Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب وملف اليمن... دور مرتقب واحتمالات مفتوحة

يتوقع مراقبون أن يتعزز الحضور الأميركي في المنطقة مع تغيير استراتيجية التعامل مع الحوثيين

مواقف الرئيس الأميركي المنتخب تثير التساؤلات عن فلسفة إدارته الجديدة من الأزمة اليمنية (ا ف ب)

ملخص

بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية قال زعيم جماعة الحوثي اليمنية عبدالملك الحوثي إنه "لا ترمب ولا بايدن ولا غيرهم سيتمكن من أن يثنينا عن موقفنا"، مضيفاً "سنواصل التصعيد بكل ما نمتلك ونسعى إلى ما هو أعظم وأكبر وأقوى".

لا يمكن إخفاء حال الترقب التي تنتظرها المنطقة عقب عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وفي طليعتها الملف اليمني الملتهب والمليء بالتعقيدات المرتبطة بملفات أخرى ساخنة تزدحم بها أحداث منطقة الشرق الأوسط.

وباهتمام شديد ينتظر الضالعون في الشأن اليمني معرفة ما تحمله حقيبة إدارة البيت الأبيض الجديدة لملف الأزمة الدامية التي أكملت عامها الـ10 بلا حل يلوح في أفقها المعتم، والرؤية المحتملة التي تدور في خلد ترمب ومعاونيه وطبيعة شكلها وإمكان انتهاجها سياسة ناعمة كما جرى في فترته السابقة، أم خشنة مع استمرار التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن، خصوصاً والولايات المتحدة باتت ضالعة في هذا الملف عقب شن إدارة سلفه جو بايدن سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع مفترضة للحوثيين استخدمت فيها قاذفات "بي 2 الشبحية" للمرة الأولى.

واختلفت توقعات المراقبين بين من يراها تتقيد بالسياسات الأميركية إزاء المنطقة برمتها وبالأخص أن لها ارتباطات متداخلة بالأحداث الجارية اليوم في فلسطين ولبنان، ومن يراها ملفاً مستقلاً مع ما يحمله ترمب العائد لاحتفاظه بمواقف أشد صرامة مع الحوثيين من أسلافه ولو نسبياً.

وسبق واتخذ ترمب في آخر أيام ولايته الرئاسية السابقة بين عامي 2017 و2020 قراراً بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، قبل أن يسارع خلفه بايدن بإزالتهم من التصنيف ضمن أولى قراراته فور توليه الرئاسة في فبراير (شباط) 2021، بحجة أن إدراج الجماعة المسلحة في القائمة السوداء سيمنع منظمات الإغاثة والطواقم الأممية الإنسانية من إغاثة ملايين السكان الذين يرفض الحوثي صرف مرتباتهم، ويصر في الوقت نفسه على مضاعفة الضرائب والجبايات.

وتأكيداً على عدم اتضاح أو "جدية" الموقف الأميركي من الجماعة المدعومة من إيران، أعادت إدارة بايدن في الـ17 من يناير (كانون الثاني) الماضي تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية دولية، رداً على هجماتهم على السفن المارة في المياه الدولية غرب السواحل اليمنية.

احتمالات متاحة

ومع ما يتردد عن موقف ترمب المتشدد تجاه إيران وأذرعها، يذهب حديث المراقبين للشأن اليمني عن احتماليات عدة منها مضاعفة الضربات العسكرية التي بدأها بايدن ضد المسلحين الحوثيين كضرورة استراتيجية دولية بالتنسيق مع شركاء الإدارة الأميركية في المنطقة والحكومة الشرعية، والأخيرة سبق

وطالبت بدعمها سياسياً وعسكرياً للقضاء المتمردين المنقلبين عليها في عام 2014، من المحتمل أن تتجاوز مجرد الضربات الجوية الخاطفة إلى عمليات منسقة تقضي على سيطرة الحوثيين على الأرض.

يقول الباحث السياسي فارس البيل إن الجماعة الحوثية كانت لدى الإدارة الأميركية مجرد ميليشيات وورقة سهلة لا تمثل مشكلة، وإنما حالة تفاوضية مع إيران تدفعها للمشهد السياسي لتكون قوة معطلة كنسخة من "حزب الله".

 

ويضيف البيل "ولكن بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تغيرت الأمور، وأصبحت الإدارة الأميركية في واجهة الميليشيات سياسياً في الأقل، وهذا تغيير بارز سيغير مواقفها من الحوثي كثيراً".

ويرى البيل أن هناك "سيناريوهات عدة تنتظر الملف اليمني، وهي أن إدارة ترمب ستضغط على الحوثي بالتوازي مع ضغطها على إيران سياسياً واقتصادياً أكثر من الضغط العسكري، وربما تفتح الباب لإسرائيل لتحقيق ضربات عسكرية ضد الحوثي أو تحشد عسكرياً بالتنسيق مع الحلفاء لضرب الحوثي في البحر الأحمر".

انقضاض المصلحة 

هناك توقع آخر "أقرب للتحقق" تابعنا شواهده أخيراً، وهو أن "تدعم الحكومة الشرعية عسكرياً، وتقود معركة مغطاة سياسياً برغبة دولية لإضعاف الحوثي أو هزيمته نهائياً"، وفق البيل.

وأضاف المتحدث أنه يوجد احتمال ثالث يتضمن "صفقة احتواء ميليشيات الحوثي بصفقات معينة ممكن أن تحدث مع إيران أو مع الحوثي بهدف إحداث تهدئة تدفع بالعملية السياسية من جديد، وتجد الميليشيات ومن خلفها طهران أنهما في حالة من الهدوء، حتى تمر سنوات ترمب الأربع". 

