Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عملية جنين الأمنية... شيطنة متبادلة ومعادلة صفرية

الأمن الفلسطيني يسعى للقضاء على المسلحين في المخيم لعدم تكرار سيناريو غزة ومراقبون يرون الحوار أكثر جدوى

السلطة الفلسطينية تصر على إنهاء ظاهرة المسلحين في جنين (غيتي)

ملخص

بحسب المتحدث باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية أنور رجب فإن السلطة الفلسطينية "لن تسمح باختطاف القرار الفلسطيني، وجر الضفة الغربية إلى تكرار ما يحدث من كوارث وإبادة جماعية في قطاع غزة عبر تسهيل تحقيق ذلك للاحتلال الإسرائيلي".

"الاستسلام أو القتل" خياران وحيدان وضعتهما المؤسسة الأمنية الفلسطينية أمام المسلحين في مخيم جنين، حيث أسفرت الاشتباكات المتواصلة بين الجانبين منذ الـ14 من الشهر الجاري عن مقتل تسعة أشخاص، في ظل تصاعد الاحتقان الداخلي والانقسام المجتمعي، والاتهامات بـ"خدمة أجندات خارجية" أو "القضاء على المقاومة".

وفي ظل حصار الأمن الفلسطيني مخيم جنين منذ بدء عمليته، اضطر نصف سكان المخيم إلى النزوح عنه، هرباً من الاشتباكات التي أدت إلى قتل ثلاثة مدنيين من بين القتلى التسعة، بينهم خمسة من عناصر الأمن ومسلح من كتيبة جنين.

وبعد نزع صفة المقاومة عن (كتيبة جنين) التابعة للجهاد الإسلامي، تمضي السلطة الفلسطينية بعمليتها التي تهدف إلى "استعادة المخيم من سطوة الخارجين عن القانون".

ذلك أن السلطة الفلسطينية ترى بأن "المخيم اختطف لمصلحة أجندة إيرانية، وبأنها لن تسمح بتكرار ما يحصل في قطاع غزة في الضفة الغربية".

وقالت مصادر إن "قادة كتيبة جنين أبدوا الاستعداد لتسليم المسلحين المطلوبين للأمن الفلسطيني فقط وليس كامل المسلحين".

وأشارت تلك المصادر إلى أن السلطة الفلسطينية ترفض ذلك، وتصر على إنهاء ظاهرة المسلحين في جنين، مضيفة أن "العناصر المسلحة لم تستوعب التغييرات الإقليمية، ومتمسكة بمواصلة القتال وعدم الاستسلام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج خلال زيارته جنين على "ضرورة تجنيب المخيم سياسة المحاور التي شاهدنا نتائج عملها في غزة وجنوب لبنان".

وبحسب فرج فإن السلطة الفلسطينية لن تقبل بأن يكون المخيم "بأيدي مخطوفة"، منوهاً بأن "العملية في جنين تهدف إلى وقف أي محاولات لجر شعبنا لتجربة نزوح وإبادة وهو يشاهد هذه التجربة"، في إشارة إلى ما يجري في قطاع غزة.

وفي تلميح لعدم الرضا الشعبي الفلسطيني عن سياسات السلطة الفلسطينية اتجاه إسرائيل، أشار فرج إلى أنه "كان بإمكاننا أن نكون قادة، ونحظى بدعم جماهيري واسع، لكن ذلك كان سيكون على حساب دم شعبنا بنسائه وأطفاله وشيوخه".

وتسبب عدم رضا قطاع من الفلسطينيين عن الحملة الأمنية ضد المسلحين في جنين إلى التهجم على قتلى الأمن الفلسطيني، مما دفع بعض عناصر المؤسسة الأمنية إلى إجبار هؤلاء على الاعتذار بعد ضربهم وإذلالهم خلال مقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

 ورفضت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تلك الممارسات، ودعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى "إصدار تعليمات واضحة وصارمة لجميع أفراد الأجهزة الأمنية بضرورة الالتزام التام بالقانون الفلسطيني، واحترام كرامة المواطنين وضمان سلامتهم وأمنهم الشخصي".

خطاب الكراهية

ودان مدير عام الهيئة عمار الدويك أيضاً "بصورة قاطعة خطاب الكراهية، والتحريض المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ضد أفراد وضباط الأجهزة الأمنية وعائلاتهم".

وبحسب الدويك فإن "مواجهة هذا الخطاب لا تتحقق إلا من خلال التزام القانون الذي يقتضي تقديم شكوى من الجهة المتضررة، وإثبات الضرر وفق الأصول القانونية، وليس عبر اللجوء إلى حملات تحريضية مضادة تزيد من حدة التوتر والانقسام".

ومع أن الحياة عادت إلى وضعها شبه الطبيعي في مدينة جنين، لكنها متوقفة بصورة كاملة في المخيم، الذي اعتاد الجيش الإسرائيلي اقتحامه خلال الأعوام الثلاثة الماضية للقضاء على المسلحين بداخله.

 

وبحسب المتحدث باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية أنور رجب فإن السلطة الفلسطينية "لن تسمح باختطاف القرار الفلسطيني، وجر الضفة الغربية إلى تكرار ما يحدث من كوارث وإبادة جماعية في قطاع غزة عبر تسهيل تحقيق ذلك للاحتلال الإسرائيلي".

وأشار رجب في مقابلة مع "اندبندنت عربية" إلى أن ذلك "يستوجب استعادة مخيم جنين من جهات داخلية غير وطنية منضوية في محور إقليمي، وبسط السلطة الفلسطينية سيادتها على المخيم، وفرض القانون ومنع تحوله إلى مجتمع معزول".

وحول تطورات العملية الأمنية، أوضح رجب أنها "تحقق نتائج عبر اعتقال عدد من المسلحين حاولوا الهرب إلى خارج المخيم، وأشخاص آخرين حاولوا تقديم الأسلحة والدعم اللوجيستي للمسلحين في المخيم".

ووفق رجب فإن هؤلاء الخارجين عن القانون "يسعون إلى العبث بالساحة الفلسطينية خدمة لأهداف حزبية ضيقة لإنشاء مجتمعات معزولة عن بقية فلسطين، ومن ثم تقديم مبررات للاحتلال لتنفيذ مخططاته".

وشدد رجب على أن الأمن الفلسطيني سيفرض بالقوة برنامج منظمة التحرير السياسي، ولن يسمح بوجود برامج أخرى.

ورفض المتحدث باسم المؤسسة الأمنية الحلول الوسط مع المسلحين، أو الحوار معهم، "فلا مجال أمامهم سوى الاستسلام، وتسليم سلاحهم أو استمرار القتال، وذلك لأن محاولات إيقاف العملية تهدف إلى التملص من الاستحقاقات المطلوبة".

موقف الجهاد الإسلامي

من جهتها طالبت حركة "الجهاد الإسلامي" السلطة الفلسطينية "بوقف حملاتها الأمنية والإعلامية فوراً ورفع الحصار عن مخيم جنين"، وإنهاء ملاحقة المقاومين والكف عن التنكيل بالمواطنين.

وأوضحت الحركة بأنها "تتعرض لحملة إعلامية ممنهجة، تهدف إلى تشويه مسيرتها، والتشكيك في انتمائها الوطني، والتنكر لتاريخها المشرف وتضحياتها الجليلة".

وأشادت الحركة بمبادرات القوى والفصائل الفلسطينية لرفع الحصار عن جنين والجهود الساعية لوأد الفتنة وحقن دماء أبناء شعبنا وتفويت الفرصة على الاحتلال.

لكن رجب أشار إلى أن المسلحين في جنين "لا علاقة لهم بأي تنظيم، ولا يوجد لهم رؤية سياسية، ولا أي بعد فكري، فهم مجموعة مرتزقة تلبس عباءات مختلفة بين الحين والآخر".

وتابع رجب أن "كثيراً من المسلحين مطلوبون في قضايا جنائية، وبعضهم صدر في حقهم أحكام بالسجن".

 

وشرح أبو رجب ظروف قتل المسلحين في المخيم ضابطاً في الأمن الفلسطيني حرقاً بعد إلقاء زجاجات حارقة باتجاه المنزل الذي كان يقيم فيه مع زملائه.

لكن نائب الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" محمد الهندي قال إن السلطة الفلسطينية "لا تدافع عن شعبها في الضفة، وبأن المقاومة هي من تنفذ هذه المهمة".

وأشار الهندي إلى أن "بارودة أصغر شاب بكتيبة جنين تشرف أكبر رأس في أجهزة أمن السلطة"، مضيفاً أن الأمن الفلسطيني "لم يحقق شيئاً في جنين، بعد أكثر من أسبوعين على الحملة الأمنية".

ويرى المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن المعضلة في ما يجري هو "التعامل بالطريقة الأمنية"، مضيفاً أنه "لا يوجد أي طرف فلسطيني سيكون مرتاحاً لنتائج العملية الأمنية".

وأشار إلى أن "الحل الجذري يكون عبر اتفاق الفصائل الفلسطينية كافة على رؤية وطنية جامعة، وليس النظرات الضيقة والحلول الجزئية التي تدفع الناس إلى الظن بأننا أمام معادلة إما نحن أو هم".

ووفق الشوبكي فإنه لا يوجد "قدرة لأي جهة كانت على إلغاء الطرف الآخر"، مضيفاً أن "الحلول الأمنية جزء من المشكلة وليست الحل، فالمطلوب هو الحوار".

واعتبر المحلل السياسي جهاد حرب أن قرار الأمن الفلسطيني الدخول إلى مخيم جنين والقضاء على المسلحين، ورفض المسلحين تسليم أنفسهم ينتج معادلة صفرية.

وأشار حرب إلى أن "حملات الشيطنة المتبادلة ناتجة من أحادية، في ظل انتشار خطاب الكراهية، وعدم إدراك القادة خطورة ما يجري من مواجهة إقصائية".

وبحسب حرب فإن "إنفاذ القانون لا يأتي بهذه الطريقة الغوغائية لكن يأتي عبر الحوار"، مضيفاً أن ما فجر الأوضاع هو عدم تحرك المؤسسات لضبط الأوضاع بعد تراكم المشكلات.

المزيد من تقارير