ملخص
تعمل في إسرائيل 19 شركة "سايبر" في المجال الدفاعي والهجومي وبدأ كثير من المتخصصين فيها الانتقال إلى أميركا وإسبانيا خلال الأشهر الماضية.
على رغم تميز إسرائيل بصناعات الـ"سايبر" بفرعيها الهجومي والدفاعي، واحتلالها مرتبة متقدمة على مستوى العالم منذ أعوام طويلة، تشهد تلك الصناعة هجرة عقول إلى أميركا ودول أوروبية، في ظل صغر حجم السوق الإسرائيلية مقارنة بعدد شركات الـ"سايبر" في إسرائيل.
وتعود أسباب تلك الهجرة إلى رغبة دول العالم في عدم شراء تكنولوجيا في قطاع حساس مثل الـ"سايبر" الهجومي، وإلى الاضطرابات السياسية في إسرائيل وتداعيات الحرب على قطاع غزة، إضافة إلى العقوبات الأميركية على بعض الشركات الإسرائيلية منذ أعوام.
وتعمل في إسرائيل 19 شركة أبرزها "أن أس أو" التي فرضت عليها واشنطن عقوبات قبل أعوام بعد الكشف عن تورطها في اختراق هواتف دبلوماسيين أميركيين.
وخلال الأشهر الماضية، انتقلت طواقم إسرائيلية في الـ"سايبر" الهجومي إلى مدينة برشلونة الإسبانية التي تعتبر "العاصمة الأوروبية للسايبر الهجومي". وهذه الأطقم وعددها ثلاثة من ضمن ستة طواقم من الباحثين الإسرائيليين في الـ"سايبر" حول العالم، ويمتلكون قدرات اختراق متقدمة.
وتتميز تلك الطواقم بالقدرة على إيجاد اختراق الهواتف الذكية وزرع برمجيات تجسسية فيها، لكن زبائن تلك المنتجات يفضلون تطوير برمجيات خاصة بهم وليس شراء برمجيات قائمة وتملكها دول أخرى.
ويأتي ذلك في ظل الإغراءات المالية التي تقدمها شركات عالمية رائدة في مجال الـ"سايبر" إلى الاختصاصيين الإسرائيليين، ولذلك فإن الشركات الإسرائيلية أًصبحت تواجه صعوبة في المنافسة على الاحتفاظ بخبراتها، مما تسبب في تقليص نشاط عدد من تلك الشركات وإغلاق قسم منها.
و"يوجد في الاتحاد الأوروبي فضاء سيبراني متكامل، وإسرائيليون كثيرون ينضمون طوال الوقت، خلال فترة ما قبل حرب غزة"، وفق أحد قراصنة الإنترنت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتستثمر شركات تكنولوجية عالمية، بينها "أبل" و"غوغل" مليارات الدولارات من أجل الحماية، وتكتشف نقاط ضعف بصورة دائمة وتغلقها، لكن الثغرات في تلك الأنظمة تبقى موجودة وتستغلها شركات الـ"سايبر".
ولدى إسرائيل شركات متخصصة في تطوير برمجيات رصد نقاط ضعف التي يعمل فيها جنود سابقون في وحدة التجسس الإلكتروني في الجيش الإسرائيلي (8200).
وتشتكي مصادر إسرائيلية في مجال الـ"سايبر" الهجومي من الصعوبة البالغة في الحصول على تصريح لتسويق برمجيات رصد نقاط ضعف من إسرائيل، ولذلك فإنه من المريح للإسرائيليين أن يعملوا في إسبانيا.
وأشارت تلك المصادر إلى أن تل أبيب تدفع المتخصصين المجال إلى الخروج من إسرائيل لأن الرقابة الأوروبية تسمح بمبيعات لدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.
ويرى المتخصص في تطوير الأعمال والتنمية الاقتصادية هانس شقور أن صناعة الـ"سايبر" الهجومي والدفاعي في إسرائيل تعتبر من "أعمدة الصناعات المتقدمة في هذا البلد التي بدأت أوائل تسعينيات القرن الـ20".
ولفت إلى أن إسرائيل تمتلك "سوقاً صغيرة لكن فيها شركات ناشئة بصورة كبيرة، ومن بينها الشركات المتخصصة في المجال"، مضيفاً أن جزءاً منها "ينجح ويكبر، ثم يباع إلى شركات أميركية وأوروبية ضخمة".
وبحسب شقور، فإنه في النهاية هناك عدد قليل من "تلك الشركات يبقى في إسرائيل"، مشيراً إلى انتقالها إلى دول أوروبية أو إلى "وادي السيليكون" في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وأوضح أن هذا "الانتقال جزء من طبيعة تلك الصناعة".
ومع أن شقور نبه إلى وجود تراجع في الجانب المدني من صناعة الـ"سايبر" خلال الأعوام الماضية، لكنه شرح أن إسرائيل استثمرت مبالغ طائلة وكثيراً من الأدمغة في الجانب العسكري من تلك الصناعة.
وحول صناعة الـ"سايبر" في إسرائيل، قال إن "أساسها كان أمنياً وعسكرياً، من المراقبة والتعقب وتحليل المعلومات".
وبحسب شقور، فإن الدول الغربية وإسرائيل "اهتمت بصورة مبكرة بالقطاع لأنها أدركت أن حروب المستقبل لن تنحصر في الوسائل التقليدية، فالآليات والمعدات العسكرية باتت تدخل فيها تقنيات لتجميع المعلومات والتوجيه".
ومع مرور الوقت دخلت شبكة الإنترنت في كل جوانب الحياة، بما فيها القطاعات الصحية والمالية والترفيهية، مما استدعى تأمين وحماية تلك القطاعات من الاختراق، فكل شيء متصل، وهناك إمكان لاختراقه، وفقاً لشقور.
وحول القدرات البشرية في قطاع الـ"سايبر"، قال إنها نشأت في الجيش الإسرائيلي، كما تسهم معاهد الأبحاث والجامعات في تطوير تلك الصناعة بصورة مستمرة، مؤكداً أن تقدم القطاع جعل بعض دول العالم تستقطب القدرات البشرية فيه.
وتُعدّ الوحدة 8200 الاستخباراتية في الجيش الإسرائيلي حجر الزاوية في استراتيجيات الدفاع السيبراني، وتخرج فيها كثير من المتخصصين في مجال الأمن السيبراني العالمي.