ملخص
تصاعدت حدة الاشتباكات ووتيرتها بين قوات سوريا الديمقراطية والمسلحين الموالين لتركيا منذ الـ30 من نوفمبر الماضي وزادت مع اقتراب الأخيرة من محيط سد تشرين وتهديد تركيا باجتياح مدينة كوباني، فيما بدأت قوات سوريا الديمقراطية بعمليات تسلل مكثفة لخلف خطوط التماس مع مسلحي الجيش الوطني وإدخال سلاح الطائرات المسيرة في المعركة واستخدام الأنفاق.
تشهد المعارك المحتدمة بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا تصعيداً جديداً عند خطوط التماس بين الطرفين في ريف منبج الشرقي والريفين الشمالي للحسكة والرقة.
في ريف منبج وعلى بعد نحو 15 كيلومتراً جنوب شرقي المدينة و10 كيلومترات غرب سد تشرين تركزت الاشتباكات العنيفة خلال اليومين الماضيين قرب بلدة أبو قلقل، وكذلك قرية علوش، وأدت بحسب إعلام "قسد" إلى مقتل 17 عنصراً بينهم قائد فصيل "مغاوير الشمال" من الجيش الوطني السوري وجرح نحو 40 آخرين، مقابل إصابة عدد من أفرادها، إضافة إلى استهداف تعزيزات للجيش الوطني في الخطوط الخلفية.
وتستخدم قوات سوريا الديمقراطية في الآونة الأخيرة بصورة مكثفة الطيران المسير في استهداف عربات ومواقع الجيش الوطني السوري وأفراده. ففي ذات المنطقة القريبة من أبو قلقل أعلنت هذه القوات عن استهداف أربع عربات كانت مخبأة بين منازل السكان، في استهداف هو الأول من نوعه ضربت "قسد" عبر طائراتها نظام رادار وتشويش في قاعدة عسكرية تركية أنشئت حديثاً في المنطقة الواقعة بين منبج والضفة الغربية لنهر الفرات، كذلك دمرت بصاروخ موجه عربة لنظام رادار آخر في المنطقة، وبحسب الفيديو الذي يظهر العملية فإن الأنظمة كانت تتموضع بصورة خفية بين الأشجار في أحد تلال تلك المنطقة.
ردود بالقصف
لم تصدر عن الفصائل المعارضة أي بيانات تنفي أو تؤكد الأرقام الواردة في بيانات "قسد"، لكن قصفاً مدفعياً من قبل الجيش التركي وفصائل الجيش الوطني تركز في مناطق قره قوزاق وقرية بير حسو وكري سور وتلة بركل في الريف الجنوبي لمدينة كوباني من دون ورود أنباء عن أي إصابات في صفوف قوات سوريا الديمقراطية أو المدنيين، كما قصف الجيش الوطني السوري بلدة أبو قلقل ومحيط قرية "شاش البوبنا" بالمدفعية الثقيلة في ساعات مساء الإثنين، وذلك بعد ورود أنباء بتقدم قوات سوريا الديمقراطية في البلدة.
تسلل خلف الخطوط
وفي ريف الرقة الشمالي، وتحديداً قرب بلدة عين عيسى على الطريق الدولي M4 استهدفت مسيرة نقطة لقوى الأمن الداخلي مخلفة أضراراً مادية من دون ورود أنباء عن إصابات بشرية، كما قصفت مدفعية الوطني السوري الموالي لتركيا قرية التروازية على الحدود الفاصلة بين محافظتي الحسكة والرقة على الطريق الدولي، وكذلك أصيبت محطة قرية الفاطسة لضخ المياه، مما أدى إلى تضررها، لكن القصف الأعنف كان على ريف بلدة تل تمر وصوامع أم الكيف وقبلها قرية شيخ علي.
كل ذلك جاء عقب عمليات تسلل على عدد مناطق من خطوط التماس بين القوتين، فقد أعلن مجلس سري كانيه العسكري الأحد عن سلسلة عمليات "دقيقة ومحكمة"، استهدفت فيها قواعد تركية في عدة قرى بمحيط مدينة سري كانيه (
فخلال ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد تسللت وحدة من قوات المجلس إلى مواقع ونقاط الجيش الوطني في قرية الريحانية التابعة لمدينة سري كانيه، واشتبكت مع المسلحين الموجودين فيها ما أدى إلى مقتل خمسة منهم. وفي محور آخر في تلك المنطقة شنت تلك القوات هجوماً على نقاط المسلحين الموالين لتركيا في قرية القاسمية، وبحسب بيان المجلس العسكري التابع لـ"قسد" فإن تلك العملية أدت إلى قتل وجرح عدد من المسلحين، لم يعرف عددهم. كما نفذوا عملية تسلل أخرى إلى قرية الدبس مستهدفين قواعد الجيش التركي في تلك المنطقة بما في ذلك قرى العزيزية والعريشة وأرباحين وتلة الشهيد دلشير والمناخ والكنير، وفق ما جاء في البيان العسكري.
إجلاء عائلات المسلحين
كشفت مصادر مطلعة لـ"اندبندنت عربية" عن أن عمليات التسلل هذه في ريف سري كانيه ساعدت في إجلاء عدد من المسلحين التابعين لفصائل الجيش الوطني مع عائلاتهم إلى مناطق الإدارة الذاتية بغية العودة إلى مناطقهم الأصلية في حمص وحماة. وأضافت أن القوات التركية لا تسمح للعناصر المنتمية إلى الجيش الوطني في تلك المنطقة والذين ينتمون إلى مناطق في الداخل السوري بالعودة إليها، "كثير منهم يرغبون بالعودة إلى بيوتهم إذ لا يجدون سبباً في البقاء في المنطقة بعد سقوط النظام".
وأفادت مصادر محلية في سري كانيه التي وقعت تحت سيطرة تركيا بعد عملية "نبع السلام" بأن عديداً من المسلحين استطاعوا إرسال عائلاتهم إلى مناطق الأصلية في الداخل السوري عبر الأراضي التركية بطرق التهريب، فيما استطاع آخرون الدخول عبر المعبر الحدودي باعتبارهم يحملون بطاقات إقامات تركية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة عمليات تسلل لقوات سوريا الديمقراطية إلى داخل خطوط التماس مع الجيش الوطني السوري، وذلك تخفيفاً للضغط على قواتهم في جبهات منبج وسد تشرين، مستفيدة من الأنفاق والتحصينات التي شيدتها في مناطقة سيطرتها السابقة. وأدخلت "قسد" أخيراً سلاح الطائرات المسيرة في معركتها مع الجيش الوطني السوري والقوات التركية الداعمة لها، مما عزز من قدرات "قسد" القتالية في استهداف النقاط والمركبات والدبابات والمدفعية إلى جانب مطاردة عناصر الجيش الوطني أثناء المعارك خصوصاً في محيط سد تشرين الاستراتيجي.
وتجري هذه المعارك في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس الإثنين أن وقف إطلاق النار بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا "ما زال صامداً" وفق ما جاء في حديث سابرينا سينغ الناطقة باسم البنتاغون للصحافيين.
وميدانياً أكدت مصادر خاصة تسيير القوات الأميركية المتمركزة في الرقة دوريات إلى مدينة كوباني بغية مراقبة وقف إطلاق النار بين تركيا و"قسد" من دون تثبيت نقاط عسكرية متقدمة في محيط المدينة حتى الآن.