Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السيول تجرف قرى النيل الأبيض وتتسبب في أوضاع كارثية بالسودان

إغلاق خزان جبل أولياء من قبل قوات "الدعم السريع" أدى إلى ارتفاع المناسيب لأعلى مستوى

ملخص

-استبعد متخصص في مجال الري والمياه انهيار السد نفسه، إلا أنه شدد على "ضرورة عودة السيطرة على الخزان إلى وزارة الري لأن استخدامه كمنشأة عسكرية سيفاقم الأزمة".

-لفت ناشط مجتمعي إلى أن "التوقعات تشير إلى أن الأيام المقبلة ستكون أكثر قسوة، مع استمرار ارتفاع منسوب النيل الأبيض بصورة تهدد بغرق مدن كوستي والدويم والقطينة".

فوق قسوة الحرب وجراحها كان سكان ولاية النيل الأبيض جنوب السودان على موعد مع فصل آخر من المآسي والكوارث. فإلى جانب الصراع العسكري في الإقليم منذ عام ونصف العام، اجتاحت مياه النيل مدناً ومناطق عدة بسبب إغلاق خزان جبل أولياء من قبل قوات "الدعم السريع"، مما أدى إلى ارتفاع المناسيب لأعلى مستوى، مما أدى إلى فيضانات وسيول مدمرة أغرقت المنازل والأراضي الزراعية وجرفت في طريقها عدداً كبيراً من القرى، فضلاً عن نزوح مئات آلاف السكان من المناطق الواقعة على ضفاف النيل الأبيض.

 

ويعد خزان جبل أولياء السد المائي الوحيد في الخرطوم ويعمل على ضبط منسوب المياه أثناء الحبس والتفريغ في السد العالي جنوب مصر. وتمثل حمولة الخزان البالغة نحو 3 مليارات متر مكعب من المياه خطراً قد يتجاوز أثره المدمر العاصمة السودانية إلى مناطق أخرى، مما ينذر بكارثة بيئية وصحية ويضاعف معاناة المواطنين في ظل نقص المؤن والأغذية.

أوضاع كارثية

مشاهد كارثية يرويها مواطنون ومتطوعون وناشطون تكشف حجم المأساة، إذ تحولت قرى بكاملها إلى ركام من الطين والوحول.

تقول المواطنة ليلى محمد عامر، من منطقة ود النجومي، إنه "في لحظات وصول السيول الأولى إلى المنطقة علت الصرخات وأصوات الاستغاثات من الكبار والصغار طلباً للمساعدة والإنقاذ من شدة فوران المياه المتدفقة، مما أدى إلى انهيار عدد كبير من المنازل الطينية، فالمنطقة لم تكن تعرف مثل هذه السيول".

وأضافت، "هذا الفيضان غير مسبوق، اجتاح القرى في مناطق شبشة والدويم ووكرة وأم جر، وكذلك الكوة والشوال، وتسبب في انقطاع التيار الكهربائي في المدن كافة، فضلاً عن الأضرار البيئية والصحية وأزمة نقص الغذاء".

وأوضحت عامر "هربت آلاف الأسر المتضررة مع بدء السيول والفيضانات إلى العراء، لأن مستوى المياه في عدد من القرى المنكوبة كان مرتفعاً جداً عن الأرض مع تيار قوي جرف معه الأثاث والممتلكات، إلى جانب تدمير الجسور الصغيرة بالكامل".

وأشارت المواطنة السودانية إلى أن "الوضع في ولاية النيل الأبيض في حاجة إلى استنفار دولي وحالة الطوارئ على المستوى القومي وتوفير فرق متخصصة للإنقاذ والإجلاء، إضافة إلى تأمين مخيمات للنازحين".

انتظار الأسوأ

على الصعيد نفسه، يصف الناشط المجتمعي نوح عبدالهادي الوضع الإنساني في ولاية النيل الأبيض بـ"الكارثي"، نظراً إلى "عدم وجود المواد الغذائية والرعاية الصحية، علاوة على انتشار البعوض والذباب، وحاجة الناس إلى بطانيات وناموسيات وخيام والتحوط من الآثار المترتبة من الفيضانات".

وأشار إلى أن "السيول جرفت عدداً من الطرق الرئيسة وأحدثت خسائر كبيرة في المنازل والمحال التجارية، إلى جانب تزايد أعداد الأسر المشردة في العراء التي تستظل بالخيام القديمة، ويرعبها تدفق مياه الفيضان التي لا تزال تحاصرها من كل جانب".

ولفت الناشط المجتمعي إلى أن "التوقعات تشير إلى أن الأيام المقبلة ستكون أكثر قسوة، مع استمرار ارتفاع منسوب النيل الأبيض بصورة تهدد بغرق مدن كوستي والدويم والقطينة، في وقت تعجز السلطات المحلية بالولاية والحكومة السودانية في بورتسودان عن الوقوف مع المتضررين وتقديم كل ما من شأنه تخفيف وطأة الكارثة عليهم".

جهود حكومية

على صعيد متصل أوضح وزير البنى التحتية بولاية النيل الأبيض الطيب محمد الحسن أن "إغلاق قوات ’الدعم السريع’ لخزان جبل أولياء أدى إلى ارتفاع مناسيب النيل الأبيض وحدوث فيضانات".

وأشار إلى أن "الوزارة أوفدت أربع فرق لمناطق الدويم وشبشة والكوة والجزيرة أبا، وكذلك كرة وشاتين والعباشية في كوستي لتأهيل التروس الواقية وحمايتها".

ونوه الحسن إلى أن "مناسيب النيل تجاوزت كل المعدلات خلال الأعوام الماضية، وهناك إجراءات تقوم بها وزارة البنى التحتية لضبط تدفق السيول وذلك لتخفيف الضغط على المناطق المتأثرة بالفيضان".

مأساة جزيرة تاريخية

إلى ذلك، أثارت كارثة السيول والفيضانات التي اجتاحت منطقة الجزيرة القلق لمصير سكان المدينة التاريخية خصوصاً بعد تفاقم المأساة والفاجعة الكبيرة التي تعرضت لها المناطق والقرى وتحولها إلى ركام طيني، إضافة إلى الدمار الهائل في الممتلكات والمباني.

وتعد الجزيرة أبا من أقدم الجزر في السودان والأكبر مساحة، يلفها النيل من كل الجهات، فمن الغرب المجرى الرئيس للنيل، ومن الشرق الجاسر وهو المدخل الترابي الوحيد للجزيرة الذي شيده الأنصار إبان الثورة المهدية (1881 - 1898)، وصنعوا بذلك أحد أشهر الجسور الترابية في تاريخ البلاد، فضلاً عن بعدها التاريخي المرتبط بالنضال ضد الاستعمار في عهد الحكم الثنائي الإنجليزي - المصري منذ 1899.

وتضم منطقة الجزيرة أبا كثيراً من الآثار القديمة لمستوطنات ضاربة في القدم، إلى جانب المخطوطات وقصر الإمام عبدالرحمن الذي شيد على الطراز الإنجليزي.

وانتشرت بين أهالي المنطقة أساطير تعتقد أن من يشرب مياه راتب الإمام المهدي يكون موصولاً بالبركة ولا يتعرض للمصائب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قلق ومخاوف

من جانبه أوضح المتخصص في مجال الري والمياه محمد عابدين أن "مياه النيل الأبيض في رحلتها التاريخية شمالاً وجدت أبواب خزان جبل أولياء مغلقة، لذلك اجتاحت السيول والفيضانات مدن ومناطق الإقليم، للمرة الأولى منذ عقود يقف المتخصصون من مهندسين وفنيين عاجزين عن مواجهة الكارثة".

ونبه عابدين إلى أن "سيطرة قوات ’الدعم السريع’ على منطقة جبل أولياء منذ أكثر من عام أدت إلى فقدان التحكم في العمليات الفنية للخزان، الذي يعد أداة أساسية لتنظيم تدفق مياه النيل الأبيض، ومع غياب المهندسين والفنيين بات من المستحيل فتح بوابات السد لضبط مناسيب المياه، مما ينذر بالخطر".

واستبعد المتخصص في مجال الري والمياه انهيار السد نفسه، فإنه شدد على "ضرورة عودة السيطرة على الخزان إلى وزارة الري لأن استخدامه كمنشأة عسكرية سيفاقم الأزمة".

تفاعل سياسي

سياسياً ناشد حزب الأمة القومي المنظمات الدولية والوطنية التعجيل بتقديم الأولوية لإنقاذ المتضررين، والاستجابة للكارثة الإنسانية، وتوفير مواد الإيواء والغذاء والدواء للمواطنين المحاصرين بالسيول في منطقة الجزيرة أبا.

وقال الحزب في بيان، إنه "يتابع هذه المأساة بقلق بالغ، ويطالب الطرفين المتحاربين بضرورة تمكين مهندسي الري للوصول إلى منطقة خزان جبل أولياء لتمرير المياه وخفض منسوب النيل لإنقاذ السكان في مدن وقرى ولاية النيل الأبيض".

وأشار البيان إلى أن "الجزيرة أبا تتعرض لغرق كامل جراء فيضان مياه النيل الأبيض، مما خلف دماراً في المنازل والأراضي الزراعية، كما تشهد المدن والقرى أوضاعاً بيئية وصحية متردية تنذر بالأمراض نتيجة ضعف الرعاية الصحية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات