Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريو النفط في 2025: تحديات كبرى أمام تحالف "أوبك+"

تقلب الأسعار وسياسات ترمب تجاه زيادة الإنتاج يمثلان أبرز الضغوط في العام الجديد

تحالف "أوبك+" سيواجه اختباراً قاسياً جديداً في عام 2025 في ظل زيادة المخاوف في شأن توجه الولايات المتحدة لزيادة استثماراتها النفطية  ( اندبندنت عربية )

ملخص

وتوقع المحللون أن تشهد أسعار الخام تذبذباً بين الهبوط والارتفاع في ظل الترقب لقرارات تحالف "أوبك+" في شأن الإنتاج خلال اجتماعه القادم

رجح محللون نفطيون ومؤسسات عالمية وشركات أبحاث كبرى أن يواجه تحالف "أوبك+" الذي يضم 23 دولة اختباراً قاسياً جديداً في عام 2025 في ظل زيادة المخاوف في شأن توجه الولايات المتحدة لزيادة استثماراتها بالقطاع وإنتاجها وانتشارها بالأسواق العالمية ليقصي بعض دول التحالف جانباً، والتي يأتي في مقدمها الهند.

وتوقع المحللون أن تشهد أسعار الخام تذبذباً بين الهبوط والارتفاع في ظل الترقب لقرارات تحالف "أوبك+" في شأن الإنتاج خلال اجتماعه القادم في أبريل (نيسان) المقبل والسياسيات الاقتصادية التي سيتم تنفيذها من قبل إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب. ورجحوا أن يكون هناك تباطؤاً حاداً في الإنفاق الرأسمالي على القطاع خلال عام 2025، وخصوصاً بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في المقابل ستكون هناك زيادة في تلك الاستثمارات بالولايات المتحدة.

قرار "أوبك" الأخير

وقرر تحالف "أوبك+" في اجتماعه الأخير تأجيل زيادة إنتاجه النفطي لمدة ثلاثة أشهر في وقت تواجه فيه أسعار النفط ضغوطاً وسط فائض يلوح في الأفق. كما قرر التحالف تمديد التخفيضات الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً، والتي أعلن عنها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حتى نهاية مارس (آذار) 2025. وستتم بعد ذلك عملية التخلص التدريجي من هذه التخفيضات البالغة 2.2 مليون برميل يومياً على أساس شهري حتى نهاية سبتمبر (أيلول) 2026. كما قرر التحالف تمديد التخفيضات الطوعية الإضافية البالغة 1.65 مليون برميل يومياً، والتي أعلن عنها في أبريل 2023، حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2026.

كان التحالف قد أعلن في يونيو (حزيران) الماضي عن خطط لاستعادة الإنتاج الذي توقف منذ عام 2022، عبر استعادة 2.2 مليون برميل يومياً على دفعات شهرية، لكن هذه الخطط واجهت عراقيل مع تراجع الطلب على النفط في الصين، أكبر مستهلك عالمي، وزيادة الإمدادات من الولايات المتحدة والبرازيل وكندا. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن الأسواق العالمية ستواجه فائضاً في 2025 حتى إذا لم تضف "أوبك+" برميلاً واحداً.

أفضل من المتوقع

وبنظرة متفائلة توقع وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في تصريحات تلفزيونية، أن تشهد سوق النفط في العام المقبل تحسناً أفضل مما كان متوقعاً في السابق، مشدداً على أن قرار تحالف "أوبك+" تأجيل زيادات الإنتاج استند إلى العوامل الأساسية للسوق.

وأوضح الأمير عبدالعزيز بن سلمان في مقابلة سابقة مع شبكة "سي أن بي سي" أن التحالف أظهر مرونة في اتخاذ قراراته، مشيراً إلى أن هذا ليس المرة الأولى التي يبادر فيها التحالف بخطوات استباقية. وقال: هذا القرار يبرز قدرتنا على الفصل بين المزاج العام، المتأثر بالعديد من العوامل والدوافع، والعوامل الأساسية التي تقدم صورة مغايرة تماماً.

عقبات كبرى

من جهته قال المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي إن دور تحالف "أوبك+" في المرحلة المقبلة سيكون تحديا وسط الزيادات المتوقعة لإنتاج النفط من دول خارج "أوبك" خاصة إضافة للتوقعات بوصول إنتاج الولايات المتحدة من الخام إلى ما بين 15 و20 مليون برميل من الإنتاج المحلي الحالي الذي يبلغ 14 مليون برميل يومياً.

وأكد الحرمي أن تلك التوقعات تتناغم مع مطالبات الرئيس المنتخب الأميركي دونالد ترمب حسب برنامجه الانتخابي بأن تكون أميركا الأولي في شتى المجالات الاقتصادية تقريباً. وتوقع أن تلزم الإدارة الأميركية الجديدة الشركات النفطية في زيادة الاستثمار بالقطاع النفطي، وأشار إلى أن هناك بعض العقبات الرئيسة التي يواجها تحالف "أوبك" بالسوق النفطية العام المقبل، لا سيما بعد انتخاب "ترمب"، مشيراً إلى أن التحالف النفطي لديه مشكلة أساسية، وهي مطالبته الدائمة بسعر عادل للنفط عند نطاق موازنتها العامة لكل دولة على حدة، إذ إن السعودية تفضل أن يكون السعر التعادلي عند مستوى 95 إلى 99 دولاراً للبرميل الواحد، أما الكويت فترى أن يكون السعر البرميل الواحد عند 90 دولاراً، كذلك إيران إلى أكثر من 125 دولاراً، والعراق عند 100 دولار، والإمارات عند 90 و95 دولاراً للبرميل الواحد. ولفت إلى أن من تلك العقبات الموجودة في السوق تتمثل في أن الكميات المعروضة من النفط الخام تتزايد وتحالف "أوبك" ليس له دور إلا التضحية بإنتاجه كتحالف. وأشار إلى أن التحالف يفقد حالياً بعض أسواقه العالمية، إذ إن النفط الصيني والأميركي والكندي والبرازيلي أصبح يغزو حالياً أسواق الهند، وهذا بدوره يؤثر سلباً في الطلب الخليجي من الخام.

ولفت الحرمي إلى أن الحل الأمثل أمام "أوبك+" هو في كيفية المحافظة على أسواق دول التحالف العالمية، حتى وإن جاء ذلك على المستويات السعرية التي يريدها التحالف تظل عند مستويات 70 و80 دولاراً للبرميل الواحد وتعرضها دول أخرى بسعر بيع يقدر بنحو 50 دولاراً للبرميل الواحد.

ضعف الطلب

من جهته قال مدير مركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية في لندن طارق الرفاعي إن الطلب على الخام النفطي خلال العام المقبل سيكون ضعيفاً، لا سيما مع تعرض القطاع العقاري بالصين لأزمة وانكماش. 

وأشار إلى أن هذا الأمر قد يؤثر في اتجاه تحالف "أوبك+" العام المقبل لزيادة الإنتاج ومن ثم زيادة الأسعار. ولفت الرفاعي إلى أن هذا الضعف سيعزز من قرارات أعضاء تحالف "أوبك+" في شأن تقليص الإنتاج.

وأكد أن الدولة الوحيدة التي تعمل على زيادة الإنتاج الفعلي للخام هي الولايات المتحدة، إذ إنها تنتج أكثر 13 مليون برميل يومياً مقابل دول "أوبك" مثل روسيا والتي تنتج أكثر من 9.7 مليون برميل يومياً، إضافة إلى السعودية التي تنتج أقل من 9 ملايين برميل يومياً.

وذكر الرفاعي أنه في ظل دعم الحكومة الأميركية لزيادة إنتاجهم من الخام ليأتي ذلك تزامناً مع تولي ترمب الرئاسة، وتوقع الرفاعي أن يتزايد الإنتاج المحلي للخام في أميركا خلال عام 2025، مما سيؤثر سلباً في القدرة الإنتاجية لـ"أوبك+".

ورجح الرفاعي أن يودي ذلك إلى تداول أسعار النفط بين مستويات 60 و80 دولاراً للبرميل الواحد، لا سيما في ظل محاولة دول تحالف أوبك المحافظة على سقف معين من الإنتاج إضافة إلى الأحداث الجيوسياسية والتي قد تضغط على الأسعار أيضاً.

بدوره أوضح أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأميركية في القاهرة جمال القليوبي أن هناك تحديات رئيسة ستواجه السوق النفطية خلال العام المقبل، وخصوصاً بالربع الأول وذلك بعد اجتماع تحالف "أوبك" الأخير، والذي كانت تسيطر على قرارته الضابيبة.

