Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانهيارات الاقتصادية داخليا والتوترات الجيوسياسية تضع إيران في مهب الريح

30 مليار دولار ديون مستحقة على سوريا لطهران وسط هبوط العملة وتضخم مرتفع وبطالة متزايدة تعيشها البلاد

هبوط العملة الإيرانية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 756 ألف ريال مقابل الدولار (أ ف ب)

ملخص

يظهر تراجع قيمة العملة حجم المعاناة التي يعيشها الإيرانيون العاديون، الذين يكافحون لتأمين حاجاتهم الأساسية وسط تضخم مرتفع وبطالة متزايدة، بعد سنوات من العقوبات الغربية المشددة، التي تفاقمت بسبب الفساد الداخلي وسوء الإدارة الاقتصادية

يواجه النظام الإيراني أسوأ أزماته منذ سنوات، مع تدهور اقتصادي حاد وتعرضه لسلسلة من الضربات غير المسبوقة، التي أضعفت نفوذه العسكري والجيوسياسي في الشرق الأوسط.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع سجلت العملة الإيرانية (الريال) انخفاضاً قياسياً إلى 756 ألف ريال في مقابل الدولار، وفقاً لوكالة "رويترز"، بعدما فقدت العملة 46 في المئة من قيمتها العام الماضي، لتصبح العملة الأقل قيمة في العالم، متجاوزة حتى عملات دول فقيرة مثل سيراليون وكيب لاوس.

ومنذ سبتمبر (أيلول) الماضي عانت العملة المتعثرة التداعيات الناجمة عن الضربات المدمرة التي تعرض لها وكلاء إيران، بما في ذلك "حزب الله" اللبناني وحركة "حماس" الفلسطينية، إضافة إلى انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ومع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد في أعقاب هجوم صادم شنته جماعات معارضة، فقدت طهران أهم حليف إقليمي لها في الشرق الأوسط، وهو متهم بارتكاب جرائم حرب ضد شعبه، ولجأ إلى روسيا وترك وراءه دولة منقسمة بشدة.

ويقول الباحث البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن بهنام بن طالبلو لشبكة "سي أن بي سي" إن "سقوط الأسد له تداعيات وجودية على الجمهورية الإسلامية، وعلينا ألا ننسى أن النظام أنفق أكثر من عقد من الزمن من ثروته ودمائه وسمعته، لإنقاذ نظام انهار في أقل من أسبوعين".

ويظهر تراجع قيمة العملة حجم المعاناة التي يعيشها الإيرانيون العاديون، الذين يكافحون لتأمين حاجاتهم الأساسية وسط تضخم مرتفع وبطالة متزايدة، بعد سنوات من العقوبات الغربية المشددة، التي تفاقمت بسبب الفساد الداخلي وسوء الإدارة الاقتصادية.

وتعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب باتخاذ موقف صارم ضد إيران، وهو يستعد للعودة للبيت الأبيض بعد نحو ست سنوات من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني بصورة أحادية الجانب وإعادة فرض عقوبات واسعة على البلاد.

من جانبه عبر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن استعداد حكومته للتفاوض وإحياء الاتفاق المعروف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، الذي تم بموجبه رفع بعض العقوبات عن إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، لكن هذه المحاولات تأتي في وقت تؤكد فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران تخصب اليورانيوم بمستويات غير مسبوقة، إذ وصلت إلى درجة نقاء 60 في المئة، وهي خطوة فنية قصيرة نحو مستوى النقاء اللازم للأسلحة النووية عند 90 في المئة.

انهيار مدخرات المواطنين وارتفاع التضخم

إلى ذلك شهد عام 2024 فقدان إيران نفوذها في غزة ولبنان، والأكثر دراماتيكية في سوريا، بعد أن انهار نظام الأسد بسرعة مذهلة أجبرت طهران على إجلاء ضباط "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري، مما وقد أدى سقوط قلص عدد حلفاء إيران الإقليميين إلى النصف، تاركاً فحسب فنزويلا كحليف وحيد، وهي دولة تعاني أزمة هجرة حادة بسبب تدهور أوضاعها الاقتصادية، واليوم محور المقاومة بات مقتصراً على ميليشيات متفرقة في العراق وقبائل الحوثي في اليمن، أفقر دول المنطقة.

وعلى الصعيد الداخلي يزداد الوضع سوءاً، فالاقتصاد الإيراني وصل إلى أدنى مستوياته منذ ثورة 1979، وفقاً لوزارة الرعاية الاجتماعية، فإن 57 في المئة من الإيرانيين يعانون سوء التغذية، ويعيش 30 في المئة تحت خط الفقر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع انهيار مدخرات المواطنين وارتفاع التضخم يزداد التوتر الشعبي، مما دفع المرشد الأعلى علي خامنئي إلى التحذير من التصريحات التي "تخيف الناس"، واصفاً إياها بالجريمة التي يجب أن تلاحق قضائياً.

تصريحات خامنئي تأتي في وقت تتحدث فيه التقارير وفقاً لـمجلة الـ"تايم" الأميركية عن دين مستحق على سوريا لإيران يصل إلى 30 مليار دولار، إضافة إلى آلاف الأرواح التي أزهقت في سبيل الحفاظ على النظام السوري.

وفيما يتعامل النظام مع أزمة مالية خانقة، تبدو الزيادات المحتملة في أسعار الوقود حتمية، ففي عام 2019 أدت زيادات مماثلة إلى احتجاجات شعبية واسعة عرفت باسم "نوفمبر الدامي"، إذ قتل خلالها ما لا يقل عن 304 أشخاص وفقاً لمنظمة العفو الدولية.

تقاطع الأزمات الاقتصادية والسياسية

وتقول المجلة الأميركية إنه ومع مواصلة إسرائيل ضرباتها داخل إيران مستهدفة منشآت صاروخية ودفاعات جوية، لم تتمكن الجمهورية الإسلامية من الرد بفاعلية، مما دفع حتى مؤيدي النظام للتشكيك علناً في قيادته.

وتحدثت الـ"تايم" عما يشاع عن معاناة المرشد الأعلى، الذي يبلغ من العمر 85 من مرض خطر، قائلة إنه يواجه اليوم تآكلاً في شرعيته وسط تصاعد التحديات الاقتصادية والسياسية.

وأضافت في ظل هذه الظروف تبدو مسألة خلافته شاغلاً رئيساً، خصوصاً أن إيران اليوم ليست كما كانت في عام 1989 عندما تولى خامنئي منصبه.

ومع استمرار التململ الشعبي كسرت الفنانة الإيرانية باراستو أحمدي المحظورات الثقافية ببث حفلة غنائية عبر الإنترنت، وهي أول امرأة تغني علناً منذ الثورة.

وعلى رغم اعتقالها لاحقاً إلا أن ذلك يعكس واقعاً جديداً يتمثل في تحدي المجتمع الإيراني لقيود النظام، وجرأة متزايدة على إسماع أصواتهم.

وقالت الـ"تايم" إنه وفي ظل هذا المشهد المضطرب، يبدو أن إيران تقف عند مفترق طرق خطر، إذ تتقاطع الأزمات الاقتصادية الداخلية مع الانهيارات الجيوسياسية في الخارج، مما يضع النظام في مواجهة غير مسبوقة مع مستقبل يبدو أكثر ضبابية من أي وقت مضى.

اقرأ المزيد