Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقترحات لدعم "يونيفيل" في لبنان بقوات متعددة الجنسيات

تؤيدها دول غربية وتشمل مهماتها مراقبة الحدود الجنوبية مع إسرائيل والشرقية مع سوريا ومنع تسليح "حزب الله"

9500 جندي من "يونيفيل" ينتشرون في جنوب لبنان إلى جانب الجيش اللبناني (أ ف ب)

ملخص

تُطرح دولياً فكرة إدخال قوات متعددة الجنسيات إلى جنوب لبنان كجزء من جهود وقف الحرب وتحقيق استقرار طويل الأمد، وهذه القوات التي ستعمل بموجب تعديل على القرار الحالي "1701 بلاس"، قد تشمل تعزيز "يونيفيل" بصلاحيات أوسع لمراقبة الحدود الجنوبية والشرقية ومنع نقل الأسلحة.

في ظل التصعيد المستمر بين "حزب الله" وإسرائيل وتعثر المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، برزت أخيراً مقترحات دولية لإدخال قوات متعددة الجنسيات إلى جنوب لبنان كجزء من الجهود الدبلوماسية لوقف الأعمال العدائية والتوصل إلى استقرار طويل الأمد، بعد تقييم مدى فاعلية قوات "يونيفيل" وقدرة السلطات اللبنانية على تطبيق القرار الدولي 1701 في تحقيق استقرار مستدام.

ومنذ عام 2006، تعمل قوات الأمم المتحدة المقتة في لبنان "يونيفيل" على تنفيذ القرار الدولي 1701 الذي يهدف إلى وقف الأعمال الحربية بين إسرائيل و"حزب الله" وحصر الوجود العسكري في الجنوب بالجيش اللبناني والقوات الدولية، وعلى رغم جهودها، تعرضت "يونيفيل" لانتقادات في شأن فاعليتها.

ووفقاً لمصادر دبلوماسية غربية، يطرح الآن نموذج "1701 بلاس" الذي يشمل تعزيز صلاحيات "يونيفيل" وإدخال قوات متعددة الجنسيات ذات تفويض موسع، لمراقبة الحدود اللبنانية مع إسرائيل وسوريا وضمان التزام الأطراف بنود أي اتفاق مستقبلي لوقف إطلاق النار، لكن هذا الطرح يواجه تحديات سياسية وعملية، أبرزها موافقة الأطراف اللبنانية وقدرتها على التكيف مع هذا التغيير.

وتبرز اختلافات واضحة في المقاربة الدولية للتعامل مع الأزمة اللبنانية، إذ تتمسك فرنسا بتنفيذ القرار 1701 وتقترح تعزيز دور "يونيفيل" بدعم من الولايات المتحدة، في المقابل تدفع ألمانيا وإيطاليا نحو تعديل القرار وإدخال قوات متعددة الجنسيات، بالتوازي مع الطرح الإسرائيلي لنشر قوات رقابة على طول الحدود اللبنانية.

تجربة القوات متعددة الجنسيات ليست جديدة على لبنان، ففي الثمانينيات انتشرت قوات دولية لحفظ السلام عقب الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982، لكن هذه القوات واجهت هجمات دامية، أبرزها تفجير ثكنات المارينز الأميركية والثكنات الفرنسية في بيروت عام 1983، مما أسفر عن مقتل المئات وانسحاب القوات الدولية.

وكذلك، نشرت قوات متعددة الجنسيات في بيروت عقب تفجير مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020 بناءً على طلب من القوات المسلحة اللبنانية، لمساعدة السلطات اللبنانية في جهودها الآيلة للتعامل مع تداعيات الانفجارات المأسوية، في أعقاب تفويض من مجلس الأمن الدولي لبعثة "يونيفيل" باتخاذ "إجراءات موقتة وخاصة" لتقديم الدعم للبنان.

ورقة ضغط

وكشف الصحافي يوسف دياب عن أن المجتمع الدولي قد يتجه نحو تعزيز قوات "يونيفيل" الحالية أو استبدالها بقوات متعددة الجنسيات ذات تفويض موسع يشمل مراقبة الحدود الجنوبية مع إسرائيل والحدود الشرقية مع سوريا، وأضاف أن هذا السيناريو قد يتضمن إدخال وحدات دولية جديدة لمراقبة أي محاولات لنقل الأسلحة إلى "حزب الله"، موضحاً أن هذا الخيار يطرح بقوة في الدوائر الدبلوماسية الدولية كوسيلة لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701، لكنه أثار كثيراً من التساؤلات حول السيادة اللبنانية وقدرة الدولة على إدارة هذا الملف بفاعلية.

 

 

وقال دياب "المجتمع الدولي يدرك تماماً أن الدولة اللبنانية، إذا تُرك لها أمر تنفيذ القرار 1701 بمفردها، فلن تتمكن من تحقيق ذلك وأن التجربة السابقة بعد حرب عام 2006 أثبتت أن ’حزب الله‘ استعاد قوته وأحكم قبضته على القرار الأمني والعسكري للدولة"، معتبراً أن الشروط المطروحة، مثل انسحاب "حزب الله" إلى شمال الليطاني وإشراف دولي على الحدود ومراقبة التسلح، تُعدّ شروطاً تعجيزية بالنسبة إلى لبنان، سواء للدولة اللبنانية أو لـ"حزب الله".

وأضاف أن "هذه الشروط قد تبدو مستحيلة التنفيذ في ظل المعطيات الحالية، لكنها في الوقت نفسه قد تستخدم كورقة ضغط لدفع الأطراف اللبنانية والإقليمية إلى التفاوض"، مؤكداً أن الحزب لن يقبل بأي سيناريو يضعف من قوته أو يمنح السيطرة المطلقة للدولة اللبنانية، وقال "حزب الله يدرك أن القبول بهذه الشروط يعني تغييراً جذرياً في توازن القوى داخل لبنان، مما لن يقبل به بسهولة، حتى لو كان الثمن استمرار التصعيد العسكري".

خبث سياسي

ووصف أستاذ القانون والسياسات الخارجية في باريس محيي الدين الشحيمي، طبيعة مهمة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان بالصعبة والحرجة لأنها تقوم على شرط الشراكة والتعاون مع القوات الوطنية اللبنانية وتخضع للفصل السادس الذي يترك تنفيذ القرارات للأطراف المعنية بدعم أممي، مما يعكس التحديات التي تواجهها الشرعية الأممية في لبنان، وتآكل الشرعية الوطنية اللبنانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأرجع الشحيمي السبب إلى ثلاثة عوامل أساسية هي التعنت الإسرائيلي الذي يتمثل في الخروقات المتكررة للمواثيق الدولية، وكذلك سيطرة "حزب الله" ومصادرته قرار الدولة اللبنانية وفرضه للأمر الواقع بقوة السلاح، كما يعوّق التطبيق الكامل للقرار 1701، ويمنع انتشار الجيش اللبناني وسحب السلاح غير الشرعي من جنوب الليطاني ومن لبنان، إلى جانب تقاعس المجتمعين الدولي والأممي عن متابعة تنفيذ هذه الخطوات بصورة عملية والاكتفاء بالتقارير النظرية.

واعتبر الشحيمي أن السبب الأساسي وراء هذه المشكلات يكمن في الاتفاقات "السياسية الخبيثة"، بخاصة بين الولايات المتحدة وإيران، وضعف التأثير الأوروبي، مما جعل من لبنان ساحة للصراعات المفتوحة وصندوق بريد أغرقه في التنفيذ المنقوص والمعيب للقرارات الدولية.

واستبعد الخبير السياسي إمكان استبدال قوات "يونيفيل" بقوات متعددة الجنسيات تتمتع بصلاحيات دفاعية وهجومية لأن أي تعديل في الشكل أو في المضمون يعتبر قراراً جديداً، نظراً إلى عدم وجود توافق أممي كامل من دون فخ "الفيتو" وهو أمر غير متاح، إذ لا تزال الدول دائمة العضوية ترى في القرار 1701 مدخلاً مشروعاً للحل، وتعتبر "يونيفيل" شريكاً أممياً ضرورياً للمرحلة التالية.

وكشف الشحيمي عن أن التعديلات المتاحة لا تتجاوز توسيع صلاحياتها الإجرائية اللوجستية الإدارية غير العسكرية مثل الدوريات والتنقلات والتفتيش بالتنسيق مع الجيش اللبناني فقط ضمن الفصل السادس، مؤكداً أنها لن تصبح قوات متعددة الجنسيات تحت الفصل السابع.

شروط تعسفية

وبرأي الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية، فإن طرح فكرة نشر قوات متعددة الجنسيات في جنوب لبنان خارج إطار "يونيفيل" قد يبدو حلاً لبعضهم، لكنه يثير تساؤلات حول السيادة اللبنانية، خصوصاً أن هذه القوات قد تُمنح صلاحيات واسعة تتجاوز التفويض الحالي لـ"يونيفيل"، وأكد أن "هناك تحديات كبيرة في تطبيق القرار 1701، ليس فقط على لبنان، بل أيضاً على إسرائيل، إذ ينص القرار على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية المتنازع عليها مثل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا"، مضيفاً أن "المجتمع الدولي يجب أن يلتزم تنفيذ القرار بصورة شاملة، بدلاً من فرض شروط تعسفية تمس بسيادة لبنان".

 

 

ولفت قمورية إلى أن لبنان بحاجة ملحة إلى توافق داخلي لبناني يسمح بانتخاب رئيس يعيد للدولة دورها السيادي ويضع حداً للانقسامات السياسية، معتبراً أن مماطلة "حزب الله" بعدم القبول بانتخاب رئيس "غير مبررة"، وأشار إلى أن "لبنان سبق أن أجرى انتخابات رئاسية في ظل ظروف أمنية أكثر تعقيداً"، مشدداً على أن "التأخير في انتخاب رئيس جديد يعمق الأزمة السياسية في لبنان ويستخدم كذريعة لفرض خيارات سياسية تخدم أجندات محددة".

القوة الزجرية

ورأى العميد الركن المتقاعد يعرب صخر من جهته أنه ما دام أن القوات الدولية المنتشرة في جنوب لبنان تعمل وفق الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، فإنها لا تستطيع فرض مهماتها على الأرض، مضيفاً أن عمل هذه القوات بموجب القرار الدولي 1701 يقتصر على المراقبة وتسجيل الانتهاكات من الطرفين، إسرائيل و"حزب الله"، وإبلاغ الأمم المتحدة بذلك.

وأشار صخر إلى أنه لتطوير دور هذه القوات وتمكينها من فرض مهماتها بالكامل، إضافة إلى مؤازرة الجيش اللبناني في انتشاره ودورياته ومنع المظاهر المسلحة في منطقة جنوب الليطاني، يجب تعديل طبيعة عملها عبر مجلس الأمن، من خلال الاعتماد على الفصل السابع للقرار 1701، بخاصة المواد 40 و41 و42 التي تمنح "القوة الزجرية" للقوات الدولية وتعزز من قدراتها ومن قدرة الجيش اللبناني على تأدية مهماته.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير