ملخص
النظام الصارم في مانشستر سيتي أفقد الفنان الترفيهي جاك غريليش مهاراته وحماسه، وأصبح لغزاً يؤرق مدربه الإسباني بيب غوارديولا قبل مواجهة أستون فيلا.
كان تشيكي بيغيريستين يتطلع إلى الترفيه فقد أنفق مانشستر سيتي - الذي يطلق عليه غالباً لقب الأكثر إنفاقاً - 100 مليون جنيه استرليني (125.11 مليون دولار) لضم جاك غريليش، وهي قيمة أكبر مما أنفقها أي نادٍ إنجليزي آخر على لاعب واحد في السابق، وقد وصف مدير كرة القدم في مانشستر سيتي لاعبه الجديد بأنه "أحد أكثر اللاعبين الهجوميين إثارة في كرة القدم العالمية".
بعد ثلاث سنوات ونصف السنة، يعود غريليش إلى أستون فيلا غداً السبت، ويمكن القول إنه لم يعد لاعباً هجومياً ولا مثيراً، وبدلاً من ذلك فقد أصبح لاعباً متمرداً في مشروع بيب غوارديولا الذي يقوم الآن بعدد أقل بكثير من الأشياء المرتبطة غالباً بالإثارة ويعتمد فقط على تسجيل الأهداف وصنعها والركض نحو المدافعين أكثر مما اعتاد عليه، وهناك في ملعب "فيلا بارك" سيتعرف الناس على غريليش من لهجته المحلية ويرون وجهه المألوف، لكن كلاعب سيرونه مختلفاً تماماً.
قد يزعم غوارديولا أنه لاعب أكثر نجاحاً، وهو لاعب فردي أصبح جزءاً من فريق بطل، فربما ضحى غريليش ببعض من موهبته، لكنه حصل على بطولات في المقابل وفي ظل الثلاثية التاريخية بدا الأمر وكأنه مقايضة جيدة، لكن الآن؟ ربما لا.
يلعب غريليش في سيتي منذ أغسطس (آب) 2021، ولم يلعب بصورة جيدة وبصورة خاصة إلا لموسم واحد من تلك المواسم في (2022 - 2023)، وفي العام الماضي استعاد لياقته لمدة شهر، من نهاية ديسمبر (كانون الأول)، ونحو 10 أيام في فترة الربيع، وبخلاف ذلك كان مستواه سبباً في إقصائه من قائمة منتخب إنجلترا لكأس الأمم الأوروبية "يورو 2024"، وربما كان سيئ الحظ مع الإصابات في توقيت سيئ هذا الموسم، وتظهر الإحصاءات مرة أخرى أن سيتي يخسر نسبة أقل من المباريات التي يبدأها، لكن إنجازاته الأخيرة تنتهي عند هذا الحد.
وقد يتذكر غريليش في ملعبه الحبيب أنه حفيد لاعب فاز بكأس الاتحاد الإنجليزي عام 1905 مع أستون فيلا وقاد الفريق إلى الصعود، لكن جاك غريليش الذي رحل عن أستون فيلا قبل وقت طويل من تعيين أوناي إيمري مدرباً للفريق لم يكن يعرف ما سيحدث في غيابه، ولكن ربما خطرت في ذهنه فكرة أنه كان بإمكانه أن يظل ويقود الفريق في فوزه على بايرن ميونيخ الألماني بدوري أبطال أوروبا.
بدلاً من ذلك وبينما لم يحقق أي من اللاعبين الثلاثة الذين وقعوا للنادي بالأموال التي أتت من وراء بيعه وهم داني إنغز وليون بيلي وإيمي بوينديا نجاحاً كبيراً، فقد منحت الرسوم التي كانت بقيمة 100 مليون جنيه استرليني فريق فيلا حرية التصرف في ظل قانون الربح والاستدامة الخاص بالدوري الإنجليزي، وقد لجأ النادي للسير خطوات خاطئة في محاولاته لاستبدال غريليش، فقد كان لم شمل المدرب ستيفن جيرارد مع فيليب كوتينيو خطأً مكلفاً لكن لاعب وسط ميدلاندز الذي كان بمثابة اكتشاف حديث كرقم "10" هو مورغان روجرز.
وإذا كان غريليش قد استبدل مركزه الحر تماماً في نادي مسقط رأسه بمهام أكثر انضباطاً عندما قيده غوارديولا عند خط التماس، فقد استبدل حياته كخيار تلقائي في فيلا بمكانة أكثر غموضاً الآن في سيتي، وبعد عام أول صعب في ملعب "الاتحاد"، أثبت نفسه في الفريق الأول، لكن الآن يضع ركودهم الحالي كل شيء موضع تساؤل مثل نقاط ضعفه والافتقار إلى الإنتاجية التي أصبحت مشكلة أكبر، حيث اعتاد غريليش أن يبدأ معظم المباريات الكبرى، لكن هذا العام بدأ على مقاعد البدلاء ضد أرسنال وتوتنهام وليفربول ومانشستر يونايتد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إن رؤيته على أرض ملعب "فيلا بارك" سيكون مفاجئاً بصورة مضاعفة، فقد كان سيتي هناك لثلاث مرات منذ بيعه ولعب غريليش ما مجموعه ثلاث دقائق كبديل، فقد أوقف عن رحلة ديسمبر الماضي، وهي البطاقة الصفراء الخامسة غير الضرورية في الموسم بسبب ركل الكرة بعيداً بعد دقيقتين من دخوله ضد توتنهام، عندما خسر سيتي أمام فيلا، جاء هذا الإيقاف بكلفة كبرى.
ولنستعير من وصف بيغيريستين في البداية، فإن غريليش كان أكثر إثارة خارج الملعب منه داخله، فقد طلب دوايت يورك، وهو لاعب آخر انتقل من فيلا إلى مانشستر وفاز بالثلاثية، أن يحصل على إجازة لمدة عام، وعلى رغم أن احتفالات غريليش بدت ملحمية، فإنه لم يطلب الطلب نفسه، ولكن في الأشهر الـ18 التالية، لم يفعل كثيراً على أرض الملعب.
وعندما نجح، كان ذلك بمثابة خدعة، ففي إعادة معايرة فريق يضم أجنحة قوية إلى فريق يضم إيرلينغ هالاند، سجل خمسة أهداف فقط في 50 مباراة في موسم الثلاثية، لكن جوليان ألفاريز ورياض محرز وفيل فودين وإلكاي غوندوغان وكيفين دي بروين انضموا جميعاً إلى النرويجي في تسجيل الأرقام بأرقام مزدوجة، ولمزيد من الإثارة قد البلجيكي 29 تمريرة حاسمة.
الآن رحل ألفاريز ومحرز وتوقف فودين وغوندوغان عن التسجيل، وعندما يكون لدى فودين وغوندوغان ودي بروين وبرناردو سيلفا وجيريمي دوكو وسافينيو ما مجموعه ثلاثة أهداف في الدوري، فمن المهم أن غريليش لم يسجل أي هدف.
لقد وجد غريليش طريق الشباك مرتين هذا الموسم لمصلحة مدربه الموقت في المنتخب الإنجليزي لي كارسلي، لكنه لم يسجل أي هدف لمصلحة غوارديولا في جميع المسابقات، وقد أصبح الأقل خطورة بين جميع لاعبي خط الوسط المهاجمين في سيتي، وأصبحت الروح الحرة غير مغامرة وغير مبدعة، وأصبح سيتي يعتمد بصورة مفرطة على هالاند، ويائساً من لاعب خط الوسط الذي يمكنه إحداث مثل هذا التأثير الحاسم، لكن غريليش لم يصنع سوى هدفين في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ بداية الموسم الماضي بينما دوكو الذي يعد أكثر قدرة على المراوغة على اليسار سجل أربعة أهداف في مباراة واحدة، وكان هذا العجز مخفياً من قبل آخرين، وفي الأقل أثبتت إحدى أكبر صفقات السيتي أنها أكثر إنتاجية مما كان متوقعاً، لكن المشكلة هي أنه منذ وصوله، سجل المدافع جوسكو غفارديول ثلاثة أهداف مقابل كل هدف سجله غريليش، متفوقاً عليه بنتيجة (9 - 3)، وفي الوقت نفسه شارك ريكو لويس بصورة مباشرة في مزيد من الأهداف عن تلك التي شارك فيها غريليش.
ولنعد إلى حكم بيغيريستين عام 2021 حين قال، "بيب يحب الطريقة التي يلعب بها، ونشعر جميعاً أنه مناسب تماماً لمانشستر سيتي"، لكن غوارديولا غير غريليش إلى الأسوأ فقد حرم الشاب المحبوب من الخصائص التي جعلته محبوباً بين الجماهير، لقد جعله غوارديولا أفضل في الاحتفاظ بالكرة، وهي المهارة التي سعى إلى الاستفادة منها عندما لعب في خط الوسط خارج أرضه ضد يوفنتوس، لكن هذا كان حلاً قصير المدى، ويواجه سيتي الآن مشكلة طويلة الأمد.
في سن الـ29 أصبح غريليش جزءاً من مخاوف سيتي الخاصة بارتفاع متوسط الأعمار، وقد تبقى له عامان ونصف العام في عقده، وربما يكون أيضاً غير قابل للبيع، نظراً إلى راتبه الضخم، وقد يكون للعودة إلى فيلا جاذبية رومانسية ولكن هل لديهم - كما هو الحال في وست مهم أو توتنهام أو نيوكاسل - أي حاجة إلى الاعب براتب نجم خارق قد يسجل ثلاثة أهداف في الموسم مع سجل يضم ثلاثة مواسم مخيبة للآمال من إجمالي أربعة مواسم؟
لذلك للمرة الثانية يواجه سيتي خسارة كبيرة في صفقة قياسية بريطانية حصل عليها من ناد في ميدلاندز، لقد دفعوا مبلغاً لا يمكن تفسيره قدره 1.44 مليون جنيه استرليني (1.80 مليون دولار) مقابل ستيف دالي من ولفرهامبتون عام 1979 واستردوا 300 ألف جنيه استرليني (375.33 ألف دولار) فقط من بيعه، وهذه المرة كان السعر أعلى بنحو 70 مرة عندما انتقل غريليش، وكان الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا أكبر بكثير، ولكن إذا كانت هناك خسارة مالية كبيرة عندما يرحل، فهذه خسارة كروية بالفعل، إذ لم يعد غريليش هو الفنان الترفيهي.
© The Independent