Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نظام عالمي جديد يتشكل في وجه "اقتصاد القطب الواحد"

الأرقام تشير إلى التحول نحو التعددية مع محاولات لتجاوز هيمنة الدولار الأميركي

حصة الدولار في احتياطات البنوك تتراجع إلى 58 في المئة في 2024 (اندبندنت عربية)

 

ملخص

البيانات تشير إلى أن تراجع الدولار الأميركي كعملة احتياطية في العالم ليس مفاجئاً بل حصل تدريجاً، فمن 71 في المئة من الاحتياطات العالمية عام 2000، انخفض الدولار إلى 58 في المئة حالياً

منذ نهاية عام 2019، يشهد العالم تغيرات عنيفة، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي، إذ توسعت سلسلة الأزمات التي استدعت التفكير في ضرورة خلق نظام مالي عالمي جديد يقوم على العدالة في توزيع الثروات وتحقيق التنمية المستدامة، حتى تكون لكل دولة أحقيتها الكاملة في إدارة اقتصادها.

وفي ظل التفكير في هذا التحول، كانت البداية أن تتجه دول عدة إلى البحث عن بدائل للدولار الأميركي، وبالفعل، اكتسبت هذه العملية البطيئة لتجاوز الدولار زخماً كبيراً خلال الفترات الأخيرة. وعلى رغم مكانة الدولار كعملة احتياطية في العالم، فإن عدداً من الدول تستكشف بيئات عملات متعددة الأقطاب، ولا يتعلق هذا التحول بعملة واحدة تحل محل الدولار، بل بمجموعة متنوعة من العملات التي تقوم بأدوار مهمة.

ودعت دول مثل روسيا والصين منذ فترة طويلة إلى عالم متعدد الأقطاب للعملات، والآن ينضم مزيد من الدول إلى هذه الحركة.

لقد كانت هيمنة الدولار الأميركي مدعومة بعوامل تاريخية واقتصادية، ولكن مع تغير أنماط التجارة العالمية، تغير أيضاً الاعتماد على الدولار.

ويشار إلى أن اليورو اكتسب زخماً لفترة وجيزة كبديل، ولكنه عاد منذ ذلك الحين لمستوياته السابقة من الأهمية.

وتاريخياً، كان الجنيه الاسترليني هو العملة العالمية الرائدة قبل أن يسيطر الدولار الأميركي بعد الحرب العالمية الثانية.

في الوقت الحالي وعلى رغم عدم وجود عملة واحدة مضمونة لإزاحة الدولار، فإن المشهد آخذ في التغير، والبلدان تتاجر بعملاتها المحلية بصورة متزايدة.

وتتصدر البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا دول تجمع "بريكس"، إلى جانب كثير من دول جنوب شرقي آسيا، هذه الظاهرة، وعلى سبيل المثال شكك رئيس البرازيل في ضرورة التجارة القائمة على الدولار، مما يعكس شعوراً متزايداً في جميع أنحاء العالم.

دور الدولار يتراجع في احتياطات البنوك المركزية

البيانات تشير إلى أن تراجع الدولار الأميركي كعملة احتياطية في العالم ليس مفاجئاً بل حصل تدريجاً، فمن 71 في المئة من الاحتياطات العالمية عام 2000، انخفض الدولار إلى 58 في المئة حالياً.

ويترافق هذا الانخفاض مع ارتفاع في العملات غير التقليدية التي شهدت زيادة قدرها أربعة أضعاف خلال الأعوام الـ14 الماضية، ويشير هذا التحول، على رغم هامشيته، إلى اتجاه أوسع نحو التنويع.

أما بالنسبة إلى الآثار المترتبة على تراجع الدولار، فتتمثل في زيادة كلف التمويل، مع انخفاض الطلب على سندات الخزانة الأميركية، من المتوقع أن ترتفع كلف التمويل للحكومة الأميركية، ومع وجود ديون بقيمة 37 تريليون دولار، فإن الزيادة الطفيفة في كلف الاقتراض يمكن أن تكون لها آثار كبيرة.

وتراجعت قوة العقوبات، إذ استخدمت الولايات المتحدة تاريخياً نظامها المالي لفرض العقوبات، ومع ابتعاد الدول من الدولار يتضاءل هذا النفوذ، مما يقلل من قدرة الولايات المتحدة على التأثير في السياسة العالمية من خلال الوسائل الاقتصادية.

وأخيراً، عدم الاستقرار الاقتصادي، إذ يمكن أن يؤدي انخفاض الاعتماد على الدولار إلى زيادة قوة تسعير العملات الأخرى، مما يجعل الواردات أكثر كلفة ويسهم في التضخم.

مناهج نيوليبرالية في التجارة والاستثمار

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "هارفارد" ستيفن والت أنه كان من الممكن أن تستمر أسبقية الولايات المتحدة والاستقرار أحادي القطب لفترة أطول إذا ما كان صانعو السياسة في الولايات المتحدة أكثر ذكاء وأقل تمسكاً بالأيديولوجيا وأكثر واقعية.

واستدرك "لكن بدلاً من الحفاظ على قوة الولايات المتحدة وحل النزاعات، حيثما أمكن، والعمل على ضمان عدم ظهور منافس مكافئ، فعل المسؤولون الأميركيون العكس تماماً وارتكبوا أخطاء بالجملة، فساعدوا الصين على النهوض بسرعة أكبر وبددوا تريليونات الدولارات في الحروب المكلفة والمضللة في الشرق الأوسط الكبير، ووسعوا حلف "الناتو" من دون اهتمام كافٍ بالمخاوف الروسية، وافترضوا أن موسكو لا تستطيع ولن تفعل شيئاً لإيقاف هذا التوسع".

وأضاف أنه "بدلاً من اتباع نهج محسوب بدرجة أكبر تجاه العولمة والتأكد من مشاركة فوائدها على نطاق واسع داخل الولايات المتحدة، تبنوا مناهج نيوليبرالية في التجارة والاستثمار، ولم يفعلوا ما يكفي لتأمين القطاعات المهددة بالانقراض من القوى العاملة الأميركية، كي تصبح قليلة التأثر بعواقب العولمة".

سياسات الغرب أخفقت في تحقيق التنمية

فيما يرى الباحث ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات "العربية الأوراسية" ديميتري بريغع  أن "هناك ملامح كثيرة تشير إلى ظهور ملامح نظام عالمي جديد يقوم على التعددية القطبية، إذ تتنافس وتتعاون مجموعة من القوى العالمية والإقليمية لتحقيق مصالحها".

وأضاف أنه ربما كان حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال الجلسة العامة لـ"نادي "فالداي"، عن النظام العالمي الجديد أكثر وضوحاً، إذ قال في خطابه إن البنية القديمة للعالم انتهت بلا رجعة، مشيراً إلى أهمية بناء نظام عالمي جديد يقوم على الحوار والتعاون بين الدول على أساس من الاحترام المتبادل والتعددية القطبية.

ويقول بريغع إن "هذه الرؤية ليست مجرد دعوة إلى التغيير، بل هي تحدٍّ مباشر للنظام الأحادي الذي تزعمت فيه الولايات المتحدة القوى العالمية منذ نهاية الحرب الباردة".

وأضاف أن "بوتين لا يدعو إلى إسقاط النظام القائم فحسب، بل يدعو إلى تأسيس نظام جديد يقوم على مبادئ التعاون والعدل، إذ يكون لكل دولة الحق في حماية سيادتها وتطوير اقتصادها وحماية مصالحها من دون تدخل خارجي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تأسس النظام العالمي على أساس ثنائي القطبية ما بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، ثم تحول إلى أحادي القطبية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في أوائل التسعينيات، ومع صعود قوى اقتصادية وسياسية جديدة مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا، ظهر نظام متعدد الأقطاب يتحدى الهيمنة الأميركية، وهذا التحول كان نتيجة لعوامل عدة، من بينها النمو الاقتصادي المتسارع في آسيا وفشل السياسات الغربية في تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في العالم النامي، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية والمالية التي هزت اقتصادات الدول المتقدمة.

ولفت إلى أنه في ظل هذا التحول، تبرز التعددية القطبية كفرصة لبناء نظام عالمي أكثر عدلاً يتيح لكل دولة فرصاً متساوية للتطور والازدهار، لكنها في الوقت نفسه تمثل تحدياً كبيراً للقوى التقليدية التي استفادت من النظام الأحادي لفرض سياساتها وتحقيق مصالحها.

وتطرق إلى حديث بوتين في خطابه حول أن التعددية القطبية ليست مجرد توزيع جديد للقوة، بل هي إعادة تشكيل للعلاقات الدولية على أساس من التعاون والاحترام المتبادل، مما يعكس توجهاً نحو تقوية المؤسسات الدولية وتطويرها لتكون أكثر تمثيلاً للدول النامية، وتعكس واقع العالم الجديد.

ملامح النظام أحادي القطب تتلاشى

في تقرير لصحيفة "ناشيونال إنتريست"، يرى الباحث والمحلل الأميركي آدم غالاغر أنه بينما التقى قادة مجموعة "بريكس+" للاقتصادات الناشئة في مدينة قازان الروسية الشهر الماضي، كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الشرق الأوسط للمرة الـ11 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، شارحاً أن "رمزية ذلك تبرز بوضوح، ففي وقت تنغمس الولايات المتحدة في صراع جديد في الشرق الأوسط، مما يضعف صدقيتها وقيادتها العالمية، تعمل كل من الصين وروسيا على بناء بدائل للهياكل المالية والأمنية التي تقودها واشنطن،

وفيما تتلاشى ملامح النظام الأحادي القطب، تحظى مجموعة "بريكس+" بدعم واسع في العالم متعدد الأقطاب الناشئ، فقد استقبلت مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات في بداية عام 2024، قبل أن تضيف 13 دولة شريكة جديدة في قمة قازان، كما أعربت عشرات الدول الأخرى عن اهتمامها بالانضمام".

ومع احتدام التنافس بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، ينبغي لواشنطن دراسة الدوافع التي تجذب الدول إلى مجموعة "بريكس+" التي ترغب بكين وموسكو في ترويجها بوصفها مجموعة مناهضة للغرب، والأخبار الجيدة لواشنطن هي أن دول "بريكس+" الأخرى والدول التي تتقدم للانضمام لا تنظر إلى المجموعة بهذه الطريقة حتى الآن، فالبرازيل والهند، وهما من الدول المؤسسة، تريان في "بريكس+" وسيلة لإضفاء الطابع الديمقراطي على النظام الدولي الحالي وإجراء تغييرات تجعل النظام أكثر قدرة على مواجهة التحديات العالمية الحالية.

وفي الواقع، تفضل دول عدة في الجنوب العالمي الحفاظ على علاقاتها مع واشنطن، لكنها ترغب أيضاً في الانضمام إلى "بريكس+"، ومع ذلك، قد يتغير هذا التوجه، إذا لم تأخذ واشنطن عالمية التعددية القطبية بجدية.

وترى دول الجنوب العالمي أن النظام القائم على القواعد بقيادة الولايات المتحدة يتفكك من الداخل، ويبرز ذلك بصورة واضحة من خلال مواقف واشنطن المتباينة تجاه الحربين في أوكرانيا وغزة. وبالنسبة إلى هذه الدول، يعد النظام الذي تقوده الولايات المتحدة لعبة غير عادلة، إذ تطبق القوانين والمعايير الدولية بما يخدم مصالح الغرب.

قلق من سيطرة واشنطن على النظام المالي

ومن القضايا الرئيسة الأخرى التي تشغل دول "بريكس+ " ودول الجنوب العالمي هيمنة واشنطن على الهيكل المالي العالمي واستخدامها الواسع للعقوبات.

وقد حددت روسيا جدول أعمال قمة هذا العام ليشمل التركيز بصورة كبيرة على تجاوز سلطة الدولار الأميركي وعزل نفسها والدول الأخرى عن العقوبات الغربية وبناء هياكل مالية بديلة.

ويقول غالاغر إن نحو ربع دول العالم، بما يمثل ما قرابة 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يخضع للعقوبات الأميركية، فيما أورد تقرير حديث لـ"واشنطن بوست" كيف أن العقوبات الأميركية أطلقت العنان لحرب اقتصادية في جميع أنحاء العالم.

وبالتأكيد يجب أن تواجه دول مثل روسيا عواقب لانتهاكاتها للقانون الدولي، لكن المشكلة أن هذه العقوبات غالباً ما تكون عكسية التأثير، فعلى سبيل المثال، أدت العقوبات على فنزويلا إلى زيادة الهجرة وسعي مزيد من الفنزويليين إلى دخول الولايات المتحدة، ودفعت دولاً مثل الصين وروسيا وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية إلى إنشاء "اقتصاد الظل العالمي" للتهرب من هذه العقوبات بطرق قد تقوض الدولار الأميركي بصورة متزايدة.

ويرى أنه يجب أن يثير البيان المشترك الصادر عن القمة قلق صناع السياسة الأميركيين، إذ دعا إلى إصلاح النظام المالي العالمي وإنشاء منصة استثمارية جديدة لمجموعة "بريكس+" واستكشاف بدائل لأنظمة الدفع عبر الحدود الغربية مثل "سويفت".

ولفت إلى أن "بريكس+" أحرزت بالفعل خطوات كبيرة باتجاه تقليل استخدام الدولار في التجارة بين الدول الأعضاء في المجموعة، وقادت الصين هذا المسار، إذ تجاوز اليوان الصيني الدولار في التجارة بين الصين وروسيا، وتتفاوض بكين على زيادة استخدام اليوان الصيني في تسوية تعاملات النفط مع منتجين رئيسين، وتتخلص من الأصول بالدولار الأميركي وشراء مستويات قياسية من الذهب.

وقد يستغرق إنهاء الاعتماد على الدولار وقتاً طويلاً لتحقيقه بالكامل، ومع ذلك، وبالنظر إلى التأثيرات العميقة لذلك في مصالح الولايات المتحدة، يجب على واضعي السياسات الأميركيين الانتباه إلى هذه القضية بعناية، فإن الدور المهيمن للدولار بوصفه عملة احتياطية وفي تجارة السلع العالمية يمنح الولايات المتحدة وشعبها ما يسمى "الامتيازات الباهظة"، ولا يمنح هذا الولايات المتحدة نفوذاً هائلاً في العلاقات الدولية فحسب، بل يعني أيضاً أن الأميركيين يتمتعون بكلف اقتراض أقل وإمكان الوصول إلى واردات رخيصة ومستوى معيشة أعلى بصورة عامة.

وأشار غالاغر إلى أنه حان الوقت لأن تدرك واشنطن أن اللحظة الأحادية القطبية التي تلت الحرب الباردة انتهت وأن التحديات العالمية اليوم، من تغير المناخ إلى الأوبئة إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي، تتطلب تعاوناً دولياً وليس تعاوناً غربياً فحسب، ومع انهيار النظام متعدد الأطراف وازدياد التوترات الجيوسياسية، ينبغي للولايات المتحدة أن تفكر بجدية في كيفية التعامل مع عالم متعدد الأقطاب اليوم.

ويمكن للقادة الأميركيين أن يبدأوا بالنظر في ما لا يجدي نفعاً، مثل السعي المتزايد نحو الهيمنة والاعتماد المفرط على العقوبات والمعايير المزدوجة التي تتبعها الولايات المتحدة في ما يتعلق بالقوانين والمعايير الدولية، واستخدام ذلك خريطة طريق لإعادة تشكيل نهجها في الشؤون الدولية، هذا هو الأفضل للعالم وهو أيضاً الأفضل للأميركيين.

لماذا يجب أن يقلق الغرب من مكاسب الذهب؟

في مقالة نشرتها صحيفة "فايننشيال تايمز"، كشف المتخصص في الشأن الاقتصادي العالمي محمد العريان عن بعض النظريات في شأن الأسباب التي تتطلب من الغرب أن يولي اهتماماً أكبر بكثير لما وراء الأداء المذهل للذهب هذا العام، مع وصول سعر المعدن إلى مستويات قياسية.

وقال إن "ما حدث لسعر الذهب ليس أمراً غير عادي من ناحية التأثيرات الاقتصادية والمالية التقليدية فحسب، بل إنه يتجاوز أيضاً التأثيرات الجيوسياسية الصارمة ليشمل ظاهرة أوسع نطاقاً تكتسب زخماً عالمياً".

وأشار إلى أنه مع تعمق جذور هذه الظاهرة، فإنها تهدد بتفتيت النظام العالمي بصورة ملموسة، وتآكل النفوذ الدولي للدولار والنظام المالي الأميركي"، متسائلاً "لماذا يجب على الغرب أن يولي اهتماماً أكبر لارتفاع أسعار الذهب؟".

وقال إنه على مدى الأشهر الـ12 الماضية، ارتفع سعر أوقية الذهب في الأسواق العالمية من 1947 دولاراً إلى 2715 دولاراً، مما يمثل زيادة بنحو 40 في المئة، ومن المثير للاهتمام أن هذا الارتفاع في الأسعار كان خطياً نسبياً، إذ يجتذب أي تراجع مزيداً من المشترين، وقد حدث ذلك على رغم بعض التقلبات الجامحة في أسعار الفائدة المتوقعة ونطاق التقلب الواسع لعائدات السندات الأميركية القياسية وانخفاض التضخم وتقلبات العملة.

وقد يميل بعضهم إلى استبعاد أداء الذهب باعتباره جزءاً من زيادة أكثر عمومية في أسعار الأصول، على سبيل المثال، إذ شهد مؤشر "ستاندرد أند بورز" الأميركي ارتفاعاً بنحو 35 في المئة خلال الأشهر الـ12 الماضية، ولكن هذا الارتباط في حد ذاته غير عادي. وسيعزو آخرون ذلك إلى خطر الصراعات العسكرية التي شهدت خسارة عدد كبير من المدنيين الأبرياء لأرواحهم وسبل عيشهم، إلى جانب الدمار الهائل للبنية الأساسية.

البنوك المركزية تتوسع في شراء المعدن النفيس

في غضون ذلك، تشير رحلة أسعار الذهب إلى استمرار البنوك المركزية الأجنبية في شراء المعدن النفيس، وكان ذلك بمثابة محرك مهم لقوة الذهب.

ويبدو أن مثل هذه المشتريات لا ترتبط فقط برغبة كثير من الدول في تنويع احتياطاتها تدريجاً بعيداً من هيمنة الدولار الكبيرة على رغم الاستثناء الاقتصادي الأميركي، وهناك أيضاً اهتمام باستكشاف البدائل المحتملة لنظام المدفوعات القائم على الدولار الذي كان يشكل جوهر البنية الدولية منذ نحو 80 عاماً.

العريان أشار إلى أن ما هو على المحك هنا ليس تآكل الدور المهيمن للدولار فحسب، بل أيضاً التغيير التدريجي في تشغيل النظام العالمي، فليست هناك عملة أو نظام دفع آخر قادر أو راغب في إزاحة الدولار من مركز النظام، وهناك حد عملي لتنويع الاحتياطات، ولكن عدداً متزايداً من الأنابيب الصغيرة يجري بناؤها للالتفاف حول هذا المركز وعدداً متزايداً من البلدان مهتمة ومتورطة على نحو متزايد.

وذكر أن ما حدث لسعر الذهب ليس أمراً غير عادي من ناحية التأثيرات الاقتصادية والمالية التقليدية فحسب، بل إنه يتجاوز أيضاً التأثيرات الجيوسياسية الصارمة ليشمل ظاهرة أوسع نطاقاً تكتسب زخماً عالمياً.

ومع تعمق جذور هذه الظاهرة، فإنها تهدد بتفتيت النظام العالمي بصورة ملموسة وتآكل النفوذ الدولي للدولار والنظام المالي الأميركي.

ومن شأن هذا أن يؤثر في قدرة الولايات المتحدة على إعلام الآخرين والتأثير في نتائجهم، وتقويض أمنها القومي، وهي ظاهرة ينبغي للحكومات الغربية أن توليها مزيداً من الاهتمام، وهي ظاهرة لا يزال الوقت متاحاً لتصحيح مسارها، وإن لم يكُن بقدر ما يأمل بعضهم.

اقرأ المزيد