحالات منعها تماماً.

ما هي حساسية الطعام؟

من الصعب تحديد عدد الأشخاص الذين يعانون حساسية طعام معينة جزئياً كون هناك عدد من أنواع حساسية الطعام التي تتشابه بأعراضها مع أي رد فعل تحسسي، فمثلاً يمكن أن يؤدي عدم تحمل اللاكتوز إلى حدوث آلام في المعدة والتسبب برد فعل تحسسي لكنه من الناحية الطبية يعد مشكلة في الجهاز الهضمي وليس حساسية على الحليب.

لذا يقول الأطباء إن أفضل طريقة للتأكد من أن رد الفعل السيئ تجاه الطعام "الحساسية" هي عبر الحصول على تشخيص من قبل طبيب متخصص، وبمجرد أن تعرف أنها حساسية يمكنك حينها وضع خطة لعلاجها.

وما يجعل حساسية الطعام مختلفة عن الحساسيات الأخرى هو استجابة الجهاز المناعي، إذ إنه في رد الفعل التحسسي الغذائي يرى الجسم من طريق الخطأ بروتيناً غريباً غير ضار مثل بروتين الفول السوداني على أنه كائن خطر، من ثم ينتج جسم الإنسان جسماً مضاداً يسمى الغلوبولين المناعي (IgE) لمحاربته.

أعراضها

ترتبط هذه الأجسام المضادة بخلايا مناعية معينة كالخلايا الحمضية أو البدينة أو القاعدية التي عند تنشيطها تطلق مادة كيماوية تسمى "الهيستامين"، ويمكن أن ينتج من هذا الأمر رد فعل تحسسي في أي من أنظمة الأعضاء الأربعة الرئيسة وهي الأمعاء والجلد والرئتين والقلب، فيما تشمل الأعراض الحكة والطفح الجلدي وتقلص العضلات في الرئتين والقيء والإسهال.

ويقول أطباء جامعة "نورث كارولينا" الأميركية إن المصابين بأمراض الجهاز التنفسي والقلب ستكون حياتهم معرضة لخطر كبير حال إصابتهم بأي رد فعل تحسسي غذائي، ومن وجهة نظرهم يمكن أن تكون ردود الفعل غير متوقعة إلى حد ما كأن يتسبب مسبب الحساسية الذي نتج منه رد فعل تحسسي خفيف في الماضي برد فعل أكثر تطرفاً في المستقبل، والعكس صحيح.

لماذا تزداد حساسية الطعام؟

هناك سببان لحساسية الطعام وهما العوامل الوراثية والبيئية، وما نعرفه هو أن الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالحساسية إذا كان أبواهما يعانيان خللاً في المناعة، سواء الحساسية الموسمية أو الإكزيما.

وفي الوقت نفسه، تدرس نظريتان رئيستان العوامل البيئية المؤدية إلى حساسية الطعام، فتفترض فرضية النظافة أن هوس المجتمع بالنظافة يقلل من تعرضنا المبكر لمسببات الحساسية وبالتالي يجعل أنظمتنا المناعية أكثر عرضة للمبالغة في رد الفعل تجاه البروتينات غير الضارة الشائعة وإثارة رد فعل تحسسي.

وبما أن الأطفال في عدد من أجزاء العالم يقضون وقتاً أقل قرب الأوساخ والماشية مقارنة بالماضي، فهذا قد يفسر سبب إظهار بعض الدراسات أن المناطق الحضرية تعاني حساسية الطعام أكثر من المناطق الريفية.

لكن فرضية النظافة لا تعالج تماماً سبب ارتفاع الإصابات بحساسية الطعام، فقد وجد الباحثون أن التعرض الشديد لطعام معين مثل المأكولات البحرية في آسيا يرتبط أحياناً بانتشار أعلى للحساسية تجاه هذا الطعام، وهنا تأتي فرضية التعرض المزدوج التي تفترض أن فرصة الإصابة بحساسية الطعام تزداد إذا تعرض الرضيع لآثار من مسببات الحساسية من طريق استنشاقها أو لمسها قبل تناولها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشرح رئيس قسم الحساسية والمناعة في مركز "يودوود للأطفال" في جامعة "جونز هوبكنز" الأميركية، روبرت وود، ذلك بقوله "إذا كان لدى الوالد حتى كمية صغيرة جداً من بروتين الفول السوداني على يديه، فإن النظرية تقول إن ذلك قد يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بحساسية الفول السوداني لاحقاً".

ونشير هنا إلى أن هاتين الفرضيتين هما الأكثر دراسة على الإطلاق، وتشمل الفرضيات الأخرى كيفية تغير طريقة زراعة الأغذية وتغليفها، فضلاً عما إذا كان تغير المناخ يلعب دوراً في ذلك.

خطوات جديدة في الوقاية من حساسية الطعام

وجد العلماء حديثاً أن العلاجات المناعية الفموية، بما في ذلك تعريض الأفراد لمسببات الحساسية المحددة في سن مبكرة، مفيدة بصورة لا تصدق في الأمد البعيد.

وهنا لا بد لنا من أن نتطرق إلى دراسة "التعلم المبكر عن حساسية الفول السوداني" (LEAP) وهي تجربة بحثية أشرف عليها أطباء أوروبيون عام 2015 لفهم كيفية منع حساسية الفول السوداني عند الأطفال، وخلصوا فيها إلى نتيجة مفادها أن إعطاء الأطفال طعاماً يحوي الفول السوداني قبل عيد ميلادهم الأول يمكن أن يقلل بصورة كبيرة من خطر إصابتهم بحساسية الفول السوداني في المستقبل، وقد انخفض هذا الخطر بنسبة 81 في المئة بحلول الوقت الذي بلغوا فيه سن الخامسة، مقارنة بالأطفال الذين تجنبوا الفول السوداني.

وكشفت متابعة حديثة لأكثر من 500 من المشاركين في التجربة هذا العام أن هذه التدابير الوقائية المبكرة نجحت بحماية هؤلاء الأطفال لفترة أطول من الإصابة بحساسية الطعام، وبذلك كان التعرض المبكر وقائياً للغاية، واستمر تأثيره لأعوام.

وبينما لم يكن من الممكن علاج حساسية الطعام إلا من خلال تجنبها أو تناول كميات يومية من مسببات الحساسية بجرعات خفيفة، تساعد الأدوية المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية في الحماية من أخطار التحسس الغذائي، وأحد الأمثلة على ذلك هو عقار الأجسام المضادة "أوماليزوماب" الذي يعمل من طريق الارتباط بالغلوبولين المناعي في الدم ومنعه من تسليح الخلايا المناعية المسؤولة عن ردود الفعل التحسسية.

وفي التجارب السريرية، كان 68 في المئة من المصابين بحساسية الفول السوداني الذين تلقوا هذا العقار قادرين على تناول الفول السوداني لكن 17 في المئة منهم لم يظهروا أي تغيير كبير في التحمل، لذا لا يزال الأطباء يحذرون من أن تجنب الحساسية قد يكون لا يزال ضرورياً على رغم وجود العلاج.

في المقابل يعول العلماء كثيراً على تقنية "كريسبر" كي تزودهم يوماً ما بالقدرة على تحرير جينات مسببات الحساسية وحذفها ومزيد من الاكتشافات القابلة للتطبيق.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة