ملخص
تنص خطة ترمب للسلام التي طرحها في عام 2020 بعنوان "السلام والازدهار" على إقامة دولة فلسطينية في داخل الحدود الإسرائيلية على 70 في المئة من الضفة الغربية وقطاع غزة كافة، في مقابل السماح لإسرائيل بضم غور الأردن والمستوطنات في أنحاء الضفة الغربية.
مع أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب جمد ضم إسرائيل ثلث الضفة الغربية في نهاية ولايته الأولى قبل أربع سنوات، إلا أن الحكومة الإسرائيلية تطمح بتنفيذ ذلك خلال ولايته الثانية، باعتباره جزءاً من خطة ترمب للسلام، التي فشل تطبيقها لأسباب عدة.
وفي عام 2020 أدت الخلافات الداخلية في إسرائيل في شأن عملية الضم وتوقيتها، والثمن الإسرائيلي في مقابلها، إضافة إلى اتفاق السلام مع الإمارات إلى تجميد ضم 30 في المئة من الضفة الغربية لإسرائيل.
وتنص خطة ترمب للسلام التي طرحها في عام 2020 بعنوان "السلام والازدهار" على إقامة دولة فلسطينية في داخل الحدود الإسرائيلية على 70 في المئة من الضفة الغربية وقطاع غزة كافة، في مقابل السماح لإسرائيل بضم غور الأردن والمستوطنات في أنحاء الضفة الغربية.
لكن الفلسطينيين رفضوا بشدة تلك الخطة باعتبارها تصفية للقضية الفلسطينية، فيما رفضتها أحزاب إسرائيلية ومن بينها الأحزاب اليمينية لأنها تتضمن إنشاء دولة فلسطينية، على رغم أنها منقوصة السيادة ومقطعة الأوصال وغير مترابطة، ومع أن مصير خطة ترمب للسلام لا يزال مجهولاً، تعول الحكومة الإسرائيلية على الرئيس المنتخب لإعلان سيادتها على أجزاء واسعة واستراتيجية من الضفة، ومنها منطقة الأغوار الحدودية مع الأردن.
حرص على التنسيق
وأجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سلسلة اتصالات مع ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية، كما أوفد وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر للقاء الأخير في منتجعه في فلوريدا.
ويأتي ذلك على رغم أن ترمب لم يتسلم السلطة بعد، لكن نتنياهو يبدو حريصاً على تنسيق مواقفه مع صديقه الذي عاد للبيت الأبيض، وأشار نتنياهو إلى أنه "ينبغي إعادة إمكان فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية إلى جدول الأعمال".
واعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن انتخاب ترمب "يشكل فرصة مهمة لضم الضفة الغربية لإسرائيل"، وبحسب سموتريتش فإن إسرائيل كانت على "مسافة خطوة من فرض السيادة" على الضفة الغربية، وبأن "الوقت الآن حان الوقت لتنفيذ ذلك"، ورفض وزير المالية الإسرائيلي إقامة دولة فلسطينية، وبأنه "يوجد إجماع واسع في الائتلاف الحاكم والمعارضة" على ذلك، لأنها "ستشكل خطراً على وجود إسرائيل".
إعداد البنية التحتية
وأوضح سموتريتش أنه أصدر تعليمات لمديرية الاستيطان في وزارة الأمن وللإدارة المدنية "ببدء عمل جماعي مهني وشامل، من أجل إعداد البنية التحتية المطلوبة لفرض السيادة".
وكانت تل أبيب وواشنطن شكلتا قبل أربع سنوات فرقاً استكملت وضع الخرائط والتعليمات واللوائح وحتى صياغة القرار الحكومي النهائي للضم، إذ أصبحت خطة جاهزة للتنفيذ.
لكن معارضة المستوطنين لخطة ترمب لأنها ستؤدي إلى الاعتراف بدولة فلسطين، ومعارضة أحزاب المعارضة حينها تلك الخطوة، ورفض ترمب أخذ تل أبيب ما هو لصالحها من خطته فقط، أدى إلى وقف تنفيذ عملية الضم.
مواقف رافضة
ورفضت السلطة الفلسطينية والأردن ومصر والاتحاد الأوروبي، التصريحات الإسرائيلية حول تنفيذ عملية الضم.
وطالبت الرئاسة الفلسطينية دول العالم "بإجبار إسرائيل على التخلي عن هذه الإجراءات الخطرة، عبر اتخاذ إجراءات فعلية كإعادة النظر في علاقاتها معه، وتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة".
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية إن تصريحات نتنياهو وستموتريتش تؤكد أن "المخطط الجديد للاحتلال سيركز على الضفة الغربية من أجل تنفيذ مخطط الضم والتوسع العنصري وتكريس الاحتلال".
واعتبرت الخارجية المصرية بأن تلك التصريحات "تعكس التوجه الإسرائيلي الرافض لتبني خيار السلام بالمنطقة، وغياب شريك إسرائيلي قادر على اتخاذ قرارات شجاعة لإحلال السلام".
وبحسب الخارجية المصرية فإن تل أبيب "تصر على تبني سياسة الغطرسة، وهي السياسة ذاتها التي أدخلت المنطقة في دائرة الصراع الراهنة".
كما ندد الاتحاد الأوروبي بشدة بتصريحات سموتريتش، معتبراً أنها "خطوة واضحة لضم غير قانوني للضفة الغربية"، وفق منسق السياسة الخارجية للاتحاد جوزيف بوريل الذي أشار إلى أن تلك التصريحات "تقوض أسس الشرعية الدولية، وتنتهك حقوق الفلسطينيين، وتهدد تطبيق حل الدولتين".
كما أشار السفير الألماني لدى إسرائيل شتيفين زايبيرت إلى أن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة "معناه الضم"، مضيفاً أن تلك خطوة "تهدد الاستقرار في المنطقة".
ومع أن إسرائيل تحتل الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع، لكنها لا تفرض قوانيها المدنية عليها، مما يمنعها من السيطرة على الأراضي الخاصة أمام المحاكم الدولية والإسرائيلية. لكن في حال الضم القانوني وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، فإن إسرائيل ستلجأ إلى الاستيلاء على الأراضي الخاصة الفلسطينية عبر قوانين مثل "قانون أملاك الغائبين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
شخصية ترمب
من جهته اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي يؤآف شتيرن أن اليمين الإسرائيلي الحاكم طرح من جديد بعد إعادة انتخاب ترمب خطة الضم، وذلك على "أمل الحصول على موافقة الرئيس الأميركي"، لكن شتيرن أوضح أن "شخصية ترمب يصعب توقع مواقفها، وهناك مسافة بين طرح فكرة الضم وتنفيذها".
وبحسب شتيرن فإن ترمب يريد ثمناً إسرائيلياً بالموافقة على إقامة دولة فلسطينية على جزء من الأراضي الفلسطينية في مقابل تأييد الضم، فيما يرغب اليمين الإسرائيلي الحاكم تنفيذ الضم كمقدمة للضم الكلي للضفة ومنع إقامة دولة فلسطينية، وأضاف شتيرن أن الأمور "معقدة جداً، ونتنياهو حريص على التنسيق المبكر مع ترمب حتى قبل تسلمه منصبه، وفي ظل وجود إدارة الرئيس جو بايدن". وتابع أن نتنياهو "يدرك تماماً كيف يتعامل مع ترمب ويعرف شخصيته، لذلك فإن ينسق معه في كل القضايا".
في السياق يرى الباحث السياسي جهاد حرب أن "الحكومة الإسرائيلية ترى في وصول ترمب فرصة لتنفيذ أجندتها الأيدولوجية، وتسريع عملية الوصول إليها، وفرض الشروط الجديدة".
وأشار إلى أن "خطة ترمب للسلام كرست الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية"، لكن حرب أوضح أن تلك الخطة أصبحت "جزءاً من الماضي". وبحسب حرب فإنه "لا أحد يعرف توجهات ترمب السياسية قبل إعلانها، وتشكيل فريقه السياسي".
وتابع حرب بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يعمل على "فتح ممرات في العلاقة مع ترمب بهدف التأثير في أفكاره وتوجهاته السياسية"، وأضاف أن فتح تلك المسارات "يكون عبر عائلة ترمب، وعبر السعودية التي يتعزز وضعها في المنطقة بتفويض عربي - إسلامي".