ملخص
يرى تقرير المؤسسة الدولية أن النمو المستدام أصبح في خطر بسبب الارتفاع المستمر في الدين العام
كشف تقرير حديث عن أنه بالنسبة إلى غالب اقتصادات مجموعة الـ20، فمن المتوقع أن يضعف النمو على مدى السنوات الخمس المقبلة، وأن يظل أقل بكثير مما كانت عليه الحال في العقدين السابقين للجائحة، وهذا أحد أكبر التحديات المشتركة التي تواجه المجموعة، التي تمثل نحو 85 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وفق تقرير حديث لصندوق النقد الدولي تحت عنوان "ينبغي لاقتصادات مجموعة الـ20 أن تستهدف الإصلاحات لتعزيز آفاق النمو على المدى المتوسط"، فإن النمو أكثر قوة في جميع أنحاء الاتحاد الأفريقي، الذي انضم إلى مجموعة الـ20 خلال العام الماضي، لكن ازدهار السكان يعني أن تلك الاقتصادات يجب أن تخلق فرص عمل لملايين الشباب الذين يدخلون سوق العمل.
وبالنسبة إلى كلتا المجموعتين، فضلاً عن الاتحاد الأوروبي، يعد رفع النمو أمراً ضرورياً لتحسين النتائج، وهناك حل مشترك يتمثل في أن تنفيذ الإصلاحات ذات الأولوية يمكن أن يعزز بصورة كبيرة آفاق النمو على مدى السنوات الخمس المقبلة، أو على المدى المتوسط. وأشار صندوق النقد إلى أن المكاسب الناجمة عن الإصلاحات البنيوية تكون أعظم عندما تكون متسلسلة بعناية وتعكس الإجماع الاجتماعي.
التعافي من التضخم
وكانت أبحاث حديثة أجرتها صحيفة "فايننشيال تايمز"، أشارت إلى أن الأسر والشركات في الاقتصادات الكبرى تواجه صعوبة في التعافي من فترة التضخم المرتفع. وأشارت نتائج "مؤشر تعقب تعافي الاقتصاد العالمي" إلى تراجع حاد في مؤشرات الثقة، في ظل ضعف آفاق النمو وعدم الاستقرار السياسي، إضافة إلى الصراع في الشرق الأوسط.
وحذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا، من مزيج النمو المنخفض والديون المرتفعة، مشددة على الحاجة الملحة إلى معالجة تدهور الأوضاع المالية عالمياً. وعلى رغم الأداء القوي الذي تسجله بعض الاقتصادات، مثل الولايات المتحدة والهند، فإن اقتصادات أخرى، مثل ألمانيا، تواجه تراجعاً كبيراً في النشاط الاقتصادي والثقة.
وفي تقريره، قال صندوق النقد إن هناك تحديات مختلفة تؤكد لماذا حان الوقت للاستثمار في الإصلاحات المعززة للنمو، وأشار إلى أن ضعف نمو الإنتاجية، الذي تعززه في بعض البلدان اتجاهات ديموغرافية معاكسة، يعوق النمو المحتمل، فيما يتعرض النمو المستدام أيضاً للخطر بسبب ارتفاع الدين العام، وزيادة التفتت الجغرافي الاقتصادي والحمائية. وأشار إلى أن الأولوية الكبرى عبر بلدان هذه المجموعات هي إصلاح أطر السياسة المالية للمساعدة في ضبط الموازنات الحكومية بصورة دائمة.
وعلى وجه التحديد، ستستفيد معظم الاقتصادات المتقدمة في مجموعة الـ20 وعديد من اقتصادات الاتحاد الأوروبي من تشديد حدود الإنفاق العام، في حين ينبغي إعطاء الأولوية للإصلاحات الرامية إلى تعزيز الإيرادات الحكومية بالنسبة إلى معظم الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية في مجموعة الـ20، ومن الممكن أن يستفيد عديد من بلدان الاتحاد الأفريقي من تعزيز الشفافية المالية.
وبالنسبة إلى عديد من اقتصادات مجموعة الـ20 والاتحاد الأفريقي، هناك مجالان رئيسان آخران للإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية العالية، أولاً، يجب تحسين نوعية التعليم والتدريب على المهارات من أجل التوفيق بين المهارات وفرص العمل بصورة أفضل، وثانياً، تعد الإصلاحات اللازمة لتسريع التحول في مجال الطاقة ضرورية، مثل تحسين قدرات الطاقة المتجددة، وتعزيز فعالية ضريبة الكربون، والإلغاء التدريجي لدعم الوقود الأحفوري. وفي عديد من اقتصادات الاتحاد الأفريقي، هناك حاجة ملحة إلى إصلاحات الحكم لتعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد وتحسين إدارة المالية العامة.
نمو منخفض وديون تواصل الارتفاع
وفي تصريحات حديثة، حذرت مديرة صندوق النقد الدولي، من أن العالم أصبح أمام خطر الوقوع في مسار نمو منخفض وديون مرتفعة، مما يترك الحكومات بموارد أقل لتحسين الفرص لشعوبها والتصدي لتغير المناخ والتحديات الأخرى، وقالت غورغيفا خلال الاجتماعات السنوية الأخيرة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، إن النتيجة هي تزايد حالة عدم الرضا لدى الشعوب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت إن عدم الرضا ليس مقتصراً على الولايات المتحدة، على رغم أن الاقتصاد العالمي أظهر بعض المتانة في مواجهة التهديدات من الحروب، والطلب الضعيف في الصين، والتداعيات المتأخرة للسياسة النقدية المتشددة.
وفي إشارة إلى سيناريو ترويض التضخم المرتفع من دون الدخول في ركود مؤلم أو خسائر كبيرة في الوظائف، قالت غورغيفا "بالنسبة إلى معظم دول العالم، فإن الهبوط السلس في الأفق، لكن الناس لا يشعرون بالرضا عن المستقبل الاقتصادي... كل من سألته هنا، كيف حال اقتصادكم؟ الإجابة هي جيد. وكيف حال شعبكم؟ الإجابة ليس جيداً. لا تزال الأسر تعاني ارتفاع الأسعار، والنمو العالمي ضعيف".
وفي تقريره الأخير حول توقعات نمو الاقتصاد العالمي، تشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي سينخفض قليلاً بحلول 2029 إلى 3.1 في المئة من 3.2 في المئة هذا العام، وهو أقل بكثير من متوسطه في فترة 2019 و2020 البالغ نحو 3.8 في المئة، مع انحسار قوة الولايات المتحدة الحالية. وسادت في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أيضاً مخاوف أخرى من تفاقم الحرب في الشرق الأوسط، وذكرت غورغيفا أن تصاعد الصراع قد يزيد من الآثار غير المباشرة على اقتصادات المنطقة، بما في ذلك مصر، التي توصلت إلى اتفاق مع الصندوق في وقت سابق من هذا العام لزيادة برنامج القرض المقدم إليها من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار.