Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرد يقتل أطفال غزة… عدو جديد ولا تدفئة للوقاية منه

3 حالات وفاة والأمم المتحدة تؤكد وجود عراقيل إسرائيلية

ينام النازحون في غزة على أرض طينية ويشعرون أن البرد يخرج منها (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

سجلت 3 حالات وفاة بسبب البرد في غزة، إذ يعيش النازحون في المنطقة الإنسانية من دون وسائل تدفئة، على رغم أن تل أبيب تجزم أنها أعدت لاستقبال الفصل البارد في القطاع.

كانت ليلة قاسية، فالظلام دامس جداً والقمر غائب، والسماء ملبدة بالغيوم، والرياح القوية تضرب المنطقة الإنسانية في غزة، الكل نيام في خيامهم، إلا خيمة غدير بها ضوء خافت فهي مستيقظة تحضن حفيدتها الصغيرة لتمنحها الدفء.

لاحظت الجدة أن حفيدتها عائشة التي تبلغ من العمر 20 يوماً باردة جداً وجسدها تحول لونه إلى الأزرق، وترتعش الصغيرة بسرعة من شدة البرد، درجة الحرارة في وقتها كانت تقترب من الثلاثة مئوية.

تجمد الدم في العروق

بحثت الجدة في المأوى المصنوع من القماش وقطع النايلون المهترئة الذي تعيش فيه برفقة حفيدتها عائشة عن أغطية، لكنها لم تجد سوى بطانية واحدة، تقول غدير "هذه نفس الغطاء الذي ألف به جسد الصغيرة".

غفت الرضيعة وجسدها بارد، ونامت الجدة بعمق من شدة التعب، طوال الليل لم يهدأ الطقس كانت الرياح الباردة تتسلل إلى الخيمة وتضرب جلد السيدة والطفلة، ودرجات الحرارة تنخفض أكثر فأكثر.

في الصباح استيقظت غدير تفحص جسد حفيدتها، فصعقت كثيراً عندما وجدت جسدها أزرق ونفسها مقطوعاً، صرخت بصوت عال جداً "عائشة ماتت"، وحملتها إلى مستشفى وسط القطاع لتفقد حالتها الصحية.


فارقت الحياة

بعد الفحص طأطأ الطبيب رأسه أرضاً وقال "الصغيرة عائشة فارقت الحياة"، لم تصرخ الجدة غدير واكتفت فقط بتساقط دموعها على وجنتيها، بينما أكمل العامل الصحي مهمة الإشراف على جثة الرضيعة.

تبين من الفحص أن الدم تجمد في عروق الرضيعة عائشة وماتت من شدة البرد. وتعد تلك الطفلة ثالث حالة يقتلها البرد في المنطقة الإنسانية، وهذا ما ينذر بكوارث ستحل بالنازحين في المنطقة الإنسانية جنوب غزة خصوصاً مع دخول "المربعانية".

و"المربعانية" هي فترة من فصل الشتاء، تتميز بأنها شديدة البرودة، ويخشاها النازحون في جنوب غزة كثيراً، إذ يعيشون في خيام بالية وينامون على أرض طينية مبللة دائماً بالماء. وفي تلك الفترة سيواجه سكان غزة أزمة إنسانية أشد قسوة من حياتهم البائسة الحالية.


حالة أخرى

وتقول الجدة غدير، "لقد قتل البرد الشديد الرضع، لا وسائل تدفئة لدينا، نعيش حياة بدائية جداً، وكأننا في العصور الوسطى، نحن الكبار لا نستطيع مواجهة هذا البرد، فما بالك في الأطفال الرضع، الواضح أن هذا العام سيمر الشتاء على شكل عدو جديد للنازحين في غزة".
وفي حالة أخرى توفي الطفل عدنان البالغ من العمر 45 يوماً، نتيجة انسداد الشعب الهوائية بسبب البرد. وقال الطبيب المتابع لحالته، "وصل الطفل من خيام مهترئة إلى نقطة طبية لا أدوية بها، وكان في حالة صعبة، وفارق الحياة بعد ساعتين من محاولة إنقاذه".

وتتفاقم معاناة النازحين الذين يقيمون في خيام مهترئة في أوقات المنخفضات الجوية التي تضرب قطاع غزة، ويصبحون عاجزين عن تدفئة أجسادهم نتيجة نقص وسائل التدفئة، وتعرض الأطفال وكبار السن للأمراض في ظل انهيار النظام الصحي ونقص الأدوية.

الركض وسيلة للتدفئة

أمام الملجأ الموقت الذي تعيش به فيروز يركض الأطفال في محاولة لتدفئة أجسادهم بالحركة، لكن هذه الطريقة غالباً ما تبوء بالفشل، بينما يجلس كبار السن أمام خيامهم بصمت مطبق وعيونهم شاخصة في السماء الملبدة بالغيوم.
تقطع هذا المشهد فيروز لتشرح عن البرد في الخيام قائلة، "هنا المخيم بدائي جداً، الأرض طينية وغير مفروشة بأي شيء. نضع فراشنا على التربة وننام. أوضاعنا ليست إنسانية، وما نعيشه لا يليق بالبشر نهائياً".

كما تشعر عائلة سلوى بالبرد من كل الاتجاهات، مرة من الرياح القوية، وتارة عندما يحسون وكأن البرد يخرج عليهم من التربة الطينية الرطبة، ومرة من المطر، وتقول "في كل الحالات لا وسائل تدفئة لدينا، نعتمد على بطانيات وملابس ثقيلة لكن هذه محاولات يائسة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


بلا أغطية

تعاني دلال من نقص الأغطية إذ ليس لديها سوى بطانية واحدة، وزجاجة ماء ساخن لحماية أطفالها من الارتعاش داخل خيمتهم، تقول "أسخن الماء وأطلب من صغاري وضعه على جلدهم حتى يشعروا بالدفء، هناك نقص في البطانيات والملابس الدافئة، كما أن الخيام أصبحت مهترئة بصورة متزايدة لا يقي من البرد". وتضيف، "أطراف أطفالي متجمدة، أحسس على أنوفهم وآذانهم فأشعر بالبرودة، لدي صغير يعاني الحمى بسبب البرد، في الحقيقة نحن نعيش في الشوارع ومحاطين بالأقمشة، فلا ملابس ولا وسائل تدفئة في المنطقة الإنسانية".
في الوقت الحالي، تتزايد أزمة نقص الأغطية والفراش في المنطقة الإنسانية جنوب غزة، والملابس الشتوية القليلة المعروضة للبيع في أسواق غزة باهظة الثمن، إذ يقدر ثمن البلوزة الواحدة التي تزن 200 غرام بقيمة 70 دولاراً، وكثير من الناس لا يقوون على شرائها.

في المقابل تبدو معيشة فضل، أفضل من كثير من النازحين، فهو محظوظ بأنه يملك القليل من الحطب يشعل به النار، ويقول، "أشعل النار كل يوم من الصباح حتى المساء، في ظل غياب أي وسيلة للتدفئة، يلتف الأطفال حولها، لكن في الليل يبردون، وأتخيل يومياً أنني قد أفقد أحدهم من البرد".

الأمم المتحدة: هناك عراقيل

من جهتها، حذرت الأمم المتحدة المجتمع الدولي من استمرار تجاهل محنة الأطفال والنازحين خصوصاً في فصل الشتاء، وتقول نائبة مدير "يونيسيف" في الأراضي الفلسطينية ديون وونغ، إن "الناس الذين يعيشون في ملاجئ موقتة قد لا يصمدون في الشتاء، هناك مليون شخص يحتاجون إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في غزة". وتضيف، أن "لجنة الإنقاذ الدولية تكافح من أجل جلب ملابس الشتاء للأطفال، لأن هناك كثيراً من الموافقات التي يتعين الحصول عليها من السلطات الإسرائيلية المتخصصة. إن قدرة الفلسطينيين على الاستعداد للشتاء محدودة للغاية".

وتوضح وونغ، أن "الأطفال في غزة يشعرون بالبرد وهم حفاة الأقدام، ولا يزال عديد منهم يرتدون ملابس الصيف، وهذا سبب تسجيل حالات وفاة بسبب البرد".

إسرائيل تلوم المنظمة الدولية

على الجانب الإسرائيلي يقول فريدمان المتحدث باسم هيئة تنسيق شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة شيمون، "نحن نعمل منذ بدء الأزمة الإنسانية مع المنظمات الدولية لإعداد غزة للشتاء، بما في ذلك تسهيل شحن المدافئ والملابس والخيام والبطانيات إلى القطاع". ويضيف فريدمان، "من المؤسف أننا لا زلنا نرى أن أكبر مشكلة في وصول المساعدات الإنسانية هي قدرات التوزيع لدى المنظمات الدولية، كما يشهد على ذلك 800 شاحنة محملة بالمساعدات تصطف في الخارج حولي، نحن مستعدون فوراً لإدخالها لغزة، لكن المنظمات الدولية غير جاهزة لتوزيعها هناك".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير