Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوجه الشبه الرئيسة بين الانتخابات البريطانية والأميركية في 2024

للوهلة الأولى قد تبدو الانتخابات على ضفتي الأطلسي وكأنهما عالمان مختلفان كل الاختلاف، لكن عند النظر إلى الحملات والنتائج نكتشف بعض أوجه التشابه الأساسية بينهما

انتخب دونالد ترمب والسير كير ستارمر عام 2024، وقد عاد الأول مجدداً إلى السلطة، فيما مثل الثاني نهاية لحكم المحافظين الذي دام 14 عاماً (غيتي)

ملخص

شهد عام 2024 انتخابات تاريخية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، إذ فاز العمال بانتصار ساحق وترمب بولاية ثانية، مع تحولات بارزة في دعم الناخبين من الأقليات وبروز اليمين الجديد في بريطانيا.

تم تسليط الضوء بصورة واسعة على أن عام 2024 كان عاماً كبيراً من حيث الانتخابات، إذ توجه مليارات الأشخاص فيما لا يقل عن 60 دولة إلى صناديق الاقتراع.

بدأ العام بانتخابات في أكبر دولة في العالم [بعدد السكان]، الهند، وينتهي في أعقاب إلغاء الانتخابات في رومانيا بسبب اتهامات بالتدخل الروسي.

وبصفتي مراسلة بيانات، فقد أمضيت الشطر الأكبر من هذه السنة في تغطية ما يمكن القول إنه التصويت الأكثر تأثيراً، أي الانتخابات العامة في المملكة المتحدة في يوليو (تموز)، والانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني).

قد توحي نظرة سريعة من الخارج، أنه لم يكن هناك كثير من التقاط المشتركة بين الحدثين الانتخابيين، ليس أقلها إن السير كير ستارمر والرئيس المنتخب دونالد ترمب بعيدان كل البعد من بعضهما بعضاً من حيث معظم جوانب شخصيتيهما.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحقق حزب العمال في المملكة المتحدة انتصاراً ساحقاً، إذ فاز بغالبية 156 مقعداً، وبفارق 10 في المئة في نسبة التصويت الوطنية. أما في الولايات المتحدة، فقد هيمن ترمب على المجمع الانتخابي، إلا أنه في النهاية فاز على كامالا هاريس بغالبية وطنية (الأصوات الشعبية) بلغت نسبتها 1.6 في المئة فقط.

وفي كلتا الحالتين، نتج الاقتراع عن إقصاء الحكومات القائمة بصورة لا لبس فيها.

والواقع أن هاتين العمليتين الانتخابيتين تشتركان في بعض أوجه التشابه الرئيسة التي قد تشير إلى اتجاهات معينة في مستقبل السياسة العالمية، ولا سيما في العصر الرقمي.

صانع الأدوات والمتدرب

قبل مقارنة الخصائص المشتركة لانتخابات كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، يجب الإقرار بأن خيارات القيادة هو ما يميز الاثنتين عن بعضهما بعضاً إلى حد كبير.

في هذا الصيف، استقبل البريطانيون حكومة يسارية معتدلة يقودها رجل قيل عنه إنه "ممل أكثر مما ينبغي" ليكون رئيساً للوزراء، وذلك على رغم كل إنجازاته التي لا يمكن إنكارها.

أما على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، فالصورة تكاد تكون معاكسة تماماً تقريباً. فقد تم انتخاب ترمب لولاية ثانية، وهو مرشح يميني ينسب إليه الفضل في دفع الجمهوريين إلى تشدد أكبر، ومن الممكن إطلاق صفات كثيرة على أفعاله على مر السنين، إلا أنه لا يمكن وصفها بالمملة.

إن خلفية كل منهما تجعله أيضاً مختلفاً عن الآخر. وإذ لوح السير كير بفخر بجذوره العميقة في الطبقة العاملة بوصفه ابناً لصانع أدوات، ارتقى باجتهاده سلم المسؤوليات في مجال القانون حتى وصل إلى منصب رئيس خدمة الادعاء العام.

في المقابل من المعروف أن ترمب تلقى "قرضاً صغيراً بقيمة مليون دولار" من والده الذي كان من عمالقة رجال الأعمال، وقد استثمره الرئيس المنتخب لتطوير مهنة تجارية تشمل إمبراطورية العقارات، علاوة على تقديم برنامج "المتدرب"، وإقامة جامعة ترمب التي لم تدم طويلاً.

لقد تم اختيار كل من هذين الشخصين اللذين يتمتعان بخلفيات ومهارات مختلفة، من قبل ناخبيهم ليكونا قادة. وبينما يجسد أحدهما حكم القانون، فإن الآخر يرفض (أو بالأحرى، ينسف) كتاب القواعد المؤسسية.

ويعكس كل منهما قيم ناخبيه إلى حد ما في الأقل.

اليمين السياسي والأحزاب الثالثة

مثلت انتخابات هذا العام على ضفتي المحيط الأطلسي انتصاراً لليمين إلى حد ما. في الولايات المتحدة، اكتسح الجمهوريون السلطة التنفيذية والكونغرس ومجلس الشيوخ. أما في المملكة المتحدة، فقد أفسحت خسارة حزب المحافظين لشعبيته الطريق لظهور حزب يميني "جديد".

كثيراً ما اعتبر أن الرجال هم قاعدة دعم رئيسة بالنسبة إلى ترمب، ولكن دعمه تمدد هذا العام إلى الجيل الأصغر سناً أيضاً.

وقد صوت ما يقارب نصف الرجال أعمارهم ما بين 18-30 سنة لمصلحة ترمب، وفقاً لـ"فوتكاست أسوشيتد برس" AP VoteCast، ما يمثل ارتفاعاً عن نسبة الثلث المسجلة عام 2020.

ومع ذلك فإن ترمب لم يكن، لبعض الوقت، الخيار الوحيد المتاح للناخبين المحافظين. فحتى منتصف يوليو، كان التأييد لروبرت أف. كينيدي الابن جيداً بصورة غير مسبوقة في استطلاعات الرأي، إذ تراوح ما بين نسبة 9 و10 في المئة من الأصوات.

وعندما دخلت كامالا هاريس السباق، انقسمت أسهم شعبيته في استطلاعات الرأي إلى النصف، لكن روبرت أف. كينيدي جونيور كان لا يزال يحافظ على نسبة جيدة من نيات التصويت قدرها 5 في المئة. وكون الانتخابات كانت شديدة التنافسية، كان من الممكن لهذه النسبة أن تؤثر بصورة كبيرة على حظوظ أي من المرشحين الرئيسين.

كان أنصاره يتألفون من ناخبين تقليديين ليبراليين ومحافظين على حد سواء، ربما يوحدهم الإحباط من الوضع الراهن. ولكن في النهاية، أعرب كينيدي عن تأييده ترمب، واصطف مع اليمين السياسي، وربما ضمن لنفسه منصب الفوز بمنصب وزير الصحة.

على الضفة الأخرى، فاز حزب العمال اليساري في المملكة المتحدة بغالبية ساحقة، فيما تعرض حزب المحافظين لهزيمة تاريخية ستشل قدراته، إذ حصل على 121 مقعداً فقط في البرلمان.

ولكن لم يخسر اليمين السياسي كل شيء. كما حقق حزب ريفورم المملكة المتحدة بزعامة اليميني نايجل فاراج اختراقاً في المعركة بفوزه بخمسة مقاعد وهو ما تجاوز معظم التوقعات.

وبصورة عامة فقد اتجه الرجال بالتصويت لحزب ريفورم بنسبة أعلى (زيادة بنسبة 15 في المئة) مقارنة بالنساء (زادت نسبتهم بـ11 في المئة)، مع تحقيق الحزب مكاسب بين جميع الفئات العمرية للذكور، من الرجال تحت سن 24 (9 في المئة) إلى أكثر من 55 سنة (20 في المئة)، وفقاً لاستطلاع الرأي المقترعين الذي أجرته شركة "إيبسوس".

والأمر الأكثر أهمية هو أن حزب ريفورم حصل على نسبة 14.3 في المئة من الأصوات الوطنية، أي بفارق بضع نقاط فقط عن حزب المحافظين (23.8 في المئة).

يبقى أن نرى ما إذا كان من الممكن أن يحافظ على هذا الزخم في الانتخابات المقبلة. ومع ذلك قد يمهد هذا [الاختراق] الطريق لظهور صورة جديدة في المملكة المتحدة من صور اليمين السياسي، الذي هيمن عليه المحافظون لأكثر من قرن من الزمان.

خسر كل من حزب العمال والديمقراطيين الناخبين من الأقليات

شن كل من حزب العمال في المملكة المتحدة والديمقراطيين في الولايات المتحدة حملتين انتخابيتين مختلفتين تماماً، ورسمياً فاز حزب السير كير بالانتخابات، بينما خسر حزب السيدة هاريس.

ومع ذلك خسر كلا الحزبين اليساريين الرئيسين الدعم من أحد مكونات التركيبة السكانية الرئيسة، أي ناخبي الأقليات.

في المملكة المتحدة، كشفت صحيفة "اندبندنت" عن أن حزب العمال خسر بالمقارنة مع انتخابات 2019 ما يعادل تقريباً ثلث الدعم الذي تلقاه من الناخبين السود والآسيويين.

وهبطت نسبة الأصوات التي أعطتها الأقليات العرقية لحزب العمال من 64 في المئة إلى 46 في المئة، على رغم نجاح الحزب بصورة عامة.

وفي الواقع، اختار أكثر من 13 في المئة من ناخبي الأقليات العرقية مرشحين مستقلين هذا العام، مقارنة بزيادة قدرها اثنان في المئة فقط بين الناخبين البيض.

وأشار جابر بوت، وهو الرئيس التنفيذي لمؤسسة المساواة العرقية Race Equality Foundation، إلى الموقف الضعيف في شأن الحرب في غزة والخلافات الداخلية في حزب العمال حول قضايا عرقية، كسببين لخيبة أمل الناخبين منه.

وقال لـ"اندبندنت"، "يجب أن يشعر حزب العمال بالقلق لأنه لم يخسر أصواتاً من المجتمعات الآسيوية فحسب، بل خسر مقاعد [ذهبت للمستقلين]".

أما في الولايات المتحدة، فقد خسر الديمقراطيون تأييد المجموعة الأساسية للناخبين الذين تعود أصولهم إلى أميركا اللاتينية، مما أدى إلى انقسام [أصوات اللاتينيين بصورة] متساوية تقريباً بين هاريس وترمب.

وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها شبكة "أن بي سي" أن هاريس فازت بنسبة 53 في المئة من أصوات الناخبين اللاتينيين مقابل 45 في المئة لترمب، وهي نتيجة مختلفة للغاية عن تلك التي حققها بايدن الذي تقدم [على ترمب] بفارق 33 نقطة من أصوات اللاتينيين عام 2020.

وعلى رغم أن حجم مخاوف الناخبين السود في شأن التحول الكبير إلى اليمين بدا مبالغاً فيه، فقد صوت واحد من كل خمسة رجال سود لمصلحة ترمب (أي بزيادة قدرها اثنان في المئة عن عام 2020، وبزيادة بلغت 7 في المئة على عام 2016).

وهذا يمثل على وجه التحديد انقساماً متزايداً بين النساء السود (7 في المئة منهن صوتن لمصلحة ترمب) والرجال السود، إذ زعم بعض المعلقين أن التحول إلى اليمين بين الرجال السود كان أمراً لا مفر منه، بسبب سمات محافظة من الناحية الثقافية وليبرالية على المستوى الاقتصادي. كما لعبت غزة دوراً في الانتخابات الأميركية. وقد حثت حملة التصويت كـ"غير ملتزم" [خيار تصويت في أميركا يعبر عن عدم التأييد لأي من المرشحين] الناخبين على الامتناع عن التصويت للديمقراطيين، كعمل احتجاجي ضد السياسة التي انتهجها بايدن في التعامل مع الحرب في غزة.

وفي حين يتعذر تحديد عدد الأصوات التي حجبت عن الديمقراطيين لهذا السبب، إلا أن هذه [المقاطعة] قد أحدثت فرقاً في مكان واحد بالتأكيد.

كانت مدينة ديربورن في ولاية ميشيغان تعد معقلاً للديمقراطيين تبلغ نسبة السكان العرب فيه 55 في المئة. وقد فاز ترمب هذا العام بالمدينة بفارق 2500 صوت، وهي المرة الأولى التي يفوز فيها جمهوري بها منذ عام 2000.

وخسرت هاريس ثلث الأصوات التي منحتها ديربورن لجو بايدن عام 2020 (انخفضت إلى 36 في المئة من 69 في المئة)، بينما حصلت جيل شتاين، وهي مرشحة من حزب ثالث، على 15 في المئة من أصوات ناخبي المدينة.

إذاً، خسر حزب العمال والديمقراطيون في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة تأييد الناخبين من الأقليات، لأسباب شتى. وسبق أن اعتمد كل منهما على الناخبين غير البيض كداعمين موثوق بهم، لكن استعادة هذا الدعم قد لا تكون سهلة في الانتخابات المقبلة.

© The Independent

المزيد من تقارير