إجمالاً يرى البيل أن الفرصة الآن بيد الشرعية "للملمة صفوفها أولاً وتحشيد الدعم الأميركي واستباقه السياسي والعسكري كفرصة للانقضاض على الحوثي، وإذا لم يتم هذا الأمر خلال هذه الفترة، وتترك هذه المهمة للمجتمع الدولي والإدارة الأميركية، فسيتصرفون وفق مصالحهم لا وفق مصلحة الشعب اليمني المعذب، وهناك إشارة من الميليشيات للتهدئة خصوصاً، وهي ترى ’حزب الله‘ يتهاوى ويتلاشى، بالتالي يمكن أن تنكمش وتظل تناوش في المياه الدولية كورقة بيد إيران تفاوضياً".

وعيد وتفهم مسبق

الموقف الحوثي أظهر عدم اكتراث لصعود الرئيس الذي وعد بعدم شن أية حروب، وقال زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي إنه "لا ترمب ولا بايدن ولا غيرهم سيتمكن من أن يثنينا عن موقفنا".

وتوعد الحوثي قائلاً "سنواصل التصعيد بكل ما نمتلك ونسعى إلى ما هو أعظم ولما هو أكبر ولما هو أقوى"، ولكنه حاول طمأنة جماعته من تبعات عودة الرئيس الأميركي للبيت الأبيض قائلاً "لدينا تجربة مع ترمب"، في إشارة إلى عدم اتخاذه خلال ولايته الأولى أي موقف ضد الحوثيين.

هذه اللغة اعتبرها مراقبون مزايدة ودعاية حوثية مملة ومعروفة، ودليل على خوف حوثي مسبق من صعود إدارة ترمب.

وتوقع المستشار الإعلامي بسفارة اليمن لدى السعودية صالح البيضاني أن تكون فترة رئاسة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أكثر تفهماً ومعرفة للملف اليمني وخلفيات الحرب التي أشعلها الحوثيون بإيعاز وتمويل من النظام الإيراني، خصوصاً أن إدارة ترمب "هي التي فرضت قبل أربع سنوات عقوبات على الميليشيات، وأدرجتها في قائمة المنظمات الإرهابية".

وأشار البيضاني إلى أن "الصراع اليمني اليوم بات أكثر وضوحاً مع بروز الدور الإيراني في دعم أذرعه المسلحة في المنطقة، ووفقاً لذلك نتوقع أن يواجه الرئيس ترمب تحدياً حقيقياً يضع صدقيته على المحك عندما يتعامل مع الهجمات الحوثية في البحر الأحمر واستهداف الملاحة الدولية عوضاً عن استهداف القوات البحرية الأميركية ذاتها".

جميع هذه المعطيات تستدعي "موقفاً حازماً وحقيقاً من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بدلاً من سياسة التهاون والتراخي التي كانت تتسم بها المواقف الدولية إزاء التصعيد الحوثي"، وفق المتحدث.

الهلع والتهديد

لغة التحدي التي أطلقها زعيم المتمردين لم تخف مشاعر الخوف لدى قادة آخرين دفعت بعضهم كما هي الحال بالقيادي محمد علي الحوثي لإطلاق تهديدات بشن ضربات ضد "المصالح الأميركية في المنطقة".

وقال القيادي الحوثي إن "أي تحرك أميركي لن يضر الشعب اليمني الذي يزداد قوة وعملياته تزداد وتتصاعد".

المخاوف الحوثية عبرت عنها قيادات عدة مطالبين بالاستعداد لمواجهة ما سموه "التحركات المحتملة"، وهو ما ظهر على الأرض فعلياً من خلال إرسال تعزيزات ضمة لمسلحيهم إلى خطوط التماس في محافظة الحديدة الاستراتيجية خشية هجمات متوقعة للقوات الحكومية التي تسعى إلى استعادة السيطرة على الشريط الساحلي ومدينة وميناء الحديدة المطلة على البحر الأحمر، وهو الكابوس الذي تخشى الميليشيات حدوثه كونه سيقطع عنها أكبر مورد اقتصادي يقع تحت قبضتها.

يفسر الباحث السياسي نسيم البعيثي حال القلق الحوثي من صعود ترمب لمعرفتهم المسبقة بمواقفه المتشددة ضد إيران وأذرعها.

وقال البعيثي إن فوز الرئيس ترمب ستتبعه تأثيرات عدة في الملف اليمني، انطلاقاً من رؤيته المسبقة اعتبار ميليشيات الحوثي جماعة إرهابية يجب ردعها عسكرياً قبل أن تثير المشكلات في البحر الأحمر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتطرق البعيثي إلى خريطة الطريق للتسوية السياسية المطروحة منذ سنوات برعاية الأمم المتحدة التي قال إنها "جاءت وفق رغبة أميركية نلاحظ تراجعها عقب استمرار الميليشيات لهجماتهم الإرهابية في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية، مما ستدفع بالإدارة الأميركية لانتهاج سياسة رادعة لأن إدارة ترمب تتبنى سياسات أكثر حزماً تجاه إيران، وهذا قد يؤثر في دعم طهران للحوثيين وإضعاف قدراتهم العسكرية".

ويتوقع البعيثي أن "يعلن دعمه لعملية عسكرية في اليمن لتمكين الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً من تحرير السواحل اليمنية من قبضة الحوثي، وفرض خيار السلام العادل المدعوم دولياً". 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات