ملخص
تعرف وريدة شلواطي الأقطاب التكنولوجية باعتبارها آلية للربط بين قطاعات البحث والتجديد والإنتاج
أتى إحداث الأقطاب التكنولوجية ضمن خطة شاملة للدولة التونسية تهدف إلى الرفع من القدرة التنافسية للمؤسسات وتفعيل الشراكة بين هياكل البحث العلمي والتكوين والإنتاج في إطار التطوير والتجديد والإبداع.
والأقطاب التكنولوجية هي هياكل تابعة بالأساس لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة بحسب ما ورد على لسان مديرة الأقطاب التكنولوجية بالوزارة وريدة شلواطي التي أضافت في حوارها لـ"اندبندنت عربية" أن عدد الأقطاب التكنولوجية في بلادها بلغ اليوم 11 تشمل 6 أقطاب تكنولوجية و5 أقطاب تنموية موزعة على محافظات البلاد ومتنوعة الاختصاص، مشيرة إلى أن الهدف من إحداثها هو دفع الاستثمار وتثمين البحث، علماً أن فضاء الأقطاب التنموية والتكنولوجية يتكون من مؤسسات للتعليم العالي ومن فضاءات للتكوين المهني ومراكز للبحث، وفي هذا الإطار تعمل الأقطاب مع مؤسسات التعليم العالي على بعث مشاريع تشاركية يجرى من خلالها تثمين البحث، مما يمكن من خلق مؤسسات ناشئة وخلق مواطن الشغل.
وتضيف شلواطي، "يعد فضاء الأقطاب التكنولوجية والتنموية الفضاء الأمثل الذي يقرب جميع المتعاملين الاقتصاديين بقصد تطوير الصناعة التونسية وتعزيز تموقعها بالأسواق الخارجية، ويعمل على بعث شبكات شراكة تتكون من مجموعة من المؤسسات تنتمي إلى قطاعات واعدة، وذلك للرفع من القدرة التنافسية والعمل على تكوين منتجات ذات تنافسية عالية".
مراكز بحث ومدن صناعية
بحسب ما تشير إليه شلواطي تحوي الأقطاب التكنولوجية 20 مركزاً ووحدة للبحث و20 مركزاً للتدريب و46 مؤسسة للتعليم العالي و12 حاضنة ومقر مؤسسة و3 فنادق مخصصة للمؤسسات و3 مراكز للموارد التكنولوجية و5 منصات مراقبة علاوة على مشاريع مبتكرة في قطاعات أهمها رقمية أنجزت بالشراكة بين الجامعات والشركات.
وتخضع الأقطاب التكنولوجية والتنموية، كما تقول شلواطي، إلى مقتضيات القانون عدد 50 لسنة 2001 المؤرخ في الثالث من مايو (أيار) 2001 المتعلق بها، وعملت الدولة منذ عام 2000 على تركيز هذه الأقطاب في اختصاصات تهم الأنشطة الواعدة في البلاد على غرار قطاعات النسيج وتكنولوجيات الاتصال والصناعات الغذائية والميكانيكية والإلكترونية، والرقمية والبيوتكنولوجيا والطاقات المتجددة، وتوجد بعدد من المحافظات في إطار تنشيط وتنمية الجهات وخلق فرص استثمار ومواطن شغل، وتتمثل وظيفتها في تطوير القدرة التنافسية للنسيج الصناعي من خلال دعم البحث والتجديد التكنولوجي وتثمين نتائج البحث وتحويلها إلى مكاسب تنموية تدعم الاقتصاد التونسي والإسهام في مزيد استقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية في القطاعات ذات المردودية الواعدة في البلاد والرفع من مساهمة القطاع الخاص في مجالات البحث والتكوين والتجديد.
وعن سؤال حول موارد تمويل الأقطاب التكنولوجية قالت المسؤولة إنها تأتي في قلب تفعيل الشراكة البناءة بين القطاعين العام والخاص، فهي كما تقول، تتمتع بتمويلات عمومية وخاصة، وتقوم باستثمارات تهم مباشرة المؤسسات الصناعية بالقطاع الخاص التونسي والأجنبي على حد سواء، مضيفة "على سبيل المثال خلق مدن صناعية انطلاقاً من استثمارات عقارية موجهة لفائدة الشركات التونسية أو الأجنبية المستثمرة في تونس، علاوة على التكوين والتعليم وجميع أنواع المرافقة للمؤسسات منها عدد من البرامج الخاصة، وتظل أهم آلية للربط بين قطاعي البحث والتجديد بخلقها لمحيط محفز للتفاعل بين هياكل البحث والتكوين والإنتاج".
وعلى هذا الأساس توضح شلواطي قائلة "تتوفر في فضاء القطب مكونات البحث والتكوين المهني والأكاديمي معاهد عليا وفضاءات لدعم إحداث المؤسسات الناشئة وفضاءات إنتاج على أن تكون مندمجة ومهيأة بقصد احتضان أنشطة في اختصاص معين أو مجموعة من الاختصاصات، وتهدف إلى الرفع من القدرة التنافسية للمنتجات من طريق دعم التكامل والاندماج بين هذه الأنشطة، ويتضمن القطب مناطق صناعية مساندة له وهي منتشرة في عديد من المناطق بشتى المحافظات، كما تحتضن الأقطاب شبكة شراكة في مجالات البحث والتكوين والإنتاج بين مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث والتكوين والمؤسسات المنتجة".
قدرة تنافسية ذات محتوى تكنولوجي
ولدى سؤال حول تأثير تطوير الأقطاب التكنولوجية في أداء القطاع الصناعي قالت وريدة شلواطي إن دورها بالأساس يتمثل في الرفع من القيمة المضافة للقطاعات الإنتاجية والمرور إلى قدرة تنافسية ذات محتوى تكنولوجي عالٍ، وذلك عبر حفز التجديد التكنولوجي ودعم التكامل والاندماج بين مختلف مكونات القطب، ثم إرساء منظومة تعليم عالٍ وتكوين متطورة وذات جودة عالية في مجال التكنولوجيا المتقدمة، مع ملاءمتها لمتطلبات سوق الشغل، بالتالي خلق مواطن شغل خاصة لحاملي الشهادات العليا، كما تعمل على دفع المبادرة الخاصة في القطاعات المجددة مثل التكنولوجيا الرقمية والصناعة الذكية (4.0) ومشاريع الطاقات المتجددة، إضافة إلى تطوير البنية التحتية الصناعية والتكنولوجية، من طريق تثمين نتائج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي وربطه بنشاط المؤسسات بتعزيز الترابط بين نشاط البحث والإنتاج وتثمين نتائج البحث لتطوير القطاع الصناعي بالتحديد من دون إغفال أن من أهم أهدافها استقطاب وتنمية الاستثمارات الوطنية والخارجية الداعمة للقدرة التنافسية للاقتصاد التونسي.
وعن علاقة الأقطاب بالتنمية في الجهات الداخلية وتنشيط الحركة الصناعية بالمحافظات داخل تونس قالت شلواطي إن الأقطاب التكنولوجية تنتشر بكامل تراب الجمهورية وتجسد اللامركزية بحكم أنها تسهم في استقطاب الأنشطة في مجال التكوين والبحث العلمي والتكنولوجي والنشاط الصناعي في هذه المناطق، وتتنوع بحسب مجالات الإنتاج والتطور التكنولوجي فيها، ويتخصص قطب الغزالة بالعاصمة في تكنولوجيات الاتصال وقطب مدنين (الجنوب الشرقي) في تثمين ثروات الصحراء، وقطب المنستير - الفجة (جنوب العاصمة) في النسيج والملابس، وقطب بنزرت (الشمال) في الصناعات الغذائية، وقطب سوسة (الوسط) في الميكانيكا والإلكترونيات، وقطب برج السدرية (جنوب العاصمة) في الطاقة والماء والبيوتكنولوجيا والبيئة وقطب سيدي ثابت (العاصمة) في البيوتكنولوجيا المطبقة في الصحة، وقطب صفاقس (الجنوب الشرقي) في تكنولوجيات الاتصال والـ"ملتميديا"، وقطب قابس (الجنوب) في اختصاصات متنوعة بين الكيمياء والطاقة الشمسية والإنتاج الزراعي للطاقة الحرارية الأرضية والمواد الإنشائية والقطب التكنولوجي "سولارتاك سود" بجرجيس (الجنوب) في البيئة والطاقات المتجددة، في حين تتنوع اختصاصات قطب قفصة (الجنوب الغربي).
مرافقة 600 مؤسسة ناشئة
وعن التصرف في هذه الأقطاب قالت إنه يجرى في إطار الشراكة بين القطاعيين العام والخاص إحداث شركات تصرف في الأقطاب تتولى تهيئة فضاءات الأقطاب والمناطق الصناعية المساندة لها والعمل والتنسيق مع الأطراف المعنية لتركيز مكونات الأقطاب والتنسيق وضمان التفاعل بين مكونات القطب بهدف دعم العلاقة بين قطاعي البحث والإنتاج واستقطاب المستثمرين، خصوصاً في مجالات ذات المحتوى التكنولوجي، والإحاطة بالمستثمرين من خلال تقديم خدمات المخاطب الوحيد، بقصد تذليل الصعوبات والتعريف بالقطب وبالجهة وخصوصياتها وامتيازاتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحققت منظومة الأقطاب جملة من المكاسب أهمها تموقع نحو 600 مؤسسة صناعية صلب المناطق الصناعية التي جرت تهيئتها من قبلها، مما مكن من خلق نحو 46 ألف موطن شغل، كما تضيف شلواطي، موضحة أن الأقطاب عملت أيضاً على مرافقة نحو 600 مؤسسة ناشئة، ومرافقة أكثر من 800 مؤسسة صناعية بقصد تحسين مردوديتها وتنافسيتها بالأسواق الوطنية والخارجية، ومكنت الأقطاب التكنولوجية من تهيئة نحو 890 هكتار صلب المناطق الصناعية التابعة لها.
تمكين 200 مؤسسة للصناعة الذكية
وتتابع حديثها قائلة، "عملت الأقطاب التكنولوجية على خلق نحو 14 شبكة شراكة ومن أهم نتائج شبكات الشراكة هو الرفع بالقدرة التنافسية للقطاعات الصناعية، وخصوصاً منها القطاعات الواعدة مثل النسيج والصناعات الميكانيكية والإلكترونية والغذائية، مما أسهم في تنافسية القطاع الصناعي على الصعيد الدولي، وتسهيل التصدير للمؤسسات الصناعية، كما أحدثت الأقطاب 5 مراكز كفاءة متخصصة في الصناعة الذكية التي تمكن المؤسسات التونسية والمؤسسات المصدرة كلياً من المرور إلى الصناعة الذكية، من خلال إدراج حلول ذكية تمكنها من حسن التصرف في الموارد الصناعية وحسن التصرف في الطاقة والنفايات، كما تعمل الأقطاب أيضاً على الإحاطة بالمؤسسات الصناعية لرفع التحديات الحالية، وخصوصاً منها التحديات الأيكولوجية، ونذكر منها بصمة الكربون، إذ تعمل على مرافقتها فنياً بقصد احتساب بصمة الكربون ووضع خطط عمل للتقليص من بصمة الكربون الذي يمثل عائقاً للتصدير إلى الأسواق الأوروبية".
ومن أهم ما حققته الأقطاب التكنولوجية والتنموية، بحسب ما تسرد المسؤولة الحكومية، هو تمكين 200 مؤسسة صناعية من اعتماد الصناعة الذكية، علماً أن 150 مؤسسة إضافية بصدد تطبيق المرور للصناعة الذكية (4.0) في انتظار بلوغها 350 مؤسسة بحلول العام المقبل، وأسهمت منظومة الأقطاب في خلق 30 مؤسسة ناشئة متخصصة في الصناعة الذكية والذكاء الاصطناعي، وتعمل هذه المؤسسات الناشئة على توفير الحلول الذكية للمجال الصناعي.