Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة الطرود البريدية والتجارة التقليدية في الأردن

الشباب يقود صراعاً بين الشاشات والأرفف بملايين الدولارات سنوياً

يقدر عدد الطرود اليومية التي تصل الأدن بـ15 ألف طرد (أ ف ب)

ملخص

تقدر نقابة تجار الألبسة والأحذية والأقمشة في الأردن عدد الطرود البريدية التي تصل إلى البلاد في اليوم الواحد بنحو 7500 طرد تحوي قرابة 90 ألف قطعة ملابس بقيمة تقارب 450 مليون دولار.

تتجه الحكومة الأردنية إلى فرض قيود على التجارة الإلكترونية والطرود البريدية الفردية في مواجهة شكوى وتذمر من قبل التجار التقليديين، بعد سنوات من التوسع الكبير الذي شهدته البلاد في حجم المشتريات من طريق الإنترنت، بخاصة بعد جائحة كورونا، مدفوعاً بتحسين خدمات الإنترنت وتوسع انتشارها وزيادة الثقة بالمواقع المحلية والعالمية.

فوفقاً لبيانات عام 2023، يستخدم 60 في المئة من الأردنيين وسائل التواصل الاجتماعي، وهي منصات رئيسة للتجارة الإلكترونية، فيما سجلت معاملات إلكترونية بقيمة تقارب مليار دولار عام 2022، في حين يقدر عدد الطرود اليومية التي تصل البلاد بنحو 15 ألف طرد.

تحقيق العدالة

تأتي القرارات الحكومية المرتقبة بعد سنوات من فرض رسم جمركي على الطرود البريدية الشخصية 10 في المئة، والسماح لكل فرد بإدخال طرد بريدي واحد يومياً وبسقف يصل إلى 300 دولار، لكن التجار التقليديين يطالبون بتحقيق العدالة والإنصاف وحماية الاستثمارات القائمة، والتي تخضع لرسوم وضرائب سنوية وإيجارات ورواتب مكلفة، مما يستدعي تنظيم عمليات استيراد الطرود البريدية، بخاصة مع الظروف الصعبة التي تعيشها الأسواق المحلية، والتي تعاني انخفاض حركة الشراء وارتفاع كلف التشغيل.

 

 

غرفة تجارة الأردن التي تعد مظلة للتجار في البلاد قالت بدورها إن ثمة تحديات يواجهها التجار جراء البيع الإلكتروني مع عدم وجود آلية محددة لضبط هذا النوع الجديد من التجارة. وأضافت "ثمة أفراد يمارسون هذا النوع من التجارة خلف الشاشات دون منافسة عادلة وبممارسات تضر بالتجار التقليدين، فضلاً عن وقوع المستهلك الأردني ضحية لهذه التجارة من حيث الجودة وعدم مطابقات المنتجات للمواصفات والمقاييس المطلوبة".

وأوضحت أن الهدف ليس منع المواطنين من الشراء "أونلاين" بمبالغ كبيرة، بل دراسة وضع سقف للإعفاءات من ضريبة المبيعات البالغة 16 في المئة والرسوم الأخرى، تحقيقاً للعدالة بين المستوردين والتجار المحليين، بخاصة أن السوق المحلية تشهد إغراقاً من خلال ملايين الطرود البريدية المعفاة من الرسوم والضرائب.

تحولات اقتصادية اجتماعية

ويعكس الصراع بين التجار التقليديين والتجارة الإلكترونية في الأردن تحولات اقتصادية واجتماعية عميقة، مع تزايد المنافسة بينهما لأسباب عديدة من أبرزها انخفاض الكلف في التجارة الإلكترونية وقدرتها على تقديم أسعار أقل مقارنة بالتجار التقليديين.

ويلحظ مراقبون تغيراً في سلوك المستهلكين حيث تشكل الملابس والأحذية 80 في المئة من الطرود البريدية المستوردة مع نمو حجم التجارة الإلكترونية، والإقبال المتزايد على التسوق عبر الإنترنت، بخاصة بين الشباب.

 

 

ويشكو 77 في المئة من التجار التقليديين من التأثير السلبي في مبيعاتهم من قبل التجارة الإلكترونية، فيما يشكو مستهلكون من تراجع الثقة بالتجارة التقليدية، وتفضيلهم للتسوق الإلكتروني، في ظل التأثير الكبير الذي فرضته لتكنولوجيا ومواقع والتواصل الاجتماعي.

لكن هذا الصراع يعكس تحديات أكبر مما سبق تتمثل بضرورة مواكبة التجار التقليديين لوسائل إلكترونية لترويج منتجاتهم وتسويقها بدلاً من الوقوف أمام التغيير الذي طال كل دول العالم، إذ يقدر عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن بـ9.95 مليون مستخدم، فيما بلغ معدل انتشار الإنترنت 88 في المئة.

 تجارة متواضعة

تقدر نقابة تجار الألبسة والأحذية والأقمشة عدد الطرود البريدية التي تصل للأردن في اليوم الواحد بـ7500 طرد تحوي قرابة 90 ألف قطعة ملابس قيمتها تقارب 450 مليون دولار.

وعلى رغم ذلك لا يزال حجم التجارة الإلكترونية في الأردن متواضعاً مقارنة بالدول الأخرى، إذ تظهر دراسات أن نحو نصف المستهلكين يقدر إنفاقهم الفردي على التجارة الإلكترونية بأقل من 100 دولار شهرياً وأن أسباب انجذاب المتسوقين للتسوق الإلكتروني توفير الوقت وخفض الكلف مقارنة بالتجارة التقليدية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن من بين سلبيات التجارة الإلكترونية ما رصده مركز الدستور للدراسات الاقتصادية ويتمثل بسوء استخدام الطرود البريدية، مما يؤدي لضياع عوائد مالية على الخزانة قدرت بـ75 مليون دولار لعام 2022.

ووفقاً للدراسة ذاتها فإن 52 في المئة من المستهلكين المتعاملين بالتجارة الإلكترونية يفضلون البضائع المحلية على الأجنبية لو تم توفيرها إلكترونياً، بينما يفضل 55 في المئة الشراء وجاهياً.

قوانين ناظمة

تخضع التجارة الإلكترونية في الأردن لعديد من القوانين والهيئات كقانون المعاملات الإلكترونية، فضلاً عن وزارة الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال المسؤولة عن تنظيم أنشطة التجارة الإلكترونية، إضافة إلى دائرة الجمارك وعديد من التطبيقات التي تدعم أنظمة الدفع الإلكتروني.

ولا يتطلب تأسيس متجر إلكتروني كلفاً كبيرة، وهو أكثر بساطة وأقل تعقيداً من المتاجر التقليدية، وفقاً لمحمد خير الذي يدير متجراً إلكترونياً محلياً منذ سنوات. ويضيف "يسمح لك المتجر الإلكتروني كمتسوق أن تشاهد المنتجات بطريقة عرض أفضل وأكثر سلاسة، فضلاً عن الوصول لعدد أكبر من المتسوقين الذين يفضلون تنوع وسائل الدفع".

ويرى المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي أن الطرود البريدية نمت في الأردن خلال الأعوام الثلاثة الماضية بدرجة كبيرة، وبنسبة نمو هذا العام فاقت 25 في المئة عما كانت عليه عام 2021.

 

 

ويفسر الدرعاوي النمو المتسارع لحجم الطرود البريدية بأنها مكنت المواطن من الحصول على سلع من ماركات أجنبية بأسعار أقل مما هي عليها في الأسواق المحلية، على رغم أن هذه الظاهرة في رأيه باتت عشوائية وتلحق الضرر بالمستهلك والخزانة والقطاع التجاري.

استراتيجية للتجارة الإلكترونية

في أبريل (نيسان) الماضي أطلقت الحكومة الأردنية الاستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية للأعوام (2023- 2033). ويمكن القول إن بدء التجارة الإلكترونية كان عام 2015، وذلك بإعفاء جميع السلع المستوردة عبر التجارة الإلكترونية من الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات، مما أدى إلى تخفيض أسعار السلع المختلفة بنسب تراوح ما بين 40 و50 في المئة مقارنة بالأسواق التقليدية.

وخلال عام 2016 قررت الحكومة الأردنية إعفاء الطرود البريدية من الرسوم الجمركية والضرائب الأخرى وضريبة المبيعات على البضائع المستوردة التي تستخدم للأغراض الشخصية، لكن مع وضع سقوف سنوية للشراء تراجع عدد الطرود البريدية من 1.4 مليون طرد عام 2019 إلى 642 ألف طرد عام 2020.

المزيد من تقارير