وتوقع القليوبي أن تشهد أسعار النفط انتفاضة وذلك طبقاً للتوقعات التي قد يشهدها الطقس في العام المقبل، إضافة لنشاط التصنيع بالصين وشرق الهند. وأشار إلى أن تمسك دونالد ترمب بوضع معين في فلسطين وتسليم الرهائن إضافة إلى تمسكه أيضاً بفرض تعرفة جمركية مما قد يؤثر سلباً في حركة إمدادات الخام والتجارة الدولية بصفة عامة في العام المقبل.

توقعات "غولدمان ساكس"

وبدوره أبقى بنك "غولدمان ساكس" في تقرير صدر أخيراً، على توقعاته لمتوسط سعر خام برنت عند 76 دولاراً للبرميل في 2025، مشيراً إلى وضع متوازن في السوق، إذ عوض انخفاض إمدادات "أوبك+" ارتفاعاً غير متوقع في المخزونات التجارية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الشهر الماضي.

وقال البنك الاستثماري، "نبقي على توقعاتنا السنوية لمتوسط سعر خام برنت عند 76 دولاراً للبرميل في 2025 و71 في 2026 ونطاقنا بين 70 و85 دولاراً".

وأرجع "غولدمان ساكس" قراره إلى أسباب على رأسها انخفاض سعر برنت إلى نطاق بين 70 إلى 75 دولاراً هذا العام، وميل مخزونات الخام إلى الارتفاع في الربع الأول بسبب صيانة المصافي، وعدم اليقين في شأن تأثير إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في التوازن النفطي العالمي.

ويتوقع البنك أن يرتفع معروض الخام السعودي إلى 9.25 مليون برميل يومياً بحلول أواخر عام 2025، مع زيادة إنتاج "أوبك+" لمدة أربعة أشهر اعتباراً من يوليو (تموز).

ويتوقع "غولدمان ساكس"، فائضاً متواضعاً قدره 400 ألف برميل يومياً في 2025، إذ ستعمل الزيادة في الإمدادات من دول خارج أوبك، على رأسها الولايات المتحدة وكندا والنرويج، على تعويض الانخفاض في الإمدادات من "أوبك" وروسيا.

مليون برميل فائضاً

وذكرت وكالة الطاقة الدولية في تقرير صدر في نوفمبر الماضي أن أسواق النفط العالمية تواجه فائضاً يزيد على مليون برميل يومياً العام المقبل مع استمرار تعثر الطلب في الصين، مما يخفف من صعود الأسعار على رغم الاضطرابات في الشرق الأوسط وخارجه.

وقالت الوكالة في التقرير إن استهلاك النفط في الصين - القوة الدافعة للأسواق العالمية على مدى العقدين الماضيين - انكمش لمدة ستة أشهر متتالية حتى سبتمبر، وسينمو بنسبة 10 في المئة فقط هذا العام مقارنة بالمعدل المسجل في 2023.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكدت الوكالة أنه سيكون فائض النفط في الأسواق العالمية أكبر إذا قرر تحالف "أوبك+" المضي قدماً في خططه لتقليص تخفيضات الإنتاج بعد فترة توقف خلال اجتماعه المقبل.

وأشارت الوكالة إلى أنه في ظل استمرار ضعف الطلب على النفط في الصين، هبطت أسعار الخام بنسبة 11 في المئة منذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول) على رغم التوترات المستمرة بين إسرائيل وإيران، إذ يركز المتعاملون على زيادة الإنتاج في الأميركتين. وأضافت أن انخفاض الأسعار يشير إلى أن "السوق تشهد توافراً في المعروض خلال عام 2025". ولفتت إلى أنه مع وجود أخطار تواجه العرض، فإن التوازن الأكثر مرونة من شأنه أن يوفر بعض الاستقرار المطلوب بشدة في سوق تأثرت بصورة كبيرة بسبب جائحة كوفيد، وغزو روسيا واسع النطاق لأوكرانيا، وأخيراً الاضطرابات المتزايدة في الشرق الأوسط.

وقالت الوكالة إن استهلاك النفط عالمياً سيزيد بمقدار 920 ألف برميل يومياً هذا العام - أقل من نصف المقدار المسجل عام 2023 - ليصل في المتوسط إلى 102.8 مليون برميل يومياً. وفي العام المقبل، سينمو الطلب على النفط بمقدار 990 ألف برميل يومياً.

وتوقعت الوكالة، التي تقدم المشورة للاقتصادات الكبرى، في وقت سابق من العام أن يتوقف الطلب العالمي على النفط عن النمو قبل نهاية العقد الحالي، نتيجة التحول بعيداً من استخدام الوقود الأحفوري نحو المركبات الكهربائية والطاقة المتجددة.

 المنافسة أمام "أوبك"

ويشير محللون إلى أن التحدي الذي واجه التحالف النفطي، الذي أسهم في بقاء أسعار النفط مرتفعة قد أدى إلى دعم منافسيه. وكانت النتيجة أنه ليس لا يمكنه زيادة الإنتاج، واعتمد بدلاً من ذلك على خفض الإنتاج بصورة متزايدة، إذ واجه التحالف "فائضاً في العرض" من صنعه إلى حد كبير، بعد سنوات من خفض الإنتاج. وبحسب متخصصين فإن هذه الاستراتيجية لدعم الأسعار شجعت عملياً على زيادة الإمدادات خارج التحالف، وخصوصاً من الولايات المتحدة"، مما ترك مجالاً محدوداً للمناورة لـ"أوبك+" لتخفيف القيود المفروضة.

خلف الأبواب المغلقة ماذا ينتظر "أوبك+" فالضرر كان قد وقع بالفعل، فهل هناك تدبير خطة للحفاظ على أسعار نفط مرتفعة. ففي يونيو الماضي، أعلن التحالف عن مخطط لزيادة تدريجية شهرية في الإنتاج بدءاً من سبتمبر 2024 وحتى نهاية عام 2025. ولكن ضعف أسعار النفط أجبر "أوبك+" على تأجيل هذه الزيادات مرتين بالفعل، الأولى من سبتمبر إلى أكتوبر، والثانية من أكتوبر إلى يناير.

النفط في 2024

بلغ متوسط خام برنت نحو 80.5 دولاراً للبرميل، خلال هذا العام. ولم تكن الأسعار منخفضة بما يكفي لإلحاق ضرر كبير بالمنتجين الأميركيين، إلا منذ سبتمبر. ومع ذلك فإن أسعار النفط عند 70 إلى 75 دولاراً للبرميل ليست كافية لوقف صناعة النفط الصخري الأميركية، والسبب الرئيس لذلك هو الكفاءة، إضافة إلى أن 70 دولاراً للبرميل يعد جيداً من منظور تاريخي. ويذكر أن متوسط سعر برنت خلال فترة 2017-2019 كان 63 دولاراً للبرميل، حينما أضاف المنتجون الأميركيون نحو 6 ملايين برميل يومياً من الخام والسوائل الأخرى.

 النفط الصخري

وبحسب تقرير لوكالة الطاقة الدولية نقلت عنه "بلومبيرغ" تأكديها أن صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة أصبحت متطورة لدرجة أن 300 منصة حفر حالياً تنجز ما كانت تحتاج إليه 500 منصة قبل خمس سنوات. وقال ترافيس دي. ستايس الرئيس التنفيذي لشركة "دايموند باك إنرجي"، إحدى أكبر شركات النفط الصخري، أبلغ المستثمرين أخيراًاً أن خطته الأولية كانت تشغيل 22 إلى 24 منصة العام المقبل، ولكنه يعتقد الآن أنه يمكنه إنجاز العمل باستخدام 18 منصة فحسب، حيث "يعتمد ذلك بصورة كاملة على التحسينات المستمرة في الكفاءة".

ويشير تقرير "بلومبيرغ " إلى أنه في النهاية ستحد الجيولوجيا من صناعة النفط الصخري الأميركية حتى لو بقيت أسعار النفط مرتفعة. ولكن هذا اليوم لم يأتِ بعد. وكلما استمر "أوبك+" في الدفع نحو أسعار مرتفعة للغاية، قوض قدرته على زيادة الإنتاج. يدرك مسؤولو "أوبك+" ذلك، لكن قلة منهم يتحدثون عنه بصراحة. ربما حان الوقت لفعل ذلك، قبل فوات الأوان.

المزيد من البترول والغاز